فيما تدور التساؤلات حول ما يمكن أن ينتج عن الاجتماع المرتقب بشأن لبنان بين الرئيسين الأميركي والفرنسي بمناسبة زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لواشنطن لمدة 3 أيام؛ بدءاً من 29 نوفمبر الحالي، قال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في باريس، إن فرنسا ما زالت الدولة التي تواظب على دفع الأسرة الدولية للاهتمام بالملف اللبناني، متسائلة عن الجهة التي يمكن أن تقوم بهذا الدور إذا توقفت باريس عن أدائه.
ويبذل ماكرون، ومعه الخلية الدبلوماسية في القصر الرئاسي الفرنسي، إضافة إلى وزيرة خارجيته كاترين كولونا، والسفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، جهوداً على مستويات عدّة، لتحريك الملف الرئاسي اللبناني العالق في مجلس النواب منذ قرابة شهر؛ وذلك لتجنّب تفاقم تبِعات الفراغ في أعلى مؤسسة دستورية في لبنان. وتحوّلت باريس إلى محطة إلزامية للمشاورات الرئاسية اللبنانية، وآخِر من قصدها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
وثمة اعتقاد رائج أن باريس تتحرك باسم الاتحاد الأوروبي، وبموافقة أميركية وتفاهم مع المملكة السعودية. فضلاً عن ذلك، فإن باريس على تواصل مع كل الأطراف في الداخل اللبناني وفي الخارج، بما في ذلك حزب الله وإيران.
ورغم الامتدادات الخارجية المؤثرة على الانتخابات الرئاسية اللبنانية وعلى الوضع السياسي العام في لبنان، فإن المصدر الدبلوماسي الفرنسي يرى أن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على الطبقة السياسية اللبنانية للتوصل إلى اتفاق رئاسي، على غرار اتفاقها بالنسبة لملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية ومساهمة فرنسية وقبول إيراني. وقد وصفت باريس الاتفاق بأنه «تاريخي».
ولدى سؤال المصدر الدبلوماسي عما إذا كانت إيران ستساعد على إيجاد مَخرج وتسهيل انتخاب رئيس جديد، كان جوابها أن إيران لم تعطل التوصل إلى اتفاق الترسيم؛ بمعنى أنها لو عارضته لما كان قد وُقّع، بالنظر للتناغم والتنسيق القائمين بينها وبين «حزب الله».
وقال مصدر آخر، ﻟ«الشرق الأوسط»، إنه كلما سُئل المسؤولون الإيرانيون عن الملف اللبناني، أحالوا سائلهم إلى حزب الله. ورغم أن المصدر الدبلوماسي لا ينفي تأثير البعد الخارجي الإقليمي والدولي على تعقيدات الملف اللبناني، فإنه يرى أن التعقيد الرئيسي داخلي، وأن مفتاح الحل موجود في بيروت.
بيد أن مجريات الجولات الانتخابية المتكررة والهزلية، يوم الخميس من كل أسبوع في لبنان، والتي أصبحت موضع «ترند»، حتى من النواب أنفسهم الذين لا يتردد بعضهم عن القول «هلا بالخميس»، تُبين أن الداخل بحاجة لتدخّل الخارج، حيث إن اللعبة القائمة بين المجموعتين المتناحرتين يمكن أن تستمر أسابيع وأشهراً، وربما أكثر من ذلك، في حين أن الأوضاع الداخلية تزداد تدهوراً على جميع الأصعدة.
وحتى اليوم، يذهب النواب اللبنانيون إلى البرلمان، صباح كل يوم خميس، لانتخاب الرئيس العتيد شكلياً؛ لأنهم يعون سلفاً أن الدخان الأبيض لن يخرج من قبة المجلس؛ لأن ما يقوم به البرلمان هو نوع من ملهاة، حتى لا يُقال إن البرلمان لا يقوم بدوره، وذلك بانتظار حصول توافقٍ ما بدفع خارجي، كما حصل في الانتخابات الرئاسية السابقة.
الرئيس الفرنسي في واشنطن يوم 29 الحالي والملف اللبناني في جعبته
الرئيس الفرنسي في واشنطن يوم 29 الحالي والملف اللبناني في جعبته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة