رينارد... الثعلب الفرنسي الذي استنهض همم الصقور الخضر

هذه فرصتكم... انظروا إلى أنفسكم في المرآة... ثقوا ببعضكم... عبارات أشعلت حماسهم أمام الأرجنتين

عائلة رينارد حضرت من بين مئات المشجعين لتدريبات المنتخب السعودي الأخيرة (إ.ب.أ)
عائلة رينارد حضرت من بين مئات المشجعين لتدريبات المنتخب السعودي الأخيرة (إ.ب.أ)
TT

رينارد... الثعلب الفرنسي الذي استنهض همم الصقور الخضر

عائلة رينارد حضرت من بين مئات المشجعين لتدريبات المنتخب السعودي الأخيرة (إ.ب.أ)
عائلة رينارد حضرت من بين مئات المشجعين لتدريبات المنتخب السعودي الأخيرة (إ.ب.أ)

أود أن أشكركم لأن والدتي ستحضر المباراة في المدرجات وهي لم تشاهد كأس عالم قط في حياتها»، بهذه الكلمات استنهض المدرب الفرنسي هيرفيه رينارد همم لاعبي المنتخب السعودي، قبيل مباراة الفوز التاريخي على الأرجنتين (2 - 1)، ضمن منافسات مونديال قطر 2022.
ليروي خفايا هذه المباراة، نشر المنتخب السعودي عبر حسابه على تويتر فيديو بعنوان «يوم لا يُنسى»، وثق فيه اللحظات الحاسمة قبل المباراة وخلالها وبعدها.
تبدأ الرواية بجمل قصيرة تُسمع هنا وهناك عن توقعات المباراة قبيل بدايتها: «منتخب الأرجنتين ممكن يفوز. الله يعين المنتخب السعودي. كل مباريات الافتتاح إحنا (نحن) خسرانين».
لم يكن رهاناً، بل منطقاً كروياً عندما تواترت الأحاديث عن الدعاء ألا يخسر المنتخب السعودي بنتيجة كبيرة. ستة أهداف؟ عشرة لميسي؟ الله يستر! هكذا كانت غالبية التعليقات قبيل المباراة.
لكن سفن الإرادة السعودية كسرت رياح المخاوف في نهاية المطاف، للمنتخب الذي طالبه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بأن «استمتعوا».
لا ضغوط من القيادة ومعنويات أولية من رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم ياسر المسحل الذي قال للاعبين قبيل المباراة: «سنلعب ضد منتخب كبير، لكن أنتم أيضاً منتخب كبير. أنتم لاعبون مميزون لديكم مهارات ولديكم إمكانات كبيرة جداً».
بعدها بدأ الفرنسي محاضرته الحماسية والعاطفية للاعبيه المنصتين قائلاً: «انظر إلى الشخص الذي إلى جوارك في هذه المحاضرة، هل تثق به؟ هل يثق بك؟ نعم. لأنك تعلم أنه سيفعل كل شيء من أجلك وأنت ستفعل كل شيء من أجله».
وأضاف: «لذلك نريد التضامن مع بعضنا دائماً، أن نثق ببعضنا. ليس من السهل أن تبدأ على دكة الاحتياط، لكن دقائق قليلة يمكن أن تحدث فارقاً كبيراً. كونوا جاهزين، ثقوا باللاعبين الذين سيبدأون أساسيين، ثقوا باللاعب الذي سيدخل بديلاً. عليكم أن تنظروا في وجوهكم بالمرآة في غرفة الملابس قبل الدخول إلى الملعب وأن تنظروا إلى بعضكم البعض وأن تقول لزميلك إنك تثق به حتى يعلم أنك تثق به».
استفز «الثعلب» رينارد الذي تسلم تدريب «الأخضر» في يوليو (تموز) 2019 بعد تجربة على رأس الجهاز الفني المغربي ومشاركة في مونديال روسيا خرج فيه من الدور الأول، عاطفة لاعبيه.
وقال: «نحن نعرف بعضنا الآن بشكل ممتاز، بعد عشرين سنة ستتذكرون كأس العالم هذه، وربما ستلتقي أحدهم في الشارع ويقول لك أنا أذكر هذه المباراة وكانت مباراة رائعة نعم هذه المباراة أمامنا، مباراة اليوم... هذه فرصة حياتكم بعد ذلك سيفوت الأوان».
وأضاف: «هذا الصباح هناك 35 مليون سعودي يدعون من أجلكم وأنتم تعلمون ذلك، بعض من عائلاتكم سيكونون اليوم في المدرجات، وبعضهم خلف الشاشات، لأن الحياة ستتوقف اليوم في السعودية، الساعة الواحد ظهراً (وقت المباراة) ستتوقف. وسيركزون عليكم، هل تتخيلون أن نحني رؤوسنا للأسفل ونستسلم؟ هذا مستحيل!».

رينارد يأمل تطعيم سجله التدريبي بإنجاز مونديالي مع الأخضر (موقع المنتخب السعودي)

غاضباً وشرساً في الكلمات السابقة، استعاد رينارد بعد ذلك عاطفته بنفسه عندما شارك اللاعبين شعوراً كان تأثيره واضحاً على وجهه.
قال الفرنسي: «أمضينا ثلاث سنوات مع بعضنا البعض، أود أن أشكركم لأن اليوم والدتي ستحضر المباراة في المدرجات. لم تشاهد كأس عالم قط في حياتها، عمرها 80 عاماً وبسببكم هي هنا».
قبل دخول الملعب، كان لقائد المنتخب سلمان الفرج دوره في الحديث مع اللاعبين قائلاً بنبرة حاسمة: «خلي النتيجة على جنب هذه في علم الغيب». وأضاف: «انظر إلى الناس الآتية ونحن في الباص. كل الدنيا خضراء. جاؤوا ليسوا من أجلكم بل من أجل البلد، ونحن نلعب من أجل شعارنا وبلدنا. نحن نلعب ضد 11 لاعباً وليس لاعباً واحداً (استمتعوا) جميعاً، مسؤولية بعد كل شيء، مسؤولية باللعب».
بدأت المباراة، وتقدمت الأرجنتين. هدف للنجم ليونيل ميسي من ركلة جزاء في الدقيقة العاشرة وثلاثة أهداف ملغاة؛ لذا ظن الأرجنتينيون أن المباراة في المتناول، وانتهى الشوط الأول بتقدمهم وخروج الفرج مصاباً.
داخل غرف الملابس، كان رينارد ساخطاً. وقال: «هل أفعل مثلكم الآن يا شباب؟ ها؟ أجلس وأطأطئ رأسي؟ باستثناء سلمان لأنه لا يمكنه اللعب الآن، لكن البقية؟».
وتابع: «ماذا نفعل هنا؟ صالح (الشهري) هل هذا ضغط؟ يمسك ميسي الكرة في منتصف الملعب أنتم تقفون وتنتظرون الدفاع، تريد لعلي (البليهي) أن يخرج من دفاعه ليضغط عليه؟ خذوا هواتفكم وتصوروا معه إذا أردتم، لديه الكرة!».
وتابع: «لا يوجد أحد من الدفاع؟ اركض أنت وأغلق عليه! كنتم جيدين بالكرة، هل رأيتم ما فعلتموه، لم تشعروا بشيء؟ ألا تشعرون أنه يمكننا العودة بالمباراة؟ نلعب مرتاحين! هيا يا شباب هيا هذا كأس عالم! أعطوا كل شيء، كن جاهزاً أمام المرمى، كن مركزاً، إذا ما أتتك كرة لتتمكن من التسجيل».
يقول «الزلزال» السعودي ناصر الشمراني كما كانت تلقبه الجماهير، عن رينارد: «صحيحٌ أن المدرب يرسم الأدوار الفنية ويضع الخطط لكنه عرف كيف يُخرج من اللاعبين كل ما لديهم من طاقة. كان لتعليمات رينارد مفعول السحر على اللاعبين».
وبالفعل ضرب الإعصار السعودي بقوة مطلع الشوط الثاني وتحديداً بين الدقيقتين 48 و53 حيث نجح الشهري في إدراك التعادل أولاً، ثم جاء دور الـ«تورنيدو» سالم الدوسري الذي قام بحركة فنية رائعة وأطلق كرة قوية في الزاوية البعيدة للمرمى الأرجنتيني.
فوز كان صعباً في الأحلام، لكنه لم يكن مستحيلاً في أرض الواقع. دخل وزير الرياضة السعودي عبد العزيز بن تركي إلى غرف ملابس اللاعبين بعد المباراة وأخبرهم بما كانوا عاجزين عن استيعابه في اللحظات الأولى: «لقد فزتم على مرشح كأس العالم، فزتم على أفضل لاعب في العالم، بأدائكم. تتبقى مباراتان. قادرون. إذا أردتم فأنتم قادرون».


مقالات ذات صلة

الحكم ببراءة الرئيس السابق للاتحاد الكويتي لكرة القدم

رياضة عربية هايف المطيري (الاتحاد الكويتي)

الحكم ببراءة الرئيس السابق للاتحاد الكويتي لكرة القدم

قضت دائرة جنايات بالمحكمة الكلية في الكويت ببراءة الرئيس السابق لاتحاد كرة القدم هايف المطيري ونائبه أحمد عقلة والأمين العام صلاح القناعي من التهم المنسوبة لهم.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
رياضة سعودية حسين الصادق بجوار مانشيني خلال مباريات الدوري السعودي (المنتخب السعودي)

الصادق يعتذر عن إكمال مهمته... ويغادر إدارة المنتخب السعودي

كتب حسين الصادق مدير المنتخب السعودي الأول لكرة القدم، الفصل الأخير في مشواره مع «الأخضر»، بعد أن تقدم باستقالته رسمياً من منصبه واعتذاره عن عدم الاستمرار>

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة سعودية المسحل قال إن التحكيم الآسيوي ارتكب بعض الأخطاء ضد الأخضر (تصوير: عدنان مهدلي)

المسحل: لن نتعذر بالتحكيم «رغم أخطائه» وثقتنا في الصادق مستمرة

أكد ياسر المسحل، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، أن أخطاء الحكام أثّرت على مسيرة المنتخب السعودي في تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026.

خالد العوني (بريدة)
رياضة سعودية ياسر المسحل خلال تكريمه ماجد عبد الله الفائز بجائزة من جوائز المسؤولية الاجتماعية (الاتحاد السعودي)

ياسر المسحل: حظوظ المنتخب السعودي لا تزال قائمة في بلوغ كأس العالم 2026

قال ياسر المسحل رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم إن حظوظ الأخضر في نيل البطاقة المباشرة لنهائيات كأس العالم 2026 لا تزال قائمة، موضحاً أن الثقة حاضرة في اللاعبين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية فابيو ليما (رويترز)

ليما يحيي آمال الإمارات في العودة للمونديال بعد 36 عاماً

تحوّل فابيو ليما البرازيلي المولد رمزاً لحملة الإمارات لما يمكن أن يكون صعودها لكأس العالم لكرة القدم بعد غياب 36 عاماً، بتسجيله 4 أهداف بالفوز الساحق على قطر.

«الشرق الأوسط» (دبي)

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.