«تطرح الصين أحد أكبر التحديات وتعد أكبر منافس للولايات المتحدة في هذا القرن». هكذا وصف سامويل وربيرغ، المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، علاقة بلاده بالعملاق الآسيوي. وأضاف متحدثا لـ«الشرق الأوسط» على هامش أعمال قمة العشرين: «لكن هناك بعض المجالات التي نستطيع التعاون حولها»، وأبرزها مكافحة التغير المناخي.
واعتبر وربيرغ اللقاء الذي جمع الرئيسين جو بايدن وشي جينبينغ في بالي، مساء الاثنين، مهما للولايات المتحدة والصين والعالم، مشددا على ضرورة التنسيق بين البلدين رغم احتدام التنافس.
وعن الحرب في أوكرانيا، أكد وربيرغ أن بلاده لا تزال منفتحة على المسار الدبلوماسي مع موسكو، مجددا التزام واشنطن المستمر بدعم كييف عسكريا واقتصاديا وإنسانيا.
إلى ذلك، أشاد وربيرغ بقوة العلاقات «الوطيدة والاستراتيجية» بين واشنطن والرياض، وقال إن «المصالح المشتركة بين البلدين أكبر بكثير من أي اختلافات كانت، وما زالت، لدينا...».
منافسة وتعاون
اعتبر وربيرغ اللقاء الثنائي الذي جمع بين الرئيس الأميركي ونظيره الصيني «من أهم الاجتماعات التي عقدها بايدن» منذ انتخابه رئيسا للولايات المتحدة. وقال: «كان أول اجتماع (مباشر) بينهما، والرئيس بايدن يعرف أهمية الدبلوماسية وجها لوجه».
ولفت المسؤول الأميركي إلى أهمية العلاقات بين القوتين العظميين، وتداعياتها على بقية العالم. وقال: «ندرك أن هذه العلاقة مهمة جدا لكل من الأميركيين والصينيين. لكن ينبغي أن ننظر إلى كيف كان العالم ينتظر هذا الاجتماع». وقال إن لدى المجتمع الدولي توقعات من واشنطن وبكين ودورهما في معالجة التحديات المشتركة، كمكافحة «كوفيد - 19» والتغير المناخي وتخفيف عبء الديون. وأوضح: «ليس من الممكن أن تتعامل الولايات المتحدة أو الصين مع هذه التحديات بمفردهما»، مشددا على ضرورة التنسيق. ولم يقلل وربيرغ من شأن حدة التنافس بين الولايات المتحدة والصين، بقوله إن «هناك منافسة قوية بين البلدين. هذا شيء عادي ومتوقع»، مضيفا «تعد الصين من أكبر التحديات وأكبر منافس لنا في هذا القرن. ولكن في نهاية المطاف، نحن نعلم أن هناك بعض المجالات نستطيع بحث التعاون حولها مع الصين».
وأكد وربيرغ تطلع واشنطن لاستئناف الحوار مع بكين حول التغير المناخي، «خاصة أن الولايات المتحدة والصين من أكبر الاقتصادات في العالم وأكبر مصدرين للانبعاثات».
إنهاء الحرب
طغت الحرب التي شنتها روسيا في أوكرانيا على أعمال قمة العشرين في بالي، ودعا غالبية المشاركين إلى إنهائها بشكل عاجل.
وقال وربيرغ في هذا الصدد: «لا شك أن الحاجة لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية من أهم أولوياتنا، ليس فقط في قمة مجموعة العشرين، ولكن كل يوم وفي كل المنصات» الدولية. وتابع: «أدت هذه الحرب إلى تحديات وتداعيات كبيرة وعميقة في كل أنحاء العالم، منها أزمتا الطاقة والأمن الغذائي وتداعيات أخرى تتعلق بالتنسيق حول تغير المناخ و(كوفيد – 19)».
وتُحمل واشنطن موسكو وحدها مسؤولية إنهاء الحرب، وقال المتحدث الأميركي: «حان الوقت لإنهاء هذه الحرب. هناك شخص واحد لديه إمكانية إنهائها اليوم وفي هذه الساعة، وهو الرئيس (فلاديمير) بوتين»، عبر سحب قواته من الأراضي الأوكرانية.
وجدد وربيرغ التزام بلاده بتقديم الدعم العسكري والدفاعي والإنساني والاقتصادي للأوكرانيين، «ما دام استمر الرئيس بوتين في هذه الحرب». وتركت واشنطن الباب مفتوحا أمام مفاوضات السلام. وقال وربيرغ: «كانت الولايات المتحدة، ومنذ بداية الحرب، تفضل المسار الدبلوماسي. وما زلنا نفضل المسار الدبلوماسي. ولكن في كل الفرص التي أتيحت قبل ومنذ بداية الحرب، رفض الجانب الروسي والرئيس بوتين هذا المسار واختار شن هذه الحرب».
علاقات استراتيجية
أكد المتحدث الأميركي أن العلاقات بين واشنطن والرياض «قوية واستراتيجية»، رغم التوتر التي شابها في الأسابيع والأشهر الماضية. وقال على هامش قمة العشرين التي يشارك فيها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن «المصالح المشتركة بين البلدين أكبر بكثير من أي اختلافات كانت، وما زالت، لدينا...». واعتبر المسؤول الأميركي أن لدى الولايات المتحدة «مصالح مشتركة واختلافات حول بعض القضايا مع كل البلدان في العالم، ليس فقط مع السعودية». وتابع: «لدينا أحيانا اختلافات مع كندا أو المملكة المتحدة. هذا شيء عادي وطبيعي. ليس من الممكن أن نتفق دائما على كل المواضيع ومع كل الدول».
وقال وربيرغ إن العلاقات الثنائية بين واشنطن والرياض «وطيدة وتاريخية واستراتيجية»، لافتا إلى أنها استمرت لأكثر من ثمانين عاما. ووصف وربيرغ دور السعودية بـ«الجوهري»، ليس في القضايا الإقليمية فحسب، كإنهاء الحرب في اليمن، ولكن في جل الملفات الأخرى المهمة في العالم كالتغير المناخي، مشيدا بحضور السعودية «القوي» في مؤتمر «كوب 27» بشرم الشيخ.
وعن التوتر الذي شاب العلاقات بين البلدين عقب قرار «أوبك بلس» خفض إنتاج النفط، قال وربيرغ إنه «بسبب حرب روسيا الوحشية على أوكرانيا، تواجه أوروبا أزمة طاقة»، لافتا إلى أن القرار «لا يؤثر كثيرا على الأميركيين، لأن الولايات المتحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، بل يؤثر أكثر على البلدان النامية التي تعتمد أكثر على النفط». ورفضت السعودية الانتقادات الموجهة لقرار «أوبك بلس» بخفض إنتاج النفط بمليوني برميل يوميا اعتباراً من نوفمبر (تشرين الثاني). وقال بيان لوزارة الخارجية، صدر الشهر الماضي، إن الخطوة تستند فقط إلى الهدف الأساسي للتحالف، وهو استقرار السوق وتجنب التقلبات.