في أحدث حفلاتهم في لوس أنجليس يوم الأحد، وقف أعضاء فريق «دوران دوران Duran Duran» على المسرح ناقصين زميلهم عازف الغيتار الرئيسي آندي تايلور. اعتذروا عن غيابه وقرأوا رسالة منه إلى الجمهور قال فيها: «منذ 4 سنوات جرى تشخيصي بسرطان البروستات في مرحلته الرابعة. لقد اشتريت غيتاراً جديداً للمشاركة في هذه الحفلة، لكن صحتي تراجعت فجأة منذ أسبوع ولم أستطع الحضور».
ليس تايلور، البالغ 61 عاماً، أول فنان يجاهر علناً بإصابته بمرض السرطان. فمنذ فترة والموضوع ما عاد من المحرمات ولا مدعاة للخجل. يواجه الفنانون والمشاهير ذاك «الخبيث، الصامت» بالكلام عنه بصوتٍ مرتفع وبمشاركة معاناتهم مع جمهورهم والعالم. حتى إن بعضهم ذهب إلى حد تضمينه في أعمالهم الفنية، على غرار الفنانة اللبنانية إليسا التي كانت رائدة في هكذا خطوة على الساحة العربية.
فهي روَت معاناتها مع سرطان الثدي وانتصارها عليه من خلال فيديو كليب أغنية «إلى كل اللي بيحبوني»، الذي شكل اعترافاً مدوياً أسرَ القلوب عربياً وعالمياً.
كانت المغنية الأسترالية كايلي مينوغ في ذروة نجاحها عام 2005، عندما اكتشفت أنها مصابة بسرطان الثدي. استغرق علاجها سنة خرجت بعدها متعافية وجاهزة للحديث عن التجربة. ولعل مينوغ من أول المشاهير الذين لم يخبئوا المرض، بل وجدوا في تسليط الضوء عليه واجباً تجاه جمهورهم.
في الـ36 من عمرها، داهم المرض مينوغ ووضع حداً موقتاً لأنشطتها الفنية، لكنها تعلمت كيف تتعامل مع الموضوع بإيجابية. وهي غالباً ما تكرر القول: «الحياة مجموعة أوقات، وكلما صادفتكم أوقات جيدة، يجب أن تكونوا ممتنين لها. أحدثت تجربتي مع السرطان تغييراً ضخماً في حياتي... صار هناك ما قبله وما بعده».
لا يتحدث الممثل العالمي روبرت دي نيرو كثيراً عن رحلته مع المرض، لكنه استنتج منها عبارة غالباً ما يرددها: «الوقت يمضي، فمهما قررتم أن تفعلوا، افعلوه الآن ولا تنتظروا».
عام 2003، أصيب دي نيرو بسرطان البروستات. كان في الـ60 من عمره. حالفه الحظ بأن التشخيص حصل مبكراً، فأنهى علاجه بعد عام وعاد فوراً إلى تصوير أفلامه. حتى إنه اختبر الأبوة للمرة السادسة بعد شفائه بـ7 أعوام.
على عكس زميله دي نيرو، لا يتردد الممثل مايكل دوغلاس (85 عاماً) في الرد على السؤال كلما طُرح عليه: كيف كانت تجربتك مع السرطان؟ «أخضع لفحوص دورية كل 6 أشهر. أنا على أمل وثقة بأنني قد نجوت. الأمر الوحيد المؤكد هو أن سرطاني جعل مني رجلاً حراً». هكذا يختصر دوغلاس التجربة التي باغتته عام 2010، حين أصيب بورمٍ خبيث في اللسان. خضع آنذاك لعلاج إشعاعي وكيميائي عنيف، شُفي بعده بسنتَين.
تبقى أبرز الفنانات اللواتي خُضن معركة ضد المرض، أيقونة الفن الاستعراضي الممثلة المصرية شريهان. عام 2002، أصيبت الفنانة بسرطان الغدد اللعابية وهو أحد أخطر أنواع الداء. لكن كعادتها، انتفضت شريهان بعد سنوات من العلاج كعصفورة من بين الرماد، وعادت إلى مسرحها وخطواتها الراقصة. وحين سُئلت عن علاجها أجابت: «الموسيقى هي شفائي ودوائي وضحكي وبكائي».
ومن المشاهير الذين أعلنوا حرباً ضارية على السرطان، بطل سباقات الدراجات الهوائية الأميركي لانس آرمسترونغ. منذ 25 عاماً، كان الرياضي قد بلغ لتوه الـ26 من عمره، يوم تفشى المرض في جسمه، ضارباً الغدد اللمفاوية، والرئتين، والدماغ والبطن. لم يلمح الأطباء حينها أي أمل بشفائه. أما رأيه هو فكان مختلفاً، إذ صرع المرض بعد خضوعه لعلاج صعب امتد سنة. وفي عام 1997، عاد آرمسترونغ إلى سباقاته وجوائزه وألقابه العالمية.
لانس آرمسترونغ عام 2001 (أ.ف.ب./ غيتي)
ليس آرمسترونغ البطل الرياضي الوحيد الذي عانى مع مرضٍ مستعصٍ وشارك التجربة علناً. فأسطورة كرة السلة الأميركية كريم عبد الجبار كشف عام 2009 أنه جرى تشخيصه بسرطان الدم أو اللوكيميا قبل سنة. كان يبلغ حينها الـ61 من عمره، وقد تعاطى مع الأمر بصلابة قائلاً إن المرض لن يثنيه عن الاستمرار في العيش بشكل طبيعي. وسنة 2011، شفي عبد الجبار من مرضه.
اختار الممثل الكوميدي بن ستيلر برنامجاً إذاعياً ليعترف من خلاله بأن المرض الخبيث أصابه في البروستات سنة 2014. صمتَ ستيلر المعروف بأدواره المضحكة سنتَين على سره، ثم باح به بعد فترة من شفائه التام. وهو يصف نفسه بالمحظوظ لأنه جرى تشخيص مرضه في مرحلة مبكرة.
في السنة نفسها التي أصيب خلالها ستيلر، كان الممثل المصري أحمد حلمي يصارع ورماً خبيثاً في الظهر. أخفى آنذاك الأمر عن الإعلام والمحيطين به، وهو خضع لجراحة دقيقة لكنه لم يتحدث عما أصابه إلا بعد انتهاء العلاج وإعلان شفائه.
الممثل المصري أحمد حلمي (فايسبوك)
ساهمت جائحة كورونا في تسهيل البوح بهشاشة الجسد، فمنذ عام 2020 توالت اعترافات المشاهير بإصابتهم بالمرض. إذ استرجعت الممثلة صوفيا فيرغارا تجربتها مع سرطان الغدة عندما كانت في الـ28. بعد 23 عاماً تشاركت الحكاية مع متابعيها، كاشفة لهم أن تلك التجربة بدلت أولوياتها، وأنها لم تعد تتوقف عند التفاصيل التافهة.
أما الممثل جيف بريدجز الذي يتماثل حالياً للشفاء من سرطان الدم، فقد أمضى 4 أشهر في المستشفى خلال عام 2020. أكثر ما خشي خلال تلك الفترة كان أن لا يتمكن من رؤية ابنته عروساً.
حتى العارضة كلوي كارداشيان نشرت حكايتها على وسائل التواصل الاجتماعي، كاشفة منذ أسابيع معاناتها مع سرطان الجلد، وداعية متابعيها إلى استخدام المساحيق الواقية من أشعة الشمس.
ومنهم مَن اختار خوض معركة استباقية مع المرض، مثل الممثلة العالمية أنجلينا جولي التي أضحت مثالاً يُحتذى في محاربة سرطان الثدي والمبيض، بعد أن قررت الاستئصال تجنُباً لإصابة محتملة. وقد تركت جولي أثراً في الكثيرين على المستويين الصحي والتوعوي، فبرهنت أن المرض ليس مدعاة للخجل ولا للصمت. ومثلها تحدثت مؤخراً المغنية اللبنانية دينا حايك، والإعلامية المصرية بسمة وهبة وغيرهما عن المواجهة الصعبة مع سرطان الثدي.