6 «إنجازات مناخية» حجبها جدل القضايا الرئيسية في «كوب27»

من بينها تصالح «رئة العالم» مع البيئة

الرئيس البرازيلي المنتحب لولا دي سيلفا استقبل بحفاوة بالغة خلال قمة «كوب27» (وكالة حماية البيئة الأميركية)
الرئيس البرازيلي المنتحب لولا دي سيلفا استقبل بحفاوة بالغة خلال قمة «كوب27» (وكالة حماية البيئة الأميركية)
TT

6 «إنجازات مناخية» حجبها جدل القضايا الرئيسية في «كوب27»

الرئيس البرازيلي المنتحب لولا دي سيلفا استقبل بحفاوة بالغة خلال قمة «كوب27» (وكالة حماية البيئة الأميركية)
الرئيس البرازيلي المنتحب لولا دي سيلفا استقبل بحفاوة بالغة خلال قمة «كوب27» (وكالة حماية البيئة الأميركية)

منذ أن انتهت قمة أطراف الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ «كوب27» بمدينة شرم الشيخ المصرية، بإنجازها الأبرز والأهم، وهو إقرار «صندوق الخسائر والأضرار»، تباينت تعليقات المنظمات المعنية بالبيئة والمناخ، بين حفاوة بهذا الإنجاز، أو تقليل منه لعدم الاتفاق بعد على تفاصيله، وما بين هذا وذاك، فريق ثالث، يعتبره إنجازاً، لكنه لا يحل المشاكل المناخية الهامة، مثل «تخفيض الانبعاثات» و«التكيف المناخي».
وخلف هذا الجدل المناخي، توارت اختراقات مهمة تحققت خلال القمة، ومنها عودة البرازيل إلى العمل المناخي، عبر تعهد الرئيس المنتخب لولا دا سيلفا، باستعادة «رئة العالم» لأداء دورها في خدمة البيئة.
و«رئة العالم»، هو المصطلح الذي يطلق على «غابات الأمازون»، حيث تقع 60 في المائة من مساحتها الإجمالية في البرازيل، وهي أكبر بئر للكربون في العالم، ومن هنا تأتي أهميتها القصوى لمكافحة الاحترار المناخي، وبسبب قطع الأشجار، في عهد الرئيس المنتهية ولايته، جايير بولسونارو، باتت الغابة في وضع هش جداً.
وأظهرت دراسة نشرت في مارس (آذار) الماضي، أن الغابة أصبحت تقترب بسرعة أكبر من المتوقع من «نقطة اللاعودة» التي قد تحولها إلى سافانا (أرض عشبية مع موسم جفاف طويل)، غير أن دا سيلفا تعهد خلال مشاركته بالقمة، بوقف قطع الأشجار تماماً.
وكان دا سيلفا قد أعلن عقب فوزه في الانتخابات، أن «البرازيل مستعدة لاستعادة زعامتها في مكافحة أزمة المناخ»، مشيراً إلى أن «البرازيل في حاجة، كما كوكب الأرض، إلى منطقة الأمازون النابضة بالحياة».
ومن هذا التعهد البرازيلي، الذي يكتسب قيمته من أهمية «غابات الأمازون»، شهدت القمة، الإنجاز الثاني، وهو الاعتراف الرسمي من الأمم المتحدة بأحقية الحركة المناخية الشبابية الدولية (YOUNGO)، بالحصول على مقاعد على طاولة المفاوضات الرسمية في قمم المناخ، كما خصص للشباب ولأول مره جناح خاص، بمشاركة الأطفال.
والحركة المناخية الشبابية الدولية، هي الدائرة الشبابية الرسمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وحصلوا على الاعتراف الرسمي في 9 نوفمبر (تشرين الثاني)، انطلاقاً من نص باتفاقية باريس، وذلك بوصفهم «أصحاب مصلحة في تصميم وتنفيذ سياسات المناخ»، وهو ما يعني أن بإمكانهم الذهاب إلى الحكومات وطلب الانضمام إلى الوفود الوطنية، وهو ما حدث بالفعل في مفاوضات شرم الشيخ.

شباب من المشاركين في فعاليات "كوب27" يحتفلون بالاعتراف الرسمي بهم كمفاوضين في قمم المناخ (تويتر)

وبالإضافة لهذه المشاركة المميزة للشباب، يكشف تقرير للرئاسة المصرية للقمة، نشرته (الثلاثاء) وكالة الأنباء الرسمية المصرية، عن الإنجاز الثالث، وهو أنه على صعيد المجتمع المدني، شارك بالقمة، ثاني أكبر عدد من المنظمات غير الحكومية بتاريخ مؤتمرات الدول الأطراف السابقة، حيث استضافت القمة 11 ألفاً و711 مشاركاً، ينتمون إلى ألف و715 منظمة، في حين كانت أكبر مشاركة للمجتمع المدني في (كوب15) عام 2009 بمدينة كوبنهاغن في الدنمارك، بقوام 12 ألفاً و48 مشاركاً.
وعلى صعيد المشاركات المميزة، يشير نفس التقرير إلى الإنجاز الرابع، والمتمثل في أن القمة «شهدت أكبر متوسط أعداد في الوفود الأفريقية في تاريخ قمم المناخ، كما تميزت عن القمة السابقة لها بأكبر متوسط حجم للوفود المسجلة لكل من الدول الجزرية الصغيرة والنامية (SIDs)، والبلدان الأقل نمواً (LCDs).
ورغم هذا العدد من المشاركين كان المميز في هذه القمة هو اتحاد الدول النامية، وعدم قدرة الدول الغنية على شق صفهم، وهو ما قاد إلى الإنجاز التاريخي المتمثل في إقرار صندوق الخسائر والأضرار، كما يؤكد أحمد الدروبي، مدير الحملات في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة «غرينبيس».
ويقول الدروبي لـ«الشرق الأوسط»: «لأول مرة لم تنجح الدول الغنية في تطبيق سياسة (فرق تسد)، وقادت وحدة الدول النامية إلى تحقيق هذا الإنجاز المهم، وهو خطوة مهمة على طريق طويل لتحقيق العدالة المناخية».
وكما حصلت بعض الفئات والدول على مشاركات مميزة، حصلت بعض القضايا على اهتمام كبير لم تحصل عليه في القمم السابقة، ومنها قضية «المياه»، التي خصص لها، ولأول مرة، يوم كامل، خلال فعاليات القمة، وهو الإنجاز الخامس، الذي كان بهدف «وضع المياه في قلب العمل المناخي»، كما قال وزير الري والموارد المائية المصري هاني سويلم في افتتاح فعاليات يوم المياه.
ولم تكن المياه وحدها هي التي وضعتها القمة في قلب العمل المناخي، فقد كان الاهتمام بالصحة هو الإنجاز السادس، فلأول مرة، تحصل الصحة على زخم كبير في القمة، بسبب كثير من الدراسات التي صدرت مؤخراً، وربطت بين بعض الأمراض وتغيرات المناخ، مثل الأمراض المنقولة بالنواقل (البعوض والحشرات مثلاً)، والمنقولة بالمياه، والأمراض التي يسببها تلوث الهواء، فضلاً عن تلوث الغذاء؛ المسؤول عن إصابة ملايين الأشخاص في الإقليم كل عام جراء الأمراض المنقولة بالأغذية، التي تسبب وفاة 40 ألف شخص سنوياً معظمهم من الأطفال.
وقال أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، في مقابلة خاصة مع الشرق الأوسط، على هامش مشاركته بالقمة، إن العلاقة بين المناخ والأمراض، أعطت زخماً كبيراً للجوانب الصحية في قضية «تغير المناخ»، وهو ما دفع منظمة إلى المشاركة بكثافة في فعاليات القمة.

المدير الإقليمي للصحة العالمية أحمد المنظري خلال وجوده في جناح المنظمة بالقمة (منظمة الصحة العالمية) 

وخلال اجتماع رفيع المستوى خلال القمة تم إطلاق تحالف العمل بشأن الصحة والمناخ «ATACH»، لحشد التمويل دولياً، لبناء نظم صحية مقاومة للمناخ والانبعاثات الكربونية، خصوصاً في الدول النامية ومتوسطة الدخل والفقيرة.


مقالات ذات صلة

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

بيئة الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

قال علماء في بحث نُشر اليوم الجمعة إن تغير المناخ يُحدث تغييرات في أنماط هطول الأمطار حول العالم، وهو ما قد ينجم عنه أيضاً اشتداد قوة الأعاصير والعواصف المدارية

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
بيئة غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية وباء الحرارة الشديدة (أ.ف.ب)

غوتيريش يحذر من أن البشرية ضحية «وباء من الحرارة الشديدة»

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الخميس من أن البشرية ضحية «وباء من الحرارة الشديدة»، داعياً إلى اتخاذ إجراءات للحد من تأثيرات موجات الحر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
بيئة الميكروبات الموجودة داخل لحاء الأشجار أو في الخشب نفسه تزيل غاز الميثان وكذلك ثاني أكسيد الكربون (أ.ف.ب)

دراسة: لحاء الشجر يمكنه إزالة غاز الميثان من الغلاف الجوي

وجدت دراسة حديثة أن لحاء الأشجار يمكن أن يزيل غاز الميثان من الغلاف الجوي، مما يوفر فائدة إضافية في معالجة تغيُّر المناخ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة مارة يحملون مظلات يسيرون تحت أشعة الشمس القوية في معبد سينسوجي حيث أصدرت الحكومة اليابانية تنبيهات من ضربة شمس في 39 محافظة من محافظات البلاد البالغ عددها 47 محافظة... الصورة في طوكيو، اليابان 22 يوليو 2024 (رويترز)

21 يوليو هو اليوم الأكثر سخونة على الإطلاق على مستوى العالم

أظهرت بيانات أولية نشرها الثلاثاء مرصد كوبرنيكوس المناخي الأوروبي أن يوم 21 يوليو (تموز) كان اليوم الأكثر سخونة على الإطلاق على مستوى العالم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق مصر تستبعد حدوث تسونامي (الإدارة المركزية للسياحة والمصايف)

معهد الفلك المصري يحسم الجدل بشأن «تسونامي المتوسط»

حسم معهد الفلك المصري الجدل بشأن الإشاعات التي جرى تداولها حول «تسونامي المتوسط» مع تكرار ظاهرة انحسار المياه على شواطئ عدة بالبحر المتوسط.

أحمد عدلي (القاهرة)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.