للمرة الأولى في التاريخ... رائد فضاء من ذوي الاحتياجات الخاصة

جون ماكفل رائد الفضاء المعاق الذي اختارته وكالة الفضاء الأوروبية (أ.ب)
جون ماكفل رائد الفضاء المعاق الذي اختارته وكالة الفضاء الأوروبية (أ.ب)
TT

للمرة الأولى في التاريخ... رائد فضاء من ذوي الاحتياجات الخاصة

جون ماكفل رائد الفضاء المعاق الذي اختارته وكالة الفضاء الأوروبية (أ.ب)
جون ماكفل رائد الفضاء المعاق الذي اختارته وكالة الفضاء الأوروبية (أ.ب)

تشكّل دراسة ما يمكن أن يوفّره ذوو الاحتياجات الخاصة للبعثات الفضائية محور مهمة البريطاني جون ماكفل، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً، والذي اختارته وكالة الفضاء الأوروبية ضمن مشروع «باراستورونت» غير المسبوق في مجال الاستكشاف الفضائي.
وكان ذوو الاحتياجات الخاصة مستبعدين حتى الأمس من قائمة الأشخاص الذين تختارهم الوكالة ليصبحوا روّاد فضاء. ويوضح غيوم فيرتس، كبير أطباء روّاد الفضاء لدى وكالة الفضاء الأوروبية، في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، أنّ «مشروع (باراسترونوت) يستلزم تغييراً كاملاً في الفلسفة» المتعلقة بمفهوم الأهلية الطبية الذي نشأ في المجال العسكري ويُعنَى باختيار الطيارين العسكريين.
وخلال إطلاق حملة اختيار الطيارين في فبراير (شباط) 2021. أعلنت الوكالة أنها ستمنح الفرصة لمرشّح واحد أو أكثر من الذين يعانون إعاقة في أطرافهم السفلية (نتيجة بتر أو تشوه خلقي).

ومن بين المرشحين أيضاً أولئك الذين لا يتعدى طولهم المتر والثلاثين سنتمتراً أو مَن يعانون عدم تناسق في الساقين. أما المهارات الفكرية والنفسية المطلوبة فهي الشروط نفسها المعني بها رواد الفضاء الآخرون.
ويقول فيرتس الذي شارك في مراحل الاختيار «تعاملنا مع مجموعة كبيرة من المرشحين والتقينا بأشخاص مذهلين»، مشيراً إلى أنّ العملية «أثبتت أنّ الإعاقة لا تشكل حاجزاً، ونحن نؤمن بذلك».
وفي المرحلة نفسها، أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية «دراسة جدوى» في شأن إرسال رائد فضاء من ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن رحلة فضائية مأهولة، للإقامة في محطة الفضاء الدولية مثلاً.
وقد تنطوي أي تغييرات بسيطة في مجال المهمات الفضائية الذي يتّسم بدقة كبيرة، على تعقيد كبير أو قد تكون مكلفة جداً.
فالأنظمة المعمول بها حالياً مثلاً مُصممة لأشخاص من حجم معيّن. فكيف يمكن تالياً التأكّد من «أنّ شخصاً يتمتع بحجم أصغر سيستطيع الوصول إلى الأزرار؟»، على ما يتساءل فيرتس.
وتعتزم الوكالة إذن العمل مع البريطاني جون ماكفل من أجل إيجاد أفضل طريقة لتحديد الصعوبات المحتملة وتبديدها.

ويعتبر المدير العام للجمعية الخيرية البريطانية «ديزابيليتي رايتس» كامران ماليك، أنّ هذا المشروع «ينطوي على حماسة كبيرة»، نظراً لأنّ ذوي الاحتياجات الخاصة «مستثنون من إنجازات عظيمة يحققها البشر».
ويضيف لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا أردنا بالفعل استكشاف الكون، فعلينا أن نقبل أنه لا ينبغي تخصيصه لمجموعة معيّنة من الأشخاص». ويرحّب بخطوة وكالة الفضاء الأوروبية في العمل مع رواد فضاء لمعرفة احتياجاتهم.
ويقول: «أنا مقعد وأستخدم كرسياً متحركاً، ويكون الوضع أفضل بكثير عندما يسألني الناس ما الذي يناسبني وإلامَ أحتاج، بدل طرح افتراضات في شأن ما يمكن للشخص فعله أو ما يعجز عن القيام به».
ويشير إلى أنه كان يحلم خلال مراهقته بأن يصبح رائد فضاء خلال مشاهدة إطلاق إحدى المركبات الفضائية. ويقول: «بالتأكيد، كانوا يردّون علي سريعاً أنّ الأمر لن يتحقق، وقيل لي «لا تطمح إلى أن تصبح رائد فضاء»... اليوم أنا نادم لأنّني لم أسع وراء حلمي».



الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
TT

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة
«صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

تعود أحداث فيلم «صيفي»، الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات، حيث يأخذ المشاهد في رحلة درامية مشوقة تسلط الضوء على طموح الثراء السريع والتحديات التي تواجهها المجتمعات في تلك الحقبة.

الفيلم، المرشح لجائزة مسابقة الأفلام الطويلة، يحكي قصة رجل أربعيني يُدعى صيفي محمد، الذي يعيش وهم تحقيق ثراء سريع باستخدام مهاراته المحدودة، إلا أنه يجد نفسه محصوراً بين فرقته الشعبية التي تُحيي الأفراح الجماعية، وإدارة متجره الخاص «شريط الكون» الذي يبيع فيه أشرطة كاسيت متنوعة، لا سيما تلك التي تتعلق بالخطب الإسلامية الممنوعة، التي يحصل عليها من المهدي حسام الحارثي، المستشار الديني لرجل الأعمال الشيخ أسعد أمان.

وفي خضم حياة مليئة بالتجارب الفاشلة، يعثر صيفي على شريط يحتوي على تسجيل سري بين الشيخ أسعد والمهدي، يكشف عن فضيحة تضع مكانة الشيخ الاجتماعية على المحك، بعدها يقرر صيفي خوض مغامرة خطيرة لابتزاز المهدي مالياً، مستغلاً سراً يمكن أن يُدمّر حياة الجميع. ومع تسارع الأحداث يضطر صيفي للاختباء في منزل طليقته رابعة، التي تشارك في جلسات تطوير الذات واستشفاء الطاقة، إلى جانب أختها رابية، حينها يجد في علاقتهما المضطربة فرصة للبقاء عندها أطول فترة ممكنة.

مخرج الفيلم وكاتب السيناريو، وائل أبو منصور، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن فكرة الفيلم جاءت من شخصية صيفي التي كانت مثيرة بالنسبة لي، فهو شخص يعيش وهم النجاح ولكنه لا يمتلك الأدوات اللازمة لتحقيق ذلك، وهذا التناقض جذبني لشخصيته، وحاولت أن أقدم شخصية معقدة ترسخ في ذاكرة المشاهد.

وأوضح أبو منصور أن الفيلم يناقش قضايا حساسة مثل الابتزاز والفساد الديني، وهي مواضيع قد تثير الكثير من الجدل، وأضاف: «كان التحدي الأكبر بالنسبة لنا هو الحفاظ على التوازن في طرح هذه القضايا دون الإساءة للمعتقدات أو المجتمع أو الأجيال المختلفة، في المقام الأول، لقد كان من الضروري أن نكون حذرين في تقديم هذه المواضيع، بحيث لا نوجه اتهامات مباشرة أو نظهرها بطريقة يمكن أن تضر بالمجتمع أو تؤذي مشاعر الناس».

وتابع مخرج العمل: «حاولنا أن نعرض هذه القضايا من خلال السياق الدرامي الذي يثير التساؤلات ولا يقدم إجابات قاطعة، بل يحفز المشاهد على التفكير والنقد بشكل مفتوح، كانت هناك حاجة لإيجاد طريقة لتقديم هذه المواضيع بشكل واقعي، مع الحفاظ على احترام الأبعاد الاجتماعية والدينية. لكن الأهم من ذلك هو إيجاد الأسلوب الذي يعكس التعقيد البشري لهذه المواضيع، بدلاً من أن نقدمها بشكل سطحّي أو مسيء».

وفي ختام حديثه يقول أبو منصور إنه حرص على أن يكون «صيفي» متوازناً بين إظهار الحقيقة التي قد تحيط بهذه القضايا، والتأكيد على أن هذا لا يعكس المجتمع ككل، بل يعكس جزءاً من واقعه المعقد، وكان الهدف فتح حوار بنّاء بين الأفراد والمجتمع حول هذه القضايا، بدلاً من استغلالها لأغراض إثارة الجدل أو الهجوم.

تجدر الإشارة إلى أن الفيلم الذي تم تصويره في مدينة جدة الساحلية مطلع عام 2023، واستغرق العمل عليه 28 يوماً، روعي فيه اختيار مواقع تصوير تعكس تلك الحقبة الزمنية لتجنب إرباك المشاهد؛ حيث تم اختيار أحياء ومواقع قديمة من المدينة، ومنها حي الرويس وحي البغدادية العتيقة لتكون ساحات لتصوير مشاهد الفيلم».