تونس تنشر ألف جندي لتأمين المنشآت السياحية من هجمات إرهابية محتملة

تحديد هويات كل ضحايا هجوم سوسة.. وبينهم 30 بريطانيًا

تونس تنشر ألف جندي لتأمين المنشآت السياحية من هجمات إرهابية محتملة
TT

تونس تنشر ألف جندي لتأمين المنشآت السياحية من هجمات إرهابية محتملة

تونس تنشر ألف جندي لتأمين المنشآت السياحية من هجمات إرهابية محتملة

قال محمد علي العروي، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، إن وزارته بدأت منذ أمس في تنفيذ قرار الحكومة المتعلق بنشر نحو ألف رجل أمن سياحي مسلح، بهدف تأمين المنشآت السياحية والفنادق والشواطئ، وأشار في تصريح لوسائل الإعلام إلى تمكين أقاليم الأمن بالمناطق السياحية في كامل ربوع البلاد من أكثر من ألف رجل أمن، مضيفًا أن مختلف الوحدات السياحية شرعت في تركيز رجال الأمن المكلفين بحمايتها من الهجمات الإرهابية المحتملة.
وقام الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، بزيارة مفاجئة إلى جزيرة جربة، التي تعد إحدى أهم المناطق السياحية في تونس، من أجل تفقد الأماكن السياحية والتأكد من توفر الأمن داخل الفنادق والمطاعم السياحية. كما تفقد رئيس الحكومة الوحدات الأمنية والعسكرية الموجودة في جربة، التي تؤوي أهم جالية يهودية في تونس.
وتوقعت سلمى اللومي، وزيرة السياحة التونسية، أن يتكبد القطاع السياحي خسائر لا تقل عن مليار دينار تونسي (نحو 500 مليون دولار) خلال سنة 2015 بسبب الهجوم الإرهابي الأخير.
وكثفت الوحدات الأمنية من دورياتها بمختلف المناطق السياحية، بعد هجوم سوسة الإرهابي الذي أودى بحياة 38 سائحًا أجنبيًا معظمهم من البريطانيين، وجرح 40 آخرين، واتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات الاستثنائية، شملت بالخصوص نشر قرابة ألف شرطي مسلح بنحو 690 فندقًا سياحيًا، وتخصيص وحدات مسلحة داخل الفنادق السياحية. كما قررت الحكومة إقفال نحو 80 مسجدًا من المساجد التي لا تخضع لسيطرة وزارة الشؤون الدينية، أو التي حادت عن الخطاب المعتدل وبثت خطاب الكراهية، إلى جانب إعادة النظر في قانون تمويل الأحزاب والجمعيات.
وعلى صعيد متصل، تمكنت السلطات التونسية، أمس، من تحديد هويات 38 قتيلاً سقطوا في الهجوم على فندق سوسة، بحسب حصيلة نهائية لوزارة الصحة، التي أكدت أن 30 من بين القتلى بريطانيون، إذ قال نوفل السمراني، رئيس مصلحة الطب الاستعجالي بوزارة الصحة، إنه «تم تحديد هويات كامل الجثث، من بينهم 30 بريطانيًا»، لافتًا إلى أن حصيلة القتلى «نهائية»، بينهم ثلاثة آيرلنديون وألمانيان اثنان وبلجيكي وبرتغالي وروسي.
من جهة أخرى، أكد سفيان السليطي، المتحدث باسم المحكمة المختصة في النظر بقضايا الإرهاب، أن القضاء أطلق سراح التونسيين المرحلين من أفغانستان بعد تسلمهما من الإدارة الأميركية، وأضاف أن التحقيقات القضائية مع رضا أحمد النجار ولطفي العربي الغريسي أثبتت أن لا علاقة لهما بتنظيم القاعدة، وأن ما راج من أخبار حول اشتغال أحدهما حارسا شخصيا لابن لادن غير صحيح، مؤكدًا أن اعترافاتهما أمام القضاء التونسي أكدت أنهما من الشيوخ الدعاة، ولم ينتميا إلى تنظيم القاعدة.
وأوضحت التحقيقات القضائية أن الموقوفين بقيا تحت رقابة السلطات الأفغانية خلال المدة الأخيرة قبل اتخاذ قرار ترحيلهما إلى تونس في 15 يونيو (حزيران) الماضي. ومن المرجح أن يكون رضا النجار أحد الحراس الشخصيين لزعيم القاعدة أسامة بن لادن الذي استقر طويلاً في أفغانستان، قبل أن يتعرض إلى الاغتيال من قبل القوات الأميركية، وهو ما نفاه النجار خلال التحقيقات. وقد ظلّ النجار محتجزًا لمدة تقارب 700 يوم لدى الاستخبارات، فيما بقي الغريسي نحو 380 يومًا قبل تسليمهما للجيش الأميركي في سجن «باغرام» إلى حدود ديسمبر (كانون الأول) من سنة 2014.
وتتخوف تونس من عودة آلاف المقاتلين من بؤر التوتر، وتخشى من تأثير ذلك على استقرارها وأمنها الداخلي، خاصة وأن تقارير وزارة الداخلية تشير إلى عودة نحو 600 متطرف إلى تونس خلال الفترة الأخيرة.
من جهتها، دعت وزارة الداخلية في بلاغ لها إلى البحث بسرعة عن الإرهابيين رفيق الطّياري ومحمد بن عبد اللّه بن محسن الشرادي، وذلك لدفع المواطنين للتعاون مع قوات الأمن لتفادي الأعمال الإرهابية.
وطلبت الوزارة من خلال نشر صورهما عبر وسائل الإعلام المحلية، ممن يشاهدهما أو يحصل على أي معلومات تخص مكان وجودهما أو تحرّكاتهما أن يعلم القوات الأمنية المختصة. وذكرت الوزارة في بلاغها أن المطلوب رفيق الطياري، ينحدر من ولاية منوبة القريبة من العاصمة التونسية، وهو يعمل منسقا بشركة. أما محمد بن عبد الله بن محسن الشرادي، فينحدر من ولاية بنزرت (60 كلم شمال العاصمة) وهو طالب جامعي من مواليد سنة 1991 وكلاهما أعزب.
ورجحت مصادر أمنية تونسية أن يكون الإرهابيين على علاقة مباشرة بملف عملية سوسة الإرهابية، وأنهما قاما بتقديم الدعم اللوجيستي ضمن الخلية التي خططت للعملية الإجرامية. وأشارت تقارير أمنية إلى أن سيف الدين الرزقي منفذ العملية الإرهابية في سوسة استعان بأشخاص آخرين ساعدوه على التنقل إلى مكان الجريمة، وأنه تلقى مكالمة هاتفية قبل تنفيذ هجومه، وقام بإلقاء هاتفه الجوال بعد المكالمة في قاع البحر.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم