إب اليمنية تشكو من اختفاء الخبز

صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد الأفران في مدينة إب اليمنية
صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد الأفران في مدينة إب اليمنية
TT

إب اليمنية تشكو من اختفاء الخبز

صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد الأفران في مدينة إب اليمنية
صورة متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لأحد الأفران في مدينة إب اليمنية

شكا سكان في محافظة إب اليمنية من اختفاء الخبز في مناطق عدة تتبع مركز المحافظة عقب شن الميليشيات الحوثية منذ أواخر الأسبوع الماضي حملة تعسفية أدت إلى إغلاق نحو 18 فرنا بغرض ابتزاز ملاكها.
وأفادت مصادر محلية في إب (190 كلم جنوب صنعاء) بأن عناصر الميليشيات استهدفوا منذ الأربعاء الماضي أفران بيع الخبز في نحو 3 مديريات تابعة للمحافظة بزعم مخالفتها للأوزان والأسعار والتعليميات. وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن حملات الابتزاز للمخابز يشرف عليها القيادي في الجماعة قاسم المساوي المعين بمنصب وكيل المحافظة، وأنها أسفرت في غضون يومين عن إغلاق 18 مخبزا في مديريات، ريف إب، الظهار، المشنة، مع مواصلة لجان جباية شكلتها الجماعة حديثا تضم عشرات الموظفين الموالين لها المدعومين بعربات ومسلحين، استهداف ما تبقى من الأفران المنتشرة ببقية مديريات المحافظة.
ووفقا للمصادر، فقد أعادت ميليشيا التموين الحوثية في إب فتح بعض المخابز بعد ساعات قليلة من إغلاقها بشكل تعسفي، وذلك بعد استجابة ملاكها لدفع مبالغ مالية.
- الرغيف الصعب
تحدث عدد من السكان في المحافظة عن أن الحصول على رغيف الخبز بمناطقهم بات أمرا في غاية الصعوبة، خصوصا في ظل انعدام غاز الطهي وارتفاع أسعاره وتحكم أتباع الجماعة الحوثية بآلية التوزيع والبيع.
وأوضح السكان أن أزمة اختفاء الخبز بمناطقهم تعد واحدة من الأزمات المتعددة التي اعتادت الجماعة الحوثية على التسبب بوقوعها منذ انقلابها، وارتكابها لسلسلة طويلة من الجرائم التي زادت معدلاتها بشكل يومي بالتزامن مع انتهاكات واسعة للحقوق والحريات.
وكشف مالك مخابز في إب لـ«الشرق الأوسط» عن اعتزامه وكثير من زملائه تنفيذ وقفة احتجاجية أمام مبنى السلطة المحلية الخاضع للجماعة في إب في حال استمر استهدافهم، وللمطالبة بوضع حد للانتهاكات وإعادة فتح المخابز التي أغلقتها الجماعة في حملاتها الميدانية الأخيرة.
وقال إن إغلاق الميليشيات لثلاثة من أفرانه مع عشرات من المخابز الأخرى، جاء عقب نزول ميداني مباغت، رافقه سلسلة من اتهامات وادعاءات ملفقة وباطلة وجهت لهم من قبل الجماعة الحوثية بغية تخويفهم وابتزازهم، ومن ثم نهب أموالهم.
وحذر مالك المخابز الذي يخشى الكشف عن اسمه، من توقف إجباري لعديد من المخابز والأفران في محافظة إب في حال واصلت الجماعة الانقلابية حملات البطش والنهب والابتزاز ضد ملاكها. وكشف عن أن السبب الحقيقي الذي يقف وراء معاودة استهداف الميليشيات لهم وإغلاق مخابزهم هو رفضهم المطلق هذه المرة دفع إتاوات غير قانونية، معتبرا أن دعاوى الميليشيات تلك تُعدّ ابتزازية وتأتي في إطار وضعها تبريرات لنفسها من أجل جباية مزيد من الأموال من ورائها.
- حملات تعسف
يأتي السلوك الانقلابي في وقت أحصت فيه مصادر محلية في إب تنفيذ الجماعة منذ مطلع العام الحالي أكثر من 8 حملات تعسف وجباية ضد ملاك الأفران بعموم مناطق إب.
ويواجه السكان في المحافظة ذات الكثافة السكانية العالية معاناة وأوضاع معيشية بائسة، خصوصاً في ظل انعدام الصحة والغذاء وتفشي الأوبئة وارتفاع منسوب الجريمة بمختلف أشكالها ووقف صرف الرواتب، الأمر الذي زاد من حدة الفقر وأغرق ملايين السكان في أزمة إنسانية لم يسبق لها مثيل.
وعلى مدى ثماني سنوات منصرمة من عمر الانقلاب، شهدت محافظة إب ومدن أخرى ، بفعل ممارسات الجماعة، توقفاً شبه تام لعدد كبير من المخابز والأفران، منها ما أغلقته أيادي الانقلابيين بحملاتهم الابتزازية، وأخرى أغلقت أبوابها احتجاجاً على الانتهاكات الحوثية بحق زملائهم.
ولجأ ملاك أفران ومخابز خلال تلك الفترة إلى تنفيذ إضرابات عن العمل واحتجاجات، لكنها لم تجد نفعاً أمام ميليشيات هدفها الوحيد مواصلة جرائم الحبس والتهديد والاعتداء والإغلاق والنهب بحق أصحاب هذه المهنة.
وتؤكد منظمات دولية وأخرى محلية أن نحو 21 مليون شخص، من أصل 27 مليوناً في اليمن، باتوا في حاجة إلى مساعدات إنسانية، فيما فقد أكثر من 100 ألف شخص أرواحهم جراء الأوبئة والأمراض القاتلة التي تفشت في ظل الحرب الحوثية.


مقالات ذات صلة

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

بدأت الجماعة الحوثية الإفراج عن بعض المختطفين بسبب احتفالهم بذكرى ثورة سبتمبر (أيلول)، في حين تقدر أعداد المختطفين بالآلاف في مختلف مناطق سيطرة الجماعة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
TT

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)
الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي) جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

كثفت الجماعة الحوثية من استهداف قطاع التعليم الأهلي ومنتسبيه في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس الأهلية على المشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية»؛ بغية تجنيدهم للدفاع عن أجندتها ذات البعد الطائفي.

وبحسب مصادر تربوية يمنية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، دشنت الجماعة الحوثية خلال الأيام القليلة الماضية حملات تجنيد للطلاب والكادر التربوي من أجل استقطاب مقاتلين جدد إلى صفوفها.

الانقلابيون أخضعوا طلاباً وتربويين في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية (إكس)

ويفرض الانقلابيون الحوثيون على مديري المدارس الخاصة في صنعاء اختيار 15 طالباً و10 تربويين من كل مدرسة في صنعاء؛ لإلحاقهم بدورات تعبوية وعسكرية. كما تتوعد الجماعة - طبقاً للمصادر - الرافضين لتلك التوجيهات بعقوبات مشددة تصل إلى حد الإغلاق وفرض غرامات مالية تأديبية.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير للمدارس موجة غضب ورفض في أوساط الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور، فيما اتهم التربويون الجماعة بالمضي في استغلال مؤسسات التعليم بعد تجريفها للحشد والتجنيد.

واشتكى أولياء الأمور في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استهداف أطفالهم بعد أخذهم عنوة من فصول الدراسة دون معرفتهم إلى أماكن مجهولة لتدريبهم على القتال وغسل أدمغتهم بالأفكار المتطرفة، تمهيداً للزج بهم إلى الجبهات.

ونتيجة لذلك الاستهداف، شهد عدد من المدارس الأهلية في صنعاء غياباً ملحوظاً للطلبة والمعلمين الذي رفضوا استمرار الحضور، جراء ما يقوم به الانقلابيون من إجبار على الالتحاق بالدورات القتالية.

وأفادت مصادر تربوية في صنعاء بأن عدداً كبيراً من أولياء الأمور منعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس، خصوصاً تلك المستهدفة حالياً من قبل الجماعة، وذلك خوفاً عليهم من الخضوع القسري للتجنيد.

تعبئة مستمرة

أجبر الانقلابيون الحوثيون مديري مدارس «التواصل» و«منارات» و«النهضة» «ورواد»، وهي مدارس أهلية في صنعاء، على إيقاف الدراسة ليوم واحد بحجة عقد اجتماعات معهم. كما ألزمت الجماعة من خلال تلك الاجتماعات المدارس بتوفير ما لا يقل عن 25 طالباً وتربوياً من كل مدرسة للمشاركة فيما تسميه الجماعة «تطبيقات عسكرية ميدانية».

وشهدت إحدى المناطق في ضواحي صنعاء قبل يومين تدريبات عسكرية ختامية لدفعة جديدة تضم أكثر من 250 طالباً ومعلماً، جرى اختيارهم من 25 مدرسة في مديرية الحيمة الداخلية بصنعاء، وإخضاعهم على مدى أسابيع لدورات قتالية ضمن ما تسميه الجماعة «المرحلة الخامسة من دورات (طوفان الأقصى)».

اتهامات لجماعة الحوثي بإجبار مدارس على تقديم مقاتلين جدد (إعلام حوثي)

ونقلت وسائل إعلام حوثية عن قيادات في الجماعة تأكيدها أن الدورة ركزت على الجانب التعبوي والقتالي، استجابةً لتوجيهات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي؛ استعداداً لما يسميه «مواجهة الأعداء وتحرير الأقصى».

يتزامن هذا التحرك الانقلابي مع استمرار معاناة عشرات الآلاف من المعلمين والتربويين في كافة المناطق تحت سيطرة الجماعة؛ بسبب انقطاع رواتبهم منذ عدة سنوات، مضافاً إليها ارتكاب الجماعة سلسلة لا حصر لها من الانتهاكات التي أدت إلى تعطيل العملية التعليمة بعموم مناطق سيطرتها.

وكانت الجماعة الحوثية أخضعت في أواخر أغسطس (آب) الماضي، أكثر من 80 معلماً وتربوياً في مديرية الصافية في صنعاء لدورات تعبوية وقتالية، كما أرغمت المدارس الأهلية في صنعاء، في حينها، على إحياء مناسبات ذات منحى طائفي، تُضاف إلى أنشطة تعبوية سابقة تستهدف أدمغة وعقول الطلبة بهدف تحشيدهم إلى الجبهات.

وتتهم عدة تقارير محلية وأخرى دولية جماعة الحوثي بأنها لم تكتفِ بتدمير قطاع التعليم في مناطق سيطرتها، من خلال نهب مرتبات المعلمين واستهداف وتفجير المدارس وإغلاق بعضها وتحويل أخرى لثكنات عسكرية، بل سعت بكل طاقتها لإحلال تعليم طائفي بديل يحرض على العنف والقتل والكراهية.