«الذئاب المنفردة»... تهديد مستمر لكنه انحسر مع انحسار «داعش»

«هجوم طعن» أسفر عن مقتل شرطي في بروكسل يوم الخميس (أ.ب)
«هجوم طعن» أسفر عن مقتل شرطي في بروكسل يوم الخميس (أ.ب)
TT

«الذئاب المنفردة»... تهديد مستمر لكنه انحسر مع انحسار «داعش»

«هجوم طعن» أسفر عن مقتل شرطي في بروكسل يوم الخميس (أ.ب)
«هجوم طعن» أسفر عن مقتل شرطي في بروكسل يوم الخميس (أ.ب)

لم يكن الهجوم الدامي الذي شهدته باريس، ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، أول إطلالة خارجية لتنظيم «داعش» منذ إعلانه «دولته» في سوريا والعراق، قبل ذلك بعام. نفّذ أعضاء التنظيم ومناصروه هجمات عديدة حول العالم قبل «مذبحة باريس»، لكن ما حصل في العاصمة الفرنسية آنذاك كان أوضح دليل على مدى خطورة ترك «داعش» يدير مساحة من الأرض توازي مساحة بريطانيا. إذ سرعان ما تبيّن أن الهجوم دُبّر من أحد معاقل «داعش» في شمال سوريا، وأن بعض الانتحاريين الذين شاركوا في المذبحة كانوا في سوريا قبل عودتهم إلى فرنسا.
سرّع هجوم العاصمة الفرنسية التحرك الدولي للتعامل مع ظاهرة «داعش» والقضاء عليه، وهو جهد قادته الولايات المتحدة على رأس تحالف دولي عمل مع «شركاء محليين» على الأرض في سوريا (الأكراد) والعراق (القوات الحكومية والبيشمركة الكردية). استمرت الحملة ضد «داعش» سنوات وأسفرت عن قتل آلاف من عناصره وطرده من معاقله الأساسية (كالموصل والرقة)، قبل أن تنتهي في الباغوز، شرق سوريا، عام 2019.
رد التنظيم على الحرب ضده بطريقتين. تمثّلت الأولى في تحريض مناصريه حول العالم على تنفيذ هجمات أينما استطاعوا، وهكذا نشأت ظاهرة «الذئاب المنفردة». تحوّل هؤلاء إلى «قنابل بشرية» تحاول الفتك بأكبر قدر ممكن من الضحايا من خلال هجمات عشوائية استُخدمت فيها جميع أنواع «الأسلحة» المتاحة، من السيارات والشاحنات إلى سكاكين المطبخ. نجح «داعش» في تأمين كم هائل من «الذئاب» المستعدة لقتل نفسها، وكان ذلك مرتبطاً، إلى حد كبير كما يبدو، بإقفال الحدود التركية مع سوريا، وهي طريق سلكها آلاف من الأجانب الذين تدفقوا إلى سوريا والعراق للعيش في ظل «دولة داعش» بعدما دعاهم زعيمها أبو بكر البغدادي إلى «الهجرة» إليها. ولذلك، فإن كثيرين من «الذئاب» كانوا من أولئك الذين لم يتمكنوا من اللحاق بمعاقل التنظيم.
الطريقة الثانية التي رد بها التنظيم على الحرب ضده في سوريا والعراق كانت عبر توسعه خارجهما. فأسس «ولايات» تتبعه في العديد من الدول الأفريقية والآسيوية. وقد حققت فروع «داعش» صدى واسعاً، بعدما نفذت هجمات ضخمة وسيطرت على مساحات واسعة من الأرض. لكن هذا التوسع سرعان ما تعرض لانتكاسات متتالية. ففي ليبيا، تم القضاء على «دولة» أقامها التنظيم في سرت. وفي سيناء، نجحت قوات الأمن المصرية في تحجيم «ولاية سيناء» وطردها من معاقلها والقضاء على العديد من قادتها وعناصرها. وحتى في موزامبيق، بشرق أفريقيا، حيث حقق «داعش» توسعاً لافتاً في منطقة كابو ديلغادو، سرعان ما خسر التنظيم مكاسبه أمام هجوم مضاد للقوات الحكومية. في المقابل، نجح «داعش» في التوسع بشكل كبير في دول الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا حيث يخوض منافسة دامية مع غريمه تنظيم «القاعدة». والأمر نفسه ينطبق على «ولاية خراسان» التي تخوض نزاعاً مريراً مع حكومة «طالبان» في أفغانستان.
في أي حال، يبدو اليوم، في ذكرى هجمات باريس، أن «داعش» فقد قدرته على شن هجمات ضخمة حول العالم انطلاقاً من سوريا والعراق. فوجوده في هذين البلدين بات منحصراً، كما هو واضح، في مناطق معزولة (في صحراء الأنبار وجبال حمرين بالعراق والبادية السورية) حيث يخوض هجمات «كر وفر» من خلال جماعات صغيرة تعمل في شكل مستقل. وربما ساهم فقدان «داعش» زعيمه البغدادي وخليفته أبو إبراهيم القرشي وغياب «الخليفة» الجديد عن الظهور الإعلامي في قطع الصلة التي كانت موجودة سابقاً بين التنظيم و«ذئابه المنفردة» حول العالم. لكن ذلك لا يعني بالطبع أن «الذئاب» اختفت كلياً، إذ إنها قادرة على الإطلال برأسها بين الفينة والأخرى، كما يتضح من العديد من الهجمات وآخرها ربما هجوم طعن في بروكسل قبل أيام نفذه «متطرف معروف».
ويبقى هناك بالطبع خطر شن هجمات إرهابية انطلاقاً من مناطق سيطرة فروع «داعش» حول العالم، وهو أمر لا بد أن أجهزة الأمن تأخذه على محمل الجد.


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.