أوكرانيا تنفي تعرضها لضغوط غربية لتليين موقفها من المحادثات مع روسيا

تريد التفاوض مع خليفة بوتين فقط... وروسيا تشترط «حسن النية فقط»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
TT

أوكرانيا تنفي تعرضها لضغوط غربية لتليين موقفها من المحادثات مع روسيا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

كررت كييف موقفها الرافض للتفاوض مع موسكو، ما دام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين متربعاً على هرم السلطة، مضيفة عبر أحد كبار مستشاري الرئيس الأوكراني، أنها مستعدة لإجراء محادثات مع رئيس روسيا المستقبلي، وليس الحالي، بينما نفت اليوم (الثلاثاء) تعرضها لضغوط غربية للدخول في مفاوضات مع روسيا، وجددت تمسكها بعدم إجراء أي محادثات إلا إذا انسحبت روسيا من كل الأراضي التي تحتلها.
وقال ميخايلو بودولياك، أحد كبار مستشاري الرئيس الأوكراني على «تويتر» عقب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» يوم السبت، ورد فيه أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كانت تحث قادة أوكرانيا سراً للإشارة إلى أنها منفتحة على التفاوض مع موسكو. وكتب بودولياك على «تويتر»: «لم ترفض أوكرانيا التفاوض قط. موقفنا من التفاوض معروف ومعلن»، قائلاً إن روسيا ينبغي أن تسحب قواتها من أوكرانيا أولاً. وأضاف: «هل بوتين مستعد؟ قطعاً لا. لذلك، نحن واضحون في تقييمنا... سنتحدث مع الرئيس القادم (لروسيا)».
أما موسكو، فقد ردت قائلة إنه ليس لديها أي شروط مسبقة، باستثناء أن «تظهر أوكرانيا حسن النية». وقالت على لسان نائب وزير خارجيتها أندريه رودنكو، إنها ليست لديها شروط مسبقة لإجراء مفاوضات مع أوكرانيا؛ لكن يجب على كييف إبداء حسن النية.
وذكرت محطة «روسيا اليوم» الإخبارية، اليوم، أن رودنكو قال في تصريح للصحافيين: «أوكرانيا تبنت قانوناً يمنعها من إجراء مفاوضات سلمية مع روسيا. هذا هو خيارهم. نعلن دائماً استعدادنا لمثل هذه المفاوضات التي لم تقطع بسببنا». وكان كل من البيت الأبيض والكرملين قد رفض التعليق على تقرير في صحيفة «وول ستريت جورنال» يفيد بأن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أجرى محادثات مع مساعدين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بهدف الحد من خطر اتساع رقعة الحرب الأوكرانية أو تصعيدها إلى صراع نووي.
وأعقب تقرير الصحيفة تقرير آخر نشرته صحيفة «واشنطن بوست» مفاده أن المسؤولين الأميركيين حثوا كييف سراً على إظهار استعدادها للتفاوض مع روسيا للاحتفاظ بالدعم الدولي. كما تزامن النفي الأوكراني مع انتخابات التجديد النصفي بالولايات المتحدة والتي يمكن أن تضع الدعم الغربي لأوكرانيا تحت اختبار.
وقبل كلمة من المقرر أن يلقيها في زعماء العالم المشاركين في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في شرم الشيخ، كرر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ما وصفه بشروط أوكرانيا «المقدرة تماماً» لإجراء محادثات السلام. وأضاف: «مرة أخرى: استعادة وحدة الأراضي، واحترام ميثاق الأمم المتحدة، والتعويض عن كل الأضرار التي تسببت بها الحرب، ومعاقبة جميع مجرمي الحرب، وضمان عدم تكرار ما يحدث». وأشار إلى أن أوكرانيا اقترحت مراراً إجراء مثل هذه المحادثات، ولكن «كنا نتلقى دوماً ردود فعل روسية غير عقلانية بهجمات إرهابية أو قصف أو ابتزاز جديد».
وكرر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس، موقف موسكو باستعدادها لإجراء محادثات؛ لكن كييف هي من ترفضها. وسبق أن ذكرت موسكو مراراً أنها لن تتفاوض بشأن أراضٍ تقول إنها ضمتها من أوكرانيا. وقال ميخايلو بودولياك، إنه من السخف الحديث عن أن الدول الغربية تدفع كييف للتفاوض بشروط موسكو، بينما تقوم بتزويد أوكرانيا بالسلاح لطرد القوات الروسية من أراضيها. وأوضح في مقابلة مع «راديو ليبرتي»: «أوكرانيا تتلقى أسلحة فعالة للغاية من شركائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة... إننا نعمل على طرد الجيش الروسي من أراضينا. ومن هذا المنطلق، فإن إجبارنا على عملية التفاوض، وفي الواقع الرضوخ لإنذارات روسيا الاتحادية، هو هراء! ولن يقدِم عليه أحد». وأضاف: «لا إكراه» في علاقة أوكرانيا بواشنطن، معتبراً التلميحات بأن الغرب يضغط على أوكرانيا للتفاوض جزءاً من «البرنامج الإعلامي» الروسي، دون أن يشير بشكل مباشر لتقرير «واشنطن بوست».
وبعد إعلان روسيا نهاية سبتمبر (أيلول) ضم أراضٍ أوكرانية، أصدر زيلينسكي مرسوماً يستبعد أن تتفاوض كييف مع موسكو ما دام بوتين رئيساً لروسيا. وكرر بودولياك مؤخراً هذا الموقف، إلا أن زيلينسكي لم يشر لبوتين في كلمته. ولم ينفِ البيت الأبيض المحادثات؛ لكنه قال إنه لن يتخذ خطوات دبلوماسية بشأن أوكرانيا من دون مشاركة كييف.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير: «نحتفظ بالحق في التحدث مباشرة على مستوى كبار المسؤولين، حول القضايا التي تهم الولايات المتحدة. وحدث ذلك على مدار الأشهر القليلة الماضية. ركزت محادثاتنا فقط على الحد من المخاطر، والعلاقات الأميركية الروسية».
وتجري الولايات المتحدة انتخابات التجديد النصفي للكونغرس اليوم. وعلى الرغم من أن معظم المرشحين من كلا الحزبين يدعمون أوكرانيا، فإن بعض المرشحين الجمهوريين من اليمين انتقدوا تكلفة المساعدات العسكرية الأميركية. وقالت جان بيير إن الدعم الأميركي لأوكرانيا سيكون «ثابتاً لا يتزعزع»، بغض النظر عن نتيجة التصويت.
وقال أولكسندر ميريجكو، رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الأوكراني، إن فوز الجمهوريين «لن يؤثر بأي شكل من الأشكال على دعم أوكرانيا». وأضاف: «نقدر بشدة حقيقة أن الحزبين يدعماننا... وبغض النظر عمن سيفوز في هذه الانتخابات، لن يكون لذلك أي تأثير سلبي؛ بل على العكس، نتوقع أن يزداد الدعم لأوكرانيا».
واعترف يفجيني بريجوجين، حليف بوتين الذي يرأس شركة «فاغنر» العسكرية الخاصة التي تقاتل في أوكرانيا، للمرة الأولى، أمس، بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الأميركية، وقال إنها ستفعل ذلك مرة أخرى. وأضاف على «فيسبوك»: «تدخلنا ونتدخل وسنتدخل».
ويتهم مدعون أميركيون بريجوجين بقيادة «مزرعة التصيد الإلكتروني» الروسية التي ساعدت في دعم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016. وينفي ترمب أن تكون حملته قد نسقت مع الروس.
وفي سياق متصل، قدم الرئيس زيلينسكي للبرلمان مشروعي قانونين يتعلقان بالموافقة على مرسوميه لتمديد الأحكام العرفية والتعبئة العامة في البلاد. وذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية «يوكرينفورم»، اليوم، أنه تم نشر مشروعي القانونين رقم 8189 ورقم 8190، على الموقع الإلكتروني للبرلمان. ولم يتم الإعلان عن نصي المشروعين، أو الوثائق الداعمة لهما. وتم تقديم مشروعي القانونين لرئاسة البرلمان للنظر فيهما.
ومدد البرلمان الأوكراني، يوم 15 أغسطس (آب) الماضي، الأحكام العرفية والتعبئة العامة في البلاد لمدة 90 يوماً، تنتهي في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.


مقالات ذات صلة

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

الولايات المتحدة​ تشمل المعدات المعلن عنها خصوصاً ذخيرة لأنظمة قاذفات صواريخ هيمارس وقذائف مدفعية (رويترز)

مساعدات عسكرية أميركية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون دولار

أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدم معدات عسكرية تقدر قيمتها بنحو 500 مليون دولار لدعم أوكرانيا، قبل نحو شهر من تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا من جنازة جندي أوكراني توفي خلال الحرب مع روسيا (أ.ف.ب)

«الناتو»: مليون قتيل وجريح في أوكرانيا منذ بدء الحرب

أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن اعتقاده بأن أكثر من مليون شخص سقطوا بين قتيل وجريح في أوكرانيا منذ شنّت روسيا غزوها الشامل في فبراير (شباط) 2022.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أظهرت الأقمار الاصطناعية أضراراً بمطار عسكري روسي في شبه جزيرة القرم جراء استهداف أوكراني يوم 16 مايو 2024 (أرشيفية - رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا بقصف مطار عسكري بصواريخ أميركية... وتتوعد بالرد

اتهمت روسيا أوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع لقصف مطار عسكري، اليوم (الأربعاء)، متوعدة كييف بأنها ستردّ على ذلك عبر «إجراءات مناسبة».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ رجال إنقاذ يعملون في موقع تعرض فيه مبنى لأضرار جسيمة بسبب ضربة صاروخية روسية أمس وسط هجوم روسيا على أوكرانيا في زابوريجيا11 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 02:00

أميركا تحذّر روسيا من استخدام صاروخ جديد «مدمر» ضد أوكرانيا

قال مسؤول أميركي إن تقييماً استخباراتياً أميركياً، خلص إلى أن روسيا قد تستخدم صاروخها الباليستي الجديد المتوسط ​​المدى مدمر ضد أوكرانيا مرة أخرى قريباً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».