مصر تدعو لتبني «إجراءات عربية جماعية» لمكافحة الإرهاب

قائد الجيش يشيد بدور المقاتلين.. وتوقيف «إرهابي شديد الخطورة» في سيناء

مصر تدعو لتبني «إجراءات عربية جماعية» لمكافحة الإرهاب
TT

مصر تدعو لتبني «إجراءات عربية جماعية» لمكافحة الإرهاب

مصر تدعو لتبني «إجراءات عربية جماعية» لمكافحة الإرهاب

في وقت تواصل فيه قوات الجيش المصري علمياتها العسكرية في سيناء لتجفيف بؤر الإرهاب، خاصة بعد العملية الأخيرة التي شهدتها المنطقة الشرقية يوم الأربعاء الماضي، أكد وزير الدفاع المصري الفريق أول صدقي صبحي، أن الجيش المصري سيظل دائما هو الحصن المنيع لأمن مصر القومي، وأن رجال القوات المسلحة أقسموا على حماية الوطن وشعبه العظيم.
وبينما تستمر العلميات العسكرية والأمنية، تسعى وزارة الخارجية المصرية من جهتها على محورين؛ الأول هو شرح طبيعة الأوضاع التي تواجهها الساحة المصرية لكل الأطراف الدولية، والثاني هو العمل على التنسيق مع كل الدول ذات الاهتمام المشترك بقضية مكافحة الإرهاب، من أجل الوصول إلى نتائج حاسمة.
وأكد السفير عبد الرحمن صلاح، مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، قدرة مصر على مواجهة الإرهاب الذي تتعرض له، إلا أنه أوضح أن «تعقيدات الشبكة الإقليمية والدولية الداعمة والحاضنة لهذا الإرهاب هي ما ينبغي أن يتم التنسيق بشأنه، بحيث تتبنى الدول العربية إجراءات جماعية وفعالة لمواجهة هذا التحدي الغاشم، وذلك من خلال تفعيل اتفاقيات التعاون العربي الثنائية والجماعية لمكافحة الإرهاب، ومحاصرة مصادر تمويله، وتحريم استضافة الإرهاب، ومقاطعة الدول التي تؤوي الإرهابيين، وإغلاق وسائل الإعلام التي تروج لهم».
جاء ذلك خلال لقاء السفير صلاح بسفراء الدول العربية المعتمدين في القاهرة لإحاطتهم بآخر مستجدات جهود الدولة المصرية المتصلة بمحاربة الإرهاب، وذلك على ضوء العملية الإرهابية النكراء التي راح ضحيتها النائب العام المستشار هشام بركات، بالإضافة إلى الأحداث الأخيرة التي شهدها شمال سيناء.
وقدم مساعد الوزير خلال جلسة الإحاطة شرحًا وافيًا للإجراءات التي اتخذتها مصر في أعقاب استهداف المستشار بركات، الذي أكد مجددًا على الوجه البغيض لآفة الإرهاب، فضلاً عما تقوم به مصر من عمليات في شمال سيناء إثر الهجمات التي تعرضت لها مدينة الشيخ زويد.
وأكد السفير صلاح في ذلك الصدد أن الإرهاب لا دين ولا وطن له، مشيرًا إلى أن تلك الأحداث جاءت في أعقاب عمليات إرهابية مماثلة تعرض لها كثير من الدول العربية الشقيقة وآخرها السعودية والكويت وتونس والصومال. وأضاف أن العمليات الإرهابية الأخيرة التي كانت تهدف لبسط الجماعات الإرهابية سيطرتها على مدينة الشيخ زويد تم إحباطها بشكل فعال، رسخ من ثقة الشعب المصري في قدرة قواته المسلحة على حماية أمن الوطن ومقدراته.
من جهتهم، نقل السفراء العرب تعازيهم للحكومة المصرية وللشعب المصري وأعربوا عن وقوفهم معه في مصابهم، كما عبروا عن دعم بلدانهم الكامل للحكومة المصرية في اتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات لحماية أمنها القومي.
وعلى صعيد متصل، أكد الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي، خلال لقائه أمس بعدد من القادة والضباط بالجيش الثالث الميداني وشيوخ وعواقل وسط وجنوب سيناء، أن الجيش المصري سيظل دائما هو الحصن المنيع لأمن مصر القومي، وأن رجال القوات المسلحة أقسموا على حماية الوطن وشعبه العظيم.
وأشاد الفريق صبحي برجال الجيش الثالث الميداني، ودورهم في التصدي للعناصر الإجرامية والخارجين عن القانون بسيناء، وتأمين المجرى الملاحي لقناة السويس والتعاون مع الشرطة المدنية في الحفاظ على تماسك الوطن واستقراره. كما أعرب عن اعتزازه بقبائل وعشائر جنوب سيناء، وتقديره لدورهم وعطائهم الوطني المشرف ودعمهم الكامل للقوات المسلحة في حربها ضد الإرهاب لاستعادة الأمن والاستقرار لشبه جزيرة سيناء.
في غضون ذلك، أعلن المتحدث العسكري المصري العميد محمد سمير، اليوم الثلاثاء، عن مقتل 4 إرهابيين أثناء محاولة هروبهم بالشيخ زويد شمالي سيناء، فيما ضبط عنصر إرهابي شديد الخطورة من قبل قوات الجيش الثالث الميداني.
وقال المتحدث العسكري إنه «في إطار عمليات تضييق الخناق وإحكام السيطرة على كافة مداخل ومخارج شبه جزيرة سيناء لمنع تسلل أو هروب العناصر الإرهابية والإجرامية إلى وسط وجنوب سيناء، تمكنت قوات قطاع تأمين شمال سيناء من استهداف 4 إرهابيين أثناء محاولة هروبهم مستقلين عربة ربع نقل بمنطقة (اللفيتات) بمركز الشيخ زويد، ما أسفر عن تدمير العربة ومقتل كل العناصر الإرهابية على متنها. كما تمكنت قوات الجيش الثالث الميداني من ضبط الإرهابي كمال عيد سالم (من العناصر الإرهابية شديدة الخطورة)، أثناء محاولته الهرب من أحد كمائن القوات المسلحة مستقلاً عربة ربع نقل، حيث قامت قوات الكمين بالتعامل مع العربة وإيقافها. وبتفتيشها، عثر على بندقية آلية وعدد اثنين قاذف (آر بي جيه)، وقنبلة يدوية، و3 دانات (آر بي جيه)، و5 خزن بندقية آلية مستكملة الذخيرة»، موضحا تسليم المتهم والمضبوطات إلى جهات الاختصاص لاتخاذ اللازم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم