موجة جديدة من الإضرابات في السودان احتجاجاً على الأوضاع المعيشية

بدأ المعلمون في السودان إضراباً مفتوحاً للمطالبة بتحسين أوضاعهم، وذلك بالتزامن مع إغلاق متاجر الذهب والجواهر في أكبر أسواق الذهب في البلاد احتجاجاً على تدخل الحكومة في حركة تداول المعدن النفيس، فيما تخشى السلطات من بدء موجة إضرابات وسط القطاعات المهنية والتجارية الناتجة عن الأوضاع السياسية المضطربة في البلاد منذ أكثر من عام.
ويشهد السودان منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2021 أوضاعاً اقتصادية متردية، أدت إلى ركود كبير في الاقتصاد وارتفاع مفرط في أسعار السلع والخدمات الأساسية، فضلاً عن فرض ضرائب جديدة عالية على الأنشطة التجارية والخدمية، للتعويض عن شح واردات الخزينة العامة بسبب الحظر الاقتصادي الذي فرضه المجتمع الدولي على السودان بعد تولي الجيش السلطة في أكتوبر 2021 وحل الحكومة المدنية الانتقالية بقيادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك.
وأغلقت متاجر الذهب والجواهر في مجمع الذهب وسط العاصمة الخرطوم، أكبر أسواق الذهب والجواهر في البلاد أبوابها، احتجاجاً على التدخل الحكومي في حركة البيع والشراء للسلعة. ويعد الذهب من أهم صادرات البلاد، غير أن اتهامات كثيرة توجهت لجهات بالتهريب ومن ثم عدم استفادة الخزينة العامة من عائداته. وقالت شعبة مصدري ومنتجي الذهب، أمس، إن إضراباً كاملاً لكافة المحال التجارية دخل حيز التنفيذ، وإن «أبرز دوافع الخطوة تعود إلى التدخل من قبل الحكومة في حركة البيع والشراء لسلعة الذهب»، بجانب تعدد الجهات الحكومية التي تعمل في المجال، ما تسبب في إرباك التعامل في السوق.
وأوضحت الشعبة أنها طالبت الجهات الحكومية مرات عديدة بالجلوس معها لحل القضايا العالقة، دون جدوى، وأنها تفاجأت بسياسات جديدة تتعلق بصادر الذهب مخالفة للاتفاقات السابقة بين التجار والحكومة. وأضافت أنه تم منح بعض الشركات استثناءات وتسهيلات وامتيازات في تصدير الذهب وشرائه بأسعار أعلى من أسعاره العالمية، للحصول على تمويل وارداتها من عائدات التصدير. ويعتمد الاقتصاد السوداني بما نسبته 90 في المائة على صادرات الذهب كمورد للنقد الأجنبي وإيراداته العامة، منذ فقدان البلاد مواردها النفطية عقب انفصال جنوب السودان حيث توجد غالبية حقول النفط. كما تدهورت عمليات الإنتاج التي أعقبت العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد بسبب إجراءات الجيش التي أطاحت بالحكومة المدنية. ويعاني التنقيب عن الذهب وتجارته من تحديات عديدة، على رأسها التهريب والإنتاج العشوائي، فضلاً عن الضرائب الباهظة التي تفرضها الحكومة على تجارة الذهب، وتقلب سياسات الصادر.
من جهة أخرى، قال الناطق الرسمي باسم لجنة المعلمين، سامي الباقر في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» أمس، إن إضراباً شاملاً انتظم البلاد احتجاجاً على تجاهل وزارة المالية للمذكرة التي رفعتها اللجنة بشأن أوضاع المعلمين. وطالبت اللجنة بالالتزام بمستحقات المعلمين بما في ذلك البديل النقدي وبدلات أخرى، ودفع فروقات ثلاثة أشهر، ورفع الحد الأدنى لأجور المعلمين إلى 69 ألف جنيه، وتنفيذ قرارات مجلس الوزراء الصادرة العامين الماضيين بشأن أوضاع المعلمين، وتنفيذ هيكل موحد للأجور، وتعديل العلاوات بما يتماشى مع معدلات التضخم المرتفعة والأوضاع الاقتصادية الحالية في البلاد.
ووفقاً للبيان، فإن التقارير الميدانية في ولاية الخرطوم ومدن وأرياف البلاد الأخرى، استجابت للإضراب «استجابة منقطعة النظير»، وإن الجولات التي قام بها مناديب اللجنة العليا للإضراب في الخرطوم والولايات أكدت الاستجابة لدعوة الإضراب برغم ما أطلقت عليه «محاولات الترغيب والترهيب التي تمت ممارستها على المعلمين»، وإن أولياء الأمور والأسر استجابوا أيضاً للإضراب ولم يرسلوا أبناءهم إلى المدارس.
ودعت اللجنة المعلمين وبقية العاملين في التعليم في كل مدن وأرياف وقرى السودان للوحدة بهدف «تحقيق كامل مطالبنا دون الالتفات للغة الوعود وضغوط الإرهاب والتهديد من السلطات»، وأشادت بدعم الكيانات المهنية الأخرى لإضراب المعلمين. ويعاني المعلمون في السودان من أوضاع اقتصادية ومعيشية قاسية بسبب ضعف الرواتب وندرة الخدمات المقدمة لهم، بجانب التدهور في سعر صرف الجنيه الذي أدى إلى تآكل القدرة الشرائية لرواتبهم القليلة أصلاً، في الوقت الذي تتجاهل فيه السلطات مطالبهم التي قدموها عدة مرات.