الغموض يكتنف مصير طلاب سودانيين حاولوا اللحاق بـ«داعش»

بينهم ابنة المتحدث باسم الخارجية السودانية.. و7 يملكون وثائق سفر بريطانية

الغموض يكتنف مصير طلاب سودانيين حاولوا اللحاق بـ«داعش»
TT

الغموض يكتنف مصير طلاب سودانيين حاولوا اللحاق بـ«داعش»

الغموض يكتنف مصير طلاب سودانيين حاولوا اللحاق بـ«داعش»

ما زال الغموض يلف أوضاع طلاب سودانيين تسللوا عبر تركيا إلى مناطق العمليات الجهادية التي تنفذها التنظيمات المتطرفة في كل من سوريا والعراق، ومن بينهم ابنة المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية، الذي سارع بالسفر إلى تركيا للحيلولة دون دخول ابنته إلى المناطق التي تسيطر عليها الحركات المتطرفة في البلدين المذكورين.
ونقلت مصادر صحافية أمس أن علي الصادق، الدبلوماسي الرفيع والمتحدث باسم وزارة الخارجية، ما زال في تركيا في محاولة للعثور على ابنته التي يرجح أنها تسللت إلى سوريا للالتحاق بتنظيم داعش لكن دون جدوى، بينما يتداول سودانيون على وسائط التواصل الاجتماعي أن السلطات البريطانية سمحت له بلقاء إحدى الفتيات اللواتي أوقفتهن السلطات التركية، بيد أنها أنكرت معرفتها بكريمته، وأنه أفاد في مجموعة خاصة على موقع الرسائل «واتس آب» بأنه «لا جديد بشأن ابنته».
وأكدت جامعة العلوم الطبية، المملوكة لوزير الصحة بولاية الخرطوم مأمون حميدة في وقت سابق، أنها تلقت معلومات تفيد باختفاء 12 من طلابها، بينهم ست فتيات منذ الجمعة الماضية، وتبين أنهم غادروا إلى الأراضي السورية، وأن السلطات التركية أوقفت ستة منهم في مطار إسطنبول، بينما تقول إحصائيات إن 27 طالبًا وطالبة من الجامعة ذاتها التحقوا بـ«داعش» خلال ستة أشهر.
وتعد الدفعة التي غادرت إلى سوريا الأسبوع الماضي، الدفعة الثانية المعلن عنها خلال العام، إذ سافر 11 طالبًا وطبيبًا سودانيًا في مارس (آذار) الماضي، بذات الطريقة ومن نفس الجامعة إلى تركيا للانضمام لتنظيم داعش في العراق والشام، ولا يزال مصيرهم مجهولاً.
وعشية الإعلان عن تسلل الطلاب، صادرت السلطات السودانية صحيفتي «الجريدة» و«التيار»، لنشرها تصريحات منسوبة للمتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية حول انضمام كريمته لتنظيم داعش، ومغادرتها ضمن مجموعة من الطلاب إلى تركيا تمهيدا للحاق بالتنظيم في سوريا، علاوة على نشر حلقات حول التطرف الديني في السودان.
ونقلت صحيفة «الجريدة» تصريحات عن المتحدث باسم الخارجية علي الصادق، حمل فيها جهات لم يسمها مسؤولية مساعدة ابنته و18 طالبا آخرين الالتحاق بالتنظيم المتطرف، وقال فيها إن «المجموعة غادرت دون اتباع إجراءات الهجرة الروتينية التي يتبعها المسافرون في المطارات». بيد أن وزارة الخارجية نفت في تعميم صحافي التصريحات المنسوبة لمتحدثها الرسمي في مواقع التواصل الاجتماعي، وما نشرته صحيفة «الجريدة»، وجاء في البيان إن «ذلك الكلام مختلق إذ إنه لم يلتق بأي حشد ولم يصرح بما تمت نسبته إليه من حديث».
ويدرس الطلاب الثمانية عشرة المتسللون بجامعة العلوم الطبية، وبينهم 3 طالبات، بينما يحمل سبعة منهم وثائق سفر بريطانية، واثنان جوازات كندية وواحد أميركي، إلى جانب اثنين سودانيين.
وظهرت أسماء كل من أمير مأمون سيد أحمد العوض، الذي يدرس في المستوى الثالث طب، ويحمل جواز سفر بريطانيا، ووالده طبيب معروف في بريطانيا، إلى جانب طالبة شعبة الطب صافينات، نجلة الدبلوماسي علي الصادق، التي تحمل جوازا دبلوماسيا، من بين الطلاب الذين غادروا الخرطوم للالتحاق بـ«داعش»، بينما نقلت تقارير صحافية أن المخابرات التركية أوقفت أمير مع اثنين آخرين، أما البقية، ومن بينهم ابنة السفير، فلم يتم العثور عليهم.
ولا يعرف ما إن كان الأمر مصادفة أو ترتيبا، بعد أن أعادت السلطات السودانية اعتقال محمد الجزولي، المحسوب على التيار السلفي، بعد أن أطلقت سراحه قبل أيام بمبادرة من رئيس مجمع الفقه الإسلامي السوداني عصام أحمد البشير، عشية إعلان السلطات الأميركية تجديد وضع السودان ضمن قائمتها للدول الراعية للإرهاب.
واعتقل الجزولي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إثر إعلانه تأييد تنظيم داعش في واحدة من خطبه بعد أن منع من الخطابة.
وأدرجت وزارة الخارجية الأميركية قبل أسبوع السودان مجددًا ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، واتهمته بمواصلة دعم الجماعات المتطرفة، في الوقت الذي تتعاون فيه مع المجتمع الدولي ضدها، وهو الأمر الذي رفضته الخرطوم، واعتبرته تناقضًا في الموقف الأميركي وكيلا بمكيالين ضدها.
وفي غضون ذلك، أثار نشر صحيفتين يوميتين «السوداني»، و«الصيحة»، المقربتين من الحزب الحاكم في السودان، على التوالي «نعيا» لأحد السودانيين الذين قتلوا في عمليات جبهة النصرة السورية في مدينة إدلب، ردود أفعال متباينة، حيث عدت مواقع تواصل اجتماعي ونشطاء وصحافيون نشر النعي، وبصورته تلك، ترويجًا للتطرف والتشدد بين طلاب الجامعات، بينما اعتبره رئيس تحرير إحدى الصحيفتين مجرد «إعلان نعي» مدفوع القيمة لا غير، وأن اعتبار الأسرة لابنها شهيدًا شأنًا يخصها، مثلما تدعي الأطراف كل أن قتلاها شهداء.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.