السلطات التونسية تعتقل 12 شخصًا يشتبه بتورطهم في هجوم سوسة الإرهابي

الحكومة تستعد لطرح مشروع قانون يسمح باستدعاء جيش الاحتياط لضمان الأمن في البلاد

كمال الجندوبي وزير الدولة المكلف العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني في تونس يتحدث في المؤتمر الصحافي الذي عقده بالعاصمة أمس (أ.ب)
كمال الجندوبي وزير الدولة المكلف العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني في تونس يتحدث في المؤتمر الصحافي الذي عقده بالعاصمة أمس (أ.ب)
TT

السلطات التونسية تعتقل 12 شخصًا يشتبه بتورطهم في هجوم سوسة الإرهابي

كمال الجندوبي وزير الدولة المكلف العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني في تونس يتحدث في المؤتمر الصحافي الذي عقده بالعاصمة أمس (أ.ب)
كمال الجندوبي وزير الدولة المكلف العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني في تونس يتحدث في المؤتمر الصحافي الذي عقده بالعاصمة أمس (أ.ب)

أكد كمال الجندوبي، وزير الدولة المكلف العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني في تونس، أن قوات الأمن اعتقلت ثمانية عناصر متطرفة، من بينهم امرأة، تورطوا مباشرة في الهجوم الإرهابي على الفندق السياحي بسوسة قبل نحو أسبوع، وكذا إيقاف 12 متهما آخرين وفتح تحقيقات معهم.
وقال الجندوبي في مؤتمر صحافي عقده أمس بالعاصمة التونسية إن المعتقلين ينتمون للشبكة الإرهابية التي مهدت الطريق أمام سيف الدين الرزقي لتنفيذ مخططه الدموي، مضيفا أن السلطات قررت إضافة 1376 رجل أمن لتأمين المواقع السياحية والفنادق، فيما تعمل الجهات الرسمية على توفير اثنين من رجال الأمن خارج الفندق واثنين داخله.
وأشار الجندوبي إلى أن التزام الفنادق السياحية بالإجراءات الأخيرة التي أقرتها الحكومة سيكون عاملا من عوامل تصنيفها السنوي من قبل وزارة السياحة التونسية، موضحا أن الوحدات الأمنية نفذت نحو 7622 مداهمة أمنية أدت إلى اعتقال ألف مشتبه بهم، من بينهم 122 شخصا متورطا في قضايا إرهابية، كما تمكنت من تفكيك عدة خلايا متطرفة نائمة والحد من خطورتها في المهد.
في غضون ذلك، ذكر الوزير أن الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة بشأن امتثال الأحزاب السياسية والجمعيات للقانون، وعدم التحريض على الإرهاب أو المساهمة في بث الكراهية، تسير نحو التطبيق الحرفي دون تأخير أو تساهل، مؤكدا أن السلطات منحت حزب التحرير، الذي يدعو إلى عودة الخلافة، مهلة زمنية لإصدار قانون أساسي يتضمن تنقيحات قانونية تتماشى مع الدستور التونسي الجديد. وفي هذا السياق منعت السلطات التونسية رضا بلحاج، المتحدث باسم حزب التحرير، من اعتلاء منبر جامع سيدي عبد الحميد في مدينة سوسة، التي كانت مسرحا للهجوم الإرهابي الأخير، ومنابر بقية المساجد التونسية. كما منعت الشيخ البشير بن حسين قبل ذلك بيوم واحد من إمامة جامع مساكن ولاية (محافظة) المنستير، وعزله من منصبه.
وكان حزب التحرير قد وجه انتقادات لاذعة إلى حكومة الصيد خلال الاضطرابات الاجتماعية التي شهدتها تونس خلال الأشهر الأولى من السنة الحالية، ثم زادت حدة انتقاداته للحكومة بعد إمضائها اتفاقية التفاهم مع أميركا، ومنح تونس صفة حليف أساسي من خارج الحلف الأطلسي. كما انتقدها بحدة بسبب سياستها في مجال التصرف في الثروات الطبيعية، خاصة أثناء حملة «وينو البترول؟».
وأكد الجندوبي سعي الحكومة التونسية إلى إعداد مشروع قانون يسمح لها باستدعاء جيش الاحتياط لضمان الأمن والاستقرار في البلاد، بعد أن اتخذت مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بعد هجوم سوسة الإرهابي، شملت بالخصوص نشر نحو ألف شرطي مسلح داخل 690 فندقا، ووحدات مسلحة داخل الفنادق السياحية لمن يرغب في ذلك من أصحاب الفنادق. كما قررت الحكومة إقفال نحو 80 مسجدا لا تخضع لسيطرة وزارة الشؤون الدينية، أو حادت عن الخطاب المعتدل وبثت الكراهية في صفوف الناس، إلى جانب إعادة النظر في قانون تمويل الأحزاب والجمعيات، بعد أن تبين أن عددا منها يقف وراء عمليات الإرهاب.
وبخصوص هجوم سوسة الإرهابي، نفى سفيان السليطي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية في العاصمة التونسية، عرض أي متهم على أنظار القضاء، وقال: إن الجهات المختصة استمعت إلى شهود عيان، وفتحت تحقيقات بشأن عدة جرائم إرهابية، من بينها القتل العمد. كما نفى وجود فراغ قانوني في مجال مكافحة الإرهاب، في إشارة إلى الجدل الدائر بخصوص البطء في التصديق على قانون جديد لمكافحة الإرهاب.
وفي هذا الإطار ظهرت خلافات حادة داخل اللجان البرلمانية بشأن مشروع قانون الإرهاب، الذي سيعرض على البرلمان للتصديق عليه قبل يوم 25 يوليو (تموز) الحالي. وتشمل لائحة الخلافات، الحكم بعقوبة الإعدام ضد مرتكبي الجرائم الإرهابية التي تخلف قتلى، وخمس سنوات بالسجن في حق كل من لم يبلغ عن إرهابيين، وتشمل الوالدين والمحامين والأبناء والمقربين. إلا أن بعض أعضاء البرلمان تمسكوا بمبدأ استثناء الوالدين والأقارب والمحامين من إلزامية الإشعار بوقوع عمليات إرهابية، فيما اعتبر نواب آخرون أن سجن الإرهابيين طوال حياتهم قد يكون له وقع أقوى من عقوبة الإعدام. وسيمكن التصديق على قانون مكافحة الإرهاب من توفير حماية قانونية للأمنيين في الحرب ضد هذه الظاهرة، وسد الثغرات والفراغ القانوني الذي يتيح للمتورطين في جرائم إرهابية الإفلات من العقاب، وتدعيم إمكانيات تجفيف منابع الإرهاب والتهريب وغسل الأموال. وينتظر أن يدعو البرلمان خلال الأيام المقبلة رئيس الحكومة إلى جلسة عامة استثنائية، يتم خلالها تحديد خطة وطنية متكاملة لمجابهة الإرهاب.
وفي السياق ذاته، طلبت وزارة الداخلية من المواطنين التبليغ عن التونسي شمس الدين السندي، ونشرت صورته باعتباره إرهابيا خطيرا تورط في هجوم سوسة، والهجوم المسلح على متحف باردو خلال شهر مارس (آذار) الماضي. فيما قال لزهر العكرمي، الوزير المكلف العلاقات مع مجلس النواب، إن الموقوفين تدربوا في ليبيا، وإن السلطات تتعقب رجلين تدربا في معسكر للمتطرفين في ليبيا مع منفذ الهجوم.
ويمكن أن يشهد عدد المعتقلين ارتفاعا ملحوظا لأن المداهمات ما تزال مستمرة للبحث عن عناصر يشتبه بارتباطها بعملية سوسة، وغيرها من الهجمات.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.