قلل سياسيون ليبيون من أهمية التهديد الذي أصدره المبعوث الخاص للولايات المتحدة وسفيرها لدى البلاد ريتشارد نورلاند، بحق من وصفهم بـ«معرقلي الحل السياسي»، مشيرين إلى أنهم «اعتادوا مثل هذه التصريحات منذ سنوات دون تفعيل أي آليات للعقاب».
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة، أبو القاسم قزيط، إن حديث نورلاند، حول إعادة تقييم بلاده لعلاقاتها مع بعض المؤسسات الليبية «مكرر وغير جدي»، مضيفا: «لقد تكررت مثل هذه التصريحات السنوات الماضية دون تفعيل لأي من آليات الضغط التي تملكها واشنطن، وهذا يعني باختصار غياب الإرادة السياسية لديها، وعدم احتلال الملف الليبي أولوية بأجندتها في المنطقة».
وكان نورلاند، شدد على ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة للانتهاء من إعداد «قاعدة دستورية» تفضي إلى انتخابات موثقة وشفافة، ملوحاً باحتمال إقدام بلاده على معاقبة «معرقلي الحلول السياسية في ليبيا». وهو ما اعتبره البعض إشارة لمجلسي النواب و«الأعلى للدولة».
ورفض قزيط، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» تحميل المجلسين بمفردهما مسؤولية الفشل في التوصل إلى «قاعدة دستورية»، متابعا: «هذا تزييف للمشهد، فـ(ملتقى الحوار السياسي) الذي رعته البعثة الأممية أواخر عام 2020 وتشكل ثلثاه فقط من أعضاء المجلسين والباقي اختارتهم البعثة من شخصيات مستقلة أخفق أيضاً في التوافق على تلك القاعدة».
ولم يبتعد زميل أول بمعهد الدراسات الدولية في جامعة «جونز هوبكنز» الليبي حافظ الغويل، عن الطرح السابق، وذهب إلى أن «هدف الإدارة الأميركية ينحصر في إيجاد حكومة ليبية (موحدة) يمكن التعامل معها، وهو ما يستبعد معه كلية الانخراط بالملف لدرجة فرض عقوبات على أجسام وشخصيات سياسية كما يلوح نورلاند».
وقال الغويل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» نورلاند، «يندد ويتوعد منذ سنوات، ولكن واشنطن ليست مستعدة لتوظف أي أداة تملكها كوسيلة عقاب لأي طرف ليبي، وبالطبع لن تتدخل عسكرياً».
وفي تحليله للمسعى الأميركي بإيجاد حكومة «موحدة» تأتي عن طريق الانتخابات، قال الغويل، «واشنطن تريد كيانا تنفيذيا موحدا تستطيع التعامل معه»، ورأى أن ليبيا «لا تهم واشنطن إلا فيما يتعلق بقضية أمن البحر المتوسط، ومحاربة الإرهاب».
وتابع: «الأميركيون يرون ليبيا بؤرة قلق، ولكنها إلى الآن لا تشكل خطرا يذكر على مصالحهم»، وزاد: «حتى التواجد الروسي في ليبيا تعتبره واشنطن غير مؤثر لقلة أعداد عناصر شركة (فاغنر) المتواجدين بالبلاد، وبالتالي لا يشكل هذا تهديدا مباشرا لأمنها، أو أمن حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لذا ترى أنه ليس من المجدي استثمار أي آلية لضبط الأوضاع هناك».
وأشار الغويل، إلى «وجود ما يشبه القناعة لدى الإدارة الأميركية بأن الأوضاع في ليبيا لن تتحسن، وأن أي انتخابات سيتم التوصل إليها لن تكون نزيهة»، كما أن «الرئيس أو السلطة القادمة ستكرر سيناريو من سبقوها في تهميش الخصوم، ومحاولة البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة».
منوها إلى أن أميركا «ترصد تحركات قوى ليبية، لا تمتلك أي رؤى أو أهداف سياسية، ولا تهتم إلا بالاستيلاء على السلطة وعوائد النفط».
ورغم توافقه مع الآراء السابقة في تشككه بجدية النوايا الأميركية، إلا الأكاديمي الليبي، المبروك درباش، يرى «استحالة وجود أي تهديد أو عقوبة فعلية يمكن اتخاذها بمواجهة الشخصيات الليبية المعرقلة للحلول السياسية».
وقال درباش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «أي تهديد لهؤلاء هو تهديد بلا أنياب»، ويرى أن «أموال هذه الشخصيات مخبأة بعيدا عن الحسابات البنكية، وكثير منها لا يعبر حدود البلاد إلا لتركيا ودول أخرى محددة بالمنطقة، وبالتالي لن يجدي معهم فرض عقوبات التجميد، وما شابه ذلك».
كما أن العقوبات تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن، و«بالطبع توافق الأخير حول مثل هذه القرارات يعد مستحيلا الآن في ظل حالة الانقسام الدولي».
وأكمل درباش، «وحتى في حال حدوث قرار بالمعاقبة فسيظل معطلا داخل ليبيا. منوهاً إلى أن قائد ما يعرف بـ«لواء الصمود» صلاح بادي، مدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 «لتقويضه عملية التوصل إلى حل سياسي في البلاد من خلال دعمه للمقاومة المسلحة» ورغم ذلك لا يزال حرا.
وأبدت الأكاديمية الليبية فيروز النعاس، تعجبها من استمرار تعويل المجتمع الدولي والبعثة على مجلسي النواب و(الأعلى للدولة) واستمرار تلويح البعض في الوقت ذاته بمعاقبة المعرقلين للحل السياسي.
وأوضحت النعاس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «الجميع يعرف جيدا أن المجلسين سوف ينتهي وجودهما بالساحة السياسية إذا ما أجريت الانتخابات، فكيف يتوقعون منهما أي حل»؟
وترى النعاس، «أنه لو وجدت نوايا أميركية ودولية صادقة للضغط بشأن تحقيق الانتخابات، لخضع الجميع منذ البداية لتنظيم الاستفتاء على مسودة الدستور التي أعدت من قبل هيئة منتخبة من الشعب الليبي، منذ عام 2017»، متابعة: «للأسف المجتمع الدولي والبعثة تجاهلوا تلك المسودة وبحثوا عن حلول لدى النواب و(الأعلى للدولة)».
سياسيون ليبيون يعتبرون تهديد واشنطن لـ«معرقلي» الحل السياسي «غير جدي»
قالوا إنها غير مستعدة لمعاقبة أي طرف بالبلاد
سياسيون ليبيون يعتبرون تهديد واشنطن لـ«معرقلي» الحل السياسي «غير جدي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة