تحالف القوى ينفي «تسريبات» استبدال رئيس البرلمان العراقي

عد ما تردد عن الجبوري جزءًا من محاولات لإضعاف المكون السني

تحالف القوى ينفي «تسريبات» استبدال رئيس البرلمان العراقي
TT

تحالف القوى ينفي «تسريبات» استبدال رئيس البرلمان العراقي

تحالف القوى ينفي «تسريبات» استبدال رئيس البرلمان العراقي

فند تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان العراقي) أمس تسريبات تفيد باستبدال القيادي البارز فيه سليم الجبوري من منصبه الحالي كرئيس للبرلمان العراقي.
وكان الجبوري أعلن مؤخرا في تصريحات تلفزيونية أنه لا يهتم لمثل هذه الأمور، وأنه غير متمسك بالمنصب، وهو ما عده مصدر قوة له. وقال تحالف القوى في بيان له تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «كل ما يسرب عبر مواقع إلكترونية دخيلة حول نوايا تغيير رئيس البرلمان الدكتور سليم الجبوري لا يحمل أي مصداقية». وأضاف البيان أن «اختيار الجبوري لرئاسة البرلمان لم يكن اعتباطا أو بطرا، بل حكمته ظروف المرحلة الحالية والتحديات التي يواجهها العراق بشكل عام والسنة بشكل خاص». وشدد البيان على أن «الحاجة إلى وحدة الصف السني تفرض على الجميع عدم الانجرار وراء ممثلي وداعمي الأجندات الخارجية التي لا تريد بالبلد سوى الخراب ولا تريد لأهل السنة سوى الخضوع والرزوح تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي». وحذر التحالف من «محاولات التفتيت والتقسيم وإضعاف المكون السني في العراق لغايات ومصالح شخصية وإقليمية».
في السياق نفسه، نفت انتصار الجبوري، عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، وجود أي «مداولات رسمية أو جانبية بين أعضاء وقيادات التحالف بشأن استبدال الدكتور سليم الجبوري من منصبه». واعتبرت انتصار الجبوري أن ما يجري تداوله «لا يعدو أن يكون مجرد كلام أمنيات يصدر عن البعض أو بالونات اختبار من جهات مختلفة قد تكون من خارج تحالف القوى لمعرفة ما إذا كان التحالف السني قويا ومتماسكا أم لا».
من جانبه، قال أحمد الجبوري، عضو البرلمان عن تحالف القوى، إن سليم الجبوري «رمز وطني ولن يتأثر بتلك المحاولات اليائسة للنيل منه». وأضاف أن «البعض يشنون حملات مغرضة لإسقاط الرموز الوطنية»، مشيرا إلى أن «تلك الأساليب الرخيصة باتت مكشوفة للعلن ولن تنطلي على الشارع العراقي الذي يشهد بالمواقف الوطنية لرئيس البرلمان».
وكانت بعض وسائل الإعلام ربطت بين ما عدته مساعي لاستبدال سليم الجبوري من قبل تحالف القوى وبين حصول تطورات على صعيد الجبهة السنية لم تكن للجبوري مواقف حاسمة منها ومن بينها عدم الاهتمام بموضوع منصب محافظ ديالى وقبوله بالمحافظ الجديد مثنى التميمي وقبوله كذلك بإزاحة محافظ نينوى أثيل النجيفي.
وزار سليم الجبوري محافظة صلاح الدين أمس. وفي مؤتمر صحافي عقده في تكريت، مركز المحافظة، قال الجبوري إن إرجاع نحو 4000 أسرة نازحة إلى مناطقها في المدينة مؤشر على عودة الحياة إليها.
وأضاف الذي تهدف زيارته لتكريت إلى إجراء مصالحة بين عدد من عشائر المحافظة لتلافي الأخطاء التي حصلت أثناء سقوط المحافظة أن «أكثر من 4000 أسرة نازحة عادت إلى تكريت، ومعنى ذلك أن هناك مؤشرا للأمن والاستقرار وعودة الحياة المدنية في هذه المدينة»، مشيرا إلى أن «أهالي قضاء الدور ينتظرون جهدا آخر في سبيل أن يعودوا لمنازلهم وأن تزول جميع المعوقات التي تحول دون ذلك». وكشف الجبوري أن «هناك نحو 8000 عائلة نازحة أخرى سيتم إرجاعها إلى مناطق صلاح الدين، وأن اعتبارات تتعلق بالدوام والدراسة عملت على تأخر عودتهم إلى مناطقهم المحررة».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.