«أبو جوليا» كسر رتابة الطهي وتربع على عرش التكنولوجيا

من أشهر طهاة شبكات التواصل الاجتماعي وأنجحهم

الشيف أبو جوليا من أشهر طهاة وسائل التواصل الاجتماعي
الشيف أبو جوليا من أشهر طهاة وسائل التواصل الاجتماعي
TT

«أبو جوليا» كسر رتابة الطهي وتربع على عرش التكنولوجيا

الشيف أبو جوليا من أشهر طهاة وسائل التواصل الاجتماعي
الشيف أبو جوليا من أشهر طهاة وسائل التواصل الاجتماعي

«مبروك على المولود الجديد، ولد؟: «نعم»، ماذا سميته؟: خالد، هذا يعني أنك غيرت اسمك من «أبو جوليا» إلى «أبو خالد»؟ أجاب الطاهي المعروف بخفة ظله أثناء تقديم وصفاته: «كنت وسأبقى أبو جوليا ولو أن خالداً هو ابني الوحيد وجوليا مجرد اسم أعشقه ولقب عرفت به، وأمنيتي في يوم من الأيام بأن يرزقني الله بفتاة أسميها جوليا ليتحول لقبي إلى مسمى حقيقي».
هكذا بدأ اللقاء مع الطاهي الفلسطيني محمد إسبيته المعروف على شبكات التواصل الاجتماعي باسم أبو جوليا. من يتابع هذا الطاهي الشاب على معرفة بحجم شهرته التي صنعها في بادئ الأمر على موقع فيسبوك الذي يبلغ عدد متابعيه عليه اليوم 8.4 مليون متابع، أما على منصة «إنستغرام» فيتابعه أكثر من مليوني متابع، وعلى «تيك توك» ثلاثة ملايين و200 ألف متابع، ومليون متابع على موقع «يوتيوب»، وهذه الأرقام تعتبر قياسية في هذا المجال لطاهٍ بدأ هذه المهنة عن طريق ركوب موجة التكنولوجيا من أوسع أبوابها. في بادئ الأمر كان يقدم أبو جوليا وصفاته التقليدية على «فيسبوك» لعدد قليل جداً من المتابعين من أصدقائه وأقاربه، ولكن وفي ليلة وضحاها نشر فيديو لوصفة قام بها لتحصل المعجزة، فاستيقظ في الصباح الباكر على اتصال من صديقه ليخبره بأن هذا التسجيل وصل إلى ملايين المشاهدين.

أطباق تقليدية يضفي عليها أبو جوليا لمسته العصرية الخاصة

أبو جوليا له مقولة شهيرة: «الرجل يطبخ بحب أما المرأة فتطبخ كواجب»، وبرأيه هذا ما قد يجعل عدد الطهاة الرجال في العالم أكبر، كما أنه إذا حصل وكان الرجل يميل إلى هواية الطهي فيكون طاهياً بامتياز.
مقابلة «الشرق الأوسط» مع أبو جوليا كانت مليئة بالصراحة والعفوية، تماماً مثل الأسلوب الذي يتبعه الطاهي على منصاته الإلكترونية وفي جميع الفيديوهات التي يصورها ويقطعها بنفسه وهذا السبب، وبحسب ما قاله، جعله مقرباً من الناس ومحبوباً من فئة كبيرة من الناس من العراق وفلسطين ولبنان والأردن وكل أرجاء العالم.

أطباق سريعة التحضير ولذيذة في الوقت نفسه

«يا بيي» و«حبايبنا اللزم» محطتا كلام اشتهر بهما أبو جوليا، الذي يتذوق أكلاته بعد الانتهاء من تحضيرها، ورغم نحافته فإنه أكول ويعشق الطعام بكل أشكاله، ومن المطابخ العالمية التي يفضلها المطبخ الإيطالي واللبناني وبالطبع الفلسطيني.
جربنا في مستهل الحديث الحصول على معلومة لا يعرفها أحد عنه، فكر ملياً وضحك وقال: «تعلمت السباحة في سن الـ33 رغم أني من غزة، والسبب هو أنني لم أرد أن يعلمني أحد السباحة وأردت أن أتقنها بنفسي مما جعلني أنتظر وقتاً طويلاً».
أبو جوليا تعلم الطبخ من والدته وجدته لأمه، والسبب ليس بدافع الشغف أو الهواية إنما بسبب مرض والدته عندما كان في سن الـ15 وهو الأكبر سناً في عائلة مؤلفة من 6 شباب و3 فتيات، وفي تلك الفترة فهم حينها محمد أهمية تأمين الطعام للعائلة وقدر المرأة التي أيقن أنها تقوم بالكثير من الواجبات تجاه أبنائها وعائلتها ومنزلها، وعندما مرضت والدته كان لا بد من مساعدتها لأنها كانت قبل ذلك هي من تقوم بتلك الأعمال الجبارة.
عن الأكلات الفلسطينية التقليدية التي يفضل تحضيرها «المقلوبة» إنما يتهرب أحياناً من «المفتول» لأنها تستغرق الكثير من الوقت لتحضيرها.
المعروف عن أبو جوليا أنه يحضر المأكولات الشرقية من بلاد الشام إلى دول الخليج، ولكنه يقوم أيضاً بطهي الأطباق العالمية بطريقة مبتكرة، فهو من أنصار التغيير وإضافة اللمسات الخاصة ولو أن هذا الشيء يزعج بعض المتابعين لدرجة أنه في بداية مشواره كان ينزعج كثيراً من الانتقادات والتعليقات السلبية من المتابعين وكان يقوم في بعض الأحيان ومن شدة انزعاجه إلى ترك المنزل وقيادة سيارته للتنفيس والحصول على القليل من الراحة النفسية.


أطباق سريعة التحضير ولذيذة في الوقت نفسه

وعن دليل ميشلان والمطاعم المتوجة بنجوم التميز وسبب عدم دخول المطبخ اللبناني (على سبيل المثال) إلى الدليل، يقول أبو جوليا: «أولاً، أنا أزور مثل تلك المطاعم ولكن تقييمي لها يكون متفاوتاً، وسأقول لك لماذا، لأن إذا كان المطعم هندياً وحاصلاً على نجمة ميشلان ويقدم الأطباق الهندية نفسها التي تتناولها في مطعم متواضع في شرق لندن مثلاً ولكن بكمية صغيرة وبطريقة تقديم جميلة سأكون منزعجاً من الأمر، ولكن إذا كان المطعم من هذه الفئة يعمل على خلق نكهة جديدة في قالب من العصرية والابتكار فسأكون مستعداً للمغامرة ودفع مبلغ كبير من المال لتناول الطعام فيه».
أما عن مسألة دليل ميشلان والمطاعم الشرقية، فيرى أبو جوليا أن هذه المسألة مسيسة لأنه في حال صنف الدليل أي مطعم بأنه تابع لبلد ما مثل (لبنان، فلسطين...) ستدخل إسرائيل على الخط وتعترض وتقول إن هذا المطبخ مطبخها كما حصل في الماضي مع الحمص والفلافل.
وعن سر نجاح المؤثر على شبكات التواصل الاجتماعي، يقول أبو جوليا إنه يكمن في الشخصية وضرورة التكلم في الفيديوهات التي يقدمها لمتابعيه، بالإضافة إلى إعطاء معلومة تفيد المتابع، على سبيل المثال فهو يقوم دائماً وفي بداية أو نهاية أي فيديو يصوره بقول شيء مفيد مثل أهمية وجود النحل وخطورة تراجع عددها في أميركا... أو عندما يتكلم عن أهمية الزراعة والمنتج.
أبو جوليا يصور مرتين في الأسبوع ولا تزال فيديوهاته تتربع على عرض المشاهدات التي تقدر بالملايين، وكما ذكرنا في مستهل اللقاء فهو يقوم بتصويرها وتقطيعها Editing بنفسه وهنا ركز على هذه النقطة التي لا يتنبه إليها كثيرون، قضية التقطيع وطريقة القيام بها لأنها تنم عن صدق صانع المحتوى لا سيما في مجال الطهي، وأعطى مثالاً على ذلك كأن يوهم الطاهي متابعيه بأنه عجن العجين بيده ليتبين من التقطيع لاحقاً بأنه خدع المشاهد واستعمل الخلاط الكهربائي، والمتابع ذكي ومن الممكن بأن ينتبه إلى ذلك عندما يرى يدي الطاهي خالية من آثار الطحين والعجين مباشرة بعد العجن. وهذه النقطة، أي الشفافية بحسب أبو جوليا، تجعل أي صانع محتوى وبغض النظر عن فئته ناجحاً ومحبوباً ومقرباً من جمهوره الذي يصنع اسمه ويجعله ناجحاً، وختم كلامه بالقول: Content is king بمعنى أن المحتوى هو الأساس والأهم.
وعن مشاريعه المستقبلية، اكتفى أبو جوليا بالقول إنه في صدد التحضير لمشروع جديد سيبصر النور في غضون الشهور القليلة المقبلة.

أبو جوليا في سطور

اسمه الحقيقي محمد إسبيتة، يبلغ من العمر 36 سنة من مواليد غزة، درس الأدب الإنجليزي وعمل في فلسطين مع منظمة «الأونروا» وانتقل للعيش في لندن مرافقاً زوجته التي حصلت على منحة دراسية للحصول على الدكتوراه.
عمل في بداية رحلته الجديدة في لندن في عدد من المطاعم وكان الأمر صعباً للغاية لأن ساعات العمل كانت طويلة جداً وعمل أيضاً مترجماً في المستشفيات التابعة لـNHS ليتفرغ بعدها للطهي على شبكات التواصل الاجتماعي ليصبح اليوم من أهم الأسماء وألمعها في هذا المجال. متابعوه من بلدان عربية عديدة، يتميز بوصفاته الشرقية والغربية التي يضع عليها بصماته الخاصة.


مقالات ذات صلة

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

مذاقات صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها على الأرجح خيار مخيب للآمال.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
مذاقات «الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

إيمان مبروك (القاهرة)
مذاقات الشيف الأميركي براين بيكير (الشرق الأوسط)

فعاليات «موسم الرياض» بقيادة ولفغانغ باك تقدم تجارب أكل استثنائية

تقدم فعاليات «موسم الرياض» التي يقودها الشيف العالمي ولفغانغ باك، لمحبي الطعام تجارب استثنائية وفريدة لتذوق الطعام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض) فتح الرحمن يوسف (الرياض)
مذاقات فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طواجن الفول تعددت أنواعها مع تنوع الإضافات والمكونات غير التقليدية (مطعم سعد الحرامي)

الفول المصري... حلو وحار

على عربة خشبية في أحد أحياء القاهرة، أو في محال وطاولات أنيقة، ستكون أمام خيارات عديدة لتناول طبق فول في أحد صباحاتك

محمد عجم (القاهرة)

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
TT

المطاعم و«إنستغرام»... قصة حب غير مكتملة

ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)
ديكورات جميلة ولكن مذاق الطعام عادي (إنستغرام)

في الماضي، كان الناس يخرجون لتناول الطعام في مطعمهم المفضل وتذوق طبقهم الألذ فيه، أما اليوم، وفي عصر وسائل التواصل الاجتماعي وتوفر كاميرا الهواتف الذكية في كل مكان وزمان، ونشر صور الطعام على منصات رقمية على رأسها «إنستغرام» أصبحت زيارة المطعم لالتقاط الصور ومشاركتها مع العالم، دون أكلها أحياناً. ولكن هل كل ما تأكله الكاميرا قبل المعدة لذيذ كما تراه في الصورة؟

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)

هناك فئة من المطاعم التي تحمل مصطلح «إنستغرامابل» Instagrammable وتعني أنها تبدو جميلة على صفحات «إنستغرام» نظراً للتركيز على شكل الأطباق وطريقة تقديمها واستخدام الألوان فيها، بعيداً عن التركيز عن النكهة والمنتج المستخدم فيها.

وفي دراسة نشرت أخيراً على موقع رقمي متخصص بأخبار المطاعم والطعام، تبين أن تصوير مأكولات (تبدو شهية مثل الكيك وأنواع الحلوى المنمقة) قد تزيد من نكهتها قبل أكلها، والسبب قد يعود إلى أن مقولة «العين تعشق قبل القلب أحياناً» صحيحة، وذلك لأن العين هنا تقع في حب الطبق قبل تذوقه، فقط بسبب الصور التي نلتقطها.

طبق شهير نشرت صوره على وسائل التواصل الاجتماعي (إنستغرام)

في الآونة الأخيرة، وفي تغير واضح في طريقة تصرف الذواقة في المطاعم أصبح التقاط صور الطعام أمراً مبالغاً به، لدرجة أنه أصبح من الضروري الاستئذان من الجالسين على طاولتك قبل مد يدك لتناول الأكل بسبب اهتمام بعضهم بالتقاط الصور ونشرها على الإنترنت، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كل ما تلتقطه الكاميرا وينشر على الشبكة العنكبوتية يتمتع بنكهة لذيذة توازي الشكل الجميل؟

ديكورات تلفت الانظار والمهتمين بنشر صور المطاعم (إنستغرام)

هذا السؤال يذكرني بحادثة وقعت معي، بعدما تحمست لزيارة أحد المطاعم الإيطالية في لندن، بعد رؤية العديد من المؤثرين ينشرون صوراً لثمار البحر يسيل لها اللعاب، فقررت الذهاب وتذوق تلك التحف الصالحة للأكل، وللأسف انتهى الحماس بمجرد تذوق أول لقمة من طبق الأسماك المشكلة الذي جئت حالمة بصورته وتذوقه، فالمذاق لم يكن على المستوى الذي توقعته، خاصة أن لائحة الانتظار للحصول على حجز في ذلك المطعم طويلة مما اضطرني للتكلم مع المدير المسؤول في هذا الخصوص، والاعتراض على نوعية المنتج.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)

الأكل في أيامنا هذه بالنسبة للأجيال الصاعدة مثل «جين زي» وجيل الألفية يعدّ نوعاً من التعبير عن المكانة الاجتماعية والمادية، فنشر صور الأكل بالنسبة لهم يتعدى مفهوم التهام الطعام والتمتع بمذاقه، وإنما يكون نوعاً من المفاخرة والتباهي في أوساط مجتمعاتهم ومعارفهم.

فالطعام نوعان؛ الأول يركز على المذاق والنكهة، أما الثاني فيعتمد على التصميم الخارجي، تماماً مثل ما حصل مع دوناتس قوز القزح، أقراص الحلوى التي غزت الإنترنت وشبكة التواصل الاجتماعي، وسميت بـRainbow Food Craze فكل من تذوق هذه الحلوى بوصفة الدونات المعدلة والمبتكرة قال إن النوع التقليدي يتمتع بمذاق ألذ بكثير.

تاباس أسماك (إنستغرام)

هناك عدد من المطاعم حول العالم التي تشتهر بتقديم أطباق جميلة وجذابة بصرياً على «إنستغرام»، لكنها ليست بالضرورة لذيذة. غالباً ما يكون الهدف من هذه المطاعم هو جذب الانتباه من خلال الإبداع في العرض وتنسيق الألوان والتفاصيل الجمالية، ولكن عند تذوق الطعام قد يكون الطعم عادياً أو غير مميز.

فيما يلي بعض الأمثلة التي تُذكر عادة في هذا السياق، مثل مطعم «ذا أفو شو» في أمستردام المعروف بتقديم يعتمد بشكل كامل على الأفوكادو بطريقة مبهرة وجميلة، إنما هناك بعض الآراء التي تشير إلى أن الطعم لا يرقى إلى مستوى العرض البصري.

صور الطعام قد تكون خادعة في بعض الاحيان (انستغرام)cut out

أما مطعم «سكيتش» في لندن ويعدّ من المطاعم ذائعة الصيت والمميز بديكوراته الجميلة وألوانه الزاهية، فهناك آراء كثيرة حول مذاق أطباقه الذي لا يكون على قدر التوقعات العالية التي يولدها المظهر الفاخر.

ومطعم «شوغر فاكتوري» في الولايات المتحدة الذي يملك فروعاً كثيرة، وشهير بحلوياته ومشروباته المزينة بألوان مشرقة على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يصفونه بأنه مجرد «سكر على شكل جميل»، ولا يقدم شيئاً مميزاً من حيث المذاق.

«إيل أند أن كافيه» في لندن، وهو غني عن التعريف، خاصة أنه من أكثر المطاعم التي تنشر صورها على «إنستغرام»، ومن بين أول المطاعم التي استخدمت أسلوب الديكور الذي يعتمد على الورود، فهناك من يعتقد أن أكله ليس جيداً على عكس الصور التي تنشر هنا وهناك.

برغر سمك في "فيش إند بابلز " (إنستغرام)cut out

«فيش أند بابلز» Fish & Bubbles الواقع في نوتينغ هيل بلندن، من المطاعم الإيطالية التي انتشرت بسرعة البرق على وسائل التواصل الاجتماعي، والصور والفيديوهات التي نشرها المؤثرون جرّت الكثير للذهاب إلى المطعم وتذوق ثمار البحر كما رأوها في الصور، ولكن الحقيقة هي عكس ذلك؛ لأن المذاق أقل من عادي والأسماك ليست طازجة، ومن زار هذا المكان فلن يزوره مرة ثانية.

ولمحبي البرغر فقد أغرتهم الصور في مطعم «بلاك تاب كرافت برغرز» في نيويورك بعد الشهرة التي حصل عليها على «إنستغرام»، إلا أن الكثير من الزبائن يجدون أن النكهات عادية، ولا تتناسب مع الشهرة التي حصل عليها على الإنترنت. ولا يتفق الكثير من الذين زاروا «سيريال كيلار كافيه» Celear Killer Café في كامدن تاون بلندن، الذي يقدم حبوب الإفطار بألوان زاهية وتنسيقات مبتكرة تجعلها مثالية للصور، أن الطعم يوازي روعة الصور، مما عرّض المقهى للكثير من الانتقادات، خاصة أنه ليس رخيصاً.

لائحة أسماء المطاعم التي تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق أطباقها التي لا ترتقي للجودة المطلوبة لا تنتهي، والسبب وفي عصرنا هذا هو التسويق البصري والجذب السريع للزبائن، حيث يعتمد هذا النوع من التسويق بشكل كبير على الصور والفيديوهات القصيرة، خاصة على منصات مثل «إنستغرام» و«تيك توك». الأشخاص يتأثرون بالصور الجميلة والجذابة أكثر من أي شيء آخر. لذلك، عندما تكون الأطباق مصممة بشكل جميل ومبهج، يسارع الناس إلى تصويرها ونشرها، مما يوفVر للمطعم تسويقاً مجانياً وانتشاراً واسعاً.V

الكثير من الزبائن في يومنا هذا يسعون إلى أماكن مثالية لتصوير أطباقهم ومشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المطاعم تلبي هذا الاحتياج عبر تقديم أطباق مبهجة بصرياً، مما يجعل المطعم وجهة مفضلة رغم أن الطعم قد يكون عادياً.

في السنوات الأخيرة، بدأ الطعام يُعامل بوصفه نوعاً من الفنون البصرية. فهناك اتجاه كبير نحو تقديم الطعام بطريقة إبداعية وفنية، مما يجعل من الصعب أحياناً التوفيق بين الطعم والتصميم. فالبعض يرى أن تصميم الطبق الجميل يستهلك جهداً كبيراً قد يطغى على الاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بالطعم.

ولكن، وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من المطاعم التي تهتم بالشكل والديكور وطريقة تقديم الأطباق لتشد الكاميرا وتتحول إلى صور يتهافت عليها الزبائن حالة خاصة؛ لأنها ستكون مؤقتة وستجذب الزبون مرة واحدة على عكس المطاعم التي تعتمد على جودة المنتج ونوعية الطعام وطعمه. كما أنه لا يجوز وضع المسؤولية كاملة على كاهل المطاعم إنما يتحمل أيضاً الزبون وبعض المؤثرين المسؤولية في تضليل الرأي العام، والتسويق لمطعم لا يستحق الشهرة والانتشار.