بعد 12 عاماً على منحها حق استضافة كأس العالم 2022، دقت ساعة الحقيقة بالنسبة لقطر التي ترفع الستار اليوم عن مونديال أول في الشرق الأوسط وبلد عربي، عازمة على تقديم أجمل البطولات من حيث التنظيم عبر التاريخ.
وتفتتح البطولة بمباراة قطر المضيفة والمشاركة للمرّة الأولى، أمام الإكوادور على استاد البيت في مدينة الخور الشمالية الساعة الرابعة بتوقيت غرينيتش، بحضور لفيف من ملوك ورؤساء للدول تمت دعوتهم، وعقب حفل سيستمر نحو ساعتين يستعرض فيه البلد المضيف التراث العربي من خلال عروض فنية متنوعة، كما من المنتظر أن يشارك نجوم عالميون مثل المغنية الكولومبية شاكيرا وفرقه موسيقى البوب الكورية «بي تي إس» بقيادة غونغ كوك، إضافة لـ«بلاك آيد بيز» وروبي وليامز ونورا فتح.
وتحدت قطر ضغوطات كبيرة لإتمام التحضير للمونديال الذي كلّف 200 مليار دولار (7 منها للملاعب والأخرى للبنية التحتية والمرافق والفنادق). وخلافاً للنسخ السابقة من المونديال الذي انطلق عام 1930 في أوروغواي، انتقلت المنافسة من فصل الصيف إلى مشارف الشتاء، بسبب درجات الحرارة الملتهبة في الخليج صيفاً، وهو ما دعا البطولات الأوروبية الكبرى لتجميد منافساتها لمدة شهر على الأقل.
وتتوقع قطر التي يقطنها نحو 3 ملايين نسمة بينهم 90 في المائة من الأجانب، حضور أكثر من مليون مشجع إلى البلاد خلال المونديال على مدار البطولة التي تستمر لـ29 يوماً، أعدت لهم، فضلاً عن الفنادق أو الشقق، مخيمات مجهزة في الصحراء وسفن عائمة مقابل أسعار متفاوتة.
ويعد ملعب «البيت» الذي سيشهد حفل الافتتاح وذو السقف القابل للطي نموذجاً فريداً من نوعه، وهو مستوحى من بيت الشّعر أو الخيمة التقليدية التي سكنها أهل البادية في قطر ويتسع لستين ألف متفرّج. وبنت قطر ثمانية ملاعب جديدة خصيصاً للبطولة، باستثناء تجديد استاد خليفة الرمزي بجانب مجمّع أكاديمية أسباير التي ترعرع في زواياها معظم الوجوه البارزة في المنتخب القطري الحالي.
قطر والإكوادور
وبعد طول انتظار وحملة استعدادات امتدت من آسيا إلى أوروبا مروراً بأميركا الجنوبية، يقف المنتخب القطري اليوم على أبواب التاريخ أمام الإكوادور، في أول مشاركة مونديالية له، مفتتحاً منافسات المجموعة الأولى التي تضم أيضاً السنغال وهولندا.
ويتطلع المنتخب القطري المتوج بطلاً لآسيا 2019، إلى بداية قوية في ظل الخبرات التي اكتسبها عبر مشاركته في كثير من المنافسات الدولية البارزة، بينما تعود الإكوادور للمونديال بعد غياب ثمانية أعوام.
وفي رحلة الإعداد للمونديال، شارك المنتخب القطري في «كوبا أميركا» 2019 و«الكأس الذهبية» 2019 لدول «كونكاكاف»، كما شارك في التصفيات الأوروبية المؤهلة للمونديال وكأس العرب 2021 التي أحرز المركز الثالث بها على أرضه.
ويأمل لاعبو المنتخب القطري في أن يترجموا تجربتهم وخبراتهم عبر تلك المنافسات في مواجهة الإكوادور، التي ستلعب دوراً مهماً في رسم ملامح مشوار الفريق في البطولة قبل مواجهة السنغال وهولندا.
ويقف التاريخ دائماً مع الدولة المضيفة، إذ لم يفشل أي منها في العبور للدور الثاني باستثناء جنوب أفريقيا، التي ودّعت في 2010 من دور المجموعات.
ويأمل القطريون في تكرار ما حققوه في لقاء ودي أمام الإكوادور عام 2018 عندما خرجوا فائزين 4 - 3. حسابياً، إذا حققت قطر فوزاً على الإكوادور افتتاحاً، ستبقي باب الأمل مشرّعاً أمام العبور إلى الدور الثاني، معوّلة على النتائج الأخرى في المجموعة، بينما الخسارة تعني مساراً أكثر تعقيداً وصعوبة.
الإسباني فيليكس سانشيز مدرب قطر يتّسم بالواقعية ويثق في قدرة فريقه على انتزاع نتيجة إيجابية في مباراة الافتتاح مدعوماً بالجماهير وبمعسكر وضعه في مقدمة الفرق الأكثر جاهزية للبطولة.
وقال سانشيز: «في 2019، كان من الصعب تخيل أننا سنفوز بكأس آسيا، ولكننا توجنا باللقب. لا أتحدث عن أننا سنصبح أبطال العالم، ولكن بكل تأكيد هدفنا هو المنافسة في أعلى المستويات».
وأضاف سانشيز (46 عاماً) بشأن منافسي قطر في المجموعة الأولى: «نواجه منتخبات وجدت من قبل في نهائيات كأس العالم، أو توجت بلقب بطولة أمم أفريقيا. سنواجه كثيراً من اللاعبين بين الأفضل في العالم بمراكزهم، يمتلكون خبرة اللعب في كأس العالم أو دوري الأبطال».
وعن لقاء الافتتاح أوضح سانشيز: «نعرف أن المنتخب الإكوادوري سيكون خصماً عنيداً لأن لديه فنيات عالية ولاعبين محترفين في أفضل الأندية الأوروبية، ويحظى بكثير من الإمكانات، وبالتأكيد سنقدم كل ما بوسعنا لتقديم عرض كبير أمامهم، فنحن نتمتع بفنيات عالية ونستحق الوجود هنا، سنقدم كل ما بوسعنا للوصول بعيداً».
وعن أهمية لحظة الافتتاح وخوض المباراة الأولى في المونديال بالنسبة لكرة القدم القطرية ولدولة قطر، قال سانشيز: «نتحدث عن يوم كبير وتاريخي بالنسبة لنا، هي سعادة غامرة للجماهير وللاعبين وبالنسبة لي أيضاً وللطاقم الفني، نحن نتحدث عن يوم استثنائي سيبقى في ذاكرتنا وكذلك بالنسبة للبلد المضيف، أعتقد أن إقامة المونديال هنا شيء مذهل، وأتمنى أن يكون احتفالية كروية رياضية يستمتع بها الجمهور القادم من مختلف دول العالم».
وواصل: «ندرك الضغوط الهائلة، البلاد بذلت كل ما في وسعها من أجل هذه اللحظة، وأنا أتطلّع لها لأنها ستكون تاريخية بالنسبة لنا، نحن بلد صغير بتعداد سكاني قليل، وسنواجه فرقاً من بلدان كبرى ومن المستوى الرفيع، لكننا نملك الأسلحة وعلينا أن نستخدمها».
وعن الإكوادور، قال سانشيز: «إنه منتخب حظي بمسيرة مذهلة في تصفيات كأس العالم، في قارة يصعب للغاية التأهل منها. نعي واقعنا جيداً لكننا لن نستسلم». ورغم أنها حلّت ثالثة في أميركا الجنوبية، تحتل الإكوادور المرتبة 44 في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أي أعلى بـ6 مراكز فقط من قطر.
ويعلق المنتخب القطري وجماهيره آماله على عدد من لاعبيه المهرة، من بينهم حارس المرمى سعد الشيب الذي ساعد فريق السد بالتتويج بلقب الدوري في آخر موسمين، وشارك في أكثر من 75 مباراة دولية وتوج بجائزة أفضل حارس في كأس آسيا 2019، حيث لم تتلقَّ شباكه سوى هدف واحد فقط.
كذلك يبرز الظهير الأيسر عبد الكريم حسن، زميل الشيب في السد، والملقب باسم «المدفعجي»، والذي يعد ثالث أكثر اللاعبين مشاركة بقميص المنتخب القطري (120 مباراة)، ومعه صانع الألعاب القدير حسن الهيدوس، أحد نجوم تتويج قطر بكأس آسيا وأكثر اللاعبين مشاركة دولياً (158 مباراة)، بجانب الجناح الأيسر أكرم عفيف متعدد الإمكانات الذي يتمتع بخبرة في الملاعب الأوروبية اكتسبها عبر فترات قضاها في أويبن البلجيكي وشباب أشبيلية وفياريال وغيرها، بالإضافة إلى مشواره مع فريقه الحالي السد. كذلك تترقب جماهير العنابي ما سيقدمه نجم الهجوم المعز علي، لاعب الدحيل الحالي وهداف بطولتي كأس آسيا 2019 بتسعة أهداف والكأس الذهبية بأربعة أهداف. أما المنتخب الإكوادوري، الذي سيشارك للمرة الرابعة في المونديال، علماً بأن آخر مشاركة له كانت في نسخة 2014 بالبرازيل، بينما حقق أفضل نتيجة له في نسخة 2006 بألمانيا، عندما وصل إلى دور الستة عشر.
يعرف مدرب الإكوادور غوستافو ألفارو أن منتخبه ليس مهيأً بشكل جيد لفرض وجود ملموس، لكنه يتوقّع من لاعبيه أن يجعلوا الأمور صعبة على منافسيهم في المجموعة، ويقول: «كأس العالم مختلفة تماماً عن التصفيات. إذا كنا سنلعب بالطريقة التي لعبنا بها التصفيات، فعلى الأرجح لن نحظى بفرصة، لأننا سنلعب ضد أبطال آسيا، وأبطال أفريقيا وهولندا التي بلغت نصف نهائي كأس أوروبا».
ويضيف: «إنها منتخبات متفوّقة عنا، وهذا سبب أننا كنا في الوعاء الرابع بالقرعة، لو كنا الأفضل لكنا في الوعاء الأول أو الثاني. علينا أن نجعل الأمور صعبة، علينا أن نكون عقبة ضدهم».