تصاعد التوتر في العلاقات الفرنسية - الإيرانية

ماكرون يندد بـ«عدوانية» طهران تجاه بلاده ويدعوها إلى الهدوء

ماكرون خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة العشرين في بالي اليوم (أ.ف.ب)
ماكرون خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة العشرين في بالي اليوم (أ.ف.ب)
TT

تصاعد التوتر في العلاقات الفرنسية - الإيرانية

ماكرون خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة العشرين في بالي اليوم (أ.ف.ب)
ماكرون خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة العشرين في بالي اليوم (أ.ف.ب)

يوماً بعد يوم، تزداد العلاقات الفرنسية - الإيرانية توتراً، وذلك على الرغم من أن باريس تعد من أكثر العواصم الغربية تمسكاً بتواصل الحوار مع طهران، وأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن، أول من أمس (الاثنين)، أنه عازم على الاتصال بنظيره الإيراني إبراهيم رئيسي في «الأسابيع المقبلة».
إلا أن التطورات التصعيدية الحاصلة تترك مساحة ضيقة للغاية للحوار؛ خصوصاً أن العلاقات الثنائية الفرنسية - الإيرانية تتداخل مع ملفات أخرى لها علاقة بالملف النووي الإيراني، وما يحصل في فيينا حالياً، في إطار اجتماعات مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة النووية، واستمرار ما تعتبره فرنسا سياسة إيرانية «مزعزعة للاستقرار» في جوارها الإقليمي.
بيد أن الصاعق الذي دفع العلاقات بين الطرفين إلى حد الهاوية، عنوانه الحراك الاحتجاجي في إيران، منذ أواسط شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، واللغة الاستثنائية التي استخدمها ماكرون في توصيف ما يحدث، واعتباره «ثورة».
يضاف إلى ذلك استمرار احتجاز طهران لسبعة فرنسيين، تعتبرهم باريس «رهائن دولة». والأسوأ من ذلك أن الأجهزة الأمنية والقضائية الإيرانية تنظر إلى 4 منهم على أنهم جواسيس. وبداية الشهر الماضي، بث التلفزيون الإيراني «اعترافات» النقابيين: سيسيل كوهلر، ورفيق دربها جاك باريس، تضمنت تأكيدهما أنهما ينتميان إلى جهاز المخابرات الخارجية الفرنسية، وأنهما قدما إلى إيران للمساعدة على قلب النظام. وردت وزيرة الخارجية الفرنسية على ذلك يوم السبت الماضي قائلة: «من المهم جداً أن نذكِّر إيران بواجباتها الدولية. وإذا كان هدفها ممارسة الابتزاز (إزاء فرنسا)، فإن هذا (السلوك) لن ينفع؛ لأنه الطريقة السيئة للتعامل مع فرنسا».
يبدو بوضوح أن التحذيرات الفرنسية لم تجدِ نفعاً. فقد أعلن وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي، في حديثه للتلفزيون الإيراني، اليوم، أنه «تم اعتقال أشخاص من جنسيات مختلفة في أعمال الشغب، لعب بعضهم دوراً كبيراً، وكانت هناك عناصر من وكالة المخابرات الفرنسية، وسيتم التعامل معهم وفق القانون». ولم يعرف حتى عصر اليوم ما إذا كان وحيدي يشير إلى الشخصين الإضافيين اللذين أشارت وزيرة الخارجية كاترين كولونا إلى اعتقالهما، بحيث ارتفع العدد من 5 أشخاص إلى 7، أم أن هناك أشخاصاً آخرين حسب تلميح الوزير الإيراني.
إزاء هذا الوضع، لم يتردد الرئيس ماكرون، اليوم، في مؤتمره الصحافي من بالي، بعد اختتام أعمال قمة العشرين، في الحديث عن «عدوانية» إيرانية. وجاء في حرفية ما قاله: «أرى عدوانية متزايدة من جانب إيران تجاهنا، بأخذ رهائن، وهو أمر غير مقبول (و) عدوانية تجاه المنطقة... من خلال أعمال عدوانية للغاية في الأيام القليلة الماضية على الأراضي العراقية». وأضاف: «فرنسا لطالما احترمت القادة والشعب الإيرانيين، ولطالما (اعتمدنا) نهج الحوار والاحترام. أعتقد أن الخيارات التي اتُّخذت في الأشهر الأخيرة من جانب إيران لا تذهب في هذا الاتجاه. لذا أحثها على العودة إلى الهدوء وروح التعاون. وأدعوها إلى احترام الاستقرار الإقليمي وكذلك احترام المواطنين الفرنسيين».
ومرة أخرى، وصف الرئيس الفرنسي ما يحصل في إيران بأنه «ثورة»، وقال في إشارة إلى «ثورة الشباب»: «إنهم يدافعون عن قيمنا ومبادئنا العالمية. وعندما أقول مبادئنا، أتحدث ليس فقط عن فرنسا، إنما (هذه المبادئ) عالمية، هي أيضاً (مبادئ) ميثاق الأمم المتحدة: المساواة بين النساء والرجال، وكرامة كل إنسان».
وختم ماكرون قائلاً: «أعتقد أنه أمر شرعي هنا أيضاً، مع الاحترام الكامل لسيادة إيران، الإشادة بشجاعة وشرعية هذه المعركة التي تعتبرها السلطات الإيرانية (أعمال شغب)» وبسببها حكم قضاؤها بعقوبة الموت على 4 أشخاص، وقتل المئات، واحتجز أضعاف أعدادهم.
لم «تهضم» السلطات الإيرانية دعم فرنسا لفرض عقوبات إضافية على طهران، ولا استقبال ماكرون يوم الجمعة الماضي 4 شابات إيرانيات في قصر الإليزيه، وأن يؤكد أن باريس «تدعم» حراكهن وتعتبره «شرعياً».
من هنا، لا يستبعد أن يكون كلام وزير الداخلية وإشارته إلى وجود عناصر مخابراتية فرنسية بين الأشخاص الذين أوقفوا، بمثابة رد على المواقف الفرنسية التي تُفهم على أنها تشجيع للحركة الاحتجاجية، وتوفير أصداء دولية لها؛ خصوصاً من بالي؛ حيث تجمع كبار قادة العالم.
قطعاً، تتداخل الملفات الخلافية بين باريس وطهران فيما بينها، وتجعل معاودة الحوار بين الجانبين بالغة الصعوبة. وحتى اليوم، لم ترد إيران على طلب فرنسا «الإفراج الفوري» عن مواطنيها. ووصفت كولونا الاتصال الهاتفي بنظيرها الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بأنه كان «صعباً».
وترى مصادر سياسية في باريس أن التصعيد المتواصل بينها وبين طهران، من شأنه أن يقضي على مشروع الرئيس الفرنسي، بالدعوة إلى ما يسمى مؤتمر «بغداد 2»؛ لأنه سيجعل حضور إيران مستبعداً. ولأن ماكرون يريد المؤتمر منصة للحوار ومعالجة القضايا العسيرة بين طهران وجوارها الإقليمي، فإن غيابها سيفرغ المؤتمر من معناه.



إيران تعتقل مغنية بثت حفلاً على «يوتيوب» دون حجاب

عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
TT

إيران تعتقل مغنية بثت حفلاً على «يوتيوب» دون حجاب

عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

اعتقلت السلطات الإيرانية مغنية بعد أن أدت حفلاً افتراضياً على «يوتيوب»، حسبما أفاد محامٍ.

وقال ميلاد بناهيبور، المحامي الإيراني، إن باراستو أحمدي (27 عاماً)، اعتُقلت في مدينة ساري، عاصمة محافظة مازندران الشمالية، يوم السبت.

يوم الخميس، أقامت السلطة القضائية قضية تتعلق بأداء باراستو أحمدي في الحفل؛ حيث غنت مرتدية فستاناً أسود طويلاً بلا أكمام ولا ياقة ودون حجاب، وكان برفقتها 4 موسيقيين ذكور.

ونشرت باراستو أحمدي حفلها على «يوتيوب» قبلها بيوم، قائلة: «أنا باراستو، فتاة تريد أن تغني للناس الذين تحبهم. هذا حق، الغناء لأرض أحبها بشغف». وقد تمت مشاهدة الحفل الافتراضي أكثر من 1.4 مليون مرة.

قال بناهيبور، لوكالة «أسوشييتد برس»: «للأسف، لا نعرف التهم الموجهة ضد باراستو أحمدي، أو من اعتقلها، أو مكان احتجازها، لكننا سنتابع الأمر من خلال السلطات القانونية».

وأضاف أن اثنين من الموسيقيين في فرقة أحمدي، هما سهيل فقيه نصيري وإحسان بيرغدار، اعتُقلا في طهران يوم السبت.

شهدت إيران احتجاجات في عام 2022 بعد وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، بعد اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق في البلاد بسبب عدم ارتدائها الحجاب.