حسن بنجلون: فيلم «جلال الدين» يطرح المسكوت عنه في المجتمع المغربي

قال لـ«الشرق الأوسط» إن سينما بلاده تتقدم كماً وكيفاً

المخرج المغربي حسن بنجلون
المخرج المغربي حسن بنجلون
TT

حسن بنجلون: فيلم «جلال الدين» يطرح المسكوت عنه في المجتمع المغربي

المخرج المغربي حسن بنجلون
المخرج المغربي حسن بنجلون

قال المخرج المغربي، حسن بنجلون، إن أحدث أفلامه «جلال الدين» يعرض لـ«كثير من المسكوت عنه في المجتمع المغربي»، مؤكداً أن «سينما بلاده تتقدم كماً وكيفاً»، فيما أبدى تفاؤله بعرض أفلامه بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.
وكان الفيلم قد عرض، أمس (الثلاثاء)، في المسرح الكبير بدار الأوبرا، ضمن برنامج «آفاق السينما العربية» الذي يتنافس على جوائزه ضمن سبعة أفلام أخرى. ويطرح الفيلم أزمة جلال الدين الذي تموت زوجته بعد مرض صعب، ويقع في خطيئة كبيرة قبل موتها، ليكتشف فداحة ما وقع فيه، ما يجعله يلجأ لعزل نفسه مع أحد المشايخ واتباع تعليماته، وبعد عشرين عاماً يعثر على النور بداخله ويصبح معلماً يعيش في عزلة اختيارية، لا يقطعها سوى وصول حفيده لينضم إليه. يتبع الفيلم التحول الكبير الذي عاشه البطل من خلال معالجة شديدة العذوبة لعالم الصوفية ومدى التسامح الذي يتمتع به البطل بعد أن عرف طريقه. ويشارك في بطولة الفيلم ياسين أحجام، وفاطمة الناصر، وفاطمة زهراء بلادي، وأيوب اليوسفي، وشهد العرض حضور عدد من الفنانين المصريين من بينهم، ليلى علوي، ومحمود حميدة، وإلهام شاهين، وأحمد الفيشاوي.

وحسن بنجلون، أحد كبار مخرجي السينما المغربية، وهو مخرج وكاتب ومنتج يعنى بطرح مشكلات المجتمع المغربي، وقد حظيت أفلامه بجوائز جلبت له تقديراً محلياً ودولياً.
واعتاد المخرج المغربي المشاركة بأفلامه في مهرجان القاهرة السينمائي، مؤكداً أنه «يتفاءل بعرضها من خلاله». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه خامس مرة أشارك بأفلامي في المهرجان، وكانت المرة الأولى عام 1990 خلال رئاسة الراحل سعد الدين وهبة، وبيني وبين المهرجان قصة حب، وأتفاءل به، ويكون مؤشراً مهماً لي، وقد اهتم المهرجان دائماً بحضور السينما المغربية والسينما العربية عموماً منذ بدايته».
استغرق الفيلم ست سنوات لإنجازه رغم أن التصوير لم يتجاوز أسبوعاً. ويفسر بنجلون ذلك قائلاً: «بدأنا التصوير ثم توقفنا سنتين بسبب (كوفيد - 19)، كما أن الإنتاج لم يكن كافياً، وقد حصلت على دعم من المركز السينمائي المغربي؛ لكنه يظل دعماً محدوداً، إذ يسمح للمخرج بأن يدير الفيلم، لكن عليه البحث عن مصادر تمويل أخرى خارجية، وخلال الجائحة كانت الظروف صعبة، ولو كانت لدي ميزانية أكبر، كانت ستختلف الأمور على الأقل في مدة التصوير الذي أنجزته في أسبوع، بينما الفيلم كان يتطلب عدة أسابيع».
ويعد بنجلون من أنصار سينما المؤلف؛ حيث اعتاد كتابة سيناريوهات جميع أفلامه، ولم يقدم فيلماً واحداً لمؤلفين آخرين، مثلما يؤكد: «أصنع أفلاماً لأن لدي أفكاراً تلح عليّ فأكتبها بنفسي وأصورها»، نافياً أن «يكون الفيلم عن قصة واقعية»، قائلاً: «هي مجموعة مواقف وأفكار أدونها حتى تكتمل؛ لكنني مثل بطل الفيلم أميل إلى الجانب الروحاني في الحياة».
وعبر المخرج المغربي عن سعادته بردود الأفعال التي قوبل بها الفيلم في عرضه العالمي الأول، قائلاً: «الحقيقة كنت خائفاً قبل العرض لحساسية بعض ما يطرحه عن الحب والعائلة، وعدة أشياء كنت أخشي ألا تصل للجمهور، لكن الحمد لله شعرت بتجاوب كبير من الجمهور والفنانين المصريين الذين أشادوا بالفيلم».

يبدو جلال الدين بالفيلم متسامحاً بعدما اعتزل الحياة العادية، وهو ما يفسره بنجلون «لقد تسامح لأن بين الابن وزوجته قصة حب وهما متعلقان ببعضهما، أعطاها الفرصة لتستكمل حياتها بينما عاقب نفسه بالاعتزال في الزاوية، واختار عالماً آخر، وهو رجل مسكون بالحب، فقد ترك حياته المعتادة وبدت البلدة خلفه في المشهد تعبيراً عن تركه كل ما يتعلق بماضيه، والفيلم يطرح كثيراً من المسكوت عنه في المجتمع». وقدم المخرج الممثلة التونسية فاطمة الناصر في شخصية «هبة» الزوجة التي تعشق زوجها، ويأتي موتها ليكون سبباً في اعتزاله الحياة.
حول اختيارات الممثلين، يقول بنجلون: «فاطمة كانت مناسبة لهذا الدور وهي تعبر بشخصيتها عن الحب في أسمى صوره، وهي تريد أن تراه سعيداً حتى وهي تحتضر، وقد لا تتوافق مع موقفها أغلب النساء في الواقع، لكنها عرفت السعادة والحب مع زوجها وتحدت عائلتها لتتزوجه لأنه وُلِد لقيطاً».
وقدم بنجلون، العام الماضي، فيلم «حبيبة» من وحي عزلة العالم خلال جائحة «كورونا»، والذي يروي علاقة حب تنشأ بين مدرس موسيقى كفيف وفتاة لجأت إليه لعدم تمكنها من السفر لمدينتها بسبب الحظر. ويؤكد: «جاءتني فكرة الفيلم خلال عزلة كورونا وعزلتي الشخصية الإجبارية؛ حيث كانت قدمي في الجبس، وشارك الفيلم بمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية».
وعن وضع السينما المغربية، يقول بنجلون: «السينما المغربية تتقدم كماً وكيفاً، وهناك مخرجون شباب قادمون بقوة يقدمون فكراً مختلفاً، بعضهم يعيش في أوروبا، لكنهم مشغولون بقضاياهم المحلية، وأفلامنا بخير وتعرض في أوروبا وكندا والولايات المتحدة».



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».