أوكرانيا تطغى على «قمة العشرين» وتفجر خلافات حول البيان الختامي

إجماع على التصدي لأزمة الغذاء... وولي العهد السعودي ترأس وفد المملكة

الرئيس الإندونيسي مرحباً بولي العهد السعودي في القمة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإندونيسي مرحباً بولي العهد السعودي في القمة أمس (إ.ب.أ)
TT

أوكرانيا تطغى على «قمة العشرين» وتفجر خلافات حول البيان الختامي

الرئيس الإندونيسي مرحباً بولي العهد السعودي في القمة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الإندونيسي مرحباً بولي العهد السعودي في القمة أمس (إ.ب.أ)

قبل ساعات من اختتام أعمال اليوم الأول من قمة «مجموعة العشرين» في جزيرة بالي الإندونيسية، كثّفت الوفود المشاركة المحادثات لاعتماد صيغة موحّدة للبيان الختامي، توافق عليها جميع الأطراف. وفيما حظيت غالبية القضايا التي بحثتها القمة بدعم الدول الأعضاء، انقسمت الوفود حول الفقرة المتعلقة بإدانة الحرب الروسية في أوكرانيا.
وشملت مسودّة تناقلتها وكالات الأنباء تنديداً واضحاً بالتداعيات السلبية لـ«الحرب في أوكرانيا»، والتلويح باستخدام السلاح النووي، إلى جانب دعوة لتجديد اتفاق البحر الأسود للحبوب الذي ينتهي السبت 19 نوفمبر (تشرين الثاني).
وانطلقت أمس أشغال أهمّ تجمّع للقادة العالميين منذ بداية جائحة «كوفيد 19» بغياب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في بالي، بعد 9 أشهر من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبب بارتفاع أسعار الطاقة والغذاء في العالم، وبعودة التهديد باستخدام السلاح النووي.
لم يرد الغزو الروسي لأوكرانيا على جدول الأعمال الرسمي للقمة، إلّا أنه هيمن على الاجتماع، وكشف الانقسامات بين الدول الغربية الداعمة لكييف ودول أخرى ترفض إدانة موسكو، وعلى رأسها الصين. ومع ذلك، اتفق أعضاء مجموعة العشرين، التي تم إنشاؤها بالأساس لإدارة القضايا الاقتصادية، على مسودة بيان، لم يتضح على الفور إن كانت ستعتمد نظراً للانقسامات. تتحدث الوثيقة عن التداعيات السلبية لـ«الحرب في أوكرانيا»، متناولة مصطلح «الحرب» الذي لا تزال ترفضه موسكو التي تتحدث عن «عملية عسكرية خاصة». وتشير الوثيقة إلى أن «معظم الأعضاء... يدينون بشدّة» النزاع، معتبرين استخدام السلاح النووي أو التهديد به «غير مقبول»، مع الدعوة إلى تمديد اتفاقية تصدير الحبوب، علماً أن هذه الاتفاقية ستنتهي السبت المقبل.

الرئيس الإندونيسي يتحدث أمام القادة في اليوم الاول من قمة العشرين أمس (رويترز)

ورفضت روسيا ممثلة بوزير خارجيتها سيرغي لافروف «محاولات تسييس» الإعلان الختامي للقمة، في مؤشر على صعوبة المفاوضات الجارية في كواليس المنتجع الإندونيسي حيث تنقد القمة.
وترأس الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي وفد المملكة في قمة العشرين؛ حيث كان في استقباله لدى وصوله مقر انعقاد القمة الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو. وعقد ولي العهد السعودي لقاءات مع عدد من قادة العالم والمسؤولين.
هدف مشترك
واختار الزعيم الإندونيسي ويدودو، الذي تترأس بلاده «مجموعة العشرين» العام الحالي، تخصيص الجلسة الأولى من قمة القادة لبحث أزمة الغذاء. وبدا أن هذا الخيار جاء مدروساً بعناية لإدراك الرئيس الإندونيسي وجود إجماع لدى الدول الأعضاء على أهمية هذه القضية، رغم الاختلاف حول مسبباتها.
وأعربت دول «مجموعة العشرين»، وفق مسودّة البيان الختامي المتداولة، عن «قلقها البالغ» بشأن أزمة الغذاء العالمية. وقالت إن انعدام الأمن الغذائي العالمي «تفاقم بسبب الصراعات والتوترات الحالية»، داعين لاستخدام «جميع الأدوات المتاحة» لمواجهة الأزمة و«حماية الأكثر ضعفاً من الجوع». وتعهّدت الدول باتخاذ «إجراء لتعزيز الأمن الغذائي وأمن الطاقة ودعم استقرار الأسواق وتوفير الدعم». وأضافت المسودة: «سنتخذ مزيداً من الإجراءات المنسقة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي، بما يشمل مواجهة ارتفاع الأسعار ونقص السلع الغذائية والأسمدة عالمياً».
ضغوط غربية
في مقابل التوجه المشترك للتصدي لأزمة الغذاء، استمرت الانقسامات الحادة بين الدول الأعضاء، وتصاعدت الضغوط من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا. وناب وزير الخارجية الروسي عن سيد الكرملين في القمة، فيما خاطب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القادة عبر تقنية الفيديو. وقال زيلينسكي، مرتدياً زيه العسكري المعتاد: «حان الوقت الذي يجب، ويمكن، وقف الحرب الروسية المدمرة فيه»، مضيفاً أن «هذا سينقذ آلاف الأرواح». وهاجم زيلينسكي، وفق مقتطفات من الخطاب الذي ألقاه في جلسة مغلقة، ونشرت نصه وكالة الصحافة الفرنسية، «التهديدات المجنونة باستخدام الأسلحة النووية التي يلجأ إليها المسؤولون الروس». وأضاف أنه «لا توجد، ولا يمكن أن تكون هناك، أي أعذار للابتزاز النووي»، موجهاً الشكر إلى «مجموعة الـ19» أي باستثناء روسيا لـ«جعل ذلك واضحاً». كما دعا الزعيم الأوكراني إلى تمديد اتفاق الحبوب الذي سينتهي بعد أيام إلى أجل غير مسمى. وقال: «أعتقد أن مبادرتنا لتصدير الحبوب تستحق تمديداً إلى أجل غير مسمى (...) بغض النظر عن موعد انتهاء الحرب»، وحضّ على توسيع الاتفاق ليشمل موانئ أخرى.
في المقابل، أدان وزير الخارجية الروسي محاولة الدول الغربية «تسييس» الإعلان المشترك، واعتبر شروط أوكرانيا لإعادة إطلاق المفاوضات مع موسكو «غير واقعية». وقال لافروف في تصريحات صحافية: «قلت مجدداً إن جميع المشكلات ترتبط بالجانب الأوكراني الذي يرفض بشكل قاطع المفاوضات، ويطرح شروطاً من الواضح أنها غير واقعية»، مشيراً إلى أنه أعرب عن هذا الموقف أثناء لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
كلمة الفصل... صينية
وفي خضمّ هذه الخلافات، تتجه الأنظار إلى الصين التي يبدو أن رئيسها شي جينبينغ يملك «كلمة الفصل» في اعتماد صيغة البيان النهائية. ورفضت بكين حتى اليوم إدانة حرب روسيا في أوكرانيا، التي بدأت بعد أيام من زيارة الرئيس فلاديمير بوتين نظيره الصيني في بكين.

وفيما قاوم شي انتقاد حليفه الروسي مباشرة، أعرب خلال لقائه مع الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء الاثنين، عن معارضته استخدام السلاح النووي في الحرب، وفق بيان وزّعه البيت الأبيض.
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال لقاء مع شي على هامش القمة، لتوحيد جهود باريس وبكين ضد الحرب في أوكرانيا. وقال ماكرون لنظيره الصيني، بعد المصافحة الرسمية أمام عدسات الكاميرا: «يجب أن نوحد جهودنا للاستجابة (...) لأزمة عالمية مثل حرب روسيا في أوكرانيا».
من جهته، دعا شي قادة «العشرين» إلى معارضة «تسييس مشكلات الغذاء والطاقة وتحويلها إلى أدوات وأسلحة»، بينما كرر في الوقت ذاته التعبير عن معارضته لسياسة العقوبات الغربية. كما طالب من هذه الدول الحد من تداعيات رفع معدلات الفائدة، في وقت يشدد «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» سياساته الرامية لمواجهة التضخم.
وتتركّز جميع الأنظار على الصين التي تقرّب رئيسها شي جينبينغ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عشية الحرب، بحيث شكّلا جبهة مشتركة ضدّ ما يعتبرانها مساعي الهيمنة الغربية.
تداعيات رفع الفائدة
ودعا الرئيس الصيني، في كلمة له خلال القمة، إلى معارضة تسييس مشكلات الغذاء والطاقة وتحويلها إلى أدوات وأسلحة، بينما كرر في الوقت ذاته التعبير عن معارضته لسياسة العقوبات الغربية. وطالب أيضاً هذه الدول بالحد من تداعيات رفع معدلات الفائدة، في وقت يشدد «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» سياساته الرامية لمواجهة التضخم. ولفت مسؤول أميركي كبير، أمس (الثلاثاء)، إلى أن بلاده تسعى إلى إقناع الصين والأعضاء الآخرين في مجموعة العشرين ببذل مزيد من الجهد لتخفيف ديون أفقر الدول.
وسيتمّ التطرق إلى المسألة في البيان الختامي للقمة المنعقدة حتى الأربعاء، مشيراً إلى أن بلداً واحداً «يعارض» اعتبارها «مسألة أساسية من الدرجة الأولى، يجب علينا العمل بشكل جماعي من أجلها». ولم يسمّ الدولة، لكن يبدو أن تصريحاته موجهة للصين الدائنة الرئيسية لكثير من البلدان الفقيرة.
وعلى صعيد البيئة، أعلن البيت الأبيض، أمس (الثلاثاء)، أن الولايات المتحدة واليابان وكندا و6 دول أوروبية تعهدت بجمع 20 مليار دولار على الأقل للمساعدة في إبعاد إندونيسيا عن استخدام الفحم والوصول إلى حياد الكربون بحلول العام 2050. وأعلنت هذه الدول، في بيان نشره البيت الأبيض، أنها وقّعت الاتفاق مع جاكرتا على هامش قمة مجموعة العشرين، بغية ضمان «تحوّل عادل لقطاع الطاقة» بعيداً عن الاعتماد على الفحم.


مقالات ذات صلة

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي خلال إلقائه كلمته في الجلسة الثالثة لقمة دول مجموعة العشرين (واس)

السعودية تدعو إلى تبني نهج متوازن وشامل في خطط التحول بـ«قطاع الطاقة»

أكدت السعودية، الثلاثاء، أن أمن الطاقة يمثل تحدياً عالمياً وعائقاً أمام التنمية والقضاء على الفقر، مشددة على أهمية مراعاة الظروف الخاصة لكل دولة.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا في اليوم الأخير من القمة (إ.ب.أ)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

نجحت البرازيل بصفتها الدولة المضيفة في إدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة النهائية لقمة العشرين بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ.

أميركا اللاتينية الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع» في «قمة الـ20»

أطلق الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر»، وذلك خلال افتتاحه في مدينة ريو دي جانيرو، أمس، قمة «مجموعة العشرين».

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو )
العالم لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

«قمة العشرين» تدعو لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

أعلنت دول مجموعة العشرين في بيان مشترك صدر، في ختام قمّة عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
TT

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد القوات الأوكرانية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر وزير الدفاع الأميركي أن هناك نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي موجودين في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة منه إلى القوات الكورية الشمالية.

وذكر أوستن أنه «لم ير أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية هذا الأسبوع إن موسكو تقدم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ في مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ورداً على سؤال حول نشر القوات الكورية الشمالية الشهر الماضي، لم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك، وعمد إلى تحويل السؤال إلى انتقاد دعم الغرب لأوكرانيا.

وقالت كوريا الشمالية الشهر الماضي إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.