لم يكن مستغرباً أن تجمع الإدارة المصرية لقمة الاتفاقية الإطارية لتغير المناخ «كوب 27» بين العلم والشباب في يوم واحد، ضمن اليوم الثاني من الأيام الخاصة خلال القمة، أمس الخميس، فالقاسم المشترك بينهما هو أنهما يمثلان «المستقبل».
وبينما يعوِّل العالم على «العلم» من أجل تسريع العمل المناخي لإنقاذ المستقبل من تداعيات الاحترار العالمي، فإن وعي الشباب بالقضية هو الضمان للترويج للأدوات والحلول التي يوفرها العلم.
وعكست كلمات القادة والمسؤولين هذا المعنى، خلال فعاليات اليوم، الذي استهلّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بجولة تفقدية بالدراجة في مدينة شرم الشيخ، تفقَّد خلالها المنطقة الخضراء الصديقة للبيئة، التي تشهد عدداً من الفعاليات والأنشطة خلال انعقاد القمة العالمية للمناخ، كما التقى عدداً من الشباب والأجانب المشاركين في القمة، وأعرب، خلال حديثه مع بعض الشباب، عن إيمانه وثقته بقدراتهم.
وبالتزامن مع هذه الرسالة التشجيعية للشباب التي درج الرئيس المصري على توجيهها لهم من حين لآخر، شهد اليوم أكثر من وقفة احتجاجية لشباب يمثلون دول العالم المختلفة، عكسوا خلالها وعيهم بخطورة مشكلة تغيرات المناخ على المستقبل.
وعلى خلفية صوت الشباب الذي كان يعلو مطالباً بحماية كوكب الأرض من الانبعاثات، كان هوسونغ لي، رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، يستهلّ فعاليات «العلم» باستعراض التقرير السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، وهو التقرير الذي يوجه إنذاراً شديد اللهجة بأن الأرض تسير نحو طريق اللاعودة.
ويتضمن التقرير، الذي أعدّه 270 باحثاً من 67 بلداً، وجرى الاستشهاد في تفاصيله بـ34 ألف مرجع، عدداً من النقاط المهمة، التي تشخِّص المشكلة في الوقت الحاضر، وتضع الحلول كي لا تتفاقم في المستقبل.
وحسَم التقرير بشكلٍ لا لَبْس فيه مسئولية البشر عن ارتفاع درجات الحرارة، واقتراب تغير المناخ بشكل خطير من الخروج عن نطاق السيطرة، كما أشار إلى أن حالات الطقس المتطرفة النادرة في السابق أصبحت أكثر شيوعاً، وشدد على أن ملايين الأشخاص سيواجهون الفقر وانعدام الأمن الغذائي في السنوات المقبلة، حيث يؤثر تغير المناخ على المحاصيل وإمدادات المياه.
وأكد التقرير حقيقة أنه مع تغير المناخ الذي يسبب بالفعل طقساً قاسياً في جميع أنحاء العالم، أصبحت البلدان الغنية والفقيرة، على حد سواء، مدعوّة الآن إلى تسريع العمل المناخي، باتخاذ إجراءات «التكيف» مع آثار الاحترار، بما في ذلك موجات الحر الأكثر تواتراً والعواصف القوية وارتفاع مستويات سطح البحر.
وبينما ركزت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، في تقاريرها السابقة، على ثاني أكسيد الكربون، وهو أكثر غازات الاحتباس الحراري وفرة، دعا مُعِدّو التقرير السادس لأول مرة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من انتشار غاز الميثان.
ومع نفاد الوقت لمنع تغير المناخ الجامح، وجّه مُعِدّو التقرير دول العالم إلى التفكير في بعض التدخلات العلاجية، مثل حقن الجسيمات في الغلاف الجوي لحجب الإشعاع الشمسي.
وبعد استعراضه أهم ما في التقرير، قال هوسونغ لي: «زرعت البذور الأولى لعملنا العلمي، اليوم، هنا منذ آلاف السنين، حيث أسهم التراث الغني لمصر القديمة بشكل كبير في فهمنا وإتقاننا للرياضيات واللغة المكتوبة والعلوم والتكنولوجيا، حتى يصبح المجتمع العلمي، اليوم، أكثر يقيناً ووضوحاً بشأن مسؤولية الإنسان عن تغير المناخ».
وكجزء من فعاليات «العلم»، أطلقت مصر أول خريطة لتقييم نقاط الضعف المناخي، والتي استندت إلى بيانات من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، كما عقدت عدة ندوات حول آليات التخفيف من الانبعاثات والتكيف مع آثار التغيرات المناخية.
وخلال كلمته في تدشين يوم «العلم والشباب»، قال سامح شكري، وزير الخارجية المصرية ورئيس القمة، إن العلم يلعب دوراً رئيسياً في إعلام العملية المناخية، وتوفير الأدلة والأرقام المهمة لبناء قضية للعمل وضرورة التنفيذ، مضيفاً «نأمل أن يغادر جميع المشاركين في يومنا حول العلوم ولديهم رغبة أقوى في إيجاد حلول قائمة على العلم وخطة للتنفيذ لا تترك أحداً يتخلف عن الركب».
وأضاف شكري، رئيس مؤتمر الأطراف: «بينما لا يمكننا إعادة الزمن إلى الوراء فيما يتعلق بذوبان الأنهار الجليدية وعكس الانبعاثات العالمية، يمكننا التوقف عن التراجع عن التزاماتنا والإبطاء، بل حتى إيقاف بعض تأثير تغير المناخ من خلال الاعتماد على العلم لإيجاد حلول».
العالم يستعد للمستقبل بدروس الحاضر في «كوب 27»
يوم «العلم والشباب» أكد أهمية تسريع العمل المناخي
العالم يستعد للمستقبل بدروس الحاضر في «كوب 27»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة