فيلم «جزيرة الغفران»... دعوة للتعايش بين الجميع

مخرجه تحدث عن ذكرياته في «مهرجان القاهرة»

مشهد من الفيلم (مهرجان القاهرة السينمائي)
مشهد من الفيلم (مهرجان القاهرة السينمائي)
TT

فيلم «جزيرة الغفران»... دعوة للتعايش بين الجميع

مشهد من الفيلم (مهرجان القاهرة السينمائي)
مشهد من الفيلم (مهرجان القاهرة السينمائي)

يناقش الفيلم التونسي «جزيرة الغفران» الذي عُرض ضمن المسابقة الدولية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في دورته الرابعة والأربعين، في عرضه العالمي الأول، تفاصيل الحياة في تونس بين الماضي والحاضر، وكيف تغيرت مع التطور التكنولوجي.
تدور أحداث الفيلم حول «أندريا»، وهو كاتب بارع يبلغ من العمر 60 عاماً، يعود إلى جزيرة جربة بتونس، موطنه الأصلي، لينفذ آخر أمنيات والدته «روزا»، وهناك تستيقظ بداخله ذكرياته القديمة، لتدفعه إلى ماضٍ مؤلم.
والفيلم من بطولة الفنانة العالمية الإيطالية التونسية كلوديا كاردينالي، وعلي بنور، ومحمد علي بن جمعة، والإيطالية كاتيا جريكو، كما ضم فريق العمل مهندس صوت معز الشيخ، وهندسة الديكور توفيق الباهي، ومصممة ملابس ليليا لاخوه، وموسيقى ماركو ويربة، ومدير تصوير نيفين الباهي، وهو إنتاج رضا الباهي، وزياد حمزة، ونيكول كماتو، ومنتج مشارك عماد الدين بلقاسم، وتأليف وإخراج رضا الباهي.
في البداية تحدث المخرج التونسي رضا الباهي عن مشاركته في مهرجان القاهرة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حلم من أحلامي تحقق من جديد بمشاركتي بفيلم سينمائي من إخراجي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فقد شاركت بفيلم (شمس الضباع) في الدورات الأولى من المهرجان مع نهاية سبعينات القرن الماضي، وعدت له من جديد كعضو لجنة تحكيم، واليوم وبعد 17 عاماً أعود بفيلمي الجديد (جزيرة الغفران) لكي أستعيد ذكرياتي الجميلة».
وكشف الباهي أن جائحة «كورونا» كانت سبباً رئيسياً في تأخر ظهور الفيلم للجمهور: «تحضيرات الفيلم كانت صعبة للغاية، فمع انطلاق شرارة التحضير وبدء التصوير، اجتاح فيروس (كورونا) العالم وتونس، وعلى أثرها تم تأجيل التصوير، ومع هدوء الجائحة تكلفت بمهرجان قرطاج السينمائي، واعتدت ألا أشغل نفسي بأكثر من عمل في وقت واحد، لذلك تم تأجيل العمل على الفيلم إلى أن أنتهي من عملي في المهرجان، وخلال العام الماضي انتهينا من تصوير العمل والتعديلات والتأثيرات الصوتية والمونتاج، وقررنا أن يكون العرض العالمي الأول له في مهرجان القاهرة السينمائي».

المخرج رضا الباهي والفنانة الإيطالية كاتيا جريكو

وأشار المخرج التونسي إلى أن إعادة أجواء الخمسينات في الفيلم كانت أصعب ما مر به خلال التصوير: «ما أرهقني في تصوير الفيلم، هو إعادة أجواء فترة خمسينات القرن الماضي في تونس من جديد، فقصة العمل تدور حول شخص يتذكر ما كان يحدث له في خمسينات القرن الماضي، فكان عليّ أن أدقق في كافة التفاصيل الخاصة بالزي التونسي في ذلك الوقت، والإكسسوارات التي كانت تستخدم، وأدقق حتى لا أقع في الخطأ وأظهر أموراً بلاستيكية عديدة، كما أن فكرة الحصول على الملابس القديمة كانت صعبة للغاية، ولكن الحمد لله وُفقنا بشكل كبير أن نعيد تلك الفترة بكل ما فيها بدقة».
وعن مشاركة الفنانة العالمية كلوديا كاردينالي في الفيلم قال: «كلوديا كاردينالي فنانة عالمية، وهي أحد رموز السينما الإيطالية، ونفتخر بكونها تحمل جزءاً تونسياً بداخلها؛ لأن أهلها عاشوا في تونس، وحينما تواصلت معها كانت ممتنة للمشاركة في الفيلم، ولم أجد معها أي صعوبة، ولكن عملت على تقليل دورها بسبب ظروفها الصحية، فهي تبلغ من العمر حالياً 85 عاماً».
وشدد رضا الباهي على أن رسالة فيلمه المشارك في مهرجان القاهرة هي أهمية التعايش مع بعضنا مثلما كان في الماضي: «رسالتي الأولى والأخيرة في الفيلم، هي أهمية التعايش مع بعضنا كبشر مثلما كنا نعيش في الماضي، ولا نجعل اختلاف الأديان والثقافات والتوجهات السياسية يحدد شكل التعايش مثلما أصبح يحدث لنا في الفترة الأخيرة، خاصة بعد ثورات (الربيع العربي)».
أما الفنانة الإيطالية كاتيا جريكو، فقد أعربت عن سعادتها بالمشاركة في الفيلم، شاكرة المخرج رضا الباهي على منحها فرصة الوجود في فيلم عربي بمسيرتها الفنية، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «أشكر المخرج رضا الباهي على منحه فرصة الظهور للجمهور العربي من خلال فيلم (الغفران) بتجسيدي شخصية (روزا) التي دارت قصة شخصيتها بين السياسية والإنسانية».
وأعربت جريكو عن سعادتها البالغة لمشاركتها مع الفنانة العالمية كلوديا كاردينالي في عمل فني: «الوقوف أمام فنانة مثل كلوديا كاردينالي هو أمر عظيم، فهي إنسانة جميلة للغاية، كما أنها فنانة على مستوى عالٍ من الأداء».


مقالات ذات صلة

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».