المصالحة الوطنية في العراق.. تناغم بين معصوم والعبادي وإقصاء علاوي والمالكي

الرئاسات الثلاث شددت على إصدار قوانين العفو العام والحرس الوطني

المصالحة الوطنية في العراق.. تناغم بين معصوم والعبادي وإقصاء علاوي والمالكي
TT

المصالحة الوطنية في العراق.. تناغم بين معصوم والعبادي وإقصاء علاوي والمالكي

المصالحة الوطنية في العراق.. تناغم بين معصوم والعبادي وإقصاء علاوي والمالكي

اتفقت الرئاسات الثلاث في العراق (الجمهورية، والحكومة، والبرلمان) على تشكيل لجنة ثلاثية بهدف الإشراف على الخطوات العملية الخاصة بالمصالحة الوطنية في البلاد. وقال بيان لرئاسة الجمهورية إن «الاجتماع الذي ترأسه رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بحضور رؤساء السلطات الثلاث: التنفيذية حيدر العبادي، والتشريعية سليم الجبوري، والقضائية مدحت المحمود، ونوابهم: نوري المالكي، وإياد علاوي، وأسامة النجيفي، وصالح المطلك، وبهاء الأعرجي، وهمام حمودي، وآرام شيخ محمد، تناول المسائل الرئيسية التي تهم البلاد سياسيًا وأمنيًا».
كما بحثت «خطط الحكومة لإعادة الاستقرار والتقدم في البلاد عبر دحر تنظيم داعش الإرهابي وإعادة النازحين إلى ديارهم الأصلية وإعمار العراق ككل بموازاة إنجاز المصالحة الوطنية الفعلية والقريبة والشاملة وحماية وتطوير النظام الاتحادي الديمقراطي القائم على المبادئ الوطنية والشرعية الدستورية». وبشأن المصالحة الوطنية الشاملة «قررت السلطات الثلاث تشكيل لجنة للإشراف على الخطوات العملية لتحقيق المصالحة وإعداد ورقة بتوصياتها لتقديمها إلى الاجتماع القادم».
وشدد الاجتماع على «ضرورة الإسراع في إصدار القوانين والإجراءات الضرورية في تعزيز التماسك المجتمعي واستيعاب الشباب وفي مقدمتها التشريعات التي تضع أسس نجاح مصالحة وطنية حقيقية وشاملة وتقترن بحوارات مجتمعية على مستوى المحافظات تسمح بتطوير علاقات تفاهم وتعاون لحل المشكلات والخلافات وتلبية الاحتياجات المشتركة». وبشأن الجديد في قضية المصالحة الوطنية في العراق التي يجري الحديث عنها منذ عام 2003 وحتى اليوم دون أن تحقق أي من مؤتمرات المصالحة التي أنفقت عليها ملايين الدولارات أي فائدة. قال مصدر مطلع ومقرب من أجواء الاجتماع، إن «الجديد في الأمر الآن هو قيام الحكومة بإنجاز سلسلة من مشاريع القوانين التي تدخل في موضوع المصالحة مثل العفو العام والحرس الوطني والمساءلة والعدالة، وهي قوانين لو تم تشريعها، فسيكون لها دور هام في تعزيز مفهوم المصالحة».
ويضيف المصدر المطلع أن «هناك مسائل قد تبدو ظاهرًا إجرائية، لكنها من الأمور الهامة التي من شأنها التعجيل بالإجراءات الخاصة بقضية المصالحة من أبرزها حرص رئيسي الجمهورية فؤاد معصوم، والوزراء حيدر العبادي، على تحقيقها بأسرع وقت لأن معظم ما تعانيه البلاد الآن إنما يعود إلى عدم تحقيق هذه المصالحة»، موضحًا أنه «كان هناك خلاف بشأن الجهة التي تتولى المصالحة الوطنية لجهة وجود مستشارية خاصة لهذه المصالحة تابعة لرئاسة الوزراء على عهد الحكومة السابقة برئاسة المالكي، بينما الآن جرى الاتفاق على أن يكون مشروع المصالحة مرتبطًا برئاسة الجمهورية، وهو ما عارضه نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي رغم أنه الآن جزء من مؤسسة الرئاسة وليس الوزراء».
وبشأن ما إذا كان موقف المالكي مرتبطًا بطموحاته التي يجري الحديث عنها لجهة العودة إلى رئاسة الوزراء لم يستبعد المصدر ذلك قائلاً إن «جزءًا من هذا الطرح قد يكون صحيحًا يضاف إلى ذلك أن معظم أعضاء مستشارية المصالحة الوطنية كان قد جاء بهم المالكي نفسه». وردًا على سؤال بشأن مصير نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي باعتباره نائبًا لرئيس الجمهورية لشؤون المصالحة الوطنية، قال المصدر المطلع: «طبقًا لما أعرفه أن ملف المصالحة وفقًا للصيغة الجديدة، وهو الإشراف عليه من قبل لجنة ثلاثية تبلور تصورات عملية، لم يعد بيد علاوي».
إلى ذلك، أكد المجلس الأعلى الإسلامي، بزعامة عمار الحكيم، الذي يعد الآن وثيقة السلم الأهلي التي من المقرر عرضها على الكتل السياسية والزعامات بعد العيد تأييده الكامل للإجراءات التي تقوم بها الرئاسات الثلاث على صعيد المصالحة الوطنية. وقال سامي الجيزاني القيادي في كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يوجد خيار أمام العراقيين سوى التعايش السلمي فيما بينهم حيث جرب العراقيون خلال السنوات العشر الماضية كل السيناريوهات ولم يصلوا إلى نتائج تفيد الطرفين». وأضاف أن «نظرة سريعة إلى مسيرة السنوات الماضية تبين أن العراق فقد ملايين الشهداء والجرحى في نزاعات عبثية، ومن بعدها بدأنا نفقد المزيد من الأراضي من خلال احتلال تنظيم داعش الإرهابي، وما ترتب عليه من نزوح طال ملايين العراقيين، يضاف إلى ذلك فقدان الثروة المالية للبلاد من خلال الفساد المالي والإداري».
من جهته، رأى التيار المدني الديمقراطي أن المصالحة الوطنية باتت ضرورة ماسة لحياة العراقيين إذا أردنا بناء عراق ديمقراطي مدني تعددي. وقال نائب السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي والقيادي في التيار المدني الديمقراطي رائد فهمي لـ«الشرق الأوسط»، إن «أهم ما يشجع على المضي في مصالحة حقيقية هي إنجاز القوانين المتعلقة بالمرحلة الانتقالية، مثل المساءلة والعدالة وغيرها لأن التباطؤ في تنفيذ هذه القوانين من شأنه أن يعطي رسالة للطرف الآخر بعدم وجود جدية على صعيد المصالحة والسلم الأهلي». وأضاف فهمي أن «الأساس الصحيح للمصالحة الوطنية هو تحقيق قدر عالٍ من التوافق بين المختلفين، لأن المصالحة لا يمكن أن تتحقق من طرف واحد»، مشددًا على «ضرورة أن يكون هناك انفتاح على الجميع من دون استثناء وتحويل الملفات الخاصة بالمساءلة والعدالة إلى قضائية بدلاً من وضعها الحالي التي هي ملفات سياسية».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.