غموض حول «مفاوضات سرية» بين واشنطن وموسكو

أوكرانيا تعلن الحصول على أنظمة دفاع جوي غربية... وروسيا تنفي تقارير عن تكبدها خسائر فادحة

مدفع أوكراني على جبهة باخموت في منطقة دونيتسك (رويترز)
مدفع أوكراني على جبهة باخموت في منطقة دونيتسك (رويترز)
TT

غموض حول «مفاوضات سرية» بين واشنطن وموسكو

مدفع أوكراني على جبهة باخموت في منطقة دونيتسك (رويترز)
مدفع أوكراني على جبهة باخموت في منطقة دونيتسك (رويترز)

مع تواصل المعارك الضارية حول خيرسون، وتباين المعطيات التي تصدر عن الجانبين الروسي والأوكراني حول حجم تقدم كييف في المنطقة، سعت موسكو، الاثنين، إلى تأكيد استعدادها لمواصلة المفاوضات السياسية مع الجانب الأوكراني، مع احتفاظها بالشروط السابقة التي قدمتها لإحراز نجاح فيها. لكن القيادة الروسية رفضت، في الوقت ذاته، تأكيد صحة تقارير غربية تحدثت عن إجراء جولات من الحوار خلف أبواب مغلقة، بين مسؤولين بارزين في روسيا والولايات المتحدة.
وبعد مرور يومين على إعلان موسكو عن إطلاق عملية واسعة لإجلاء المدنيين من أجزاء واسعة من منطقة خيرسون، بهدف تعزيز خطوط الدفاع عن المنطقة التي تشهد هجوماً قوياً من جانب أوكرانيا، برز تباين في التقارير الروسية والأوكرانية حول حجم التقدم الأوكراني. وفي مقابل تأكيد البيانات التي أصدرتها وزارة الدفاع الأوكرانية على مواصلة الهجوم المضاد، أكدت وزارة الدفاع الروسية أنها نجحت في صد محاولات كييف للتقدم. في الوقت ذاته، أقرت السلطات الانفصالية في المنطقة باتساع جبهة الهجوم على المدينة الاستراتيجية، وأعلنت خدمة الطوارئ في منطقة خيرسون عن انقطاع التيار الكهربائي، الاثنين، في أكثر من 10 تجمعات سكنية نتيجة ما وصف بأنه «عمل إرهابي استهدف خط الإمداد بالكهرباء».
وأوضح ممثل خدمة الطوارئ أن «هجوماً إرهابياً استهدف طريق بيريسلاف ـــ كاخوفكا السريع، ونتيجة لذلك تضررت ثلاث دعامات خرسانية لخطوط الطاقة عالية الجهد، ما تسبب بحرمان أكثر من 10 تجمعات سكنية في المنطقة من كهرباء».
وكان الجيش الأوكراني عزز هجماته على محوري خيرسون ونوفايا كاخوفكا بضربات صاروخية، هدفت إلى تقويض قدرة العسكريين الروس والوحدات الانفصالية الموالية لهم على استخدام جسر أنتونوفسكي الذي يربط ضفتي نهر «دنيبر».
وخلال الأسبوع الماضي، حاولت القوات المسلحة الأوكرانية استهداف الميناء البحري الذي يستخدم لإجلاء المدنيين، لكن موسكو قالت إن قوات الدفاع الجوي صدت الهجوم.
وكان قائد القوات الروسية المشتركة في منطقة العملية الخاصة، الجنرال سيرغي سوروفيكين، حذر من احتمال توجيه ضربة صاروخية قوية لسد كاخوفسكايا الكهرومائي، واصفاً الوضع في العاصمة الإقليمية خيرسون بأنه «خطير وصعب للغاية».
وقامت سلطات خيرسون بنقل المدنيين إلى الضفة اليسرى من نهر دنيبر، وفقاً للحاكم الموالي لموسكو فلاديمير سالدو، الذي أعلن عن خطط لإجلاء ما يصل إلى 70 ألف شخص.

منظومة صواريخ «ناسامس» التي أعلنت كييف الحصول عليها الاثنين (إ.ب.أ)

وفي السياق ذاته، أفادت وزارة الدفاع الروسية، الاثنين، في إيجاز لحصيلة العمليات خلال اليوم الأخير، بأن قواتها قضت على «أكثر من 300 جندي أوكراني ومرتزق أجنبي أثناء التصدي لهجمات العدو على ثلاثة محاور أساسية للقتال». وقالت إنه «تم صد كل الهجمات الأوكرانية بنجاح، وبلغت خسائر العدو أكثر من 110 قتلى على محور نيكولايف - كريفوي روغ (خيرسون)، وما يصل إلى 100 جندي على محور كوبيانسك (شمال لوغانسك)، إضافة إلى نحو 120 قتيلاً و130 جريحاً على محور كراسني ليمان (شمال دونيتسك)».
وأشار البيان إلى إصابة 7 نقاط قيادة و72 وحدة مدفعية في مواقع إطلاق نار وقوات ومعدات عسكرية في 186 منطقة خلال اليوم الأخير، فضلاً عن تدمير محطتي رادار لأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات الأوكرانية من طراز «إس 300» ومنصة إطلاق ذاتية الحركة تابعة لمنظومة صواريخ «بوك» الأوكرانية المضادة للطائرات.
وفي المقابل، أعلنت أوكرانيا، الاثنين، أنها تسلمت أنظمة دفاع جوي جديدة من دول غربية. وكتب وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف عبر «تويتر»: «وصلت أنظمة الدفاع الجوي (ناسامس) و(اسبيد) إلى أوكرانيا»، معرباً عن شكره «لشركائنا في النرويج وإسبانيا والولايات المتحدة».
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أعلن، في وقت سابق، أن واشنطن تعمل على تسليم أوكرانيا منظومتي دفاع جوي «ناسامس» خلال الشهر الجاري.
وحذر محللون عسكريون روس من أن تسليم واشنطن هذه المنظومات إلى كييف، يعني «تورط الناتو المباشر في المواجهة مع روسيا في أوكرانيا؛ حيث لا يمكن استخدامها من دون مساعدة أقمار صناعية غربية».
إلى ذلك، نفت وزارة الدفاع الروسية صحة معطيات تداولها عدد من المدونين الروس تحدثت عن تكبد القوات الروسية «خسائر فادحة» في الهجمات الأخيرة التي استهدفت منطقة دونيتسك. وأعلنت الوزارة، في بيان، أن المعطيات عن مواجهة جنود اللواء 155 من مشاة البحرية الروسية «خسائر فادحة وغير مبررة في الأشخاص والمعدات، لا أساس لها».
وقالت الوزارة إن وحدات اللواء 155 «تجري على مدى الأيام الـ10 الأخيرة عمليات هجومية فعالة ضد الجيش الأوكراني والمرتزقة الأجانب في اتجاه مدينة أغليدار»، مضيفة أن اللواء تحرك إلى الأمام في منطقة مسؤوليته لعمق 5 كيلومترات في المواقع الدفاعية الأوكرانية.
«مفاوضات سرية»...
سياسياً، رد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف على أنباء نشرتها وسائل إعلام أجنبية عن «مفاوضات سرية جرت بين مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جيك سوليفان ومسؤولين روس كبار»، وقال إن «وسائل الإعلام الغربية تنشر الكثير من الأخبار الكاذبة».
وأوضح بيسكوف: «ليس لدينا ما نقوله عن هذه المنشورات. هناك الكثير من الأكاذيب تنشرها الصحف الأنغلوسكسونية. لذلك في هذه الحالة، يجب طلب المعلومات من الصحيفة أو البيت الأبيض».
في الوقت ذاته، قال الناطق الرئاسي الروسي إن بلاده «ما زالت منفتحة على المفاوضات مع أوكرانيا، إلا أنه ليست هناك فرصة لمواصلة هذه المفاوضات حتى الآن». وزاد خلال إفادة صحافية الاثنين: «لقد قلنا مراراً وتكراراً إن الجانب الروسي يظل منفتحاً لتحقيق أهدافه من المفاوضات، لكننا كذلك لفتنا انتباه الجميع أكثر من مرة إلى حقيقة أننا في الوقت الراهن لا نرى مثل هذا الاحتمال؛ حيث تم إغلاق هذا الملف من قبل كييف، وتم سن قوانين تؤكد عدم استمرار أي مفاوضات مع الجانب الروسي».
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» كتبت أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أجرى اتصالات من وراء الكواليس مع كبار المسؤولين الروسيين، في محاولة لتقليل فرص نشوب صراع أوسع حول أوكرانيا، وتحذير روسيا مجدداً من مخاطر استخدام أسلحة نووية.
ووفقاً للصحيفة، فإن سوليفان كان على اتصال مع يوري أوشاكوف، مساعد السياسة الخارجية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونيكولاي باتروشيف، رئيس مجلس الأمن الروسي، بهدف «التقليل من مخاطر التصعيد وإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة»، وليس مناقشة تسوية سلمية للصراع الأوكراني. وأشار مسؤولون إلى أن نية الولايات المتحدة، هي تجنب تصعيد الحرب في أوكرانيا، بينما تعمل روسيا على نشر جزء من ترسانتها النووية، وأن هذه المحادثات تأتي وسط مخاوف من أن يلجأ الرئيس بوتين إلى استخدام الأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا، بعد سلسلة من الانتكاسات العسكرية وتقدم القوات الأوكرانية، واستعادة بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها القوات الروسية.
وجاء التقرير عن المحادثات بين سوليفان وأوشاكوف وباتروشيف، بعد يوم من نشر صحيفة «واشنطن بوست» أن إدارة بايدن كانت تشجع كييف بشكل خاص، على الإشارة إلى استعدادها للتفاوض مع الروس لإنهاء الحرب. وقالت الصحيفة إن الهدف لم يكن دفع أوكرانيا إلى طاولة المفاوضات، ولكن للمساعدة في ضمان احتفاظها بدعم الحكومات الأخرى.
ويؤكد مسؤولو الإدارة في تصريحات علنية للصحافيين، على موقف «لا شيء بشأن أوكرانيا من دون أوكرانيا»، وأنه لن يتم اتخاذ أي قرارات تؤثر على أمنها ومستقبلها دون مشاركتها ودعمها. وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن سوليفان «لم يلعب فقط دوراً رائداً في تنسيق سياسات واشنطن بشأن النزاع الأوكراني، لكنه شارك في الجهود الدبلوماسية، وزار كييف الأسبوع الماضي للقاء الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي».
ووفقا للصحيفة، فإن مستشار الأمن القومي «حضّ القيادة الأوكرانية على أن تشير علناً إلى أنها مستعدة لحل النزاع... لا تصر واشنطن على عودة كييف إلى طاولة المفاوضات، لكنها تريدها أن تظهر للعالم أنها تحاول إنهاء الأعمال العدائية».
وكان الرئيس الأوكراني زيلينسكي قد استبعد إجراء مفاوضات بعد قيام روسيا باستفتاء لضم أربع مناطق أوكرانية في سبتمبر (أيلول) الماضي بشكل غير قانوني. وقال إنه «قد يتفاوض مع رئيس روسي جديد وليس مع فلاديمير بوتين».
وتدور مناقشات مكثفة داخل البيت الأبيض حول كيفية المضي قدماً في معالجة الأزمة الأوكرانية بعد مضي أكثر من ثمانية أشهر على المعارك العسكرية؛ حيث أصر سوليفان على إبقاء خط الاتصال مع روسيا مفتوحاً، على عكس كبار مسؤولي البيت الأبيض الآخرين، الذين يشعرون بأن التواصل مع موسكو «لن يكون مثمراً في هذه المرحلة». وخلال الشهر الماضي، أجرى كبار المسؤولين العسكريين، مثل الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان المشتركة، اتصالات مع فاليري جيراسيموف، رئيس الأركان العامة الروسية، بينما تحدث وزير الدفاع الجنرال لويد أوستن ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو عبر الهاتف، مرتين في غضون ثلاثة أيام، بعد أن زعمت موسكو أن أوكرانيا «كانت تخطط بمساعدة الولايات المتحدة لتفجير قنبلة قذرة وإلقاء اللوم على القوات الروسية». ونفت الولايات المتحدة تلك المزاعم، وحذرت من أنها «قد تكون ذريعة روسية للقيام بمثل هذا الاستفزاز بنفسها».
والعلاقات الدبلوماسية محدودة بشكل عام في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، وكان آخر تواصل بين الرئيس جو بايدن وبوتين جرى في فبراير (شباط) الماضي، وجرى فيه التحذير من «متابعة خطط للغزو».


مقالات ذات صلة

أوستن يطالب حلفاء أوكرانيا بـ«ألّا يضعفوا»

أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أ.ب)

أوستن يطالب حلفاء أوكرانيا بـ«ألّا يضعفوا»

طالب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الخميس التحالف الدولي الذي يقدّم دعماً عسكرياً لأوكرانيا بـ«ألّا يضعف»، في وقت تخشى فيه كييف من أن تفقد دعم بلاده الأساسي.

أوروبا جندي أوكراني يقود مركبة أرضية مسيرة إلكترونياً خلال معرض للمعدات العسكرية والأسلحة (رويترز)

بريطانيا: تحالف دولي سيرسل 30 ألف مسيّرة لأوكرانيا

أعلنت وزارة الدفاع البريطانية، الخميس، أن تحالفاً دولياً تقوده بريطانيا ولاتفيا لإمداد أوكرانيا بمسيّرات سيرسل 30 ألف مسيّرة جديدة إلى كييف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا رجال الإطفاء يعملون في موقع مبنى إداري تضرر جراء الغارات الجوية والصاروخية الروسية في زابوريجيا (رويترز) play-circle 00:36

13 قتيلاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 13 شخصاً اليوم (الأربعاء) في ضربة روسية على مدينة زابوريجيا الأوكرانية، وفق ما أعلن حاكم المنطقة، في حصيلة تعد من الأعلى منذ أسابيع لضربة جوية واحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس فولوديمير زيلينسكي (الخارجية السعودية)

محمد بن سلمان وزيلينسكي يبحثان جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، جهود حل الأزمة الأوكرانية - الروسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية- رويترز)

ترمب عن الـ«ناتو»: يدفعون أقل مما ينبغي لكي تحميهم الولايات المتحدة

حضّ ترمب أعضاء حلف «الناتو» على زيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5 % من إجمالي ناتجهم المحلي، مقابل «حماية الولايات المتحدة».

«الشرق الأوسط» (مارالاغو (الولايات المتحدة))

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.