نقاش في فرنسا حول مستقبل قواعدها العسكرية في أفريقيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً إلى القوات الفرنسية في قاعدة طولون العسكرية جنوب فرنسا في 9 نوفمبر الحالي منهياً عملية برخان (Le Monde)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً إلى القوات الفرنسية في قاعدة طولون العسكرية جنوب فرنسا في 9 نوفمبر الحالي منهياً عملية برخان (Le Monde)
TT

نقاش في فرنسا حول مستقبل قواعدها العسكرية في أفريقيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً إلى القوات الفرنسية في قاعدة طولون العسكرية جنوب فرنسا في 9 نوفمبر الحالي منهياً عملية برخان (Le Monde)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً إلى القوات الفرنسية في قاعدة طولون العسكرية جنوب فرنسا في 9 نوفمبر الحالي منهياً عملية برخان (Le Monde)

إن مناقشة مسألة الوجود العسكري الفرنسي في أفريقيا باتت أمراً شائعاً في فرنسا. فبعد النهاية ذات الدلالات لعملية برخان في منطقة الساحل الأفريقي، وفق تقرير لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسيّة، باتت فرنسا مستعدة لمراجعة كاملة لوجودها العسكري هناك، حتى لو كان ذلك يعني إغلاق بعض نقاط الدعم العسكري، وفق ما أكدت مصادر داخل الجيش الفرنسي. فمستقبل هذه القواعد العسكرية مطروح على الطاولة، إذا قررت الدول الأفريقية ذلك.
أفاد التقرير أنّه بالإضافة إلى مناطق في النيجر وتشاد وبوركينا فاسو المفتوحة لإجراء عمليات خارجية للجيش الفرنسي لمكافحة الإرهاب، تم نشر الجيش الفرنسي في 4 دول أخرى، هي كوت ديفوار (ساحل العاج) نحو 900 جندي، السنغال، نحو 350 جندياً، الغابون، نحو 350 جندياً، وجيبوتي، نحو 1500 جندي. وتشكل هذه القواعد شبكة أساسية للحفاظ على مصالح فرنسا ومواطنيها. ففي حال خسرت فرنسا هذا الوجود، تخاطر بشدة بتقييد قدرات التدخل الفرنسي، خاصة في حالة الإخلاء الطبي.
وأشار التقرير إلى أنّ السجل المتناقض لعملية برخان، الذي يدعي نجاحات عسكرية، لكنه يشير إلى فشل سياسي، أقنع أخيراً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمراجعة الاستراتيجية الوطنية تجاه منطقة الساحل. فخلال خطابه في مدينة طولون حول المراجعة الاستراتيجية الوطنية في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أعلن الرئيس ماكرون «مرحلة من التبادلات مع شركائنا الأفارقة وحلفائنا والمنظمات الإقليمية لتطوير وضع وشكل ومهام القواعد العسكرية الفرنسية الحالية في منطقة الساحل وغرب أفريقيا»، معلناً بالتالي نهاية عملية برخان التي تقودها بلاده لمكافحة التمرد في الساحل الأفريقي منذ العام 2014.
تريد فرنسا، وفق التقرير، الحفاظ على وجودها في أفريقيا، عبر اقتراح شراكات تستند إلى طلبات صريحة. سيتمكن الجيش الفرنسي عندئذ من لعب دور التدريب أو المشورة أو الدعم لمن يطلبونه.

على الجيش التكيف

هذا الجدل في فرنسا حول إغلاق القواعد العسكرية الفرنسية ليس جديداً تماماً. ففي السابق، كان الدافع وراء هذا الجدل هو القلق بشأن كلفتها على الميزانية.
فبحسب مصدر عسكري، كانت هيئة الأركان العامة الفرنسية تشعر لأشهر عدّة بالقلق من أن تتحول هذه المعسكرات إلى أهداف في حالة تصاعد المشاعر المعادية للفرنسيين في أماكن وجود الجيش الفرنسي في أفريقيا. ويُخشى دائماً من حمّى عدائيّة ضدّ الوجود الفرنسي، تغذيها تلاعبات من روسيا أو الصين أو تركيا. فروسيا تعمل في أفريقيا عبر مرتزقة مجموعة فاغنر، الكامنة في بوركينا فاسو، كما في تشاد. ومع ذلك، من الصعب تقدير حجم هذا التهديد، لأن جهود المجموعة العسكرية أحبطتها نكسات موسكو في أوكرانيا. مهما يكن الأمر، يريد الجيش الفرنسي تجنب مواجهة الأمر الواقع والمغادرة القسرية.
وأضاف التقرير أنّ القيادة الفرنسية تخشى كذلك حركة الحشد ضد فرنسا التي خرجت عن السيطرة. إذ شهد يوم السبت مظاهرات معادية لفرنسا أمام السفارة الفرنسية في واغادوغو، عاصمة بوركينا فاسو، ثم أمام معسكر كامبوينسين (في بوركينا فاسو أيضاً) الذي يضم جنود القوات الخاصة الفرنسية من فرقة «سابر». وقد ذكر وزير القوات المسلحة، سيباستيان ليكورنو، الأحد، في مقابلة، فرضية رحيل فرقة «سابر» الفرنسية. ففي باريس، لا أحد يؤمن باستمرارية المجلس العسكري الذي تولى السلطة في بوركينا فاسو.
ويقول رئيس أركان الدفاع الجنرال بوركار، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الفرنسي، في أكتوبر (تشرين الأول) الفائت: «إن استعادة القلوب والعقول (في أفريقيا) تتطلب جهداً منسقاً بين الوزارات، ولكن أيضاً بلا شك من خلال ظهور أقل للجيوش الفرنسية (في الأراضي الأفريقية حيث توجد)».
في النيجر، اختارت فرنسا أن تنخرط في العمليات العسكرية الوطنية. تعتبر باريس الآن التعاون مع نيامي نموذجياً. وفي تشاد، ضاعفت القيادة العسكرية الفرنسيّة دعواتها للصحافيين والبرلمانيين المحليين لزيارة القاعدة.
ورغم أنّ جيبوتي الواقعة في منطقة القرن الأفريقي لا تطالها نقاشات الوجود العسكري الفرنسي في أفريقيا، فإنّ العلاقات بين فرنسا ومستعمرتها السابقة في أدنى مستوياتها، بحسب التقرير؛ حيث من المقرر مراجعة اتفاقية الدفاع التي تربط البلدين في عام 2023.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.