الحياة الوردية

> معظم المخرجين الذين تطلعوا إلى ماضيهم لتحقيق أفلام عن حياتهم وجدوا أن الماضي أفضل من الحاضر في نواحٍ كثيرة. فديريكو فيلليني وجد متعة السحر والشعر وبراءة الشباب رغم قسوة الفترة الفاشية في «أماركورد» (1973). كنيث برانا أحب تلك الفترة الخطرة التي كانت آيرلندا الشمالية تعيش حرباً أهلية كونها فترة صباه، التي على قساوة وضعها لم تمنعه من أوقات سعيدة رغم الحرب والفقر ومشاكل بيت العائلة.
> في فيلمه «روما» (2018) وجد المخرج المكسيكي ألفونسو كوارون فرصة لكي يقترب من موضوع التفرقة العنصرية ضد المواطنين الأصليين، ولكي يعرض شبح الحرب الأهلية في شارع منقسم بين يمين ويسار، لكنه لم ينسَ أن يرفع قبعة الحب حيال عائلته بكل من فيها.
> جيمس غراي في فيلمه الجديد «زمن القيامة» يستعرض حياته صغيراً وشاباً، وما صاحبها من وعي مبكر حيال ما كان حدث في أميركا في السبعينات. والفيلم الجديد من ستيفن سبيلبرغ يعرض قصّة حياة مرتسمة بشخصية صبي اسمه سامي يمر بما مرّ به سبيلبرغ من وله بالسينما، وبتيمة الحياة في الستينات التي أدّت به إلى دخول السينما مخرجاً.
> العالم المعروض في هذه الأفلام وسواها ليس بريئاً من المشاكل الاجتماعية كالعنصرية ضد السود أو اليهود أو أي فريق مختلف آخر، ومثل حرب فيتنام وما آل إليه الغزو الأميركي من دمار ثم هزيمة. لكن هؤلاء المخرجين يعرفون أنهم ودّعوا حين كبروا زمناً حمل - رغم ما سبق - حياة وردية. وبالمقارنة بما تمر به حياتنا اليوم من معضلات متعددة (الفقر والمجاعات والأمراض والحروب وتلوّث البيئة) هي أكثر من وردية. تبدو مثل جدول ماء صاف.
> حياة الأمس لم تشهد التطوّرات التكنولوجية التي تمكننا اليوم من فعل أشياء أسرع وأكثر دقّة وأسهل منالاً من قبل. لكن هذه التكنولوجيا لا تصنع سعادتنا الفردية منها أو الجمعية. لا تحقق راحة البال أو المزيد من الوقت المتاح لممارسة الهوايات. هي شيء مبتكر (وفي جوانب عدّة مفيد) لكن الغالب أن أحداً لن ينظر في المستقبل إلى اليوم الحاضر ليحن إليه.
م. ر