«حوريات جدة»... الأسطورة تظهر في السعودية بطابع فني

تتخيل الفنانة السعودية أميرة ناظر أن حوريات البحر يستوطنّ بحر مدينة جدة، ليحمل معرضها الشخصي الأول عنوان «حوريات جدة»، ويُفتتح يوم السبت المقبل، ويستمر لمدة شهر كامل، حيث تستلهم أعمالها من الأسطورة الشهيرة، باعتبار أن حورية البحر تأتي بجسد، نصفه الأعلى إنسان، ونصفه السفلي يتمثل بذيل سمكة، لتوظف هذه الازدواجية في أعمال تركز على مفاهيم التنوّع، والتكيّف، والتعايش.
وترمز المخلوقات الأسطورية في المعرض إلى نساء جدة، إلا أن حورية البحر التي تبدو على هيئة امرأة لها ذيل سمكة وتمسك بمرآة ومشط، وتعيش في قاع المحيط، وفقاً للأساطير القديمة التي تناولت هذه الكائنات الخيالية، تظهر في المعرض المقام في «حافظ غاليري» بجدة، على هيئة نساء حقيقيات، يجمعهن مع حوريات البحر تشابه الصفات المتخيّلة.
تتحدث أميرة ناظر لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «إن حورية البحر لها هوية مزدوجة من البحر ومن الأرض؛ فهي نصف سمكة ونصف إنسان، لذا تعيش حياة مزدوجة لتتكيف مع بيئتها». وعلى هذا النحو شكّلت الفنانة أعمالها في سلسلة بدأتها من خلال التصوير في أواخر عام 2019، لتحوّلها إلى قطع فنية في هذا المعرض.

أحد أعمال الفنانة السعودية أميرة ناظر المعروض في معرض «حوريات جدة» (الشرق الأوسط)

- نساء جدة
والفكرة برمتها تدور حول بيئة جدة وحياة المرأة الجداويّة، باعتبارها مدينة غنيّة بالتنوّع الثقافي والعرقي والاجتماعي، وهنا تقول الفنانة: «في جدة، كل فتاة لها اختلافها وسحرها الخاص». وتردف: «تستكشف سلسلة حوريات جدة علاقة النساء المتنوعة بالمواد التي قد تبدو متعارضة ومتناقضة، ولكنها في حقيقتها منسجمة».
وبتعمق، تشرح ناظر رؤيتها الفنية، قائلة: «الحورية تتغيّر وتتكيّف بحسب البيئة التي تعيش بها، فهي في البحر أشبه بالسمكة، وعلى الأرض تبدو كإنسان، وكذلك نساء جدة؛ فقد ترتدي الفتاة العباءة وطرحة الرأس في مركز للتسوق، في حين تنزعها في لقاء مع صديقاتها في مكان آخر». كما تفيد ناظر بأن تسمية جدة بـ«عروس البحر» أوحى لها باعتبار نساء المدينة أشبه بالحوريات، وهو ما تراه ميزة استثنائية لهن، مبينة أنها صوّرت الفتيات بعباءات مختلفة، وبعد تحميضها للصور طبعت كل صورة على العباءة التي جرى التصوير بها، لتكمل خطوات العمل، وتحصل على قطع متجانسة، ولا توجد سوى قطعة واحدة أصلية من كل عمل.
بسؤالها عن عدد الأعمال في هذه السلسلة، توضح ناظر أنها قرابة العشر قطع، تأتي جميعها بأحجام كبيرة، علاوة على 24 صورة معلّقة على الحائط، مشيرة إلى أن التراكيب الفنية المعروضة تُقدم للمرة الأولى، وفق اتجاه فني مبتكر، يبدو فريداً من نوعه، خلقته الفنانة لتمنح فكرتها عمقاً أكبر.
- التقاليد والحداثة
تظهر جدة باعتبارها مدينة ساحلية متنوعة الثقافات، لها تأثير رئيسي ظاهر في أعمال أميرة ناظر، حيث لا تتشابه تجارب ساكنيها، كما لا توجد تجربة واحدة لجميع النساء في جدة. وبناءً عليه، تتلاءم التأثيرات الثقافية والدينية للعباءة والطرحة والنقاب مع ثقافة المدينة المتنوعة، وهو ما يخلق امرأة من جزأين: أحدهما متأثر بالتقاليد والآخر بالحداثة.
وفق ذلك، تركت الفنانة الحرية للعارضة في اختيار نوعية العباءة وكيفية استخدامها لتغطية جسدها، كي تُبرز بهذا سياق التجارب الفردية ضمن سردية حورية البحر، للحفاظ على أصالة كل حالة.
ومن الجدير بالذكر أن أميرة ناظر مصورة فوتوغرافية وفنانة أداء تصويري من جدة، تشتهر أعمالها بتركيزها على نسيج يمزج بين الاستخدام المادي والمفاهيمي، ومعنى مصطلح «مادة» في السياق الفني، تشتهر أيضاً بتأملاتها للمرأة السعودية وثقافة الشباب داخل المملكة في الزمن المعاصر.

عمل للفنانة أميرة ناظر معروض في «حوريات جدة» (الشرق الأوسط)