«البنتاغون»: روسيا لا تميل إلى مغادرة أوكرانيا... ومعارك صعبة بانتظارها

أوروبا قد تدخل في سباق تنافسي لتجديد مخزونات الأسلحة بعد تقديم الكثير منها إلى كييف

خصصت بريطانيا 4.2 مليار جنيه إسترليني لتعزيز أمنها في مواجهة ازدياد التهديدات الروسية (إ.ب.أ)
خصصت بريطانيا 4.2 مليار جنيه إسترليني لتعزيز أمنها في مواجهة ازدياد التهديدات الروسية (إ.ب.أ)
TT

«البنتاغون»: روسيا لا تميل إلى مغادرة أوكرانيا... ومعارك صعبة بانتظارها

خصصت بريطانيا 4.2 مليار جنيه إسترليني لتعزيز أمنها في مواجهة ازدياد التهديدات الروسية (إ.ب.أ)
خصصت بريطانيا 4.2 مليار جنيه إسترليني لتعزيز أمنها في مواجهة ازدياد التهديدات الروسية (إ.ب.أ)

قال مسؤول عسكري أميركي كبير، إن انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون الأوكرانية، المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 280 ألف نسمة، يعد انتصاراً كبيراً لشعب أوكرانيا ولجيشها. لكنه أضاف خلال إفادة صحافية في «البنتاغون» مساء الاثنين، أنه على الرغم من ذلك: «فإن الروس لا يبدو أنهم يميلون إلى مغادرة بقية الأراضي الأوكرانية المحتلة، ولا شك أن هناك قتالاً صعباً ينتظرهم».
من جهة أخرى، أكد المسؤول أن «البنتاغون» شهد «تباطؤ ضربات الصواريخ والطائرات من دون طيار الروسية منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول)؛ لكن الروس يواصلون قصف البنية التحتية المدنية، مثل شبكة الكهرباء الأوكرانية». وقال إن «تحرير مدينة خيرسون هو إنجاز مهم، وشهادة على عزم وتصميم ومثابرة الشعب الأوكراني وقواته المسلحة، وهم يقاتلون للدفاع عن أمتهم». واعتبر أن انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون والضفة الغربية لنهر دنيبرو، كان أهم تطور في الحرب.
وأضاف المسؤول أن «البنتاغون» يواصل «مراقبة ما يجري»، ويقدر أن انتقال القوات الروسية إلى الجانب الشرقي من النهر وإنشاءها خطوطها الدفاعية: «يعني أنها تنازلت عن مساحة كبيرة من الأراضي للأوكرانيين، تشمل مدينة خيرسون التي ادعت أنها تابعة لها». وقال إن القوات الأوكرانية تواصل تعزيز مكاسبها، وتنشغل الآن بإزالة العقبات والألغام التي خلَّفها الروس، وتقييم الأضرار التي تسبب فيها المحتلون الروس قبل مغادرتهم. وقال إن المؤشرات تشير إلى أن الروس ألحقوا أضراراً كبيرة بالبنية التحتية المدنية في خيرسون، بما في ذلك المياه وأنظمة المرافق الأخرى.
وفي حين تشير التقديرات إلى احتمال تباطؤ العمليات العسكرية مع اقتراب فصل الشتاء، قال المسؤول الأميركي، إنه من غير المتوقع أن تتباطأ خطط الدعم الأميركي: «لأن هذا الدعم لا يعتمد على الطقس، ولكن على ما يقول الأوكرانيون إنهم بحاجة إليه». وأكد أن «العمل سيتواصل معهم إلى جانب حلفائنا الدوليين وشركائنا، لضمان حصولهم على ما يحتاجون إليه للنجاح في ساحة المعركة». وقال: «نحن على استعداد للقيام بذلك، ما دام الأمر يتطلبه». وقال إن «الدفاع الجوي لا يزال يمثل أولوية بالنسبة للأوكرانيين... ويستمر هذا الأمر بالنسبة لنا ليكون مجالاً للنقاش فيما يتعلق بكيفية استمرار الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في دعمهم، عندما يتعلق الأمر باحتياجاتهم الدفاعية».

سلاح إلكتروني ذكي

على صعيد متصل، أفاد تقرير صحافي بأن الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، نقلت «سلاحاً ثميناً» إلى ساحة المعركة منذ 3 أشهر، لعب دوراً حاسماً في الأيام الأخيرة، خلال معركة استعادة مدينة خيرسون من القوات الروسية. وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن هذا السلاح لم يكن قاذفة صواريخ أو مدفعاً أو أي نوع آخر من الأسلحة الثقيلة التي سلمها الغرب لأوكرانيا؛ بل كان برنامجاً ذكياً أو نظاماً معلوماتياً، لتتبع تحركات الجيش الروسي، يُعرف باسم «دلتا». وأكدت الصحيفة، نقلاً عن مسؤولين عسكريين، أن هذا البرنامج، لم يستعمل بفعالية «كاسحة» إلا قبل أيام، خلال تقدم الجيش الأوكراني نحو مدينة خيرسون. وفتح استخدام هذا «السلاح» الأعين على أهميته، وعلى إمكانية أن يؤدي إلى رسم شكل الحروب المستقبلية على الأرجح.
وأضاف تقرير الصحيفة أن الحرب في أوكرانيا حولتها إلى ساحة اختبار لأسلحة جديدة، بعضها «ذكي ومتطور»، من بينها قوارب سطحية مُسيَّرة أميركية، ونظام دفاع جوي مضادة للطائرات من دون طيار، يعرف باسم «سكاي ويبرز»، وهو نسخة محدثة من نظام دفاع جوي تبنيه ألمانيا، لم يستخدمه الجيش الألماني نفسه بعد.
وعلى الرغم من عدم معرفة عدد تلك الأنظمة التي أُرسلت إلى أوكرانيا، أعلنت ليتوانيا أنها أرسلت 50 منها في أغسطس (آب) الماضي. وبدا واضحاً أن الدول المعنية، وخصوصاً دول حلف «الناتو»، تحاول الاستفادة من الحرب الأوكرانية لتطوير ترسانتها العسكرية، علماً بأن بعض الأسلحة التي سُلمت إلى أوكرانيا، تضمنت في معظمها إصدارات محدثة ومتطورة من الأسلحة القديمة، من الصواريخ الموجهة متوسطة المدى، ومنصات إطلاق الصواريخ، من بينها منظومة «إيريس- تي» الألمانية، المضادة للهجمات الصاروخية الروسية. وطورت هذه المنظومة عام 2015؛ لكن الجيش الألماني لم يستخدم النسخة المحدثة منها، والتي شحنت الشهر الماضي إلى أوكرانيا.

تجديد المخزونات الصاروخية

وحذر مسؤول السياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أمس الثلاثاء، من أن أوروبا قد تدخل في سباق تنافسي لتجديد مخزونات الأسلحة، بعد تقديم كثير منها إلى أوكرانيا العام الماضي.
وقال بوريل في بروكسل: «الأمر المهم هو أن نتكاتف، ونتجنب انقسام السوق، ونتفادى المنافسة». وأضاف أنه يتعين تحاشي الوصول إلى وضع مماثل لما كانت عليه الحال خلال جائحة «كوفيد-19»، حينما تسابقت دول الاتحاد الأوروبي لشراء اللقاحات لصالحها دون الآخرين. وأضاف: «الجميع معاً، نتيح أسعاراً أفضل، وجودة أفضل، ووقتاً أفضل».
وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن الجيش الأميركي منح في بداية الشهر الجاري: «خيارات عقود متعددة» بقيمة 521 مليون دولار تقريباً، لشركة «لوكهيد مارتن»، لإنتاج أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة الموجهة «جي إم إل آر إس»، من أجل «تجديد المخزونات» التي قدمتها إلى أوكرانيا. وبينما أكد «البنتاغون» أن توقيع عقد شراء تلك المنظومات الصاروخية: «يعد جزءاً من الاعتماد التكميلي لأوكرانيا»، قال وكيل وزارة الدفاع للاستحواذ والاستدامة، ويليام لابالانت: «تُظهر هذه المنظومات التأثير الكبير الذي تحدثه في ساحة المعركة كقدرة قتالية حيوية لشركائنا الدوليين».
بدوره، قال دوغلاس بوش، مساعد وزير الجيش للمقتنيات واللوجستيات والتكنولوجيا، إن هذا العقد «يتيح لنا تجديد مخزوننا، مع توفير القدرات الحيوية لحلفائنا وشركائنا الدوليين، ويؤكد التزامنا بإبرام العقود في أسرع وقت ممكن لضمان تجديد مخزوننا بسرعة».
وتعتزم بريطانيا، هي أيضاً، تخصيص 4.2 مليار جنيه إسترليني (4.9 مليار دولار) لشراء 5 فرقاطات جديدة من مجموعة «بي إيه إي سيستمز» البريطانية العملاقة، سعياً لتعزيز الأمن «في مواجهة ازدياد التهديدات الروسية»، حسبما أعلن رئيس الوزراء ريشي سوناك، الثلاثاء.
وأكد سوناك في بيان صادر عن «داونينغ ستريت» أن «المملكة المتحدة وحلفاءها يتخذون الخطوات لتعزيز أمنهم في مواجهة تهديدات روسية متزايدة». وأضاف أن «أفعال روسيا تضعنا جميعاً في خطر. وبينما نقدّم للشعب الأوكراني الدعم الذي يحتاج إليه، فنحن نسخّر أيضاً وسع وعمق خبرة المملكة المتحدة لحماية أنفسنا وحلفائنا. وهذا يشمل بناء الجيل المقبل من السفن الحربية البريطانية». ويمثّل هذا المبلغ المرحلة التالية من برنامج يجري بموجبه حالياً بناء 3 سفن. ويتوقع الانتهاء من بناء الفرقاطات الثماني بحلول منتصف 2030.
وأكدت مجموعة «بي إيه إي سيستمز» في بيان منفصل طلبية شراء 5 فرقاطات إضافية طراز «سيتي كلاس تايب 26». وأضافت أن الطلبية ستوفر 4 آلاف وظيفة في كل أقسام الشركة وسلسلة الإمداد.


مقالات ذات صلة

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.