مومباي.. المختصر المفيد

إذا أردت أن تعرف ما في الهند يجب أن تعرف ما في المدينة الأكثر ديناميكية

بومباي مدينة الفوضى غير المنظمة
بومباي مدينة الفوضى غير المنظمة
TT

مومباي.. المختصر المفيد

بومباي مدينة الفوضى غير المنظمة
بومباي مدينة الفوضى غير المنظمة

إذا ما رغبت في أن ترى الهند بأكملها في مدينة واحدة، فعليك إذن بزيارة مومباي، التي تضم في جنباتها بوليوود التي لا تنام. وتحمل هذه المدينة وعودًا بتوفير تجارب تثري جميع حواسك. قد تكون دلهي عاصمة الهند، لكن مومباي تحتضن جميع العناصر الديناميكية والفوضوية المكونة للهند الحديثة. في مومباي، ستجد كل شيء بدءًا من الأطعمة التي تعد في الشوارع وصولاً إلى أفخر المطاعم، ومن أقسى درجات الفقر إلى الثراء الفاحش. كما تنفرد مومباي بضمها لأكبر منطقة أزقة على مستوى آسيا. باختصار يمكن القول بأن مومباي تمثل الهند في صورتها النشطة المفعمة بالحياة، بجمالها وقبحها.
تتميز مومباي بتاريخ فريد ينبع من نشأتها داخل عدد من الجزر الصغيرة ثم نموها حتى وصلت لما وصلت إليه الآن. منذ عام 1534، وقعت جزر مومباي تحت سيطرة البرتغاليين، ثم سلمها ملك البرتغال إلى سيطرة التاج الإنجليزي، كمهر مقدم إلى ملك إنجلترا تشارلز الثاني، عام 1662. وفي عام 1668، انتقلت السيطرة عليها إلى شركة الهند الشرقية.
في البرتغالية، تعني عبارة «بوم بايا» «وداعًا»، لذا أطلق عليها البريطانيون «بومباي»، والذي تحول الآن إلى مومباي. كما تعرف المنطقة بأنها «أرض التوابل» و«مدينة الفرص» و«بوابة الهند» و«مكة المعمار الفيكتوري في آسيا» و«المدينة الفيكتورية الفريدة» و«جزيرة النخيل» و«ملكة المدن الآسيوية» و«مدينة الذهب» و«الميناء العظيم»، بجانب وصف بعض الرحالة الغربيين لها بأنها البوابة الغربية للهند، والتي عن طريقها تمر التجارة والحضارة وتنتشر في ربوع البلاد.
ومثلما الحال في مدينة نيويورك، توصف هذه المدينة بأنها مدينة الأحلام، خصوصا وأنها تضم بين سكانها بعض أكثر الهنود ثراءً وكذلك نجوم بوليوود. بالنسبة للسياح العرب، تعد أمطار مومباي من عناصر الجذب الكبرى. وتتساقط هذه الأمطار خلال موسم هبوب الرياح الموسمية، حيث يصل عدد الزائرين العرب إلى أقصاه. وإذا قمت بزيارة المدينة وشعرت بالحيرة حيال أي الأماكن ينبغي أن تزورها، فإنه بجانب الشواطئ، يمكنك معاينة بعض أروع مشاهد غروب الشمس على ضفاف البحر العربي. وفيما يلي سنطرح قائمة بأبرز الأماكن التي عليك زيارتها.
في مومباي، يمثل الليل البداية الحقيقية لليوم. لذلك، تحمل مومباي اسم «المدينة التي لا تنام!» خلال الشهور القليلة المقبلة، من المحتمل أن تصبح مومباي المدينة الهندية الأولى التي تبقى مفتوحة طيلة ساعات اليوم على مدار الأسبوع.
ويجري النظر إلى نصب «بوابة الهند» باعتباره نقطة البداية التي ينطلق منها غالبية السياح الراغبين في التجول بمختلف أرجاء المدينة. ويعد هذا النصب واحدًا من أبرز المعالم الأثرية بالهند، ويبلغ ارتفاعه 26 مترًا، وبه أربعة أبراج، بجانب زخارف متشابكة معقدة منقوشة على حجر بازلت أصفر. ويمثل الأثر نموذجًا للعمارة الهندوسية - مسلمة، وجرى تشييده لتكريم الملك البريطاني جورج الخامس والملكة ماري. وأقيم النصب الضخم عام 1924، ويطل على ميناء مومباي ويحده البحر العربي. ويبقى هذا النصب بمثابة رمز لافت على حقبة الحكم البريطاني. وبعد انتهاء هذه الحقبة عام 1947، غادر آخر الجنود البريطانيين الهند عبر هذه البوابة. وقد صممت البوابة لتكون أول ما يراه الزائرون لدى اقترابهم من مومباي بحرًا. في الوقت الحاضر، يشبه المناخ العام المحيط بالنصب في بعض الأحيان السيرك، مع وجود أعداد كبيرة من البائعين يعرضون سلعًا كثيرة تتنوع بين البالونات والشاي الهندي. عام 2011، ضمت مؤسسة «لونلي بلانيت» «بوابة الهند» إلى قائمة أحد أفضل المزارات العالمية المجانية.
ومن بين أفضل المتاحف في الهند متحف أمير ويلز المتميز بعمارته المثيرة التي تمثل مزيجًا بين العمارة الهندوسية والإسلامية والبريطانية. ويضم المتحف أكثر من 50 ألف قطعة أثرية تعود إلى التاريخ الهندي القديم، وكذلك عصور ماضية بدول أخرى. كما يعرض المتحف قطعًا فنية من حضارة وادي السند، وكذلك بقايا من آثار الهند من العصور القديمة والوسطى.

بوابة الهند

كما تتميز الهند ببعض المباني الأثرية الأخاذة، حيث يمكن أن تستمتع بمعاينة نماذج من المعمار المميز لفترة الاستعمار. عبر «بوابة الهند»، يمكنك رؤية فندق تاج محل الرائع في الخلفية. يقع الفندق في الشارع المجاور للبوابة، وقد تركزت عليه أنظار العالم عندما تعرض لهجوم إرهابي بشع عام 2008، أسفر عن مقتل الكثيرين. يتجاوز عمر الفندق 100 عام، حيث بني عام 1903، وهو من الأماكن التي يجب زيارتها في المدينة. وقد أعيد بناء الفندق بعد الهجوم، وخصص أحد أقسامه لمن لقوا حتفهم خلال الهجوم. إذا تمكنت من الإقامة في الفندق، فهذا خيار ممتاز. أما إذا عجزت عن ذلك، فيمكنك إذن تناول القهوة هناك على الأقل.
أيضًا، تعد كهوف إليفانتا من أهم المزارات في أوساط الزائرين المحليين والأجانب. من جانبها، ضمت منظمة «اليونيسكو» هذه الكهوف لقائمة التراث الإنساني. وتقع الكهوف على جزيرة تبعد مسافة 10 كيلومترات شرق ميناء مومباي. كما يطلق عليها «مدينة الكهوف»، وتضم بقايا أثرية قديمة تعد دليلاً على الماضي الثقافي الثري للهند. ويعود عمر هذه الكهوف إلى منتصف القرن الخامس والقرن السادس.
كما يوجد كهفان بوذيان، ضمتهما «اليونيسكو» أيضا لقائمة التراث العالمي. ولدى تجولك بمختلف أرجاء «إليفانتا»، عليك توخي الحذر حيال القرود الكثيرة التي تجول بالمكان. ويعد هذا تحديدًا المكان المناسب لزيارته إذا رغبت في الاستمتاع بالهدوء بعيدًا عن صخب مومباي.
أيضًا، يمكن زيارة «نافورة فلورا»، المعروفة كذلك باسم «هوتاتما تشوك»، ويعود تاريخ بنائها لعام 1864. وتعد النافورة واحدة من أهم مواقع التراث بالهند.

أهم المزارات

من بين المزارات الأخرى «مضمار ماهالاكشمي» لسباق الخيول، الذي يحظى بشهرة واسعة على مستوى البلاد، وهو أحد أبرز مضامير السباق على مستوى آسيا. كما أن «غراندستاند» الموجودة بالمضمار، موجودة بقائمة مواقع التراث الهندية.
وتعتبر محطة «تشهاتراباتي شيفاجي ترمينس» أو «فيكتوريا ترمينس» للسكك الحديدية بمثابة أعجوبة معمارية. بنيت المحطة عام 1888 بأسلوب معماري قوطي فيكتوري، مطعم ببعض عناصر العمارة الهندية التقليدية. وتوجد المحطة على قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي. وعندما تسير أمام المحطة الفيكتورية ومكتب البريد الملحق بها تشعر وكأنك في باريس، لكن صخب الحركة المحيطة يعود بك مجددًا إلى الهند.
أيضًا، من بين المعالم السياحية للمدينة «مارين درايف»، ويعد من أبرز نقاط الجذب للسائحين وظهر في كثير من أفلام بوليوود، وهو عبارة عن طريق سريع على شكل «سي» بالأجنبية يطل على البحر ولا يخلو من صخب السيارات المسرعة قط. بعد الغروب، تجري إضاءة الطريق بالآلاف من مصابيح إنارة الشوارع، ويشار إلى منظر الطريق من أعلى وهو مضيء ليلاً باسم «عقد الملكة».
من المزارات أيضا مسجد ومقبرة الحاج علي، والذي بني عام 1431 من جانب تاجر مسلم ثري وشيخ صوفي يدعى الحاج علي شاه بخاري، والذي دفعه إلهام لتبديل مسار حياته بعد زيارته مكة. يوجد المسجد والمقبرة التي تضم جسد الحاج علي في قلب المحيط، لذا لا يمكن الوصول إليه سوى خلال فترات الجزر عبر ممشى ضيق يمتد لمسافة 500 ياردة.

بعيدا عن صخب المدينة

ويمكن للزائر التماس الهدوء بمنأى عن صخب المدينة بالذهاب إلى سواحل المدينة الرائعة ومشاهدة الشروق والغروب بها. وتوجد بعض أشهر شواطئ المدينة في «جوهو غيرغوم» و«باندرا». وتضم المناطق المحيطة بهذه الشواطئ منازل الأثرياء من سكان مومباي. ويحرص كثير من زائري المدينة على مشاهدة منزل نجم السينما أميتاب باتشان على طريق مؤدٍ لشاطئ جوهو. وكثيرًا ما يجري تصوير أفلام لبوليوود بهذا المكان. وفي الصباح، يمكن رؤية كثير من المشاهير يتنزهون بأرجاء الشاطئ.
قرب شواطئ «باندرا»، المعروفة باسم «باندستاند»، يقف العشرات من المعجبين لرؤية منزل شاروخان وسلمان خان. بوجه عام، من الممتع زيارة كلا الشاطئين، حيث يسود جو عام شبيه بأجواء الكرنفالات، خصوصا خلال عطلات نهاية الأسبوع. وأهم ما يميز الشاطئين إمكانية مشاهدة النجوم والمشاهير، أما العطش فيمكنك التغلب عليه باحتساء ماء جوز الهند الطازج.

ابحث عن غاندي في بومباي

إذا كنت تبحث عن صلة غاندي بمومباي، فإن «ماني بهافان» هي المكان الأمثل لزيارته، حيث يضم معروضات من كتابات أدبية وصورًا لغاندي، بجانب معروضات مجسدة ثلاثية الأبعاد لأحداث من حياة الزعيم الهندي الشهير. كما يضم المعرض مقتنيات شخصية لغاندي من غرفة نومه وكتبه وملابسه. وقد شهد هذا المكان تعلم غاندي للمرة الأولى كيفية استخدام عجلة المغزل.
ويقع المنزل المؤلف من طابقين على طريق لابورنوم في غامدفي. ومن داخل هذا المنزل، أطلق غاندي حملة عدم التعاون وحركات أخرى مناهضة للاستعمار البريطاني.
ويعد جسر «باندرا وورلي سي لينك» واحدا من المعجزات الهندسية الحديثة. ويمر هذا الجسر المؤلف من 8 ممرات فوق البحر، ويوفر تجربة قيادة ممتعة، حيث يستمتع الكثيرون بالقيادة فوقه مع التمتع بمشاهدة منظر البحر، لكن لا يسمح لأحد بالتوقف في أي مكان على الجسر.
من ناحية أخرى، تعتبر مومباي قلب صناعة بوليوود المزدهرة. ومن الأماكن الرائعة المرتبطة بهذه الصناعة سينما إروس، ذات الطراز المعماري الأخاذ، والتي تجاوز محطة سكة حديد «تشرتش غيت»، وهي مكان رائع لمشاهدة أحدث إبداعات بوليوود. ويمكنك كذلك القيام بجولة إلى قلب «فيلم سيتي» (مدينة الأفلام) لمعاينة عالم صناعة السينما عن قرب.
وتعتبر «إسيل وورلد» و«أدلابس إماجيكا ثيم» من أكبر المتنزهات وأروعها على مستوى الهند، وهي من المناطق المفضلة للزائرين من الأسر بوجه خاص.

أفضل وقت للزيارة

بالنسبة للوقت الأمثل لزيارة مومباي، فإنه نظرًا لقرب المدينة من البحر العربي نجد أنها بطبيعتها مدينة ذات مناخ رطب. ونظرًا لوجود مومباي في المنطقة المدارية، وغالبًا ما تحظى بالمناخ ذاته دون اختلاف يذكر على مدار العام. ومع ذلك، فإن الوقت الأمثل لزيارة المدينة للراغبين في تجنب التعرض للشمس المحرقة ما بين نوفمبر (تشرين الثاني) وفبراير (شباط) . ودائمًا ما تهب الرياح الموسمية على مومباي في نهاية يونيو (حزيران) . وخلال تلك الفترة، تتحول زيارة المدينة لتجربة يصعب نسيانها مع هطول الأمطار بغزارة واستمرار.
وتصبح المدينة في أزهى صورها خلال شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) ، حيث تضيف الشوارع والمتاجر المزخرفة بكثرة إلى جمال المدينة وثرائها البصري. لذا، فإن الشهور من أكتوبر إلى فبراير هي الوقت الأمثل لزيارة المدينة.

التسوق

الملاحظ أنه على امتداد السنوات، ومع نيل البلاد استقلالها، تحولت مومباي إلى مدينة عامرة بأسواقها المزدهرة وكثير من المجتمعات المتنوعة. وتمثل هذه المدينة الساحرة العاصمة المالية للهند ومركز الغالبية العظمى من المعاملات التجارية والاستثمارية، علاوة على كونها مركزًا ثقافيًا، علاوة على تميزها بأرقى العلامات التجارية في عالم الموضة.
أيضًا، تعج المدينة بحركة تجارية صاخبة ومتنوعة، من التجار الذين يشغلون جوانب الشوارع إلى سوق تشور بازار ثيفز المذهل، ما يجعلها مكانًا مثاليًا للتسوق. ويمكنك شراء تذكارات ساحرة من كولابا كوزواي، والتمتع بأحذية رخيصة من لينكنغ رود، والتجول عبر أزقة تشور بازار بحثًا عن الأنتيكات.

افعل ولا تفعل

من الأفضل التجول عبر المدينة برفقة أحد أبنائها، مما سيفيد كثيرًا في التعامل مع الباعة بالشوارع وسائقي سيارات الأجرة الذين عادة يبالغون في الأسعار التي يطالبون بها السياح، علاوة على الحصول على نصائح مهمة بخصوص الأماكن التي يمكن زيارتها والأخرى التي ينبغي تجنبها.
ورغم أن مومباي أقل محافظة من الناحية الاجتماعية عن المدن الهندية الأخرى، فإنه يبقى من الأفضل للنساء التزام الملابس المحتشمة، وكذلك من الضروري التزام الهدوء والجدية داخل أماكن العبادة على اختلافها، وضرورة خلع الأحذية قبل الدخول إليها. كما أن بعض الأماكن المقدسة تتطلب الفصل بين الرجال والنساء.
ومن الأفضل تجنب ركوب القطارات خلال ساعات الذروة من 7 إلى 11.30 صباحًا ومن 4 إلى 11 مساءً. وكذلك تجنب تناول الأطعمة السريعة التي قد لا يلتزم معدوها بالأساليب الصحية، ولا ينبغي قبول أي مأكولات أو مشروبات من غرباء.



قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.