«الذئاب المنفردة» تثير الرعب شرقًا وغربًا

مسؤول أميركي: الأهداف الناعمة سوف تكون معرضة للاستهداف على الدوام

«الذئاب المنفردة» تثير الرعب شرقًا وغربًا
TT

«الذئاب المنفردة» تثير الرعب شرقًا وغربًا

«الذئاب المنفردة» تثير الرعب شرقًا وغربًا

لطالما حذر خبراء الجماعات الإسلامية المتطرفة من خطورة استراتيجية ما يعرف بـ«الذئاب المنفردة»، التي تعني أن منفّذي العمليات الإرهابية يعملون بشكل فردي ومن دون الارتباط بالضرورة بنظام إمرة تسلسلي أو يشكلون خلايا محدودة العدد تعمل في التخطيط والتنفيذ. ولقد كان وراء تفجير المساجد في كل من المملكة العربية السعودية والكويت، انتحاريون مراهقون ما كانوا معروفين للسلطات الأمنية. ويرجح حتى اللحظة أن «ذئابًا منفردة» نفّذت العملية الإرهابية التي هزّت شاطئ منتجع القنطاوي في مدينة سوسة بتونس يوم الجمعة 26 يونيو (حزيران) الفائت وراح ضحيّتها 38 قتيلاً وقرابة 36 جريحًا من السياح الأجانب، وقبلها عمليّة متحف باردو الأثري في تونس العاصمة، عشيّة 18 مارس (آذار) الماضي وقتل فيها 23 قتيلاً و50 جريحًا، جلّهم أيضًا من السياح الأجانب. ويرجح، حتى الآن على الأقل، أن تكون جريمة الذبح وقطع الرأس البشعة التي وقعت في اليوم نفسه في مصنع للغاز في بلدة سان كانتان – فلافييه بمنطقة قريبة من مدينة ليون الفرنسية واتهم بها شخص واحد مرتبطة به وحده.

* فقد أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الاعتداء على مسجد الإمام الصادق في الكويت عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأن منفذ الهجوم هو أبو سليمان الموحد. وسرعان ما تبنى ما يسمى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الهجوم، وهو ما فتح الباب للتأكد مما إذا كان المنفذ فردا متوحدا وأراد تنفيذ الهجوم لصالح هذه التنظيمات. ثم عاد ليتبنى في تونس الهجوم على الفندق في سوسة عبر بيان نشره على حسابه على «تويتر» وقال إن منفذ الهجوم، المدعو أبو يحيى القيرواني، لكن وزير الدولة في وزارة الداخلية رفيق الشلي، قال إن منفذ الهجوم تونسي الجنسية من ولاية القيروان (وسط) وهو طالب في الجامعة، وليست لديه أية سوابق. أما في فرنسا فالمشتبه الذي نفذ الاعتداء، وهو ياسين صالحي، أرسل صورة «سيلفي» مع رأس ضحيته عبر «واتساب» ووضع علما لتنظيم داعش، مما دفع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للقول إن الهجوم اعتبر إرهابيا بما أنه عثر على جثة مقطوعة الرأس وتحمل كتابات وراية لتنظيم داعش في المكان.
لطالما حذّر خبراء الجماعات الإسلامية من خطورة استراتيجية الذئاب المنفردة، التي لجأ إليها منفذو العمليات الإرهابية في تفجير المساجد في السعودية والكويت من قبل انتحاريين مراهقين غير معروفين لسلطات الأمن ثم في سوسة بتونس حيث جاءت عمليّة شاطئ القنطاوي يوم الجمعة 26 يونيو (حزيران) ليذهب ضحيّتها 38 قتيلاً وقرابة 36 جريحًا من السياح الأجانب أيضًا، وقبلها عمليّة متحف باردو الأثري في تونس، عشيّة 18 مارس (آذار) 2015، والتي راح ضحيّتها 23 قتيلاً و50 جريحًا، جلّهم سياح أجانب.
ويبدو أنّ سياق العمليتين متشابه في التخطيط والتنفيذ، ضمن ما يمكن تسميتها عمليات «الذئاب المنفردة» التي تقف خلفها خلايا محدودة العدد في التخطيط والتنفيذ. لكن السياق العام لعمليّة شاطئ القنطاوي في سوسة يمثّل ضربة موجعة للاقتصاد التونسي في ركيزته السياحيّة، وحيرة إزاء القدرات الأمنية والاستخباراتيّة في التصدّي لظاهرة الإرهاب في تونس، وهو ما يثير الخوف شرقا وغربا بعد وقوع عملية ليون بذبح صاحب منشأة صناعية من قبل متطرف غير معروف أيضا لأجهزة الأمن الفرنسية.
ولم تحصل السلطات الفرنسية بعد على أي معلومات حول دوافع المشتبه به في تنفيذ الاعتداء في مصنع للغاز في منطقة ليون وعما إذا كانت هناك جهة تقف وراءه، فيما ذكرت مصادر متابعة للتحقيقات أن الموقوف ياسين الصالحي لا يزال يخضع للاستجواب ولكنه لم يعط أي معلومات حول الدوافع الأساسية لعمليته الإرهابية كما أن أي جهة لم تتبن هذه العملية.
وقد انعقد مجلس الدفاع الفرنسي المصغر للبحث في آخر التطورات بعد عودة رئيس الحكومة مانويل فالس بشكل عاجل، من زيارة إلى أميركا الجنوبية. واعتبر فالس أن «عملية قطع رأس الضحية أمر رهيب ومرعب وأن هذا الإخراج والتنظيم ورفع الأعلام الجهادية شيء جديد في فرنسا»، مضيفا أن «السؤال ليس حول حدوث هجوم آخر، بل متى سيحدث؟». وبعد مرور نحو 6 أشهر على هجوم «شارلي إيبدو» في باريس، الذي نفذه متطرفون وأوقع 20 قتيلا، تستفيق فرنسا على صدمة أخرى في مدينة «سان كانتان فالافييه» جنوب شرقي البلاد.
الهجوم الذي تزامن مع أحداث مماثلة في تونس والكويت، يأتي في ضوء ضغوط داخلية تتعرض لها السلطات الفرنسية عقب فضيحة التجسس الأميركي، وهو الأمر الذي دفعها إلى اتخاذ حزمة تدابير احترازية لتعزيز أمنها. توالي الضربات الإرهابية في القارة العجوز، يعزوه مراقبون إلى هشاشة الإجراءات الأوروبية، التي تسعى لوقف تجنيد المقاتلين وكبح جماحهم في الوصول إلى الضفة الأوروبية، تلك الإجراءات التي يرى البعض أنها تخبطت بين ضمان الأمن في البلاد والحريات المدنية كان من بينها، مصادرة السلطات الفرنسية نحو 60 جواز سفر منذ فبراير (شباط) الماضي، أما في بريطانيا فصدقت السلطات على تشريع لتشديد الرقابة، يتضمن بندا مثيرا للجدل يمنع المتطرفين من إلقاء كلمات في الجامعات.
كما أن تقريرا أمميا أشار إلى أن نسبة المقاتلين الأجانب الذين غادروا أوطانهم للانخراط في تنظيمي القاعدة وداعش، ارتفعت بنحو 71 في المائة بين منتصف عام 2014 ومارس 2015، كما تحدث التقرير أن نحو 25 ألف مقاتل التحقوا بالتنظيمين من نحو مائة دولة. وقالت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة الماضي إنها بصدد التثبت مما إذا كان هناك دليل على أن الهجمات «المشينة» التي حدثت في فرنسا والكويت وتونس وأسفرت في بضع ساعات عن مقتل عشرات المدنيين، والتي لاقت إدانة دولية واسعة، أنها كانت منسقة.
وأعلن تنظيم داعش، وقبل انتهاء التحقيقات الأميركية، عن مسؤوليته الإجرامية في الهجوم على مسجد الإمام الصادق في الكويت، وفي الهجوم على السائحين في مدينة سوسة التونسية، بينما ترجح السلطات الفرنسية بقوة أن يكون منفذ جريمة ليون أحد العناصر النائمة لتنظيم داعش في فرنسا، في انتظار الانتهاء من التحقيقات. وكان التنظيم الإرهابي قد حث أنصاره على تكثيف الهجمات أثناء شهر رمضان ضد المسيحيين والشيعة والمسلمين السنة الذين يقاتلون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
ويقول مراقبون إن التفجيرات المتزامنة حول العالم تنبئ بأن تنظيم داعش بدأ يعتمد خطة جديدة وهي تشتيت انتباه العالم وتنفيذ هجمات متزامنة في أكثر من مكان ودولة، وإرسال رسالة مفادها: «إننا قادرون على زعزعة الأمن والاستقرار في جميع دول العالم كلما أردنا أن نقوم بذلك». وعمليا إذا كان التنظيم الإرهابي قد أعطى بالفعل إشارة تنفيذ هجمات متزامنة لأعوانه في الكويت وتونس وفرنسا، فإنه في هذه الحالة قد نفذ هجوما غير مسبوق توسع ليشمل ثلاث قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا، بالتمام والكمال.

* تزامن مع ذكرى إعلان «الخلافة»
* وقبل ثلاثة أيام فقط من حلول الذكرى الأولى لإعلان «داعش» دولة الخلافة، ضربت يد الإرهاب من جديد عددًا من الأهداف في أنحاء متفرقة من العالم. جرائم كراهية جديدة وإرهاب يستهدف مدنيين عُزل، باسم الدين، والدين منه براء. الصورة البشعة تدعو إلى الأسى، لأن الإرهاب باسم الدين يمتد ويتمدد بدرجة خطيرة في المنطقة العربية، ويغرس بذور الفرقة المذهبية والفتنة الطائفية، والانقسام بين أبناء الشعب الواحد، ويكسب المزيد من النفوذ الذي تقطر منه الدماء
إن تلك الأعمال الإرهابية لا تمت إلى الإسلام بأي صلة، خصوصا في هذا الشهر الفضيل، الأمر الذي استدعى إدانة عربية ودولية واسعة لمختلف جميع أشكال الطائفية والمذهبية، والتضامن في مواجهة الإرهاب الغاشم، الذي يستهدف الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم
ولعله من المحزن أن تشهد الكويت، وفى أثناء الركعة الثانية وفى الجمعة الثانية من شهر رمضان، جريمة إرهابية بشعة حين فجّر إرهابى نفسه في مسجد الإمام الصادق في منطقة الصوابر، مخلفا أكثر من 25 قتيلاً، في ضربة قاتلة تشعل فتنة بين السنة والشيعة في هذا البلد العربي، الذي يشكل الشيعة فيه نحو 30 في المائة من عدد السكان، وبه 26 مسجدا و140 حسينية. إن توقيت الحادث الإجرامي في شهر رمضان المبارك ووقوعه ساعة صلاة الجمعة في أحد بيوت الله «يجسد الوجه القبيح للإرهاب».
وصول الإرهاب الديني إلى الكويت عبر تفجير مسجد الإمام الصادق ليس مفاجئا. فقديما قيل: «من زرع الحنظل لن يجنى غير الحنظل»، وفى الواقع، فإنه حتى لو أننا لم نزرع شيئًا ولم نتهاون ونتحالف بالأمس مع الإرهاب والفكر المتطرف. حتى بافتراض ذلك، فإن وضع المنطقة الملتهب وتقارب الذهنية والوعي الاجتماعي والسياسي مع الآخرين كان سيكون كفيلاً بتسهيل غزو التطرف والإرهاب لنا. وما جرى ليس مفاجئا ولا مستغربا. فقبله بساعات حذر المسؤولون الروس دول الخليج من أنها ستكون المسرح الثاني للإرهاب، بعد أن يبلغ منتهاه ونضجه في الأماكن التي زرعتها فيه.
وعلى الرغم من كشف السلطات الأمنية عن هوية الانتحاري الذي فجّر مسجد الإمام الصادق بمنطقة الصوابر وسط العاصمة، وهو مواطن سعودي يُدعى فهد سليمان عبد المحسن القباع، لم يكن معروفا لأجهزة الأمن، وتوقيف سائق المركبة الذي نقل الانتحاري لمكان الحادث، وصاحب البيت الذي آواه، مع عدد آخرين من المشتبه بكونهم شكلوا خلية إرهابية مسؤولة عن إدخال المتفجرات وتجهيز الانتحاري بالحزام الناسف، والقيام بعمليات المراقبة والاستطلاع لموقع الجريمة، إلا أن السلطات لا تزال تخشى أن ما كشفته لا يمثل سوى رأس جبل الجليد. وفي حين قالت السلطات الأمنية إن صاحب المنزل الذي آوى سائق المركبة الذي أوصل الانتحاري للمسجد، وهو كويتي الجنسية أحد معتنقي «الفكر المتطرف المنحرف» في إشارة للمتشددين. وقالت الوزارة إن مالك المنزل وشقيقه اعتقلا أيضا.

* نقلة إرهاب نوعيّة في تونس
* زلزال الإرهاب الثاني هزّ مهد ثورات الربيع العربي، بهجوم مسلح على فندقين في مدينة سوسة خلَّف أكثر من 37 قتيلاً، أغلبهم من السياح في ضربة قوية لموسم السياحة في تونس التي تستقطب نحو 10 ملايين سائح سنويا، يدرّون أكثر من 5 مليارات دولار في خزانة الدولة. هجوم إرهابى، جاء بعد أشهر قليلة من الهجوم على متحف باردو، الذي أوقع 21 قتيلاً. وفي تونس مثّلت العمليّة، التي أودت بأكثر من ثلاثين شخصا أغلبهم من السائحين، نقلة نوعيّة في استراتيجيات الجماعات المتشدّدة في تونس وطريقة تعاملها مع الوضع، كما كان مُتوقّعا منذ انتشار معلومات تُفيد بتلقّي عدد من التونسيّين تدريبات في ليبيا ومن ثم العودة، وتهديد بعض القيادات السلفيّة بإحراق البلاد.
وكان منفذ الهجوم الإرهابي في سوسة يبدو من لباسه المكون من سروال قاتم وقلادة وقميص قصير الكمين كأي شاب تونسي بين السائحين الألمان والبريطانيين والأيرلنديين الذين يستمتعون بحمام شمس على الشواطئ التونسية الطويلة الصفراء. وخلال خمس دقائق فقط أشاع سيف الرزقي الرعب في منتجع إمبريال ببندقية كلاشنيكوف سوداء كان يخفيها في المظلة التي كان يستعملها على الشاطئ موقعا 39 قتيلا من السائحين الذين كانوا يجلسون على مقاعد أو يستلقون على أرائك على حافة حمام السباحة. كان هذا أسوأ هجوم من نوعه في تاريخ تونس الحديث. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم لكن السلطات تقول إن الرزقي وهو طالب (24 عاما) لم يكن على أي قائمة إرهابيين ولم يكن معروفا عنه أنه متشدد. يقول شهود عيان إن الرزقي الذي كان يرتدي زي السائحين لم يلفت إليه الانتباه كثيرا. وفجأة فتح النار وهو يشق طريقه بين الشاطئ وحمام السباحة والفندق مستهدفا الأجانب ومتعقبا ضحاياه حتى من يهربون إلى الغرف.
وقال مصدر أمني إن الرزقي كان يعرف الفندق جيدا فيما يبدو. وكان لديه الوقت لإعادة حشو سلاحه مرتين على الأقل قبل مواجهته في النهاية وقتله برصاص الشرطة خارج الفندق.
وتونس مقصد سياحي، واجتازت بسلام القلاقل التي أعقبت الإطاحة بزين العابدين بن علي في انتفاضة 2011. لكن بينما نالت الإشادة بانتقالها إلى الديمقراطية فهي تكافح أيضا تشددا إسلاميا متصاعدا، وكانت تونس في حالة تأهب بالفعل وذلك بعد أشهر من هجوم شنه مسلحان في متحف باردو في العاصمة أمطرا فيه سائحين من اليابان وفرنسا وإسبانيا بالرصاص وهم قادمون في حافلة وأردوا 21 منهم قتلى. وكمثل الشابين اللذين هاجما الحافلة في متحف باردو يبدو أن الرزقي كان على خطاهما وقع فريسة للمتشددين خلال وقت قصير كما تقول المصادر الأمنية وأنهم أبعدوه عن دراسته. وتشهد تونس منذ انتفاضة 2011 اتساعا لنفوذ خطباء متطرفين وجماعات محافظة سيطرت على مساجد وأسست مدارس دينية في الفترة الأولى للمرحلة الانتقالية. ويقاتل أكثر من ثلاثة آلاف تونسي في صفوف «داعش» في العراق وسوريا وليبيا المجاورة. وحذر بعضهم من أنهم سيعودون لشن هجمات في تونس إحدى أكثر الدول العربية علمانية. ويقول المسؤولون إن الرزقي كان طالبا مجدا من أسرة مستقرة مارس النشاطات العادية كأي شاب. وقال مصدر أمني كبير إنه يبدو أن الرزقي كان على اتصال برجال دين متطرفين منذ نحو ستة أشهر على غرار متطرفين تونسيين آخرين.
وتقول المصادر إن مرتكبي هجوم باردو اعتنقا النهج المتطرف في مسجدين محليين على أيدي متشددين. وأرسلا إلى ليبيا للتدريب ولم تظهر عليهما علامات التشدد. وبعد الهجمات في القارات الثلاث، حذر مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من أن استهداف «الأهداف الناعمة» على غرار استهداف شاطئ فندق في تونس، عبر شخص غير معروف لأجهزة الأمن، أو ما يطلق عليه «الذئاب المنفردة»، هي تحديات صعبة الاحتواء، ومن أصعب المهام على أجهزة مكافحة الإرهاب. ونقلت وكالة «رويترز» عن هذا المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، قوله: «ما تقوله لنا الأحداث هو أن الأهداف الناعمة سوف تكون معرضة للاستهداف على الدوام؛ إننا نبلي بلاء حسنا في مراقبة المجموعات، ولكن من الصعب احتواء الذئاب المنفردة».
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قالت إنه لا دليل على أن الهجمات التي وقعت الجمعة 26 يونيو بكل من الكويت وتونس وفرنسا وأسفرت عن قتل العشرات، كانت هجمات منسقة. وقال المتحدث باسم الوزارة جون كيربي: «إن الهجمات ما زالت تخضع للتحقيق لكن حتى الآن لا يوجد مؤشر على مستوى التكتيك يفيد بأنها (منسقة)».
وأضاف كيربي في مؤتمر صحافي «الواضح أنها كانت كلها هجمات إرهابية». وقتل ما لا يقل عن 39 شخصا، جلهم سياح أجانب، وأصيب أكثر من ثلاثين آخرين برصاص مسلح تسلل إلى شاطئ فندق بمدينة سوسة الساحلية التونسية، في وقت خلف التفجير الذي استهدف مسجدا للشيعة في الكويت وتبناه تنظيم داعش، 27 قتيلا وأكثر من مائتي جريح، كما قتل شخص واحد وجرح آخران عندما هاجم شخص مصنعا للغاز بجنوب شرقي فرنسا.
وكان المتحدث باسم تنظيم أبو محمد العدناني حث أنصار التنظيم في 23 يونيو على تكثيف الهجمات أثناء شهر رمضان ضد المسيحيين والشيعة والمسلمين الذين يقاتلون مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
وكانت عملية متحف باردو في تونس التي فاجأت الجميع 18 مارس (آذار) الماضي، إذ لم يكن من المتوقّع أن تنتقل الهجمات المسلّحة من جبال الشعانبي، على الحدود الغربيّة مع الجزائر، والمناطق النائية إلى قلب العاصمة، ومن استهداف رجال الأمن والجيش التونسيين إلى اعتبار السيّاح والمدنيّين هدفًا مباحًا.
والتنفيذ المباشر لعمليّة شاطئ القنطاوي في سوسة الجمعة الماضي كان مقصورًا على فرد واحد، هو سيف الدّين الرزقي (طالب جامعي، لا سوابق له غير معروف لأجهزة الأمن، وليس محل شبهة في علاقة بالتنظيمات السلفيّة)، وهذا لا ينفي وجود شركاء في العملية، قد لا يتجاوز عددهم الخمسة من عناصر الرصد والمتابعة والإمداد، كما في تقاليد العمليات الإرهابيّة للخلايا المعزولة تنظيميّا، وهو تكتيك اتبعه تنظيم «أنصار الشريعة» في تشكيل الخلايا الجهادية، وهذا الفرد الواحد ينفّذ العمليّة بمعطى العمل الانتحاري، وهو الذي ينفّذ العمليّة من دون التفكير في الهروب والفرار. ولذلك، استسلم سيف الدّين الرزقي لرصاص قوات الأمن التونسي بمجرّد «نجاحه» في قتل عدد كبير من السيّاح. وتفيد المعطيات بأنه كان على دراية مفصّلة بمسرح العملية، حيث كان تنقله هادئًا ومدروسًا، ويبدو أنّ عمليّة شاطئ القنطاوي، كما عمليّة متحف باردو الأثري، نفّذتها خلايا نائمة، ليس لها أية ارتباطات تنظيمية قطرية أو إقليمية أو دولية، وإن كان تنظيم داعش قد تبنّى العمليّة، في بيان مرفوق بصورة المهاجم يتوسّط رشّاشين، فإنّ الارتباط بين الخلايا والتنظيم الأم عقائدي وفكري، بحكم الولاء والبيعة، فالاجتهاد والتنفيذ من الخليّة، والمباركة والتبنّي من التنظيم.

* «داعش»: يوم شفاء الصدور
* إلى الشمال، وفى تحدٍّ جديد لفرنسا بعد الهجوم على مقر مجلة «شارلى إيبدو» استهدف الإرهاب مصنعًا للغاز الصناعي قرب ليون شرق فرنسا، حيث اقتحم الشخص الذي يشتبه بتنفيذه الهجوم مصنع الغاز في منطقة «سان كانتان فالافييه»، وهو يرفع علم «دعش»، وفجّر عددًا من قوارير الغاز. وعثرت الشرطة على رأس مقطوع عليه كتابات بالعربية معلقًا على سياج قرب المصنع.
كانت الشرطة الفرنسية قد شنت عدة عمليات لـ«مكافحة الإرهاب» بعد الهجمات التي تعرضت لها البلاد أخيرا، حيث قالت الشرطة الفرنسية إنها اعتقلت مئات من الأشخاص ليست لهم علاقة بتلك الهجمات، حيث وجه ممثلو الادعاء اتهامات مبدئية ضد 147 شخصًا يشتبه في دعمهم لمقاتلين في سوريا، حيث يسيطر تنظيم داعش على أجزاء كبيرة من البلاد. صفحات التطرف على الإنترنت أكدت أن العمليات الإرهابية التي نفذتها، فيالق «الذئاب المنفردة»، تأتى في إطار ما سموه عمليات «يوم شفاء الصدور». هذه العمليات لاقت احتفاء كبيرًا من قبل الصفحات التابعة الداعمة لتنظيم داعش.
في الوقت الذي يتعين فيه التعامل مع خطر الإرهاب بسياسات شاملة تواجه أصول الخطر وجذوره، فإن على دول المنطقة أن تعيد النظر أيضا وبسرعة وبقوة وثبات أيضا في المواقف من تشجيع تيارات دينية بعينها، أو السكوت على مواقفها التي تميل إلى التطرف وتحرِّض على العنف وكراهية «الآخر» بأي صورة من صوره، لأنه ثبت أن ذلك هو البيئة المناسبة لظهور وانتشار الإرهاب. مطلوب تبني استراتيجيات مدنية واتجاهات أكثر اعتدالاً وانفتاحا وتسامحا، في التعليم ودور العبادة والعلاقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، عوضا عن السياسات.
وفي هذا السياق، لا بدّ أن نقرأ عملية تونس بالتزامن مع عمليتي فرنسا والكويت، تأتي هذه العمليات في مناسبة رمزيّة لتنظيم داعش، هي العاشر من رمضان، الذكرى الأولى لإعلان قيام التنظيم، وبيعة (الخليفة) أبو بكر البغدادي، وقد استعدّ التنظيم للمناسبة بالإعلان عن سيطرته على مدينة كوباني - عين العرب السورية، وما تمثّله هذه المدينة من ثأر لهزيمةٍ، مني التنظيم بها سابقًا، كما أن العاشر من رمضان هو تاريخ بداية تداول العملة الماليّة التي صكّها تنظيم داعش لتكون العملة الرسميّة، وأن يضرب التنظيم في الكويت وتونس وفرنسا فهو يوجّه رسالة قويّة للتحالف الدولي بأن «تمدّده» بلغ القارات الثلاث: آسيا (الكويت)، و(أوروبا) فرنسا، و(أفريقيا) تونس.
نفترض أن لا وجود لعلاقات تنظيميّة، من حيث الإمداد والتخطيط، لكنّ التوجيه فعل ناجز بين الخليفة والدولة، نحو كل الخلايا في البلدان، لتصبح للخلايا الإرهابيّة، أو ما نسميها «الذئاب المنفردة»، الحريّة في المبادرة والتنفيذ. إنّ الوضع الهش الذي تعيشه التجربة الديمقراطيّة في تونس يجعل الدولة التونسيّة شبه عاجزة عن التصدّي لهذه الظاهرة التي باتت تعرف باسم «الذئاب المنفردة»، فهي خلايا دخلت مرحلة الكمون، مما يجعل من المستحيل على الأجهزة الأمنية والاستخباراتيّة أن تحاصرها، أو أن تكشفها، والتقاطعات بين تنظيمي أنصار الشريعة والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وكذلك كتيبة عقبة بن نافع أوجد نوعًا من الميوعة، في ملاحقة شبكات الخلايا النائمة التي تشكّلت في تونس، وهي خلايا تعتمد على عنصر المباغتة وبساطة التخطيط والتنفيذ. يضاف إلى ذلك توزيع العمل القتالي بين الجبل وتخومه، ثم التحوّل إلى المدن، وهو توزيع لا تملك الدولة التونسيّة من الخبرة والقدرة على مجاراته وقراءة أنساقه، فالدولة التونسيّة لا تخوض معاركها ضد جبهة معلومة المكان والزمان، كما أن الإيقافات القضائيّة لمئات من المتّهمين بالإرهاب لم تعط الخارطة الواقعيّة لشبكات الإرهاب، من حيث التمويل والمخزون البشري، أو الحاضنة الشعبيّة



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».