خبراء يرون ضرورة تغيير المعالجة الخاطئة للحرب في أوكرانيا

يقولون إن المصالح الوطنية لأوكرانيا ليست مطابقة لمصالح داعميها

دفعت الحرب واشنطن وحلفاءها الغربيين إلى اتخاذ قرارات صعبة ومقايضات لا مفر منها (رويترز)
دفعت الحرب واشنطن وحلفاءها الغربيين إلى اتخاذ قرارات صعبة ومقايضات لا مفر منها (رويترز)
TT

خبراء يرون ضرورة تغيير المعالجة الخاطئة للحرب في أوكرانيا

دفعت الحرب واشنطن وحلفاءها الغربيين إلى اتخاذ قرارات صعبة ومقايضات لا مفر منها (رويترز)
دفعت الحرب واشنطن وحلفاءها الغربيين إلى اتخاذ قرارات صعبة ومقايضات لا مفر منها (رويترز)

تطرح الأسئلة المحيطة بالسياسة الأميركية إزاء الحرب الروسية الأوكرانية أسباباً متعددة للنقاش. فقد دفعت الحرب واشنطن وحلفاءها الغربيين إلى اتخاذ قرارات صعبة ومقايضات لا مفر منها، حسبما يرى المحلل الأكاديمي الأميركي الدكتور بول بيلار.
ويضيف أنه يتعين أن تقترن الرغبة الجديرة بالثناء لدعم مقاومة أوكرانيا بإدراك أن مصالحها الوطنية ليست مطابقة لمصالح داعميها. ويجب أن تتم موازنة مبدأ عدم السماح بمكافأة العدوان السافر مع خطر التصعيد إلى حرب أوسع نطاقاً.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن مساعدة أوكرانيا تنطوي على مقايضات للموارد، وقد يتعارض إبقاء الدول في تجمع مناهض لروسيا مع أشياء أخرى تريدها الولايات المتحدة من البلدان المعنية.
وقال بيلار، الذي خدم طوال 28 عاماً في أجهزة المخابرات الأميركية، في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست الأميركية»، إنه على الرغم من أن أي سياسة تتعلق بهذا الأمر ستوفر للمعلقين شيئاً لمعارضته، فإن أي سياسة ستكون سليمة إذا كانت قائمة على أساس نقاش عام يوظف مفاهيم واضحة وصحيحة للارتباط بين العمليات العسكرية والدبلوماسية في الحرب.
وفي هذا المجال، أظهر النقاش في الولايات المتحدة حول الحرب الروسية الأوكرانية كثيراً من أوجه القصور المتكررة مع تطوره على مدى الأشهر التسعة الماضية.
وأوضح بيلار أن من أوجه القصور في النقاش حول الحرب، المبالغة في رد الفعل تجاه التطورات قصيرة المدى، والمثال على ذلك هو التاريخ البائس لرسالة مفتوحة من 30 عضواً تقدمياً في الكونغرس الأميركي يحثون فيها على إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب. وتم الحصول على معظم توقيعات المؤيدين خلال الصيف إلا أنه لم يتم الكشف عن الرسالة حتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وقد أثارت الرسالة سريعاً ردود فعل سلبية، فقال بعض المشرعين، الذين وقعوا عليها بالفعل، إنهم لن يستمروا في دعمها بعد الكشف عنها. لقد كانت النقاط التي شملتها الرسالة صحيحة وقائمة، كما كانت وقت التوقيع عليها، ولكن الأمر الذي تغير هو أن القوات الأوكرانية حققت انتصارات مثيرة للإعجاب في تلك الفترة، خاصة استعادة أراضٍ في خاركيف أوبلاست.
وبالطبع، كانت المواقف الدبلوماسية بشأن إنهاء الحروب تعكس دائماً نتائج أرض المعركة، ولكن هذا النوع من رد الفعل على هجوم ناجح هو نهج قصير المدى في التعامل مع مشكلة طويلة المدى. إن نجاح واستقرار أي اتفاقية سلام تنهي الحرب في أوكرانيا سيعتمدان على درجة حلها للقضايا طويلة المدى، بما في ذلك القضايا التي دفعت روسيا في الأساس إلى اتخاذ قرار شن الحرب.
ويرى بيلار أن مجرى سير الحروب، بما في ذلك الحرب الحالية، يمكن أن يتغير بسرعة أسرع من إمكانية إتمام مفاوضات السلام. ويظهر الكثير من الحروب ديناميكية عسكرية متغيرة، فبعد نجاح أحد الأطراف في أرض المعركة تأتي عليه فترة يصعب عليه فيها بدرجة أكبر، لأسباب مثل خطوط الإمداد الطويلة أو تعزيز العدو لدفاعاته، تحقيق مزيد من الانتصارات. وهذا هو وضع القوات الأوكرانية اليوم بعد استعادة مدينة خيرسون.
وأكد أنه كتذكير لمجرى سير الحرب سريع التغير، في الأيام الأولى للحرب، يشار إلى أنه عندما وصلت القوات الروسية الغازية على بعد أميال من كييف، انتشر بشكل واسع افتراض أن روسيا ستستولي سريعاً على أوكرانيا، وكان أحد ردود الفعل الغربية هو عرض تقديم المساعدة في إجلاء الرئيس فولوديمير زيلينسكي وحكومته من العاصمة الأوكرانية. وبالتأكيد التعامل مع تلك التطورات العسكرية قصيرة المدى كان من المؤكد سيكون خطأ.
ومن أوجه القصور في التعامل مع الحرب أيضاً، تقليص كل شيء إلى بعد واحد فقط من الأبعاد، حيث يحاول كثير من النقاش تبسيط القضايا إلى مجرد السؤال الذي يبدو بسيطاً بشأن ما إذا كان المرء مع أو ضد الدعم الثابت لزيلينسكي وحكومته والأوكرانيين الذين يسعون لاستعادة السيطرة على وطنهم.
وقال بيلار إنه لا يمكن تقليص الجوانب المتنوعة السياسية والدبلوماسية والمالية والعسكرية للسياسة تجاه الحرب في أوكرانيا في بعد واحد أو موقف واحد. إذ لا يوجد أي تناقض في الدعوة إلى دبلوماسية نشطة تهدف إلى التوصل إلى تسوية سلمية، مع الاستمرار في تقديم مساعدات مادية قوية لأوكرانيا. وفي الواقع، من المنطقي النظر إلى هذه المساعدة على أنها تهدف في الأساس إلى تعزيز الموقف التفاوضي للجانب الأوكراني في أي مفاوضات سلام. وبالعكس، سيكون الأمر متسقاً منطقياً، وإن لم يكن بالضرورة أفضل سياسة، أن يتم الجمع بين معارضة إجراء مفاوضات سلام الآن مع خفض الدعم المادي لأوكرانيا، على افتراض أنه يجب الحفاظ على الموارد من أجل مجهود حربي طويل المدى.
واعتبر بيلار أنه أيضاً من أوجه القصور في النقاش الخاص بالحرب عدم الاهتمام الكافي بمصالح الطرف الآخر، قائلاً إنه ليس من المستغرب أن يركز المعلقون على جانبهم في الحرب أو الجانب الذي يؤيدونه. بالطبع سيكون من اللائق أن يتم التفاوض من أجل إنهاء الحرب عندما يكون مجرى سير الحرب على أرض المعركة لصالح من لهم الحق، ويمكن توقع تسوية سلمية تعكس هذا الوضع. ولكن العدو يرغب في نفس الشيء لنفسه، ورغبة الجانبين في ذلك هي في الواقع وصفة لعدم إجراء مفاوضات سلام، ولاستمرار الحرب إلى ما لا نهاية.
وقال إن تأخير المفاوضات على أمل تحقيق نجاحات عسكرية مستمرة لا يشكل فقط خطأ في افتراض أن الأداء السابق سيمتد إلى المستقبل، وإنما يعد فشلاً أيضاً في إدراك أن العدو له نفس الحق في اختيار وقت وشروط بدء المفاوضات. إن مفاوضات السلام تبدأ على الأرجح وتنجح، ليس عندما تسير الحرب بشكل جيد لصالح أحد الطرفين، ولكن عندما تكون هناك حالة جمود مؤلمة للطرفين.
وأشار بيلار إلى آخر أوجه القصور في رأيه، وهو وهم تحقيق الانتصار، مؤكداً أن الحرب الروسية الأوكرانية لن تنتهي بأي شيء يمكن وصفه بشكل شرعي بأنه انتصار لطرف أو للطرف الآخر، على الرغم من الاستمرار في استخدام هذا المفهوم حتى المصطلح.
لقد أثبتت روسيا بالفعل أن النصر لا يمكن تحقيقه. ومن غير الواقعي توقع أن أوكرانيا ستتمكن من السيطرة على كل ما كانت تملك من أراضٍ قبل عام 2014 من خلال الوسائل العسكرية، وستكون النتيجة الوحيدة التي لا يمكن إنكار وصفها بأنها انتصار لكييف. ويقول بيلار إن كل الحروب تقريباً تنتهي بالتوصل إلى صفقة من نوع ما، أحياناً بشكل ضمني، ولكن من خلال مفاوضات صريحة في كثير من الأحيان وهو ما يكون أفضل. حتى النتائج التي توصف بأنها «انتصار» تنطوي دائماً على مثل هذه الصفقة. والاستسلام «غير المشروط» لا يكون حقاً غير مشروط. فعندما وقّعت اليابان اتفاقية استسلام في عام 1945، كانت الصفقة هي أن احتلال الولايات المتحدة لليابان سيكون احتلالاً معتدلاً مقابل أن تتوقف اليابان عن المقاومة المسلحة. واختتم بيلار تحليله بالقول إن الاستثناءين الوحيدين لهذا الوضع هما عندما تتم إبادة أحد الطرفين تماماً أو عندما ينسحب أحد الطرفين تماماً بشكل أحادي من منطقة متنازع عليها. ومن الواضح أن الاستثناء الأول لن يحدث في أوكرانيا، ومن غير الواقعي توقع أن يقوم بوتين بالاستثناء الثاني، وهو الانسحاب.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».