مساعٍ لتطويق النقاط الخلافية حول قانون الحرس الوطني.. والتلويح بإعادته إلى الحكومة

رئيس البرلمان العراقي: هناك قضايا مفصلية تحول دون إقراره

مساعٍ لتطويق النقاط الخلافية حول قانون الحرس الوطني.. والتلويح بإعادته إلى الحكومة
TT

مساعٍ لتطويق النقاط الخلافية حول قانون الحرس الوطني.. والتلويح بإعادته إلى الحكومة

مساعٍ لتطويق النقاط الخلافية حول قانون الحرس الوطني.. والتلويح بإعادته إلى الحكومة

في الوقت الذي نجح فيه البرلمان العراقي خلال جلسته أمس في الانتهاء من القراءة الأولى لقانون العفو العام المثير للجدل، فإنه فشل في تطويق النقاط الخلافية التي برزت خلال القراءة الثانية لقانون الحرس الوطني.
وكان رئيس البرلمان سليم الجبوري دعا خلال اجتماع له مع رؤساء الكتل السياسية وأعضاء لجنة الأمن والدفاع لمناقشة القانون، مشيرًا إلى أن «هناك قضايا مفصلية تحول دون إقرار القانون والتوافق عليه، ومبينًا أن «على جميع الكتل السياسية التوصل إلى حلول ترضي جميع الكتل من أجل المضي بإقراره».
ودعا الجبوري الكتل السياسية إلى «تقديم مقترحاتها بشأن قانون الحرس الوطني، وكذلك إبداء وجهات نظرها بما يجعل القانون ضامنًا لتحقيق التوافق والتوازن». ولوح الجبوري بأنه في حال عدم الاتفاق على مشروع القانون «فستتم إعادته إلى الحكومة من أجل إعداده وتأهيله بشكل أفضل»، لافتا إلى أن «هناك مطالب من قبل بعض الأطراف السياسية بتأجيل مشروع القانون لستة أشهر والتركيز على المؤسسة الأمنية ودعمها لتكون هي الخيار الوحيد في الدفاع عن العراق».
إلى ذلك، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية شاخوان عبد الله أن «هناك أكثر من 10 مواد خلافية في قانون الحرس الوطني أبرزها مطالب تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية الأكبر في البرلمان) بربط الحرس الوطني بالمحافظين ولكن تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة».
يذكر أن قانون الحرس الوطني أحد أهم القضايا التي تم تشكيل الحكومة الحالية بموجبها ومنها قوانين العفو العام والمساءلة والعدالة والأحزاب والمحكمة الاتحادية بالإضافة إلى إنجاز المصالحة الوطنية الشاملة وهي الشواغل الرئيسية للعرب السنة في العراق.
وفي هذا السياق، أكد محمد الكربولي، رئيس كتلة الحل البرلمانية المنضوية في تحالف القوى العراقية، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن التحالف «يرى ضرورة إقرار قانون الحرس الوطني لتكريم جهود المقاتلين والمتطوعين من أبناء الحشد والعشائر المقاتلة وضمان حقوقهم». وأضاف أنه يتعين «التعامل بين جميع الكتل السياسية بإيجابية مع مشروع قانون العفو العام أيضا بعيدا عن المزايدات السياسية والإعلامية، والسعي لرسم الفرحة على وجوه العراقيين من النساء والأطفال وتسهيل إطلاق سراح معتقليهم تزامنا مع عيد الفطر المبارك». وأكد على أهمية «حث جميع القوى السياسية على جعل السنة التشريعية الثانية أكثر إنتاجا من سابقتها، والتعاون بإنضاج وتشريع القوانين المهمة المنظمة لحياة المواطنين وبناء الدولة المدنية».
بدورها، أكدت ميسون الدملوجي، عضو البرلمان عن ائتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي، أن «المطلوب من الحكومة الإسراع في تنفيذ برنامج المصالحة الوطنية والتي تكون من خلال تنفيذ ورقة الإصلاح التي دخلت في البرنامج الحكومي ومنها مشاريع القوانين الهامة مثل الحرس الوطني والعفو العام وغيرها». وطالبت ميسون الدملوجي الحكومة بأن «تكون جادة في تعديل قوانين مثل المساءلة والعدالة وقانون الإرهاب / الفقرة الرابعة لأنها إذا شرعت ستعود بفائدة كبيرة في عملية المصالحة الوطنية وإذا لم يتحقق هذا الشيء ستبقى هذه المصالحة عبارة عن شعارات ترفع لمواد ليس فيها ثمار».
من جهته، أكد حامد المطلك، عضو البرلمان عن محافظة الأنبار، لـ«الشرق الأوسط» أنه «لو كان لدينا تجنيد إلزامي لما احتجنا إلى كل هذه التسميات مثل الحرس الوطني وغيرها». ودعا المطلك الكتل السياسية إلى «التفكير بجدية من أجل إعادة العمل بالتجنيد الإلزامي الذي من شأنه بناء جيش عراقي قوي تذوب فيه كل الفوارق العرقية والمذهبية والمناطقية والطبقية»، مشيرًا إلى أنه «لم يتم من الناحية العملية التوصل إلى اتفاق بشأن قانون الحرس الوطني وبقيت الخلافات ووجهات النظر متقاطعة وهي أمور مؤسفة»، مبينًا «أننا مع إقرار القانون وهناك أغلبية كبيرة تؤيده هو والمصالحة الوطنية، ولكن لو كان جيشنا مبنيًا على أسس صحيحة ودخل فيه التجنيد الإلزامي لكانت المؤسسة العسكرية قوية ومهنية وتشمل جميع أطياف الشعب العراقي، وما كنا لنحتاج إلى هذه المسميات، ولكن البناء الركيك للجيش جعلنا اليوم نبحث عن بديل ثانٍ ومسميات أخرى».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم