«كوب 27»... العالم يبحث عن «عصا سحرية» في «يوم التمويل»

البنك الدولي يخصص نصف تمويل المناخ لإجراءات التكيف > غورغييفا: العلاج صعب لكن ليس لدينا خيار المخاطرة بالبشرية

مؤتمر «كوب 27» المنعقد في شرم الشيخ يؤكد أن التمويل حجر الزاوية للحد من التحديات المناخية (رويترز)
مؤتمر «كوب 27» المنعقد في شرم الشيخ يؤكد أن التمويل حجر الزاوية للحد من التحديات المناخية (رويترز)
TT

«كوب 27»... العالم يبحث عن «عصا سحرية» في «يوم التمويل»

مؤتمر «كوب 27» المنعقد في شرم الشيخ يؤكد أن التمويل حجر الزاوية للحد من التحديات المناخية (رويترز)
مؤتمر «كوب 27» المنعقد في شرم الشيخ يؤكد أن التمويل حجر الزاوية للحد من التحديات المناخية (رويترز)

خلال اليوم الرابع لقمة المناخ «كوب 27» المنعقدة في شرم الشيخ، الذي خصص كـ«يوم للتمويل»، انطلقت جلسات عدة للبحث في القضية المعقدة التي تتصل بالأساس بمحاولات إيجاد الحلول أو «عصا سحرية» لمعضلة توفير «التمويل اللازم»، سواء لإنقاذ العالم من آثار التغير المناخي، أو على مستوى آخر بتخطي الأزمات الاقتصادية العالمية الحالية، التي تعد الأعنف منذ نحو 40 عاماً.
وتحدث مسؤولون أمميون وحكوميون في عدة جلسات، كان أبرزها الجلسة الافتتاحية التي ترأسها رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بحضور رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، ومديرة صندوق النقد كريستالينا غورغييفا، ومارك كارني المبعوث الخاص للأمم المتحدة للعمل والتمويل المناخي، وأديل رينو باسو رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والدكتور محمود محيي الدين رائد المناخ للرئاسة المصرية، إلى جانب كثير من المسؤولين الآخرين.
وفي افتتاح كلمته، أشار مدبولي إلى أن هذا التجمع في «يوم التمويل» يأتي على هامش اجتماعات قمة المناخ، ما يعد دليلاً على الترابط بين السياسات المالية وقضايا المناخ، التي تؤثر بدورها على موارد الدول، وخاصة النامية منها، وبالتالي على مستوى الموارد المالية المتاحة للحكومات، مضيفاً أنها أصبحت عاملاً حاسماً لدعم جهود تغير المناخ على كل من مستويى التخفيف والتكيف.
وأوضح مدبولي أن التضامن بين جميع الأطراف أضحى «خياراً لا يمكن الاستغناء عنه»، حيث إن التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني ووكالات الأمم المتحدة والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية، في مسار متكامل ومتناسق، هو أقصر الطرق وأقلها تكلفة للوصول إلى نجاح الجهود لمواجهة تغير المناخ.
وأشار إلى أنه «أصبح من الواضح أن المستقبل الاقتصادي للكوكب في خطر كبير ما لم نتمكن من ضمان استجابة جميع الاقتصادات بشكل متناغم ضد التغير المستمر الذي نشهده في مناخنا»، موضحاً أن التقديرات تشير إلى أن «حوالي 4 بالمائة من الناتج الاقتصادي العالمي السنوي يمكن أن يُفقد بحلول عام 2050، مع احتمال أن تواجه البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى هذه الخسائر».
وأعلن مدبولي تعاون وزارة المالية المصرية مع الشركاء لصياغة مبادرتين، تتعلقان بتسهيل مبادلة الديون لتغير المناخ وخفض تكلفة الاقتراض الأخضر، بما يتماشى مع اتفاقية باريس ونتائج غلاسكو، وعلى وجه التحديد ما يتعلق بتمويل التكيف، موضحاً أن مصر تأمل أن تترجم هذه المبادرات إلى التزامات جادة، إلى جانب الأفكار الأخرى التي قد يطرحها المشاركون، للتأثير بشكل إيجابي والمساعدة في توفير موارد إضافية للدول النامية، وخاصة الأفريقية، التي تستضيف مصر المؤتمر نيابة عنها.
واختتم مدبولي كلمته، مؤكداً أن التمويل هو حجر الزاوية للوفاء بالالتزامات الوطنية نحو الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وأن الوضع الحالي للأزمة الاقتصادية العالمية والتحديات التي تطرحها هي نقاط رئيسية يجب أن تتم مناقشتها وإيجاد حلول لها، بما في ذلك ضرورة تحقيق التوازن بين التكيف والتخفيف.
ومن جانبه، أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة للعمل والتمويل المناخي مارك كارني، على أهمية مشاركة التمويل من مؤسسات التمويل الخاص لملء الفجوة الموجودة لتنفيذ المشروعات المستدامة.
وفي هذا السياق، أعلن رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس، أنه سيتم تخصيص نصف التمويل من البنك الدولي بشأن المناخ (البالغ نحو 32 مليار دولار) لإجراءات التكيف مع التغيرات المناخية. وأضاف: «بينما نمضي قدماً، نحتاج إلى بناء تلك الجهود، ولكن أيضاً إدخال مزيد من المانحين في عملية التكيف».
وأضاف: «يجب نتعامل مع أزمة المناخ بالعمل والتأثير، ونعمل على التشجيع على استخدام الطاقة المتجددة، والتمويل يأتي من مصادر متعددة»، موضحاً أنه مع زيادة غازات الاحتباس الحراري، فإن البنك الدولي قام بعدد من المشروعات لتفادي تلك المشكلة، لافتاً إلى أن العمل المناخي يمثل الركيزة الأساسية التي يمكن الاعتماد عليها. وتابع: «نحتاج أن نزيد عدد المشروعات التي يتم تنفيذها لتقليل انبعاثات الغاز، ولدينا كثير من الجهود، ولكن نحتاج أن يكون هناك عمل جماعي يعمل على تقليل تلك الانبعاثات».
وبدورها، أكدت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، في كلمتها، ضرورة وجود تمويل طويل الأجل يقدم كل الدعم للدول الأكثر ضعفاً، لافتة إلى صندوق النقد الدولي أتاح 40 مليار دولار لتلك الدول.
وقالت غورغييفا إن «العالم بدأ بالتعافي من تداعيات أزمة كورونا، وحقق نمواً اقتصادياً بنسبة 6 بالمائة في عام 2021، لكنه تغير بشكل مأساوي بسبب التغيرات المناخية، حيث توالت الأزمات بصورة قاسية». وأضافت أنه يجب إدراك المعاناة الشديدة التي ألمت بالبشر نتيجة للمناخ الاقتصادي «الداكن»، حيث ارتفعت معدلات الفقر، وحدثت أزمة في الطاقة وتقسيم جيوسياسي... وشددت على ضرورة مواجهة الأزمة المناخية بشكل مُلح، ومواجهة الواقع ومحاولة تغييره للأفضل، لافتة إلى أن «الأبحاث أشارت إلى أن اتفاق باريس يمكن أن يبقى حلماً بعيد المنال، ولكن يمكننا تغيير هذا الواقع».
وأشارت غورغييفا إلى أن التغيير المطلوب يحتاج تخصيص نسبة تبلغ ما بين 0.5 إلى 1 في المائة من إجمالي الدخل المحلي العالمي، وهي نسبة قد تكون كبيرة، وقد لا تتمكن بعض الدول من تحملها، لكن «ليس لدينا خيار آخر، فنحن بذلك نخاطر بالبشرية».
وأضافت أنه يجب العمل معاً، وأن يتعاون المال العام مع الخاص من خلال المنظمات التي نمثلها، ليكون أيضاً المجتمع المدني شريكاً في مواجهة تغيرات المناخ. لافتة إلى أنه يجب وضع الآليات المناسبة للتمويل الخاص بمواجهة تغير المناخ، ومن بين ذلك على سبيل المثال «ضمان المخاطرة» لتقليل التحديات والعوائق التي يواجهها الاستثمار.
وقالت غورغييفا: «نتحدث عن مؤتمر التنفيذ... لذلك يجب دمج التخفيف والتكيف وإجراءاتهما سوياً، كما يجب أن يكون هناك تمويل طويل الأجل يقدم كل الدعم للدول الأكثر ضعفاً... ونعتبر أنفسنا مسؤولين عن تمويل القطاع الخاص والمساهمة في حل جميع مشكلات البيئة».


مقالات ذات صلة

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الاقتصاد الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

حقق 14 مبتكراً في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية.

«الشرق الأوسط» (باكو)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».