معارك طاحنة في شمال سوريا بين الأكراد و«داعش»

التنظيم شن هجوما يوم أمس على البلدات الواقعة بين محافظتي الحسكة والرقة

معارك طاحنة في شمال سوريا بين الأكراد و«داعش»
TT

معارك طاحنة في شمال سوريا بين الأكراد و«داعش»

معارك طاحنة في شمال سوريا بين الأكراد و«داعش»

تدور معارك طاحنة في شمال سوريا بين تنظيم "داعش" المتطرف والمقاتلين الاكراد، الذين يحظون بدعم فعال من الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن، في حين تعهد الرئيس الاميركي باراك اوباما بتكثيف الحملة ضد المتطرفين ولو استغرقت وقتا.
وشن تنظيم "داعش" هجوما واسعا يوم أمس (الاثنين) على عدد من القرى والبلدات الواقعة تحت سيطرة الاكراد بين محافظتي الحسكة والرقة، تلتها معارك عنيفة بين الطرفين، فيما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن مقتل حوالى ثمانين عنصرا من التنظيم منذ فجر الاحد غالبيتهم جراء عشرات الغارات التي نفذها الائتلاف الدولي.
وقال اوباما يوم أمس في مقر وزارة الدفاع الاميركية، حيث أجرى تقييما مع القادة العسكريين للعمليات التي ينفذها الائتلاف منذ سبتمبر (ايلول) "نكثف جهودنا ضد قواعد التنظيم في سوريا"، مضيفا "ستواصل ضرباتنا الجوية استهداف منشآت النفط والغاز التي تمول الكثير من عملياتهم. نحن نستهدف قيادة التنظيم وبناه التحتية في سوريا، مركز ثقل التنظيم الذي يضخ الاموال والدعاية حول العالم".
إلا انه حذر من ان هذه الضربات ستستغرق وقتا. وتابع "لن يكون الأمر سريعا. انها حملة طويلة الأمد"، مضيفا "في اماكن عدة في سوريا والعراق، التنظيم مستقر بين مدنيين أبرياء، وسيستغرق اقتلاعه وقتا. وكما في كل عمل عسكري، ستكون هناك مراحل من التقدم، لكن ستكون هناك انتكاسات ايضا".
واشار اوباما الى ان التحالف نفذ اكثر من خمسة آلاف غارة جوية في العراق وسوريا نجحت في القضاء على "آلاف المقاتلين بينهم قادة كبار في التنظيم".
ونفذ الائتلاف الدولي في الايام الاخيرة غارات جوية غير مسبوقة على محافظة الرقة السورية ملحقا أضرارا بالبنى التحتية والجسور التي يستخدمها التنظيم.
من جهته، أعلن وزير الدفاع الاميركي اشتون كارتر أمس ان هذه العمليات هدفت خصوصا الى دعم تقدم القوات الكردية، مضيفا "ان نجاح الاكراد على الارض" هو ما يبررها.
في الوقت نفسه، كان الاكراد يتصدون لهجوم واسع شنه التنظيم على خط ممتد من الريف الغربي لمحافظة الحسكة (شمال شرق) وصولا الى مدينة عين عيسى في الريف الشمالي الغربي لمحافظة الرقة.
وقال الناشط الكردي مصطفى عبدي لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الانترنت "غارات التحالف لها الدور الاهم والمحوري في المعارك".
وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان تنظيم "داعش" تمكن من الاستيلاء على مناطق عدة خلال "هجومه المباغت" أمس، إلا ان وحدات حماية الشعب الكردية مدعومة بغارات الائتلاف استعادت السيطرة عليها بعد ساعات.
وأكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان "طائرات التحالف لعبت دوراً فعالاً في عملية استعادة السيطرة على بلدة وعشر قرى" كان دخلها التنظيم. واضاف "الغارات لم تهدأ على مناطق عدة في الرقة منذ صباح امس"، مشيرا الى ان "المعارك العنيفة مستمرة اليوم على طول الخط الذي استهدفه الهجوم".
وفي حين يؤكد المرصد ان التنظيم سيطر على عين عيسى امس، وان المعارك تدور اليوم عند اطرافها، يؤكد الاكراد ان اعدادا من المتطرفين تمكنوا امس من دخول المدينة، لكن وحدات حماية الشعب مدعومة بمقاتلين من فصائل عربية تمكنت من طرد العدد الاكبر منهم.
وقال عبدي "لا تزال هناك جيوب يتحصن فيها التنظيم جنوبا" وتعمل قوات "بركان الفرات" على القضاء عليها.
وأفاد المرصد السوري بمقتل 78 عنصرا من التنظيم منذ فجر الاحد في شمال سوريا في المعارك والغارات الجوية.
وفي حلب (شمال)، تتواصل المعارك بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة على جبهتين غرب المدينة اشتعلتا الاسبوع الماضي اثر هجمات بدأتها فصائل مقاتلة ضد قوات النظام.
وقال المرصد السوري اليوم ان قوات النظام مدعومة بحزب الله اللبناني قامت اليوم بهجوم مضاد على مركز البحوث العلمية الذي سيطر عليه تجمع فصائل باسم "غرفة عمليات فتح حلب" الجمعة، من دون ان تنجح في استعادته.
وكان مركز البحوث العلمية بمثابة ثكنة عسكرية لقوات النظام، ومن شأن السيطرة عليه ان يزيل عائقا مهما امام مقاتلي المعارضة في محاولة التقدم نحو الاحياء الغربية من حلب.
ومن أبرز الفصائل المقاتلة ضمن "غرفة عمليات فتح حلب" حركة نور الدين الزنكي ولواء الحرية ولواء صقور الجبل.
وانضم هذا التجمع خلال الساعات الماضية الى "غرفة عمليات انصار الشريعة" التي تقاتل منذ الخميس الماضي الى شمال مركز البحوث العلمية ضد قوات النظام في محاولة للسيطرة على حي جمعية الزهراء حيث فرع المخابرات الجوية.
وأفاد المرصد عن تجدد المعارك الليلة الماضية على هذا المحور بعد قتل 25 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في تفجير انتحاري نفذه مقاتل من "جبهة النصرة" قرب دار للايتام في الحي تتمركز فيه قوات النظام.
وكانت غرفة عمليات انصار الشريعة" المؤلفة من جبهة النصرة وفصائل اخرى غالبيتها اسلامية، تمكنت من السيطرة على بعض المباني في الحي الأسبوع الماضي قبل ان تتراجع تحت وطأة القصف الجوي لقوات النظام.
ومن شأن سيطرة مقاتلي المعارضة على جمعية الزهراء أن يجنب الاحياء الشرقية من حلب الواقعة تحت سيطرتهم قصفا مصدره فرع المخابرات الجوية ومحيطه، بالاضافة الى تأمين الطريق الدولي الواصل بين حلب ومدينة غازي عنتاب التركية الذي تستخدمه فصائل المعارضة للتنقل والإمداد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم