الاصطناع... حيل تقنية في خدمة «الأغراض السياسية»

مفبركان روسيان انتحلا صفة ماكرون... و«الإخوان» متهم دائم في مصر

الرئيس البولندي أندريه دودا أحدث ضحية للاصطناع السياسي (أ.ب)
الرئيس البولندي أندريه دودا أحدث ضحية للاصطناع السياسي (أ.ب)
TT

الاصطناع... حيل تقنية في خدمة «الأغراض السياسية»

الرئيس البولندي أندريه دودا أحدث ضحية للاصطناع السياسي (أ.ب)
الرئيس البولندي أندريه دودا أحدث ضحية للاصطناع السياسي (أ.ب)

بينما تتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي والاتصالي على نحو متسارع بحثاً عن مستقبل أسهل، يلجأ مستخدمون لاستغلالها لتزييف الحقائق ونشر المعلومات المضللة بوتيرة يصعب الحد من آثارها، غير أن الفترة الأخيرة شهدت نمواً في ظاهرة استغلال حيل الاصطناع في «الأغراض السياسية».
وفي مصر، جاءت أحدث الوقائع التي تتعلق باصطناع أو «فبركة» الفيديوهات، في ضوء ما كشفت عنه وزارة الداخلية المصرية، في بيان صحافي (الأربعاء) وكان يشير إلى أن مقطع فيديو كان قد نُشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر خلاله أحد الأشخاص مدعياً «حدوث هجوم على إحدى الجامعات بمحافظة شمال سيناء».
وأكدت الوزارة أن المقطع «مفبرك بالكامل، وأنه لا يتعدى أن يكون مشهداً تمثيلياً نُفذ بتقنيات تظهره حقيقياً»، معلنة «تحديد هوية المتهم».
وبسبب حساسية وضع شمال سيناء التي عانت سابقاً من هجمات إرهابية دامية، وتراجعت فيها أخيراً إلى نحو كبير تلك العمليات، فإن الاهتمام بذلك «الفيديو المفبرك» كان كبيراً، ودائماً ما وجهت السلطات المصرية اتهامات لـ«تنظيم الإخوان» الذي تصنفه «إرهابياً» بالمسؤولية عن مقاطع وصور مفبركة.
ولم تكن مصر وحدها هي التي سجلت وقائع اصطناع لأغراض سياسية، إذ حين نُشر مقطع صوتي، قبل أيام يُظهر الرئيس البولندي أندريه دودا متحدثاً إلى نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حول سقوط على الحدود البولندية، غير أن مخادعين روسيين كشفا أنهما وراء هذه المكالمة التي لم يكن «ماكرون» طرفاً فيها من الأساس، بينما تم خداع «دودا» باستخدام تقنية مكنت الروسيين فلاديمير كوزنيتسوف وأليكسي ستولياروف من التحدث بصوت يشابه الرئيس الفرنسي لمدة سبع دقائق ونصف الدقيقة.
ومرة أخرى عاد الاستغلال السياسي للاصطناع، إذ بث الروسيان، اللذان تنخرط بلادهما في نزاع مع دول الغرب عبر أوكرانيا ونُسب إليها في البداية المسؤولية عن إطلاق الصاروخ على بولندا، تفاصيل الاتصال الهاتفي على منصة الفيديوهات الروسية «رو تيوب».
الحرب الروسية - الأوكرانية، كانت أيضاً ساحة لاصطناع آخر، عبر مقاطع مصورة راجت في مارس (آذار) الماضي، عندما تصدر وسم «باريس تحت القصف الروسي» الذي لقي رواجاً على خلفية فيديو، كان قد تم نشره عبر الحساب الرسمي الناطق للبرلمان الأوكراني على «تويتر»، ويصور وكأن برج «إيفل» تعرض لقصف روسي، وكشفت وكالة الصحافة الفرنسية لاحقاً أنه «مفبرك بتقنيات بدائية» والغرض منه دعائي للضغط على الرأي العام الأوروبي.
وحتى قبل اندلاع الحرب، كانت التقنيات الذكية حاضرة، ففي فبراير (شباط) 2022، اتهمت وزارة الدفاع الأميركية روسيا بالتخطيط لتصوير هجوم أوكراني «مفبرك» يستهدف الروس، كتبرير استباقي لقصف كييف.
غير أن الضربة الأقوى عبر «Deepfake» أو التزييف العميق ظهرت في مارس الماضي، عبر مقطع يُظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهو يدعو شعبه إلى الاستسلام، وتسليم أسلحتهم في مواجهة الجيش الروسي. وحسب «دويتش فيله» استخدم القائمون على الفيديو منصة رئاسية شبيهة لما كان يظهر أمامها الرئيس الأوكراني منذ اندلاع الأزمة وباحترافية متطورة.
ويرى رامي المليجي، المستشار المصري في الإعلام الرقمي، أن تقنيات التلاعب باتت رائجة على نحو يثير القلق، ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «سواء باستخدام الذكاء الاصطناعي، أو ربما بتقنيات أقل احترافية، يمكن لهذا الاتجاه أن يعزز المخاوف من عواقب الترويج للمعلومات المضللة على المستويين المحلي والدولي». ويشير إلى خطورة ذلك في التأثير على الرأي العام، مُدللاً: «التفجير الذي وقع في إسطنبول تعرض لكثير من الفبركة، ومع تسارع وسائل الإعلام على تغطية الحدث، وقعت في خطأ تداولها».
وعن أدوات التحقق من مصداقية المعلومات وأشكالها المتعددة، يقول «المليجي»: «ثمة أدوات تقنية أيضاً وفرتها التكنولوجيا لمجابهة المعلومات الزائفة، وعلى وسائل الإعلام أن توفرها لفريق العمل». كذلك «وكالات الأنباء العالمية لديها فريق متخصص للتحقق من المعلومات من خلال الاتصال المباشر بالمصادر، غير أن الصحافة الرقمية وسرعة تناقل الخبر ربما تحول دون الالتزام بالمعايير المهنية».
وهو ما يؤكد عليه، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي، محمد فتحي، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «التلاعب بالمحتوى سمة بدأت في الانتشار مؤخراً لتحقيق عدد من الفوائد، وهناك من يحترف استخدامها لتحقيق أغراض تجارية أو سياسية أو ضمن حملات ممنهجة وخلال السنوات القادمة سيتم التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي داخل صناعة الإعلام سواء من المؤسسات أو الأفراد أو نطاق المتداخلين معها، ومن بين أسوأ استخدامات الذكاء الاصطناعي هي القدرة على التزييف».
ويحمل «فتحي» المؤسسات الصحافية مسؤولية مباشرة ويقول: «يجب على المحرر البحث عن القصة نفسها من مصادر مختلفة لكنها جديرة بالثقة على شبكة الإنترنت للوصول إلى الحقيقة، وفي حالة الشك في مقطع صوتي أو صورة أو مقطع مصور، يجب إدخال هذا الجزء في محركات البحث المتخصصة في البحث بالصور أو الفيديو ثم البحث عن نسخة أخرى مشابهة بعد ذلك يمكن المقارنة بين النسختين».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.