الموسيقى التصويرية تسجل حضوراً لافتاً في مصر

عبر برنامج جديد بـ«الأوبرا» يحتفي بمقدميها

الفنان خالد داغر رئيس البيت الفني للموسيقى والأوبرا والباليه
الفنان خالد داغر رئيس البيت الفني للموسيقى والأوبرا والباليه
TT

الموسيقى التصويرية تسجل حضوراً لافتاً في مصر

الفنان خالد داغر رئيس البيت الفني للموسيقى والأوبرا والباليه
الفنان خالد داغر رئيس البيت الفني للموسيقى والأوبرا والباليه

ما إن أطلقت دار الأوبرا المصرية أحدث مشاريعها الفنية الخاصة باستحداث سلسلة حفلات لمؤلفي الموسيقى التصويرية والدرامية المصرية والعربية، حتى نفدت تذاكر الحفل الأول للمشروع والمُزمع إقامته للفنان خالد حماد بالمسرح الكبير، وذلك عقب فتح شباك الحجز.
وكان الدكتور مجدي صابر رئيس دار الأوبرا المصرية قد أقر أول من أمس، مشروع الدكتور خالد داغر، رئيس البيت الفني للموسيقى والأوبرا والباليه والخاص ببدء برنامج حفلات لمؤلفي الموسيقى التصويرية والدرامية لأول مرة، على أن تبدأ بحفل للموسيقار خالد حماد، بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو ناير ناجى، في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي على المسرح الكبير.

بروفة للحفلات المقبلة لتحويل  بعض المؤلفات إلى أعمال أوركسترالية (الشرق الأوسط)
ويضم البرنامج سلسة حفلات ستقام بشكل منتظم ودائم في تقليد جديد للأوبرا المصرية، وذلك لأعمال مؤلفين مصريين وعرب لطالما أمتعوا وجدان الجمهور بأعمالهم عبر الدراما، وفق خالد داغر، الذي أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الأوبرا هي بيت الفن، ونحن نحاول دوما أن نقدم للجمهور المنتج الإبداعي الحقيقي والجيد، من دون الاقتصار على لون فني واحد مكرر؛ فالأوبرا دوماً تحتضن المحتوى الذي يليق بالمكان، وتمد يدها لكل فنان يسعى لتقديم هذا المحتوى».
ويلفت إلى أن «الموسيقى التصويرية مكمل لنسيج العمل الدرامي؛ حيث يوظف المؤلف الموسيقي عناصر اللحن والإيقاع والتكثيف النغمي والتلوين الصوتي فى عمل يجسد المشاعر المنشود نقلها للمتلقي». ويتابع: «ويعتبرها النقاد (نصف البصر الدرامي) لكونها الوسيلة الأقوى التي توفر للمشاهد فرصة الاندماج في المشهد»، وقد تعرضت طويلا للتجاهل، وآن الأوان لإنصافها وهو شيء لصالح العملية الفنية، موضحاً «يتبنى المشروع عدة أهداف؛ فهو سيعمل على اجتذاب الجمهور للفنون الراقية، ورفع الذائقة الفنية له كما سيساهم في التشجيع على تقديم المزيد من روائع الموسيقي التصويرية في الدراما التليفزيونية والسينما المصرية، فضلاً عن اكتشاف ودعم المواهب الفنية الجديدة في عالم الموسيقى».
وقال داغر إن الحفلات لن تقتصر على الأسماء الشهيرة وحدها؛ حيث سنقدم أيضا حفلات مُجمعة لمؤلفين شباب قدموا أعمالاً مبدعة لكنها قليلة بحكم أنهم في بداية مشوارهم الفني، بحيث يتضمن الحفل الشبابي نحو 4 فنانين، مضيفاً «أما الحفلات الفردية فستبدأ بمجموعة من أشهر المؤلفين الموسيقيين المصريين ومنهم، عمر خيرت، وخالد حماد، ومودي الإمام، وهشام خرما، وشادي مؤنس، وخالد الكمار، ومحمود طلعت، ومحمد نزيه، وتامر كروان، وعادل حقي، وعمرو إسماعيل، وهيثم الخميسي، وخالد نبيل، ومصطفي الحلواني، وأمير هداية، وجورج قلته، وأشرف محروس، وأشرف الزفتاوي، ومصطفى صبحي، وشريف الوسيمي وغيرهم».

فيلم «دعاء الكروان» بقيت موسيقاه في وجدان الجمهور العربي
وأضاف «نطلق المشروع رسمياً بعد سلسلة اجتماعات مكثفة مع الفنانين الذين يمثلون علامة في تاريخ الموسيقى التصويرية، وتنبع الفكرة من رصدنا للاهتمام المتزايد من جانب الجمهور المصري بالموسيقى التصويرية، وبحفلات بعض المؤلفين الموسيقيين، ومنهم الفنان الكبير عمر خيرت الذي اجتذب الجمهور بشكل غير مسبوق في مهرجان القلعة بنسخته الأخيرة، فضلاً عن حفلاته التي تحقق نجاحاً منقطع النظير».
وأردف: «كما لوحظ أن الجمهور أصبح متعلقاً بأعمال الموسيقى التصويرية ومنها مؤلفات هشام خرما ومحمد نزيه وتعرف أسماؤها أكثر من الأعمال الدرامية التي قُدمت من خلالها، والدليل على ذلك نفاد تذاكر الفنان خالد حماد بعد ساعات من توفيرها في شباك التذاكر»، مضيفا: «لقد أصبحت الموسيقى التصويرية إبداعاً قائماً بذاته بالنسبة للجمهور بصرف النظر عن الدراما»، مشيراً إلى أن «الموسيقى مع الصورة قد سبقت الحوار في الأعمال الفنية، حيث بدأت السينما صامتة كما هو معروف».
وستتميز حفلات المشروع الفني الجديد عن أي حفلات قُدمت فيها من قبل الموسيقى التصويرية بحسب رئيس البيت الفني للموسيقى والأوبرا والباليه. ويقول: «إذ كانت الحفلات السابقة فردية مستقلة أو مرتبطة بحدث أو مهرجان، كما أن الموسيقى التصويرية لم تكن هي الموضوع الوحيد لها، فهي كانت مجرد فقرات فيها، في حين أنه في حفلات الأوبرا التي ستقام في إطار هذا البرنامج ستتميز بالاستمرارية وتقديم هذا اللون الفني وحده بانتظام».
و«ينتظر جمهور هذه الحفلات مجموعة من المفاجآت، ومنها تحويل بعض المؤلفات إلى أعمال أوركسترالية، ومن المعروف أن حلم كل مؤلف موسيقي تقديم بعض أعماله في قالب أوركسترالي؛ باعتبار أنه الشكل المتكامل أو التكوين الأعلى قيمة للعمل الموسيقي؛ حيث تتيح له تمتع عمله بمختلف (الرينجات) أي الأصوات الموسيقية المختلفة، وهو أمر صعب تحقيقه بسبب ارتفاع التكلفة، إلا أن الأوبرا ستحقق ذلك للمؤلفين من خلال هذا البرنامج الفني»، بحسب داغر الذي أضاف: «سيساهم هذا الأمر بدوره في المزيد من الثراء والتنوع للمكتبة الموسيقية المصرية، كما أنه من شأنه أن يرفع من استساغة وتذوق الجمهور العربي للموسيقى الأوركسترالية؛ ومن ثم إقباله عليها؛ لأنه سيجد موسيقى قريبة من قلبه ومشاعره وسبق له الاستمتاع بها تُقدم له في شكل أوركسترالي».
إلى هذا ستأتي الحفلات بقيادة أشهر المايسترو ومنهم نادر عباسي، وناير ناجي، إلى جانب مجموعة من المواهب الواعدة الجديدة، لكن بالطبع لن تقتصر على الأعمال الأوركسترالية؛ إذ ستقدم بعض الأعمال الأصلية كما هي؛ لإرضاء كل الأذواق.
يُذكر أن مصر تتمتع بتاريخ طويل في مجال الموسيقى التصويرية وتعتبر من رواد هذا المجال في الفن العربي؛ في السينما والمسرح والتلفزيون؛ حيث تزخر مكتباتها بالعديد من المؤلفات الخالدة لكبار الموسيقيين، ومنهم أندريه رايدر، وعلي إسماعيل، وعمر خيرت، وجمال سلامة، ويحيى الموجي، وهاني شنودة، وعمار الشريعي، وراجح داود، وهاني مهنى، ومودي الإمام، وغيرهم، وتوجد سلسلة من الأعمال التي خلدت موسيقاها التصويرية ومنها فيلم «دعاء الكروان»، و«سواق الأتوبيس»، ومسلسل «رأفت الهجان»، و«ضمير أبلة حكمت».


مقالات ذات صلة

«البحث عن رفاعة»... وثائقي يستعيد سيرة «رائد النهضة المصرية»

يوميات الشرق فيلم «البحث عن رفاعة» يتناول مسيرة رفاعة الطهطاوي (فيسبوك)

«البحث عن رفاعة»... وثائقي يستعيد سيرة «رائد النهضة المصرية»

يستعيد الفيلم الوثائقي المصري «البحث عن رفاعة» سيرة أحد رواد النهضة الفكرية في مصر ببدايات القرن الـ19، رفاعة رافع الطهطاوي، الذي كان له دور مهم في التعليم.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق المحيسن خلال تصوير فيلمه «ظلال الصمت» (موقعه الشخصي)

عبد الله المحيسن لـ«الشرق الأوسط»: خسرت أموالاً كثيرة بسبب الفن

أكد رائد السينما السعودية، المخرج عبد الله المحيسن، أن تجربته في العمل الفني لم تكن سهلة على الإطلاق، متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» عن الصعوبات التي واجهها.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق شكري سرحان وشادية في أحد أفلامهما (يوتيوب)

لماذا تفجر «الآراء السلبية» في الرموز الفنية معارك مجتمعية؟

أثارت واقعة التشكيك في موهبة الفنان الراحل شكري سرحان التي فجرها رأي الممثلين أحمد فتحي وعمر متولي عبر أحد البرامج ردود فعل متباينة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثلة الأميركية الشهيرة كاميرون دياز (د.ب.أ)

كاميرون دياز: عشت أفضل سنوات حياتي أثناء اعتزالي للتمثيل

قالت الممثلة الأميركية الشهيرة كاميرون دياز إن فترة الـ10 سنوات التي اعتزلت فيها التمثيل كانت «أفضل سنوات في حياتها».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق في فيلمه السينمائي الثالث ينتقل الدب بادينغتون من لندن إلى البيرو (استوديو كانال)

«بادينغتون في البيرو»... الدب الأشهر يحفّز البشر على مغادرة منطقة الراحة

الدب البريطاني المحبوب «بادينغتون» يعود إلى صالات السينما ويأخذ المشاهدين، صغاراً وكباراً، في مغامرة بصريّة ممتعة لا تخلو من الرسائل الإنسانية.

كريستين حبيب (بيروت)

«البحث عن رفاعة»... وثائقي يستعيد سيرة «رائد النهضة المصرية»

فيلم «البحث عن رفاعة» يتناول مسيرة رفاعة الطهطاوي (فيسبوك)
فيلم «البحث عن رفاعة» يتناول مسيرة رفاعة الطهطاوي (فيسبوك)
TT

«البحث عن رفاعة»... وثائقي يستعيد سيرة «رائد النهضة المصرية»

فيلم «البحث عن رفاعة» يتناول مسيرة رفاعة الطهطاوي (فيسبوك)
فيلم «البحث عن رفاعة» يتناول مسيرة رفاعة الطهطاوي (فيسبوك)

يستعيد الفيلم الوثائقي المصري «البحث عن رفاعة» سيرة أحد رواد النهضة الفكرية في مصر ببدايات القرن الـ19، رفاعة رافع الطهطاوي، الذي كان له دور مهم في التعليم والترجمة، ويستضيف الفيلم المركز الثقافي بيت السناري بحي السيدة زينب (وسط القاهرة)، التابع لمكتبة الإسكندرية، الأربعاء.

يتتبع الفيلم مسيرة رفاعة الطهطاوي عبر رؤية سينمائية تدمج المكان بالأحداث بالموسيقى، ويتناول شخصية وأفكار رفاعة الطهطاوي، أحد رواد النهضة الفكرية في مصر، ويُقدم رؤية سينمائية تجمع بين التاريخ والواقع، مسلّطاً الضوء على إسهاماته في تشكيل الوعي العربي الحديث، وفق بيان لمكتبة الإسكندرية.

ويُعدّ رفاعة الطهطاوي من قادة النهضة العلمية في مصر خلال عصر محمد علي، وقد ولد في 15 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1801، في محافظة سوهاج بصعيد مصر، والتحق بالأزهر ودرس على يد علمائه علوم الدين مثل الفقه والتفسير والنحو، ومن ثَمّ سافر إلى فرنسا في بعثة علمية وعاد ليضع خطة لإنشاء مدرسة الألسُن، ووضع كتباً عدّة من بينها «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»، و«مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية»، و«المرشد الأمين في تربية البنات والبنين»، وتوفي رفاعة الطهطاوي عام 1873، وفق الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.

بيت السناري في القاهرة (بيت السناري)

جدير بالذكر أن الفيلم وثائقي طويل، تبلغ مدته 61 دقيقة، وأخرجه صلاح هاشم، وقام بالتصوير والمونتاج المصور اللبناني سامي لمع، والمنتج المنفذ نجاح كرم، والموسيقي يحيى خليل، وهو من إنتاج شركة سينما إيزيس.

وأوضحت «سينما إيزيس» المنتجة للفيلم أنه عُرض لأول مرة في 2008 بجامعة لندن، قسم الدراسات الشرقية. وشارك في مهرجانات عربية وعالمية عدّة، من بينها «كارافان السينما العربية والأوروبية» في عمّان بالأردن، و«متحف الحضارات الأوروبية والمتوسطية» في مارسيليا بفرنسا، تحت عنوان «الطهطاوي... مونتسكيو العرب».

وكان مخرج الفيلم قد تحدّث في ندوة بجامعة لندن عقب العرض الأول له، عن تصوير أكثر من 20 ساعة بين القاهرة وأسيوط وطهطا (بلد رفاعة)، وأن مونتاج الفيلم استغرق نحو 6 أشهر بين مدن أوروبية، موضحاً أن الهدف من صنع الفيلم هو التحفيز على التفكير في فكر رفاعة ومعتقداته بخصوص مفاهيم ومعاني النهضة والتقدم.

ولفت إلى أنه أراد تقديم رؤية لرفاعة بأسلوب موسيقى الجاز، وهو ما ظهر في إيقاع الفيلم، موضحاً أن الفيلم أيضاً أراد أن يبعث برسالة مفادها بأن السينما ليست مجالاً للتسلية أو الترفيه فقط، بل يمكن أن تكون أداة للتفكير في الواقع ومشاكل مجتمعاتنا، كما يمكن أن تكون وسيلة للمحافظة على ذاكرتنا.

ويُعدّ بيت السناري الذي يستضيف عرضاً جديداً للفيلم من المراكز الثقافية التي تعتمد على تقديم الأنشطة المتنوعة، والمركز التابع لمكتبة الإسكندرية، هو بيت أثري يعود لنهايات القرن الـ18، وكان مقراً لعلماء وفناني الحملة الفرنسية على مصر بين 1798 و1801م.