بعد مرور 28 عاماً على إنجازه التاريخي في «أميركا 1994»، عندما تأهل إلى منافسات دور الـ16، يتطلع الأخضر السعودي لتكرار السيناريو بتشكيلة طموحة من اللاعبين يقودها النجم الشاب والخبير سالم الدوسري، عندما يلاقي المنتخب البولندي الصلب بقيادة المهاجم الأبرز عالمياً في الوقت الراهن روبرت ليفاندوفسكي، في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الثالثة بمونديال قطر 2022.
كان الأخضر كسر التوقّعات أمام الأرجنتين وأسقطها بنتيجة 2 - 0، وبات على أعتاب التأهل إلى دور الـ16 بحال فوزه اليوم.
وفوز السعودية يضمن تأهلها إلى ثمن النهائي للمرة الثانية في تاريخها بغض النظر عن نتيجة المباراة الثانية في المجموعة، في حين أن خسارة «التانغو» من المكسيك سينهي مشواره، وربما الرحلة الأخيرة لـ«البرغوث» بعد 5 مشاركات لم ينجح فيها في التتويج باللقب الوحيد الغائب عن خزائنه.
وتلتقي السعودية مع بولندا على استاد المدينة التعليمية وهي تدرك أن فوزها سيعني بلوغ الدور الثاني الذي لم يكن متوقعاً قبل بداية البطولة، بعدما خاضت مباراة العمر أمام الأرجنتين وقلبت التوقعات رأساً على عقب.
ورغم تخلّفها بهدف ميسي من ركلة جزاء مبكراً، وتقديمها عرضاً متذبذباً في الشوط الأول، انتفضت السعودية في الشوط الثاني وسجلت هدفين رائعين بواسطة صالح الشهري وسالم الدوسري لتخرج بفوز تاريخي هو الرابع لها في النهائيات في 17 مباراة.
وتردّد صدى زلزال الانتصار السعودي حول العالم، واعتبر كإحدى كبرى المفاجآت في تاريخ المونديال إلى جانب فوز الولايات المتحدة على إنجلترا 1 - صفر عام 1950، وفوز كوريا الشمالية على إيطاليا 1 - صفر عام 1966، والجزائر على ألمانيا الغربية 2 - 1 في مونديال 1982.
بيد أن «مهندس» الفوز الفرنسي هيرفيه رينارد حذّر لاعبيه من مغبة التراخي، وقال: «احتفلنا بهذا الفوز على مدى 20 دقيقة، لكن يجب ألا ننسى أننا سنخوض مباراتين صعبتين. تستطيع الفوز في المباراة الأولى ثم تخسر المباراتين التاليتين وتودّع».
وأضاف المدرب الذي قاد زامبيا وساحل العاج إلى لقب كأس أمم أفريقيا في 2012 و2015: «صنعنا التاريخ. سيبقى ذلك إلى الأبد، لكن نحتاج إلى التطلع قدماً ونبقي أقدامنا على الأرض».
أما صالح الشهري صاحب الهدف الأول في مرمى الأرجنتين والذي مهّد الى تحقيق الانتصار، فاعتبر أنه سيكون من المخيب تضييع فرصة عدم التأهل بعد الإنجاز ضد الأرجنتين، وقال: «نطمح بالوصول إلى دور الـ16، وهذه الخطوة الأولى. أنبّه إلى أنه يبقى أمامنا خوض مباراتين. بعد هذا الفوز حرام ألا نتأهل».
وسيتعين على السعودية خوض المباراة من دون لاعبين مؤثرين في صفوفها، هما قائد الفريق سلمان الفرج الذي أصيب في ساقه أواخر الشوط الأول ولم يكملها، وسيغيب على الأرجح عن باقي مباريات منتخب بلاده في العرس الكروي، إلى جانب ياسر الشهراني الذي أصيب إثر اصطدامه بحارس مرماه محمد العويس وخضع لعملية جراحية.
في المقابل، تدرك الأرجنتين أهمية الفوز على المكسيك على ملعب لوسيل إذا أرادت الاحتفاظ بأملها في بلوغ الدور الثاني، علماً بأنها دخلت البطولة وهي من أبرز المنتخبات المرشحة للتتويج بلقبها الثالث بعد عامي 1978 و1986. كما أنها خاضت المونديال متسلحة بسلسلة طويلة بلا هزيمة استمرت من الثاني من يوليو (تموز) 2019، عندما سقطت أمام البرازيل صفر - 2 في نصف نهائي «كوبا أميركا»، حتى الخسارة أمام السعودية.
وكان مدربها ليونيل سكالوني من جهته، اعتبر أن الخسارة ليست نهاية العالم وبإمكان فريقه التعويض ضد المكسيك ثم بولندا في الجولة الأخيرة.
وسبق للأرجنتين أن تخطت خسارتها المباراة الأولى وبلغت النهائي عام 1990 عندما سقطت في المباراة الافتتاحية أمام الكاميرون صفر - 1، لكنها بلغت النهائي متخطية البرازيل في الدور الثاني ثم إيطاليا المضيفة في نصف النهائي، قبل أن تخسر مباراة القمة أمام ألمانيا.
وقال سكالوني بعد الخسارة أمام السعودية: «إنه يوم حزين، اللاعبون محبطون لكن يتعين علينا النهوض من هذه الكبوة قبل مواجهة المكسيك. ستكون المكسيك خصماً صعباً كما هي حال كل المنتخبات في كأس العالم. الآن يتعين علينا الفوز في المباراتين التاليتين».
ولا شك أن سكالوني سيجري تغييرات عدة في خط الوسط قد تطال على الأرجح أليخاندرو غوميس وربما رودريغو دي بول، على غرار خط الدفاع الذي بدا مهتزاً.
في المقابل، ورغم سيطرتها على مجريات مباراتها ضد بولندا، فإن المكسيك افتقدت إلى المهاجم الهداف في صفوفها. ذلك أن راؤول خيمينيس لم يعد هو نفسه إثر إصابته بكسر في رأسه خلال إحدى مباريات فريقه ولفرهامبتون الإنجليزي، وغاب عن الملاعب لفترة طويلة. وهي تعوّل على حارسها المخضرم غييرمو أوتشوا (37 عاماً) الذي يشارك في موندياله الخامس، كما فعل قبله مواطنه الحارس أنتونيو كارباخال في الخمسينات والستينات من القرن الماضي.
وتألق أوتشوا ضد بولندا ونجح في التصدي لركلة جزاء روبرت ليفاندوفسكي ليمنح فريقه نقطة قد تفيده في نهاية الدور الأول.