خسر شارة القائد ومعها لقب «كابتن أميركا»، لكن بعمر الرابعة والعشرين ما زال كريستيان بوليسيتش السلاح الهجومي الرئيسي في تشكيلة المنتخب الأميركي الطامح إلى الخروج بالانتصار على الإنجليز اليوم، ما سيفتح أمامه باب التأهل إلى دور الستة عشر في مونديال قطر. الانضمام إلى المنتخب الوطني يشكل مصدر ارتياح للاعب الذي يعاني في حياته اليومية من الاكتفاء بلعب دور البديل في فريقه تشيلسي الإنجليزي. صحيح أنه شارك هذا الموسم في 13 من المباريات الـ14 التي خاضها الفريق اللندني في الدوري الممتاز، لكن في ثلاث منها كان أساسياً، في وضع اعتاد عليه منذ انتقاله إلى «برميرليغ» قبل أربعة أعوام قادماً من بوروسيا دورتموند الألماني مقابل 65 مليون يورو.
ورغم الآمال المعقودة عليه، عجز الأميركي عن فرض نفسه في النادي اللندني وتكرار المستوى الذي كان عليه في الدوري الألماني. ويجب القول إن مهمة سد الفراغ الذي خلفه البلجيكي إدين هازارد على الجهة اليسرى للخط الأمامي بانتقاله إلى ريال مدريد الإسباني، عقد حياة بوليسيتش الذي كان من المفترض تعويضه في هذا المركز. لاعب موهوب، وسريع، ورشيق، وقادر على المراوغة والتمرير والتسجيل بكلتا قدميه، يتمتع بوليسيتش بجميع مواصفات المهاجم الحديث.
عليك مراقبته
ورغم ذلك، عجز بوليسيتش عن فرض نفسه ركيزة أساسية في تشكيلة تشيلسي، إن كان مع المدربين السابقين فرانك لامبارد والألماني توماس توخيل أو الحالي غراهام بوتر. لقد مر بوليسيتش بفترات رائعة، لكنها لم تدم سوى بضع مباريات. وفي نادٍ مهووس بالتميز وتحقيق النتائج، لم يكن ذلك كافياً. صحيح أنه توج بلقب مسابقة دوري أبطال أوروبا عام 2021، لكن في سيرته الذاتية التي تحمل عنوان «كريستيان بوليسيتش: مشواري حتى الآن» ونُشِرت في سبتمبر (أيلول)، تحدث عن علاقته المعقدة مع توخيل الذي لم يشركه أساسياً في إياب نصف النهائي ضد ريال مدريد، رغم تقديمه أداءً ممتازاً في لقاء الذهاب، ثم أبعده عن التشكيلة في المباراة المحلية في عطلة نهاية ذلك الأسبوع.
ومع الحديث عن إمكانية رحيله في يناير (كانون الثاني) خلال فترة الانتقالات الشتوية ربما إلى الدوري الإيطالي حيث يبدو يوفنتوس مهتماً بالحصول على خدماته، يمكن أن تكون كأس العالم في قطر نقطة تحول في مسيرته مع منتخب أميركي يبقى فيه اللاعب الأكثر خبرة على أعلى المستويات. ومدرب المنتخب الإنجليزي غاريث ساوثغيت يعرف تماماً حجم الخطر الذي يشكله بوليسيتش، قائلاً لموقع «أي أس بي أن» الرياضي: «شاهدته بعض الشيء حين كان في دورتموند خلال متابعتي لجادون سانشو (لاعب المنتخب الغائب عن المونديال الحالي)، ثم انتقل إلى تشيلسي». وتابع: «أعتقد أنه ليس من السهل التأقلم مع الانتقال من الدوري الألماني إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. يشعر على الأرجح أنه لم يصل حتى الآن إلى حيث يريد أن يكون... لكنه لاعب ممتاز وهو لاعب يجب الحذر منه والاستعداد له عندما تنظر إلى لائحة لاعبي الفريق الخصم».
تغيير نظرة العالم
ورغم وقوع الخيار على لاعب ليدز يونايتد الإنجليزي تايلر أدامز الذي يصغره ببضعة أشهر، كي يكون قائد الولايات المتحدة في مونديال قطر، يبقى بوليسيتش في مهمة «إنقاذية» على الصعيد الشخصي ووطنية على الصعيد الجماعي. وقال أخيراً: «قد لا تكون (كرة القدم) من أكبر الرياضات في الولايات المتحدة، لكننا نريد تغيير الطريقة التي ينظر بها العالم إلى كرة القدم الأميركية... إن النجاح في كأس العالم سيغير الكثير من الأشياء».
ويبدو أن أسلوب اللعب الذي يروج له المدرب جريج برهالتر مصمم خصيصاً له، مع الاعتماد على الضغط المتواصل، والانتقال السريع إلى الهجوم، والهجوم على الخصم بأي ثمن كان، والسرعة على الجناحين. والهدف الذي سُجِل في الجولة الأولى من مونديال قطر ضد ويلز (1 - 1) حيث اخترق خط الوسط ليقدم تمريرة متقنة إلى تيم وياه الذي كان عليه فقط أن يمد ساقه ليسجل في الشباك، يُذكِر بنوع الموهبة التي يتمتع بها بوليسيتش.
وعلقت أسطورة المنتخب الأميركي للسيدات كارلي لويد على ما شاهدته من بوليسيتش لشبكة «أن بي سي» بعد المباراة، قائلة: «لقد كان تماماً في المكان الذي يحتاجه فيه منتخب الولايات المتحدة أن يكون طيلة الوقت»، مضيفة: «الكرات الـ67 التي لمسها عالياً في الملعب (منطقة الخصم)، أمر غير معتاد بالنسبة لمنتخب أميركي، ما يعطي إشارة جيدة على أن خطة اللعب مبنية حول أفضل لاعبينا».