منتدى مراكش: جمود الاتحاد المغاربي يحرم المنطقة من فرص رفع معدلات النمو

ثلاثة في المائة فقط حجم المبادلات التجارية الخارجية بين بلدان المغرب العربي

عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية مع رؤساء اتحاد المقاولات في دول المغرب العربي خلال افتتاح الدورة الثالثة لأشغال منتدى المقاولين المغاربيين في مراكش (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية مع رؤساء اتحاد المقاولات في دول المغرب العربي خلال افتتاح الدورة الثالثة لأشغال منتدى المقاولين المغاربيين في مراكش (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
TT

منتدى مراكش: جمود الاتحاد المغاربي يحرم المنطقة من فرص رفع معدلات النمو

عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية مع رؤساء اتحاد المقاولات في دول المغرب العربي خلال افتتاح الدورة الثالثة لأشغال منتدى المقاولين المغاربيين في مراكش (تصوير: عبد الرحمن المختاري)
عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية مع رؤساء اتحاد المقاولات في دول المغرب العربي خلال افتتاح الدورة الثالثة لأشغال منتدى المقاولين المغاربيين في مراكش (تصوير: عبد الرحمن المختاري)

سجل المتداخلون في افتتاح أشغال منتدى المقاولين المغاربيين، في دورته الثالثة، التي انطلقت أمس في مدينة مراكش المغربية، خيبتهم من حجم ونسب المبادلات التجارية المسجلة بين بلدان المنطقة، واتفقوا على أن طريق التكامل الاقتصادي المغاربي يبقى خيارا ضروريا، من شأنه أن يدفع السياسيين لأن يكونوا أكثر حكمة، ويساهم في تحقيق الاندماج والتكامل المرجو.
ويتزامن تنظيم المنتدى مع تخليد الذكرى الـ25 لتوقيع معاهدة إنشاء «اتحاد المغرب العربي»، التي وقعت في مراكش يوم 17 فبراير (شباط) 1989، ونصت على جملة من المبادئ والأهداف، تشمل، بشكل خاص، «تحقيق تقدم ورفاهية مجتمعاتهم والدفاع عن حقوقها، والعمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال».
وقالت مريم بنصالح شقرون رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب ورئيسة الاتحاد المغاربي لأصحاب العمل، إن الأرقام المتعلقة بحجم المبادلات بين دول المنطقة لا تحتاج تعليقا إضافيا لإبراز مستواها المتدني، خاصة بالنسبة لبلدان لها مقومات وتحديات مشتركة، مقارنة بمناطق أخرى تسجل نسبا مرتفعة في مبادلاتها التجارية البينية، مشيرة إلى أن «الاندماج المغاربي ممكن»، داعية إلى «الانطلاق من شيء ما، وصولا إلى تكامل واندماج اقتصادي، ينتهي بتكسير الحواجز والعقبات السياسية».
وشددت بنصالح على أن جميع الفاعلين الاقتصاديين والخبراء واعون بأن غياب الوحدة المغاربية لها كلفتها، ملاحظة أن «غياب الاندماج الإقليمي يبقى أمرا مستعصي الفهم، في ظل التجانس الثقافي الحاصل»، مبرزة أن الجمود الحاصل، الذي لا يستجيب للمستقبل، يحرم اقتصادات بلدان المنطقة من كسب نقطتين في معدل النمو، مستغربة أن تظل اقتصاديات دول المنطقة أقل ارتباطا فيما بينها مقارنة بباقي مناطق العالم.
ولاحظت بنصالح أن التحولات العميقة التي يشهدها العالم، والتي تترجم على شكل أقطاب جديدة جذابة، تبرهن على الأهمية الاستراتيجية لاتحاد المغرب العربي، مشيرة إلى أن القارة الأفريقية، تبقى قارة مستقبل واعد، وفضاء لكل التحديات بفضل إمكانياتها الكبيرة للنمو الاقتصادي، مما يجعل البلدان المغاربية في قلب رهان جديد، خاصة أن المنطقة تمثل قنطرة أساسية بين أفريقيا وأوروبا، حيث الاتحاد الأوروبي يعمل على إنشاء منتدى المغرب العربي والساحل، ليجمع كلا من الجزائر وليبيا وتونس وموريتانيا والمغرب، من جهة، وبوركينا فاسو ومالي والنيجر والسنغال وتشاد، من جهة ثانية، وهو ما يعني، حسب بنصالح، أن الوقت قد حان بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين المغاربيين لاقتناص هذه الفرصة المواتية التي أتيحت لهم، والتي تمثل «خطوة جديدة براغماتية ومنفتحة وإرادية»، من أجل تعزيز حيوية وتكاملية اقتصاديات المنطقة ومعارف مقاولاتها وتنوع مواردها، بشكل يجعل اتحاد المغرب العربي اتحادا للتنمية المستدامة.
من جهته، اعترف عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة المغربية، بأن «المغرب العربي كأمل للشعوب لم يصل إلى الدرجة التي يتمناها أبناؤه»، معربا عن تفاؤله بالمستقبل، خاصة أن المنطقة تتميز بمجال بشري موحد جغرافيا وتاريخيا ولغويا.
وانتقد ابن كيران ما سماه «الآراء والأفكار التي عفا عنها الزمن»، ليختم، موجها خطابه إلى الحاضرين: «أنتم الاقتصاديون ملزمون بأن تكونوا واقعيين وأن تبحثوا عن مصالحكم ومصالح شعوبكم، ولا حرج في أن نتبعكم نحن السياسيين».
أما الحبيب بن يحيى، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، فأبرز، في كلمته، الظرفية العالمية والإقليمية وعمق التحديات والتحولات المسجلة، والمتميزة بإقامة فضاءات اقتصادية كبرى للحفاظ على المصالح المشتركة وتثبيتها وضمان مستقبل أفضل، مسجلا أن المبادلات التجارية بين دول المنطقة لم ترقَ إلى الطموحات والإمكانات المتوفرة، حيث لا تتجاوز نسبة ثلاثة في المائة، بينما يتضاعف حجمها على مستوى تجمعات أخرى، حيث يبلغ 60 في المائة بين دول الاتحاد الأوروبي، و56 في المائة بين دول أميركا الشمالية، و23 في المائة بين دول غرب وشرق آسيا، و19 في المائة بين دول تجمع الساحل والصحراء، مشددا على الحاجة إلى تقوية التجارة البينية ورفع حجم الاستثمارات المغاربية، في أفق خلق المجموعة الاقتصادية المغاربية.
ولم يفت بن يحيى أن يوجه رسالة إلى القادة المغاربيين، بدعوتهم إلى «دعم الاقتصاديين، في أفق تكوين مغرب عربي قوي».
وألقت كريستين لاغارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، في كلمة مسجلة، ما يشبه «درسا تحفيزيا» للمغاربيين الحاضرين، في لقاء مراكش، قائلة إن: «الاندماج الاقتصادي المغاربي يشغلنا كثيرا»، ملاحظة أنه «لم يصل إلى الطموحات على الرغم من وجود النوايا الحسنة، وتوفر المنطقة على مجموعة من الخصائص والمؤهلات مقارنة بمناطق أخرى، تحقق نسب مبادلات تجارية بينية مرتفعة ودرجة اندماج ملحوظ».
ويُنتظر أن يُعلن رسميا، في ختام أشغال المنتدى، عن «المبادرة المغاربية للتجارة والاستثمار»، التي يعول عليها في أن تشكل خارطة طريق من أجل تكثيف التبادل التجاري ورفع مستوى الاستثمار بين البلدان الخمسة.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.