حلمي التوني يحلق في «عالم الصغار» عبر 30 لوحة زيتية

بمعرض وصفه بأنه «الأول من نوعه»

من أعمال الفنان التشكيلي حلمي التوني (الشرق الأوسط)
من أعمال الفنان التشكيلي حلمي التوني (الشرق الأوسط)
TT

حلمي التوني يحلق في «عالم الصغار» عبر 30 لوحة زيتية

من أعمال الفنان التشكيلي حلمي التوني (الشرق الأوسط)
من أعمال الفنان التشكيلي حلمي التوني (الشرق الأوسط)

طوال مشواره التشكيلي المتنوع، كان الفنان حلمي التوني منشغلاً بالطفولة بحب ووعي كبيرين، فقدم روائع في عالم كتب ومجلات الأطفال، واستعانت المنظمات التابعة للأمم المتحدة بأعماله للطفولة، ونشرتها بعدة لغات، وكرمته مصر والكثير من دول العالم لإبداعاته في هذا المجال، لكن لأول مرة يُقدم معرضاً مخصصاً بالكامل للطفل.

منذ ستينات القرن الماضي حرص ابن «تونا الجبل» بصعيد مصر أن يقيم جسراً بين الفن التشكيلي والجمهور العادي، حين نقل اللوحات من جدران القاعات والغاليريهات المغلقة إلى رحاب صفحات الصحف والمجلات، ليستطيع الجميع التواصل معها والتزود بجمالياتها ومفرداتها، وفي السياق ذاته يقدم هذا المعرض الذي يستهدف فيه هذه المرة الأطفال على وجه التحديد.
قدم الفنان 30 لوحة زيتية من وإلى عالم الطفولة بكل بهجته ومرحه وفرحه، وجاءت مُحملة بمواريث حكايا الجدات وممتزجة بشحنات وجدانية مزدانة برموز ونقوش جلبها من دهاليز الذاكرة الشعبية ونسيج البيئة المصرية.

يقول التوني لـ«الشرق الأوسط»: «عندما كنت طالباً بكلية الفنون الجميلة اكتشفت أنا وأصدقائي أنه لا يوجد جمهوراً حقيقياً للفن التشكيلي، وكانت الناس حينئذ تخشى دخول الغاليري؛ لأن الناس تخاف مما تجهل، وبناءً على ذلك كانوا يتجنبون التعرض للحرج أو السخرية من خلال التوجه لمشاهدة أي معرض؛ فإلى هذا الحد كانت هناك غربة شديدة بين الفن التشكيلي والشارع المصري». وتابع: «قررنا أن نعمل على تنشئة أجيال تكبر وقد اعتادت أن تشاهد هذا الفن وتفهمه وتستمتع به وتقدره من خلال ما نقدمه لهم في الصحف من رسومات».

وبعد مرور نحو ستين عاماً، يعيد إحياء التوني تلك الفكرة لكن هذه المرة من خلال رسم لوحات زيتية للصغار في المعرض المقام بعنوان «عالم الصغار» بغاليري «موشن» بالقاهرة، والذي يصفه قائلاً: «هو (المعرض الأول من نوعه في مصر والدول العربية)، وربما في العالم كله؛ فلم يحدث من قبل أن أقام فنان معرضاً بأكمله لوحات زيتية مخصصة للأطفال، وأن يكونوا هم أنفسهم الجمهور الأساسي وليس أولياء أمورهم»، لافتاً: «هكذا نعودهم على الاحتفاء بمشاهدة الأعمال الفنية؛ ومن ثم نحصد أجيالاً مستنيرة لا يستطيع أحد أن يقودهم أو يغرس داخلهم (أفكاراً مغلوطة)».

تذوق الجمال والتحليق في أجواء من الخيال والمرح والبراءة هو ما يستشعره الصغار في لوحات المعرض، إذ نجح التوني صاحب الباع الطويل في الفن الطفولي أن يجسد لهم عالمهم، وقد اختار متعمداً الزيت في رسمها بكل أناقة هذه الخامة، وكأنه أراد أن يقول للأطفال: «ها أنا أحتفي بكم بنفس قدر احتفائي بعالم الكبار».
ويضيف أن «اللوحة الزيتية مختلفة؛ تتميز بتقنية عالية، مما يسمح بتقديم أعمال تشبه لوحات الكبار؛ لكنها تتكلم وتصف عالمه الخاص ببساطة، فضلاً عن أنه بها نوع من ابتكار الأفكار الحرة غير المرتبطة بنص في مجلة أو كتاب».
وإذا كان محبو الفن التشكيلي يدركون لكم تمنح خامة الزيت لوحاتها الثراء، فإن التوني يجد فيها جمالاً آخر، بقوله: إنها «خامة تتمتع بالبلاغة البصرية تماماً مثل قصيدة الفصحى التي تتميز بالبلاغة اللغوية على عكس العامية، وهكذا الزيت بالنسبة للوحة يجعلها تختلف وترتقي مقارنة بالألوان المائية أو الأقلام أو الشمع أو الطباشير، كما أنها تعيش طويلاً؛ وهو ما يعني أن اللوحة ستظل مع الطفل حتى يكبر عند اقتنائها، ويشعر أنها عاصرت لحظاته الحلوة والمرة، مما يرسخ داخله أن الفن يبقى».

يستوقف الزائر للمعرض صغر مقاس الأعمال مقارنة بالمقاسات المعتادة للوحاته؛ وهو أمر متعمد أيضاً من جانبه؛ لكي يشعر الطفل أنها تشبهه ومن أجله، لكن ربما ما يثير الدهشة في اللوحات هو أنها تتعمق في التراث الشعبي والبيئة.
ففي الأعمال يتنقل المشاهد الصغير ما بين الفلاحة والفلاح الطفل، والثوب ذي الألوان الساطعة، والجلباب البلدي، والنخيل والأسماك والطيور والطائرة الورقية وغيرها من مفردات ذات أجواء مغموسة في المحلية.

حول القلق من عدم تقبل الأطفال لهذه الأعمال وعدم انجذابهم لها. قال التوني: «في جينات الطفل المصري توجد هذه المفردات، وحين يجدها في اللوحات ربما يستغربها لكنه سيشعر بها على الفور وكأنها صديق كان غائباً ثم عاد إليه». ويضيف: «لقد أردت أن يشعر الطفل بالانتماء أولاً، وثانياً بالفخر بأن هذه هي بيئته وحياته، وفي الوقت نفسه لا يشعر بالغربة»، موضحاً: «وضعت الطفل في عالمه الجميل؛ إذ تمتع اللوحات بطاقات من السعادة والانطلاق والحب والمرح والألوان، وهي أشياء تجذب الطفل في أي ثقافة أو حضارة».

كان من الواضح حرص التوني على إبعاد الصغار عن عالم الإلكترونيات ليأخذهم إلى اللعب في الهواء الطلق. يقول: «في الألعاب الإلكترونية (برودة) وتجاهل لخيال الطفل على العكس من اللوحة الفنية الزيتية، حيث الحرارة والدفء والعاطفة ومخاطبة وجدانه وفكره».
التوني لا يخاطب الصغار وحدهم في المعرض المستمر حتى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، إنما يشير إلى «مسؤولية الكبار نحو أطفالهم».



علماء يُثبتون قدرة خلايا القلب على التَّجدد

قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)
قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)
TT

علماء يُثبتون قدرة خلايا القلب على التَّجدد

قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)
قصور القلب يؤثر على نحو 30 مليون شخص عالمياً (جامعة أريزونا)

أثبتَ فريق بحثي دولي بقيادة علماء من جامعة أريزونا الأميركية قدرة خلايا عضلة القلب على التّجدد لدى بعض مرضى قصور القلب الذين يعتمدون على القلوب الاصطناعية.

وأوضح الباحثون أن دراستهم تُغيّر المفهوم السائد منذ عقود بأن خلايا القلب لا تستطيع التّجدد، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية (Circulation).

وقُصور القلب، أو فشل القلب، هو حالة مُزمنة يعجز فيها القلب عن ضخ الدم بكفاءة كافية لتلبية احتياجات الجسم من الأكسجين والمغذيات. يحدث ذلك نتيجة ضعفٍ أو تصلُّبٍ في عضلة القلب، مما يؤدي إلى تراجع وظيفتها. يُصنّف قُصور القلب واحداً من أبرز تحدّيات الطّب الحديث، إذ يؤثر على نحو 30 مليون شخصٍ عالمياً، بما في ذلك نحو 7 ملايين بالغٍ في الولايات المتحدة، وفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وعلى الرغم من أن الأدوية والعلاجات المُتاحة تُساعد في تخفيف الأعراض وإبطاء تقدّم المرض، فإن العلاجات المتاحة للحالات المتقدمة تقتصر على زراعة القلب أو استخدام مضخّات اصطناعية مثل جهاز دعم البطين الأيسر لتقوية ضخِّ الدم.

وتشير الأبحاث إلى أن قدرة خلايا عضلة القلب على التّجدد بعد الأزمات القلبية تُعد محدودة للغاية، على عكس أنسجة أخرى في الجسم مثل الجلد أو الكبد. وعند تعرض القلب لضررٍ، تتعرض الخلايا للتلف ويُستبدل بها غالباً نسيجٌ ليفي غير قادرٍ على الانقباض أو المساهمة في ضخِّ الدم.

ويرجع ذلك إلى أن خلايا القلب العضلية تتوقف عن الانقسام الطبيعي بعد الولادة، وتُكرِّس وظيفتها لضخِّ الدم بشكل مستمر، مما يُضعف قدرتها على التّجدد.

لكن الدراسة أظهرت أن نحو 25 في المائة من المرضى الذين يعتمدون على القلوب الاصطناعية تمكّنوا من تجديد خلايا عضلة القلب بمعدل يفوق 6 أضعاف المعدل الطبيعي للقلوب السليمة.

وفسَّر الباحثون ذلك بأن الأجهزة الاصطناعية مثل جهاز دعم البطين الأيسر، تُخفّف العبء عن القلب وتمنحه «راحة» من ضخِّ الدّم، مما يُتيح للأنسجة القلبية فرصة للتّجدد.

وقال الدكتور هشام صادق، الباحث الرئيسي للدراسة ورئيس أقسام القلب في جامعة أريزونا، إن هذه النتائج تُقدّم أقوى دليلٍ حتى الآن على أن عضلة القلب البشرية قادرة على التّجدد.

وأضاف عبر موقع الجامعة أن «عدم قدرة القلب على الراحة المستمرة بعد الولادة هو العامل الأساسي الذي يُفقد خلايا القلب هذه القدرة الطبيعية».

وأشار الفريق إلى أن هذه النتائج تُمثّل خطوةً كبيرة نحو فهمٍ أعمقَ لقدرة القلب البشري على التّجدد، مما يفتح الباب لتطوير علاجات جذرية تستهدف تعزيز هذه القدرة بدلاً من الاكتفاء بإبطاء تقدم المرض. كما يهدف الباحثون إلى تحديد العوامل التي تُمكّن ربع المرضى فقط، من تجديد خلايا القلب بمعدلات مرتفعة، لتحسين هذه القدرة لدى المزيد من المرضى.