زياش «العائد» يقود طموحات المغرب أمام كرواتيا... واختبار كندي لبلجيكا

الجولة الأولى للمونديال القطري تتواصل اليوم بمواجهتين ضمن منافسات المجموعة السادسة

لاعبو المغرب وطموح كبير في تحقيق نتيجة إيجابية أمام كرواتيا (رويترز)
لاعبو المغرب وطموح كبير في تحقيق نتيجة إيجابية أمام كرواتيا (رويترز)
TT
20

زياش «العائد» يقود طموحات المغرب أمام كرواتيا... واختبار كندي لبلجيكا

لاعبو المغرب وطموح كبير في تحقيق نتيجة إيجابية أمام كرواتيا (رويترز)
لاعبو المغرب وطموح كبير في تحقيق نتيجة إيجابية أمام كرواتيا (رويترز)

تستهل كلٌ من كرواتيا وصيفة بطلة النسخة الأخيرة وبلجيكا الثالثة مشوارها باختبار صعب أمام المغرب وكندا توالياً اليوم في الجولة الأولى من منافسات المجموعة السادسة لمونديال قطر لكرة القدم.
وفجر المنتخبان الكرواتي والبلجيكي مفاجأة من العيار الثقيل في مونديال روسيا 2018، فكانا قاب قوسين أو أدنى من اللقب الأول في تاريخهما، إذ خسر الأول المباراة النهائية أمام فرنسا التي أطاحت ببلجيكا من نصف النهائي.
مشاركتهما في المونديال القطري ستكون بطموح تكرار إنجاز عام 2018 على الأقل بالنظر إلى تشكيلتيهما الزاخرتين بالنجوم، فهناك على سبيل المثال لا الحصر صانعا ألعاب ريال مدريد الإسباني وكرواتيا المخضرم لوكا مودريتش (37 عاماً) ومانشستر سيتي الإنجليزي وبلجيكا كيفن دي بروين.
على الورق، يبدوان مرشحين بقوة لانتزاع بطاقتي المجموعة السادسة وسيسعيان إلى تأكيد ذلك اعتباراً من مواجهتي اليوم وكذلك الجولة الثانية، عندما يتبادلان مواجهة المغرب وكندا قبل أن يلتقيا في الثالثة الأخيرة.

مودريتش نجم كرواتيا وقائدها (يمين) بين زملائه خلال التدريبات استعداداً لموقعة المغرب (رويترز)

لكن المنتخبين الأوروبيين يدركان جيداً أن المهمة لن تكون سهلة أمام خصمين عنيدين يحدوهما الأمل في تخطي الدور الأول والتأكيد على أن بلوغهما النهائيات لم يكن من قبيل المصادفة.
المغرب ـ كرواتيا
ستكون المواجهة الرسمية الأولى بين المغرب وكرواتيا والثانية في تاريخ مواجهاتهما بعد الأولى في دورة الحسن الثاني الدولية عام 1998، استعداداً للمونديال الفرنسي الذي أنهاه برازيليو أوروبا في المركز الثالث.
وحذر مدرب كرواتيا زلاتكو داليتش لاعبيه من الاستهانة بالمنافسين مؤكداً أنه «لا يوجد خصم سهل، مجموعة سهلة، هذه بطولة العالم، أثق بفريقي وهدفنا التأهل عن المجموعة». وأضاف: «يجب أن ننسى الماضي، وعدم الوقوع في فخ التفكير بما حصل قبل أربع سنوات».
وتعول كرواتيا على قائدها مودريتش (37 عاماً) أفضل لاعب في العالم عام 2018 والذي سيخوض العرس العالمي الأخير في مسيرته الاحترافية، إلى جانب المخضرمين الآخرين لاعب وسط إنتر ميلان الإيطالي مارسيلو بروزوفيتش وجناح توتنهام الإنجليزي إيفان بيريسيتش، والأخيران سيواجهان زميلهما السابق في النادي الإيطالي أشرف حكيمي.

دي بروين يأمل قيادة الجيل الذهبي لبلجيكا إلى إنجاز (أ.ف.ب)

وخرجت كرواتيا من قائمة الفرق الخمسة الأولى المرشحة للمنافسة على اللقب، وهو الأمر الذي يراه المهاجم أندريه كراماريتش نقطة إيجابية ترفع الضغوط عن الفريق وقال: ««سيكون الأمر صعباً لكنه أيضاً جيد لأننا لا نتعرض للكثير من الضغوط بسبب الأشياء الرائعة التي قمنا بها في روسيا. لكننا لا نزال نتمنى ونتطلع لتحقيق المزيد من الإنجازات».
وتأهل المنتخب الكرواتي للنهائيات بعد فوزه بصدارة مجموعته في التصفيات التي لم يتعرض فيها إلا لخساره واحدة والتي كانت في مباراته الافتتاحية خارج ملعبه أمام سلوفينيا في مارس 2021.
كما تصدرت كرواتيا مجموعتها في دوري الأمم الأوروبية متقدمة على فرنسا بطلة العالم والدنمارك والنمسا وهي تدخل النهائيات العالمية بعد مسيرة انتصارات توجت بالفوز 1 - صفر على السعودية ودياً.
ورغم أن تشكيلة كرواتيا خسرت بعض الأسماء الكبيرة التي شاركت في نسخة 2018 في روسيا مثل المهاجم ماريو مانزوكيتش ولاعب الوسط إيفان راكيتيتش فإن الفريق لا يعاني نقصاً في المواهب خصوصاً في خط الوسط.
وكان حكيمي مدافع باريس سان جيرمان الفرنسي حالياً، قد تفاعل مع نتائج القرعة بنشر تغريدة مرفقة بصورة له مع كل من بيريسيتش والبلجيكي روميلو لوكاكو معلقاً: «أراكم قريباً».
وشدد مدرب المنتخب المغربي وليد الركراكي على ضرورة التركيز على المباراة الأولى في مشوار الفريق وقال: «إنها الأهم. هي الأولى لنا في المونديال ويجب أن نكون في قمة تركيزنا من أجل تحقيق نتيجة جيدة تعزز حظوظنا من أجل تخطي الدور الأول».
وأضاف: «سنلعب في مجموعة معقدة وصعبة. لدينا فريق جيد والروح المعنوية عالية ولاعبونا جيدون، ونحن نأمل أن ننجز شيئاً».ويخوض المغرب المباراة بصفوف مكتملة باستثناء غياب زكرياء أبو خلال (تولوز) وإلياس شاعر (كوينز بارك رينجرز الإنجليزي) بسبب الإصابة.
وأكد طبيب المنتخب عبد الرزاق هيفتي أن أبو خلال سيكون جاهزاً لخوض المباراة الثانية، فيما سيتم اتخاذ قرار بخصوص شاعر لاحقاً وتعافى سليم أملاح (ستاندرليج البلجيكي) من إصابة طفيفة.
وستتركز الأنظار على حكيم زياش الذي قامت الدنيا ولم تقعد في المغرب عقب استبعاده من تشكيلة منتخب «أسود الأطلس» في أمم أفريقيا الأخيرة بسبب جفاء مع المدرب السابق البوسني وحيد خليلودزيتش، وربما كان هذا سبباً رئيسياً في إقالة الأخير من منصبه.
وبعد ضغوط جماهيرية كبيرة، عاد نجم تشيلسي الإنجليزي لتشكيلة المدرب الركراكي وسيكون أحد أسلحته البارزة في المونديال القطري.
وأجرى الركراكي الكثير من الحوارات مع حكيم الذي أعلن اعتزاله اللعب دولياً بسبب خلافه مع المدرب البوسني وأوضح: «أخبرني بما لم يكن يعجبه في فترة الجفاء مع خليلودزيتش والأسباب الكامنة وراء ذلك، وأخبرته بالأخطاء التي ارتكبها هو كذلك... لم أعده بأي شيء، ما عدا أني أخبرته بأنني أعول عليه، وهذه حقيقة، أريده أن يكون في أفضل مستوياته».
أكد الركراكي أن نجم تشيلسي يستحق التواجد في مونديال قطر، لامتلاكه طاقة إيجابية وقال: «حكيم زياش عاد للمنتخب المغربي لأنه يستحق ذلك، اللاعب يملك طاقة إيجابية، هو يعرفني كيف أعمل وأنا أعرفه أكثر وأعرف طريقة تفكيره، عندما ترى كيف يلعب تقول مع نفسك من الصعب ألا يتواجد في كأس العالم».
ويعاني زياش (29 عاماً) الأمرّين في صفوف فريقه اللندني هذا الموسم، سواء مع المدرب السابق الألماني توماس توخيل المقال من منصبه أو خليفته الحالي غراهام بوتر، لكن ذلك لا يقلق مدربه بالمنتخب الذي أوضح: «أؤمن بإمكاناته وتجربته كواحد من اللاعبين الأساسيين، إنه لاعب كبير ويشتغل بجد، ويستحق أن يكون معنا في قطر.
وأردف قائلاً: «زياش لديه رجل يُسرى قوية ويشتغل مع الفريق بشكل جيد، وأتمنى أن يقدم إضافة للمنتخب».
بلجيكا في مواجهة كندا
وتستهل بلجيكا مشوارها باختبار لا يخلو من صعوبة أمام كندا، خصوصاً أن مهاجمها وإنتر ميلان روميلو لوكاكو سيغيب عن صفوفها أقلها في مباراتيه الأوليين بسبب الإصابة.
وقرر المدرب الإسباني لبلجيكا روبرتو مارتينيز استدعاء أفضل هداف في تاريخ المنتخب (68 هدفاً في 102 مباراة)، إلى تشكيلة النهائيات رغم الإصابة التي يعاني منها في العضلة الخلفية لفخذه اليسرى. وبعدما لمح دي بروين إلى نهاية حقبة الجيل الحالي، بإقراره أن كأس العالم في قطر ستكون على الأرجح الأخيرة له، يمتلك «الجيل الذهبي» لبلجيكا فرصة أخرى، للتخلي عن سمعته كمتخلف مستمر عن حصد الألقاب في المواعيد الكبرى.
وفي تشكيلة من النجوم تضم إلى جانب دي بروين، الحارس المتألق تيبو كورتوا، والقائد إيدن هازارد والدبابة البشرية المصابة راهناً روميلو لوكاكو، تُصنف بلجيكا كواحدة من المرشحين البارزين في المونديال.
وبالنسبة لمنتخب يُنظر إليه على أنه مرشح محتمل باللقب، لم يكن الخروج من ربع نهائي كأس أوروبا في نسختي 2016 و2020 مجزياً بما فيه الكفاية، ما أدى إلى تصنيف بلجيكا على أنها «ضعيفة الإنجاز». وفي تقييم لاذع لفشل المنتخب بالفوز بأي لقب، شكك المدرب السابق لبلجيكا جورج ليكنز في عقلية منتخب المدرب الإسباني روبرتو مارتينيز قائلاً: «بدون لقب، صعدنا إلى المركز الأول في تصنيف الاتحاد الدولي، لكن هذا المركز لا يعني شيئاً... عندما لا تجرؤ على القيام ببعض الأمور، لن تمتلك شيئاً. هذه العقلية، وإرادة الفوز غير موجودة في مجموعة مارتينيز». وأنهت بلجيكا استعداداتها لمونديال قطر بخسارة مقلقة أمام مصر 1 - 2 الجمعة على ملعب جابر الأحمد في الكويت في مباراة دولية ودية.
وأبدى لاعبو المنتخب البلجيكي انزعاجهم من انتقادات وسائل الإعلام في بلادهم خصوصاً مدافع بوروسيا دورتموند الألماني توما مونييه الذي قال: «لا أفهم لماذا لا نظهر مزيداً من الحماس في بلجيكا تجاه المنتخب الحمر».
وأوضح: «أنتم الصحافيون الرابط الرئيسي بين المنتخب الوطني والجمهور. لذلك عندما تنتقدون وتكررون باستمرار أن كأس العالم ستكون صعبة، فإنها تؤثر على الناس... أشعر بخيبة أمل من سلبية الصحافة البلجيكية».
وتابع: «عندما أقرأ أحياناً وسائل الإعلام الهولندية التي ترى أن منتخب بلادها سيذهب بعيداً في المنافسة، في حين أنني، آسف، أعتقد أنهم يملكون فريقاً رائعاً ومن هنا سيذهبون بعيداً في هذه البطولة... لا أفهم أننا لا نظهر المزيد من الحماس في بلجيكا».
وكان زميله لاعب وسط أتلتيكو مدريد الإسباني أكسل فيتسل قد تحدث بخطاب مشابه حول قلة الحماس لدى مواطنيه الأحد، وقال: «كل هذه السلبية، هذا عار. للناس الحق في إبداء آرائهم ولكني أجد ذلك عاراً رغم كل شيء».
وأضاف: «في عام 2018، قطعنا رحلة استثنائية (بلغنا نصف النهائي)، وكنا جميعاً في القمة فردياً وجماعياً. نريد أن نفعل الشيء نفسه في قطر. المستقبل سيخبرنا».
- كندا تبحث عن مفاجأة - في المقابل، يأمل المدرب الإنجليزي جون هيردمان في قيادة كندا في تحقيق المفاجأة والتأهل إلى الأدوار الاقصائية، وذلك قبل استضافة نهائيات 2026 بمشاركة الولايات المتحدة والمكسيك.
ونجح هيردمان (47 عاماً) في قيادة كندا، متصدرة تصفيات كونكاكاف، إلى كأس العالم للمرة الأولى منذ 1986 عبر بث روح الأخوة لدى اللاعبين، دامجاً بين الموهبة والخبرة ومعيداً الأمل لبلد بأكمله.


مقالات ذات صلة

تصفيات كأس العالم: دبي تجهز الصين لمواجهة الأخضر

رياضة عالمية منتخب الصين يعسكر في دبي من أجل التأقلم مع الأجواء في المنطقة (رويترز)

تصفيات كأس العالم: دبي تجهز الصين لمواجهة الأخضر

يقيم منتخب الصين لكرة القدم معسكراً تحضيراً في مدينة دبي الإماراتية في بداية الأسبوع الحالي استعداداً لمواجهة المنتخب السعودي في تصفيات كأس العالم 2026.

نواف العقيّل (الرياض)
رياضة سعودية قائمة المنتخب الأخضر المستدعاة لمواجهتي الصين واليابان (المنتخب السعودي)

رينارد يستدعي آل سالم لتشكيلة السعودية لمواجهتي الصين واليابان

أعلن إيرفي رينارد، المدير الفني للمنتخب السعودي عن قائمة الأخضر، الاستعداد لخوض الجولتين السابعة والثامنة أمام الصين واليابان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عربية خيسوس كاساس (رويترز)

17 محترفاً في تشكيلة العراق لمباراتي الكويت وفلسطين

شهدت قائمة المنتخب العراقي لكرة القدم التي استدعاها المدرب الإسباني خيسوس كاساس، الأربعاء، وجود 17 لاعباً محترفاً من أصل 29.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
رياضة عالمية هونغ ميونغ-بو (أ.ف.ب)

مدرب كوريا الجنوبية يستدعي قائمة قوية لعُمان والأردن

استدعى هونغ ميونغ-بو، مدرب كوريا الجنوبية، 28 لاعباً لخوض مباراتين على أرضه بتصفيات كأس العالم لكرة القدم أمام سلطنة عُمان والأردن، في وقت لاحق من الشهر الحالي.

«الشرق الأوسط» (سيول)
رياضة عالمية كون كاستيليز (رويترز)

حارس بلجيكيا كاستيلز يضع حداً لمسيرته الدولية بعد عودة كورتوا

وضع الحارس البلجيكي كون كاستيلز حداً لمسيرته الدولية رداً على عدم رضاه من عودة نظيره كورتوا إلى صفوف «الشياطين الحمر»، وفقاً لما أعلن في إحدى حلقات البودكاست.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT
20

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.