مصر تطلق تقرير المناخ ومنصة وطنية لـ«المشروعات الخضراء»

وزيرة التعاون الدولي لـ«الشرق الأوسط»: القاهرة تقدم نموذجاً عالمياً لتنفيذ التعهدات

خلال إطلاق مصر تقرير المناخ والتنمية (مجلس الوزراء المصري)
خلال إطلاق مصر تقرير المناخ والتنمية (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تطلق تقرير المناخ ومنصة وطنية لـ«المشروعات الخضراء»

خلال إطلاق مصر تقرير المناخ والتنمية (مجلس الوزراء المصري)
خلال إطلاق مصر تقرير المناخ والتنمية (مجلس الوزراء المصري)

على هامش فعاليات مؤتمر المناخ «كوب 27» أطلقت مصر كلاً من تقرير المناخ والتنمية، وكذلك منصة وطنية للمشروعات الخضراء تحت اسم «نُوَفِّي».
وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي المصرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تم الإعلان عنه من تمويلات إنمائية ميسرة خلال مؤتمر المناخ «كوب 27»، للمنصة الوطنية «نُوَفِّي» و«نُوَفِّي+»: «تعزز الجهود التي تبذلها الدولة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050. كما أنها تحفز بشكل كبير مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشروعات الخضراء، لا سيما أن ملياري دولار من خلال التمويلات سيتم توجيهها بالفعل كتسهيلات من مؤسسات التمويل الدولية لشركات القطاع الخاص».
وأوضحت الوزيرة أن «مصر من خلال برنامج (نُوَفِّي) تقدم للعالم نموذجاً لكيفية الانتقال من التعهدات إلى التنفيذ من خلال المنصات الوطنية القطرية، وهو ما يتسق مع شعار وأهداف مؤتمر المناخ الذي ترأسه مصر، وهو الانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ، لتعزيز جهود التحول الأخضر والعمل المناخي».
جاء ذلك تعليقاً على توقيع مصر اتفاقيات الشراكة وخطابات النوايا لتنفيذ المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء برنامج «نُوَفِّي»، والتوقيع على اتفاقيات الشراكة للتحول الأخضر، بحضور مسؤولين حكوميين ومؤسسات دولية.
وأوضحت الوزيرة أن المشروعات المدرجة ضمن برنامج «نُوَفِّي» تتحقق فيها ثلاثة معايير رئيسية، وهي الشمولية حيث تحقق هذه المشروعات التنمية الشاملة وتتوزع في العديد من المناطق في مصر مثل وادي النيل والدلتا ومنطقة قناة السويس وغيرها، كما أنها تنعكس على فئات المجتمع كافة، لا سيما صغار المزارعين والفئات الأكثر تضرراً من تداعيات التغيرات المناخية، منوهة بأن مشروعات الأمن الغذائي والمائي مثل تحلية المياه وتدشين أنظمة الإنذار المبكر وتهيئة المناطق الزراعية القديمة للتكيف مع التغيرات المناخية وتحديث نظم الري تؤثر بشكل مباشر على مستوى معيشة وقدرة نحو 30 مليون مواطن في الوادي والدلتا على التعامل مع تداعيات التغيرات المناخية على الزراعة والإنتاج الحيواني ومصايد الأسماك، وهي كلها مصادر هامة لمعيشة هؤلاء المواطنين.
وأعلنت وزارة التعاون الدولي عن توقيع تمويلات تنموية مُيسرة بقيمة 2.24 مليار دولار، لتنفيذ عدد من المشروعات التنموية وتطوير البنية التحتية المستدامة التي تحفز مشاركة القطاع الخاص، مع عدد من شركاء التنمية في قطاعات النقل والإسكان والكهرباء والطاقة المتجددة والأمن الغذائي، والبيئة.
ومن جهة أخرى على هامش «كوب 27»، قالت رانيا المشاط إن إطلاق تقرير المناخ والتنمية CCDR الخاص بمصر، بالتعاون بين الحكومة ومجموعة البنك الدولي، يأتي نتيجة شراكات وتعاون مثمر بين الجانبين على مدار الفترة الماضية، كما أنه يأتي في ضوء الاستراتيجية القطرية المشتركة الجديدة بين الجانبين المقرر إطلاقها قريباً، لافتة إلى أن طلاق التقرير خلال فعاليات اليوم الثاني من مؤتمر المناخ بمدينة شرم الشيخ، يؤكد حرص مصر على المضي قدماً في جهود التنمية الصديقة للبيئة وتعزيز العمل المناخي والاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية.
جاء ذلك خلال فعالية إطلاق تقرير المناخ والتنمية في مصر، والذي شهده رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بمشاركة ديفيد مالباس رئيس مجموعة البنك الدولي، والدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة المصرية، ومختار ديوب المدير التنفيذي مؤسسة التمويل الدولية، واليكس فإن تروتسنبرغ المدير التنفيذي للعمليات بالبنك الدولي، ومارينا ويس المدير الإقليمي لمصر واليمن وجيبوتي بمجموعة البنك الدولي، وماري بونغستو المديرة المنتدبة لشؤون سياسات التنمية والشراكات بمجموعة البنك الدولي، وهيروشي ماتانو نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة التمويل الدولية.
وأوضحت وزيرة التعاون الدولي، أن مثل هذه التقارير تمثل خريطة طريق لدعم جهود المناخ والتنمية في مصر، كما أنها تركز على أولويات الدولة المصرية في الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 والمساهمات المحددة وطنياً NDCs، ورؤية التنمية 2030، وتعمل على تشخيص التحديات التي قد تقف حائلاً أمام جهود التنمية والتحول الأخضر من أجل المضي قدماً في التعامل معها وتذليلها، وكذلك استغلال الفرص المتاحة لتسريع وتيرة التحول إلى الاقتصاد الأخضر في مصر.
وأشارت رانيا المشاط إلى أن التقرير يُحدد الإجراءات على مستوى السياسات وفرص الاستثمار التي يمكن - حال تنفيذها في غضون 5 سنوات - أن تؤدي إلى زيادة كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وتخصيصها، والحد من آثار تغير المناخ على الناس والشركات ومؤسسات الأعمال، وتعزيز قدرة مصر على المنافسة في الأسواق العالمية.
ونوهت بأن الاستراتيجية القطرية المشتركة، إلى جانب تقرير المناخ والتنمية، يمثلان خريطة طريق للتعاون بين الحكومة ومجموعة البنك الدولي خلال المرحلة المقبلة من أجل المضي قدماً في جهود تعزيز التحول الأخضر وتنفيذ جهود المناخ والتنمية جنباً إلى جنب.
وقال ديفيد مالباس: «تعمل التقارير القطرية التي يصدرها البنك الدولي عن المناخ والتنمية إلى تحويل محور تركيز النقاش من الآثار البعيدة إلى توصيات فورية وقابلة للتنفيذ لصانعي القرارات اليوم، وتهدف التوصيات الواردة في هذا التقرير إلى بناء الأساس لنموذج نمو منخفض الانبعاثات الكربونية في مصر مع زيادة القدرة التنافسية على الساحة العالمية والحد من قابلية تأثر الناس والاقتصاد بمخاطر الصدمات المناخية».
من جانبه، قال مختار ديوب: «لدى مصر استراتيجية طموحة لمكافحة آثار تغير المناخ، ويظهر هذا التقرير بوضوح أن إطلاق استثمارات القطاع الخاص سيكون غاية في الأهمية لتحقيق أهداف مصر، ومصر شريك قوي لمؤسسة التمويل الدولية في مجال الطاقة المتجددة والتمويل الأخضر، وما زلنا ملتزمين بالعمل والتعاون معاً لتنفيذ النتائج التي خلص إليها التقرير».
ويسلط التقرير الضوء على التحديات التي تواجه قطاع المياه وآثار التغيرات المناخية على توفر المياه النظيفة، وتداعيات ذلك على جهود التنمية، فضلاً عن تأثير التغيرات المناخية على المناطق الساحلية بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، وانعكاس كل ذلك على معيشة المواطنين ودخولهم. كما يؤكد أن المضي قدماً في مسارات التنمية منخفضة الانبعاثات يمكن أن يعزز ويساعد مصر على بناء قدرة الاقتصاد على الصمود في مواجهة الصدمات وتدعيم قدرتها التنافسية.
ورغم أن مساهمة مصر في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم لا تزال منخفضة عند 0.6 في المائة، فإن الانبعاثات والنمو الاقتصادي لا يزالان مرتبطين ارتباطاً وثيقاً. وهناك 3 قطاعات في مصر هي الطاقة والنقل والصناعة، تتسبب في إطلاق نحو 80 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البلاد.
ويقترح التقرير سلسلة من الإجراءات المشتركة على مستوى جميع القطاعات لزيادة مواءمة الأهداف الإنمائية لمصر مع طموحها المناخي، تشمل تقييم الموارد الطبيعية واستخدامها وتخصيصها بمزيد من الكفاءة - وتدعيم أنظمة المعلومات التي تقوم بنشر المعلومات المتعلقة بالمناخ والهيدرولوجيا حتى تتمكن الحكومة والشركات والأفراد من التكيف بشكل أفضل وأسرع مع الصدمات المناخية والحد من المخاطر. يأتي ذلك إلى جانب التركيز على خفض الانبعاثات من قطاعات النقل والطاقة والصناعة، ووضع الأسس لزيادة مشاركة القطاع الخاص من خلال ضمان التنفيذ الكامل للقوانين الجديدة الخاصة بالكهرباء والطاقة المتجددة. وكذلك إطلاق الفرص حتى يتمكن القطاع الخاص من الاستثمار بسهولة أكبر في مجالات مثل إدارة النفايات والمخلفات والمياه البلدية منخفضة الانبعاثات الكربونية، وإعادة تجهيز المباني حتى تتسم بكفاءة استخدام الطاقة، والنقل الأخضر في المناطق الحضرية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».