توتر بين باريس وروما بشأن مئات المهاجرين العالقين في البحر

فرنسا تُدين سلوك إيطاليا «غير المقبول» لرسوّ سفينة إنسانية

السفينة التابعة للمنظمة غير الحكومية «إس أو إس متوسط» (رويترز)
السفينة التابعة للمنظمة غير الحكومية «إس أو إس متوسط» (رويترز)
TT
20

توتر بين باريس وروما بشأن مئات المهاجرين العالقين في البحر

السفينة التابعة للمنظمة غير الحكومية «إس أو إس متوسط» (رويترز)
السفينة التابعة للمنظمة غير الحكومية «إس أو إس متوسط» (رويترز)

تصاعد التوتر بين فرنسا وإيطاليا اليوم (الأربعاء)، بشأن استقبال السفينة «أوشن فايكينغ» وهي إحدى السفن الإنسانية العالقة في البحر المتوسط وعلى متنها مئات المهاجرين، ما دفع باريس إلى إدانة رفض روما الذي وصفته بأنه «غير مقبول» لرسوّ السفينة.
وبينما كانت السفينة التابعة للمنظمة غير الحكومية «إس أو إس متوسط» وعلى متنها 234 مهاجراً، متوجهة إلى فرنسا بعد استنكارها «صمت إيطاليا الذي يصم الآذان»، يدور خلاف دبلوماسي بين البلدين.
وأوضح مكتب رئيسة الوزراء الإيطالية الجديدة اليمينية المتطرفة جورجيا ميلوني، أنها شكرت فرنسا التي وافقت -على حد قولها- على استقبال السفينة في أحد موانئها.
لكنها واجهت نفياً من السلطات الفرنسية التي أدانت «السلوك غير المقبول» للنظراء الإيطاليين، «المخالف لقانون البحار ولروح التضامن الأوروبي»، كما ذكر مصدر حكومي لوكالة الصحافة الفرنسية.
ودعا المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران، إيطاليا، اليوم (الأربعاء)، إلى أن «تقوم بدورها وتحترم التزاماتها الأوروبية» عبر استقبال السفينة.
وقال فيران إن «السفينة موجودة حالياً في المياه الإقليمية الإيطالية، وهناك قواعد أوروبية واضحة جداً قبِلها الإيطاليون الذين هم في الواقع المستفيد الأول من آلية التضامن المالي الأوروبية».
وأضاف أن «الموقف الحالي للحكومة الإيطالية لا سيما التصريحات ورفض السماح لهذه السفينة بالرسو، أمر غير مقبول».
وأشار إلى أن «الآليات الدبلوماسية لا تزال جارية بينما أتحدث إليكم، لذلك لا يمكنني إضافة المزيد»، كما أكد أنه «لا يزال أمامنا بضع ساعات من المناقشات قبل وصول السفينة الممكن إلى المياه الفرنسية»، لكنه وعد مع ذلك بأن «لا يسمح أحد بتعرض هذه السفينة لأدنى قدر من المخاطر، وبالتأكيد الأشخاص على متنها أيضاً».
بانتظار ذلك، أكد رئيس السلطة التنفيذية في كورسيكا جيل سيميوني، مساء أمس، أن الجزيرة الفرنسية «مستعدة إذا لزم الأمر لاستقبال (أوشن فايكينغ) مؤقتاً في أحد موانئها».
وصرح رئيس بلدية مرسيليا (جنوب شرق) بينوا بايان من جانبه لوكالة الصحافة الفرنسية (الأربعاء)، بأنه «حث الحكومة الفرنسية قائلاً إنه شرف لنا، شرف لفرنسا أن نستقبلهم».
وكانت باريس وروما قد تواجهتا قبل أربع سنوات بشأن السفينة «أكواريوس» التابعة للمنظمة غير الحكومية نفسها وكانت تقل 629 مهاجراً.
وقال الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري) ماتيو تارديس، للوكالة الفرنسية: «نشهد مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا، تفتح ثغرة لأوضاع أخرى من هذا النوع لأن إيطاليا تشكك بوضوح في الاتفاقية الأوروبية (للتضامن) التي كانت لصالحها».
وأضاف أن المنظمة «لم يكن موقفها يوماً طلب الرسو في ميناء فرنسي إذ إنها طبّقت دائماً القانون البحري، أي الرسو في أقرب ميناء آمن».
وبمعزل عن ركاب «أوشن فايكينغ» اضطرت سفن إنسانية عدة لإجراء مفاوضات صعبة في الأيام الأخيرة من أجل إنزال مهاجرين، مع الحكومة الإيطالية الأكثر يمينية منذ الحرب العالمية الثانية والتي تعهدت بتبني موقف صارم حيال المهاجرين.
وأكد وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاجاني، في مقابلة نُشرت (الأربعاء)، أن النهج الجديد المتشدد لإيطاليا في مجال سياسة الهجرة هو رسالة لحضّ الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي على لعب دورها.
وقال إن قرار فرنسا استقبال سفينة «إس أو إس متوسط» أرادت الرسوّ في إيطاليا يثبت أن هذه الاستراتيجية تعمل رغم أن باريس لم تؤكد مثل هذا العرض. وقال الوزير الإيطالي: «نحن ممتنون لفرنسا التي أظهرت رغبة في اتخاذ قرار يخفف الضغط عن إيطاليا ما يثبت أنها تفهم ضرورة وجود مقاربة تضامن حازمة بين دول الاتحاد الأوروبي».
وسمحت روما في البداية لجزء فقط من الناجين الذين حاولوا العبور بين سواحل شمال أفريقيا وأوروبا بالنزول إلى الرصيف، ما أثار استياء منظمات إنسانية.
وفي نهاية المطاف سمحت لثلاث سفن إسعاف بإنزال كل ركابها أمس (الثلاثاء).
وتشهد إيطاليا هذا العام زيادة حادة في عدد الذين دخلوا أراضيها عن طريق البحر، حسب أرقام وزارة الداخلية التي تفيد بأن 88100 شخص وصلوا إلى سواحلها منذ يناير (كانون الثاني) مقابل نحو 56 ألفاً و30400 على التوالي خلال الفترة نفسها من 2021 و2020، سنتَي الأزمة الصحية.


مقالات ذات صلة

الدبيبة يوجّه «اتهامات مبطنة» لحفتر بإدخال «مهاجرين» إلى ليبيا

شمال افريقيا الدبيبة وصف اتهام حكومته بتوطين المهاجرين بـ«الكاذب» خلال اجتماع مع قيادات بحكومته وأجهزة أمنية (مكتب الدبيبة)

الدبيبة يوجّه «اتهامات مبطنة» لحفتر بإدخال «مهاجرين» إلى ليبيا

قال عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة إنه «لا يمكن أن نكون حراساً لأوروبا، نحن معبر وغير مصدرين للهجرة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ مركز احتجاز تابع لـ«إدارة الهجرة والجمارك الأميركية» في لويزيانا (رويترز)

إدارة ترمب تعيد المهاجرين من غوانتانامو إلى الأراضي الأميركية

أعادت السلطات الأميركية، فجأة، إلى الولايات المتحدة مجموعة من المهاجرين الذين كانت نقلتهم للقاعدة العسكرية الأميركية بخليج غوانتانامو في كوبا؛ لأسباب لم تعلن.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا من عملية ترحيل مهاجرين غير شرعيين من تشاد (جهاز مكافحة الهجرة في ليبيا)

دعوات ليبية لطرد «المهاجرين» مع تصاعد المخاوف من «التوطين»

يرى خالد المشري المتنازع على الأعلى للدولة في ليبيا أن «هشاشة الوضع الأمني في ليبيا دفعت بعض المهاجرين للانخراط في عصابات إجرامية منظمة أو تشكيلات مسلحة محلية».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

منظمة الهجرة الدولية تواجه أزمة كبيرة بعد تجميد ترمب المساعدات

تواجه المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة اتهامات من موظفين سابقين وحاليين لها بالعمل لصالح إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا خلال ضبط مهاجرين غير نظاميين في صحراء الكفرة الليبية (جهاز مكافحة الهجرة)

مخاوف «توطين» المهاجرين غير النظاميين تطلّ على ليبيا

قالت وزارة الحكم المحلي بحكومة الدبيبة إنها رصدت تداول «معلومات مغلوطة» تتحدث عن أنها بصدد «توطين» مهاجرين غير نظاميين في ليبيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

مجموعة الـ7 تتوافق على دعم وقف النار بين أوكرانيا وروسيا

وزراء خارجية مجموعة السبع يستعدون لالتقاط صورة تذكارية في لا مالبيه 13 مارس (رويترز)
وزراء خارجية مجموعة السبع يستعدون لالتقاط صورة تذكارية في لا مالبيه 13 مارس (رويترز)
TT
20

مجموعة الـ7 تتوافق على دعم وقف النار بين أوكرانيا وروسيا

وزراء خارجية مجموعة السبع يستعدون لالتقاط صورة تذكارية في لا مالبيه 13 مارس (رويترز)
وزراء خارجية مجموعة السبع يستعدون لالتقاط صورة تذكارية في لا مالبيه 13 مارس (رويترز)

تمكن وزراء خارجية مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى من التوصل إلى إجماع حول بيان ختامي الجمعة رغم الخلافات في شأن السياسات التجارية والخارجية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، فأعلنوا دعمهم لاقتراحه وقف النار بين أوكرانيا وروسيا. ووصفوا إيران بأنها «المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار» في الشرق الأوسط. وندّدوا «بشدة القتال الدائر والفظائع المرتكبة» في السودان.

وبعيد صدور البيان الختامي عن الاجتماع الذي استضافته كندا، سارع وزير الخارجية الأميركي إلى التعبير عن ارتياحه، ولا سيّما أنه استمع في أول زيارة رسمية له إلى كندا، وأول مشاركة له في نشاطات مجموعة السبع، إلى سلسلة من الشكاوى خلال لقائه وزراء خارجية بريطانيا ديفيد لامي وكندا ميلاني جولي وفرنسا جان نويل بارو وألمانيا أنالينا بيربوك وإيطاليا أنطونيو تاياني واليابان تاكيشي إيوايا. وناشد بعضهم روبيو استخدام ما لديه من نفوذ لدى ترمب لتجنيب بلادهم معاملة تجارية قاسية.

وكذلك قالت وزيرة الخارجية الكندية إن «هناك مقداراً كبيراً من الوحدة داخل مجموعة السبع»، بما في ذلك دعم الاقتراح الأميركي لوقف النار بين أوكرانيا وروسيا، مضيفة: «نحن ننتظر الرد الروسي» بعد الموافقة الأوكرانية.

وأفاد نظيرها البريطاني بأن المجموعة توصلت إلى مواقف مشتركة في شأن أوكرانيا والشرق الأوسط والحروب في أفريقيا ونشاط بكين في بحر الصين الجنوبي. وقال إن «كل ذلك وحّدنا»، مشيراً إلى «لغة حازمة في شأن كل هذه القضايا». وعبّر عن سعادته بـ«الجهد المبذول والشعور بالدفء السائد بين الشركاء في مجموعة السبع».

البيان الختامي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال مؤتمر صحافي في لا مالبيه 14 مارس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال مؤتمر صحافي في لا مالبيه 14 مارس (أ.ف.ب)

وتحت عنوان «ازدهار أوكرانيا وأمنها على المدى الطويل»، أكد أعضاء المجموعة «دعمهم الثابت» لأوكرانيا في «الدفاع عن سلامة أراضيها وحقها في الوجود، وحريتها وسيادتها واستقلالها». ورحّبوا بـ«الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف النار، خاصة الاجتماع الذي عُقد في 11 مارس (آذار) بين الولايات المتحدة وأوكرانيا في المملكة العربية السعودية». وإذ أشادوا بـ«التزام أوكرانيا بوقف النار الفوري»، دعوا روسيا إلى «الرد بالمثل بالموافقة على وقف إطلاق النار بشروط متساوية وتنفيذه بالكامل». وأكدوا على «ضرورة احترام أي وقف لإطلاق النار»، مشددين على «ضرورة وجود ترتيبات أمنية قوية وموثوقة لضمان قدرة أوكرانيا على ردع أي أعمال عدوانية متجددة والدفاع عنها ضدها».

وندّد أعضاء مجموعة السبع بتقديم كوريا الشمالية وإيران المساعدة العسكرية لروسيا، وتقديم الصين أسلحة ومكوناتٍ ذات استخدام مزدوج. وأكدوا مجدداً عزمهم على مواصلة اتخاذ إجراءات ضد هذه الدول الثالثة.

أمّا بالنسبة إلى «السلام والاستقرار الإقليميين في الشرق الأوسط»، فدعا أعضاء المجموعة إلى «إطلاق جميع الرهائن، وإعادة رفات الأسرى المحتجزين لدى (حماس) في غزة إلى ذويهم». وأكدوا على «ضرورة إيجاد أفق سياسي للشعب الفلسطيني، يتحقق من خلال حل تفاوضي للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، يلبي الحاجات والتطلعات المشروعة للشعبين، ويعزز السلام والاستقرار والازدهار الشامل في الشرق الأوسط». وأكدوا مجدداً أن «(حماس) لا يمكن أن يكون لها أي دور في مستقبل غزة». وعبّروا عن دعمهم لشعبي سوريا ولبنان، «في سعيهما نحو مستقبل سياسي سلمي ومستقر».

وشددوا على أن «إيران هي المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار الإقليمي، ويجب ألا يُسمح لها بتطوير أو حيازة سلاح نووي»، مؤكدين على ضرورة أن تُغيّر إيران مسارها الآن، وأن تهدأ، وأن تختار الدبلوماسية».

إسقاط الإشارات التصالحية

وعبّر الوزراء عن «قلق بالغ» من الأوضاع في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، معلنين «معارضتهم الشديدة للمحاولات الأحادية لتغيير الوضع الراهن، لا سيما بالقوة والإكراه». وأعربوا عن «قلقهم إزاء تزايد استخدام المناورات الخطيرة ومدافع المياه ضد السفن الفلبينية والفيتنامية، وكذلك الجهود المبذولة لتقييد حرية الملاحة والتحليق من خلال العسكرة والإكراه في بحر الصين الجنوبي، في انتهاك للقانون الدولي».

وأسقط الوزراء بعض الإشارات التصالحية من بيانهم، بما في ذلك الإشارة إلى سياسة «الصين الواحدة». فمقارنة ببيان وزراء خارجية مجموعة السبع في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حمل البيان الجديد إشارات تؤكد على الرغبة في «علاقات بناءة ومستقرة مع الصين» وتقر بـ«أهمية التواصل المباشر والصريح للتعبير عن المخاوف وإدارة الخلافات».

وطالبوا كوريا الشمالية بـ«التخلي عن جميع أسلحتها النووية وأي أسلحة دمار شامل أخرى، بالإضافة إلى برامج الصواريخ الباليستية، وفقاً لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة».

وندد الأعضاء «بشدة القتال الدائر والفظائع المرتكبة» في السودان، بما في ذلك العنف الجنسي ضد النساء والفتيات، التي «أدت إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم وانتشار المجاعة». ودعوا الأطراف المتحاربة إلى حماية المدنيين، ووقف الأعمال العدائية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.