«جيش الإسلام» بريف دمشق يصدر «عفوًا عامًا» لتهدئة احتجاجات السكان ضده

يستعد لحرب أمنية شنها «داعش» بعد طرده من الغوطة الشرقية

«جيش الإسلام» بريف دمشق يصدر «عفوًا عامًا» لتهدئة احتجاجات السكان ضده
TT

«جيش الإسلام» بريف دمشق يصدر «عفوًا عامًا» لتهدئة احتجاجات السكان ضده

«جيش الإسلام» بريف دمشق يصدر «عفوًا عامًا» لتهدئة احتجاجات السكان ضده

يخوض «جيش الإسلام» الذي يتزعمه زهران علوش، في الغوطة الشرقية لدمشق، حروبًا على ثلاث جبهات. الأولى ضد قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وجبهة تنظيم داعش، فيما يبقى المدنيون وسكان الغوطة، أكبر معضلة يواجهها علوش اليوم، ويخوض حربًا بهدف «القيام بتحسينات اجتماعية في الداخل»، على ضوء الحصار الذي يفرضه النظام على الغوطة، بحسب ما يقول مقربون منه، فيما يحمّله ناشطون مدنيون مسؤولية قمع السكان والمحتجين، واعتقال الناشطين المدنيين: «ما يضعه بمصاف النظام السوري»، كما يقول معارضون له.
وتبدو الجبهة مع النظام، أقل الجبهات احتدامًا في هذا الوقت، نظرًا «لإنهاك النظام، وعجزه عن شن هجمات»، كما يقول ناشطون: «باستثناء معركة حي جوبر المفتوحة، وحرب الغارات الجوية التي تستهدف دوما»، معقل علوش وتنظيمه، و«الصواريخ الضخمة التي تتساقط على خطوط المواجهات».
وفي ظل هذا الواقع، وبعد عودة زعيمه خلال الأسبوع الماضي من جولة إلى تركيا والأردن، اتخذ «جيش الإسلام» سلسلة إجراءات لحماية الغوطة، وتهدئة الجبهة الداخلية التي تعد «الأصعب عليه»، كما يقول سكان الغوطة، إضافة إلى مواجهة «داعش» بـ«السلاح الذي يبارز علوش به، وهو الاعتقالات وتنفيذ الإعدامات بحق مقاتلي التنظيم»، فضلاً عن إظهار قوته وقدرته على منع «داعش» من التقدم.
وعزز تنظيم «جيش الإسلام» أمس تدابيره الأمنية في محيط الغوطة الشرقية: «لمنع داعش من إرسال سيارات مفخخة إلى المنطقة، أو شن هجمات مباغتة انتقامية لإعدام عسكريين تابعين لها، كانوا معتقلين لدى جيش الإسلام»، كما قال مصدر مقرب منه لـ«الشرق الأوسط» تحفظ عن ذكر اسمه، مشيرًا إلى أن بث جيش الإسلام لشريط الفيديو «يتضمن رسالة ردعية لداعش الذي أعدم عناصر من جيش الإسلام الأسبوع الماضي».
وأفاد ناشطون أمس بأن منطقة الغوطة الشرقية في ريف دمشق، شهدت توترًا كبيرًا، حيث قام عناصر من «جيش الإسلام» بقيادة زهران علوش، بإغلاق كل مداخل بلدة دوما بسواتر ترابية عالية. وذكرت شبكة «إرم» الإخبارية، أن عناصر من جيش الإسلام «قاموا أيضًا بتجهيز سيارات الإطفاء، وعمت حالة من الاستنفار الأمني المصحوب بالتوتر مختلف بلدات الغوطة الشرقية، كما بدأت مجموعات من جيش الإسلام بالتجول، وبوضع الأسلحة الثقيلة على خطوط دفاعية».
وجاءت الإجراءات بعد إصدار نشره «جيش الإسلام» يظهر فيه عمليات لإعدام عناصر من تنظيم داعش، ردًا على إعدام مقاتلين من جيش الإسلام من قبل التنظيم، قبل بضعة أيام، في منطقة «دكوة» في منطقة القلمون الشرقي.
ولفت المصدر المقرب إلى أن «داعش بات ناشطًا على المستوى الأمني، وقد حاول قبل يومين اغتيال أبو النور مسرابا قائد اللواء الثالث في جيش الإسلام، وأحد قادة الألوية البارزين»، مؤكدًا أن الوضع الأمني «مضبوط كليًا الآن».
ويتعذر على «داعش» الوصول عسكريًا إلى الغوطة الشرقية، بعد طرده منها العام الماضي، بموجب حملة عسكرية نفذها «جيش الإسلام»، فاقتصرت المعارك بين الطرفين اللدودين، في منطقة القلمون الشرقي، حيث أعدم تنظيم داعش أمس 4 رجال قال أنهم عناصر من «صحوات الردَّة»، وإنهم مقاتلون في فصائل إسلامية، تم أسرهم في وقت سابق، وذلك ردًا على إعدام مقاتليه على يد «جيش الإسلام». وبالموازاة، اندلعت اشتباكات في المنطقة بين مقاتلين إسلاميين ومقاتلي «داعش» إثر شن الأخير هجومًا على المنطقة، كما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان». ورغم الحراك العسكري لجيش الإسلام، وامتداد مناطق نفوذه على كامل مساحة الغوطة الشرقية وخطوطها إلى القلمون الشرقي، فإن تحديات الداخل تكبل التنظيم، وتضعه في موقف صعب أمام جمهوره وسكان الغوطة المحاصرين، البالغ عددهم 500 ألف نسمة. وعليه، يحاول التنظيم التخفيف من تلك التحديات، عبر اتخاذ إجراءات ميدانية وقضائية، بدأت من تخفيف الخصومة مع الأطراف الأخرى، عبر الإفراج عن 65 كانوا معتقلين لديه، تحت اسم «إصدار عفو عام صادر عن القيادة الموحدة».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».