قلق أميركي من تصاعد «العنف» في الضفة الغربية

الجيش الاسرائيلي يضاعف حالة التأهب ويخشى من عمليات «تقليد»

فلسطينيتان تمران قرب نقطة مراقبة إسرائلية في محيط مخيم عروب في الضفة (أ.ب)
فلسطينيتان تمران قرب نقطة مراقبة إسرائلية في محيط مخيم عروب في الضفة (أ.ب)
TT

قلق أميركي من تصاعد «العنف» في الضفة الغربية

فلسطينيتان تمران قرب نقطة مراقبة إسرائلية في محيط مخيم عروب في الضفة (أ.ب)
فلسطينيتان تمران قرب نقطة مراقبة إسرائلية في محيط مخيم عروب في الضفة (أ.ب)

أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن قلقها، إزاء تصاعد عمليات القتل في الضفة الغربية، وحضت الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني «على اتخاذ إجراءات لتهدئة الأوضاع».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس إن «الولايات المتحدة قلقة للغاية من تصاعد العنف في الضفة الغربية».
وأضاف في بيان نادر إلى حد ما: «نقدم تعازينا العميقة للعائلات والمقربين من المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، الذين قتلوا خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية».
وسلط برايس الضوء على الهجوم الذي وقع قرب مستوطنة أرئيل شمال الضفة الغربية الثلاثاء، وقتل خلاله مهاجم فلسطيني، ثلاثة إسرائيليين وجرح ثلاثة آخرين ثم قضى.
كما سلط حديثه عن الأطفال الضوء على قتل الجيش الإسرائيلي الطفلة الفلسطينية فلة المسالمة البالغة من العمر 15 عاماً، خلال مداهمة بالقرب من رام الله فجر الاثنين، وهو القتل الذي كان أيضاً وصفه مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط تور وينيسلاند بأنه «مأساوي مفزع» داعياً إسرائيل إلى إجراء «تحقيق فوري وشامل».
وقال برايس: «الفترة الأخيرة شهدت زيادة حادة ومقلقة في عدد القتلى والجرحى الفلسطينيين والإسرائيليين، بما في ذلك العديد من الأطفال. من الضروري أن يتخذ الطرفان إجراءات عاجلة لمنع المزيد من الخسائر في الأرواح».
وجاء بيان الخارجية الأميركية في وقت تقدر إسرائيل أن الضفة الغربية «مقبلة على مزيد من التوتر».
وضاعف الجيش حالة التأهب الأمني لدى كل الوحدات في الضفة بعد هجوم أرئيل، الذي شكل إلى حد ما مفاجأة، لأنه جاء بعد فترة من انخفاض عدد العمليات والتحذيرات.
وأمر الجيش الإسرائيلي فرقة الضفة العسكرية بمضاعفة التأهب الأمني لدى كل الوحدات خلال الـ72 ساعة القادمة جراء المخاوف من هجمات أخرى... والخشية هي من استلهام شبان فلسطينيين لعملية أرئيل ومحاولة تقليدها.
وركزت وسائل إعلام إسرائيلية، على حملات بمواقع التواصل الاجتماعي شملت توثيقات فيديو لعملية الطعن.
وادعت أن مسؤولين أمنيين فلسطينيين قالوا لها «إن حركة حماس تقف خلف هذه الحملات، لأنها تهدف من خلال هذه الخطوات، إلى تقويض الاستقرار في السلطة الفلسطينية وشرعيتها الجماهيرية، وذلك بعد أن نجحت السلطة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة بخفض التوتر في المنطقة، خصوصاً في منطقة نابلس، حيث تم تفكيك مجموعة عرين الأسود».
وأكثر ما يقلق إسرائيل أن تتحول هذه العمليات «الى نهج مستمر». وقالت صحيفة «هآرتس» العبرية «إن عملية أرئيل تثبت، أن ما يجري هو نوع من الواقع الجديد الذي سيطول أمده، وليس مرتبطا بموجة متسارعة من العمليات».
وأضافت: «هذه العمليات تتزايد تارة وتنخفض تارة أخرى، لكن العنف نفسه الآن يكاد يكون حقيقة ثابتة، برغم أنه لم يصل إلى مستوى انتفاضة ثالثة. ولا يوجد في الضفة هدوء أبدا. بل احتكاك دائم».
وقتلت إسرائيل هذا العام 198 فلسطينيا، بينهم 146 في الضفة الغربية، فيما قتل الفلسطينيون 29 إسرائيليا، في حصيلة هي الأعلى منذ عام 2005. وتشن إسرائيل منذ مارس (آذار) الماضي حملة عسكرية واسعة في الضفة الغربية أطلقت عليها اسم «كاسر الأمواج» بهدف قتل واعتقال مسلحين وناشطين ردا على سلسلة هجمات فلسطينية ضد إسرائيليين.
ونفذت قوات الاحتلال، اليوم (الأربعاء)، حملة اعتقالات واسعة في مناطق متفرقة من الضفة، كما اقتحمت بلدة حارس غرب سلفيت وأجرت رسما هندسيا لمنزل محمد صوف، منفذ عملية أرئيل تمهيدا لهدمه في وقت لاحق.
وعادة ما تهدم إسرائيل منازل منفذي العمليات، في إجراء يلقى انتقادات المؤسسات الحقوقية بما في ذلك بعض الأوساط الإسرائيلية، باعتباره يمثل سياسة عقاب جماعي، ولا يشكل أي رادع.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».