الهروب من الموصل.. رحلة محفوفة بالمخاطر ومكلفة وبعض المهربين يعملون مع «داعش»

عائلات وصلت إلى إقليم كردستان مؤخرًا تروي لـ {الشرق الأوسط} كيف أفلتت

عنصران في «داعش» يوزعان النقاب على نساء وفتيات في الموصل (أ.ب)
عنصران في «داعش» يوزعان النقاب على نساء وفتيات في الموصل (أ.ب)
TT

الهروب من الموصل.. رحلة محفوفة بالمخاطر ومكلفة وبعض المهربين يعملون مع «داعش»

عنصران في «داعش» يوزعان النقاب على نساء وفتيات في الموصل (أ.ب)
عنصران في «داعش» يوزعان النقاب على نساء وفتيات في الموصل (أ.ب)

باتت مدينة الموصل بعد مضي أكثر من عام على سقوطها بيد «داعش» سجنا كبيرا لسكان المدينة الذين لم يستطيعوا الهرب منها بعد سيطرة التنظيم المتطرف المفاجئة عليها في الصيف الماضي، لكن في الآونة الأخيرة استطاعت المئات من العائلات الموصلية الهرب من مدينتهم.
الهروب من الموصل ليس سهلا كما يقول موصليون وصلوا إلى إقليم كردستان مؤخرا. فمنهم من سلك طرقا ريفية نائية مخاطرا بالوقوع في كمين لمسلحي التنظيم، في حين استعان البعض بـمهربين سوريين وعراقيين شركاء مع مسلحي «داعش» يتلقون أموالا طائلة من العوائل الموصلية لإخراجها من المدينة إلى خارج العراق، في حين يخرج آخرون من مدينتهم للعلاج بضمان هوياتهم الشخصية أو سندات أملاكهم.
عماد محمد، مواطن موصلي يبلغ من العمر 50 سنة وكان من سكنة أحد أحياء الجانب الأيمن من المدينة التي هرب منها قبل شهر، ليصل مع عائلته المكونة من عشرة أفراد إلى المناطق المحررة الخاضعة لقوات البيشمركة شمال شرقي مدينة الموصل. قال عماد محمد لـ«الشرق الأوسط»: «الأوضاع المعيشية في الموصل لا تطاق، باستثناء الذين يملكون دخلا شهريا ثابتا أو يملكون مواشي يعتمدون على منتوجاتها، فأوضاعهم أفضل من غيرهم لكنها ليست جيدة أيضا». وتابع: «في البداية ظننا أن أوضاع الموصل ستكون أفضل، إلا أننا صدمنا بعد ذلك، فلم تبق أي أعمال نسترزق منها بالإضافة إلى أن الأوضاع الأمنية متردية جدا فالموجود في الموصل قد يتعرض للموت في أي لحظة، و(داعش) يعتقل من يشاء في أي لحظة، وينقله إلى مكان مجهول ولن يرى أهله مرة أخرى. كذلك التنظيم بدأ بتأجير منازل النازحين في الموصل بمبلغ 25 ألف دينار لمن يسكن فيها من القادمين إلى المدينة من أطرافها، والنساء ممنوعات من الخروج إلا في حالات المرض ويجب عليهن ارتداء الخمار والعباءة وإلا تتعرض للقتل والجلد من قبل (داعش) أو دفع غرامة مالية، فيما يعمل التنظيم على كسب شباب وأطفال الموصل وتجنيدهم عبر جلسات تعقد لذلك في مساجد المدينة. مجمل هذه الأوضاع جعلت الموصليين يكرهون (داعش) ويتوقون إلى الخلاص منه أو الهرب من المدينة».
وعن كيفية هروبه من الموصل، قال عماد محمد: «هربت قبل أكثر من شهر مع عائلتي المكونة من عشرة أفراد إلى منطقة كانونة (شمال شرقي الموصل) وسلكنا طريق عمر قامجي إلى أن وصلنا إلى قرية الفاضلية وتم كل شيء ليلا، تجنبا لدوريات (داعش)». وتابع: «عادة تتفق عدة عوائل مع بعضها على الهرب تحت جنح الظلام إلى المناطق الآمنة الخاضعة لقوات البيشمركة بعد الاتصال مسبقا بقوات البيشمركة القريبة من المنطقة لاستقبالهم وبهذه الطريقة كان يهرب ما بين 10 إلى 20 عائلة يوميا من الموصل، لكن هذه الموجة توقفت حاليا بعد أن شدد (داعش) إجراءاته». وتابع: «واصلنا السير حتى بلغنا جبلا، لكن مسلحي (داعش) اكتشفوا أمرنا وبدأوا بإطلاق النار علينا، وحوصرنا في الجبل لعدة ساعات وقتل أحد أبناء العوائل إلى أن حانت اللحظة المناسبة لمواصلة السير».
وأضاف محمد: «حال وصولنا إلى المناطق الخاضعة لقوات البيشمركة رفعنا قطعة قماش بيضاء، وبعد تأكدها من أننا مدنيون هاربون، استقبلتنا البيشمركة وأعطتنا الماء والطعام وساعدت المسنين ضمن مجموعتنا. ما يفعلوه لا يقدر بثمن ولن أنسى معروفهم».
يوسف حميد، مواطن موصلي آخر، هرب قبل نحو عشرين يوما التقته «الشرق الأوسط» في مخيم برده ره ش شمال غربي أربيل، قال: «عائلتي تتألف من 8 أفراد، ابني البكر معاق وابني الآخر سقط من أعلى المنزل فتعرض لكثير من الكسور واحتاج إلى إجراء عملية جراحية فواجهت صعوبة في الهرب، لذا اخترت طريق كركوك. عند بلوغنا نقطة تفتيش تابعة للتنظيم بالقرب من الحويجة التي اخترناه طريقا إلى كركوك لاحقا، لم يسمح لنا مسلحو (داعش) بالمرور وقالوا: أنتم تريدون الهروب من الموصل. حاولنا أن نوضح لهم أننا نريد مراجعة المستشفى إلا أن محاولاتنا كلها باءت بالفشل وعدنا إلى الموصل ثانية. واخترت هذه المرة الهروب من الطريق المؤدي باتجاه بغداد عبر بيجي وتكريت، وعند آخر نقطة تفتيش تابعة لـ(داعش) وكالعادة سألونا عن سبب خروجنا فقلنا العلاج فطالبونا بمستمسك يدل على صدق نيتنا بالعودة. فأعطيته هويتي التي كانت مستنسخة، ولحسن الحظ لم يركز عليها المسلح جيدا وسأل عن موعد عودتنا فقلنا نعود عصر نفس اليوم، لكنه حذرنا من أن نقاط التفتيش التابعة للحكومة الاتحادية سيطلقون النار علينا ظنا أننا من أتباع التنظيم». ويضيف «انطلقنا وبعد مسافة اتصلت بأحد الأقرباء وهو رئيس عرفاء في الجيش العراقي وموجود في محافظة صلاح الدين، وكنت قد نسقت معه مسبقا وبعد عدة اتصالات أعطونا تعليمات بأن نقترب من نقطة التفتيش بحذر ونسير على الطريق الترابي جانب الطريق الرئيسي وكنا نتوقف بين حين وحين، وبالقرب من ساتر نقطة التفتيش تركنا صاحب السيارة الذي عاد أدراجه وعبرنا ساتر القوات العراقية، وبعد أن تأكدوا منا نقلونا بسيارة همر تابعة للجيش إلى بغداد، وبقينا يوما كاملا في بغداد ثم اتجهنا في اليوم التالي إلى كركوك وحال وصولنا إلى نقطة تفتيش تابعة لقوات البيشمركة أوصلونا إلى إقليم كردستان»
من جانبه، أوضح الشيخ ثائر عبد الكريم وطبان الفيصل الجربا، الناطق الرسمي باسم قبيلة شمر، لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك مهربين سوريين في الموصل يهربون الناس مقابل مبالغ مالية تصل إلى 300 دولار أميركي لكل فرد من أفراد العائلة، وينقلونهم عبر طريق ترابي قريب من قضاء بعاج (غرب الموصل) إلى سوريا ويتركونهم هناك حيث يبقى أهالي الموصل، أما أبناء عشيرة شمر الهاربون من ظلم (داعش) فيدخلون العراق مرة أخرى ويستقرون في ناحية ربيعة وحتى الآن وصلت نحو 450 عائلة من عشيرتنا الهاربين من الموصل». وقال الجربا: «ناحية ربيعة تحتاج إلى دعم كبير، والمنظمة الوحيدة التي تقدم لنا العون والمساعدات لنا باستمرار هي (مؤسسة بارزاني الخيرية)، كذلك قدم لنا الشيخ عبد الكريم غربي الملحم شيخ قبيلة الجبور الموجود في المملكة العربية السعودية مساعدات مالية، أما الأمم المتحدة فقد قدمت لنا بعض المساعدات الإنسانية فقط».
بدوره، قال غزوان حامد عضو مجلس محافظة نينوى، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مهربون وبشراكة مع مسلحي تنظيم داعش يهربون العوائل الموصلية مقابل مبلغ ثلاثة ملايين دينار عراقي لكل عائلة إلى سوريا، حيث تنتقل هذه العوائل فيما بعد إلى إقليم كردستان عن طريق تركيا»، مشيرا إلى أن الهروب من الموصل أصبح الآن بشق الأنفس.



عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
TT

عباس: ينبغي أن تمارس السلطة الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة بما في ذلك معبر رفح

الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة (رويترز)

استحوذت حرب غزة والقضية الفلسطينية والأزمات المختلفة في عدد من البلدان العربية على حيز واسع من مجريات اليوم الثالث من أعمال الدورة السنوية الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ إذ صعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى منبرها للمطالبة بتجميد عضوية إسرائيل في المنظمة الدولية، ووقف تزويدها بالأسلحة، وإرغامها على تنفيذ التزاماتها وقرارات مجلس الأمن.

ودعا الرئيس الفلسطيني، الخميس، المجتمع الدولي إلى وقف تزويد إسرائيل بالأسلحة؛ لمنع إراقة الدماء في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال عباس من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «أوقفوا هذه الجريمة، أوقفوها الآن، أوقفوا قتل الأطفال والنساء، أوقفوا حرب الإبادة، أوقفوا إرسال السلاح لإسرائيل».

وأضاف: «إسرائيل دمرت القطاع بالكامل تقريباً، ولم يعد صالحاً للحياة». وأوضح أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً: «لا يُمكن لهذا الجنون أن يستمر. إن العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا».

وعرض عباس رؤية لإنهاء الحرب في غزة؛ تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية بما في ذلك غزة. وطالب الرئيس الفلسطيني بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك على معبر رفح، بوصفه جزءاً من خطة شاملة.

كما قال عباس إن إسرائيل «غير جديرة» بعضوية الأمم المتحدة، مشدداً على أن الدولة العبرية تحدت قرارات المنظمة الدولية ذات الصلة بالصراع.

وأضاف من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة: «إسرائيل التي ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة غير جديرة بعضوية هذه المنظمة الدولية»، معرباً عن أسفه لأن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

وتابع: «يؤسفنا أن الإدارة الأميركية عطّلت 3 مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار باستخدامها الفيتو، وفوق ذلك زوّدتها بالأسلحة الفتّاكة التي قتلت آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ، وهو ما شجّع إسرائيل على مواصلة عدوانها». وخلص إلى القول «فلسطين سوف تتحرر».

وأعلنت إسرائيل، الخميس، الحصول على مساعدة عسكرية أميركية بقيمة 8.7 مليار دولار.

كذلك عرض الرئيس الفلسطيني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة رؤية لإنهاء الحرب في غزة، تتضمن بسط سلطة منظمة «التحرير الفلسطينية» على جميع الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك غزة.

وطالب عباس بأن تمارس السلطات الفلسطينية ولايتها الكاملة في غزة، بما في ذلك معبر رفح، بصفته جزءاً من خطة شاملة، فالفلسطينيون يرفضون إقامة مناطق عازلة إسرائيلية، مشدداً: «لن نسمح لإسرائيل بأخذ سنتيمتر واحد من غزة».

اليمن ووكلاء إيران

من جهته، تحدّث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، أولاً عن الوضع في بلاده، قائلاً: «إن تعافي اليمن ليس مجرد قضية وطنية، بل حاجة إقليمية وعالمية»، لأن «استقراره يعد أمراً حاسماً للحفاظ على السلام وأمن المنطقة، وطرق التجارة في البحرين الأحمر والعربي والممرات المائية المحيطة».

وأضاف: «أن الحكومة اليمنية تظل ملتزمة بنهج السلام الشامل والعادل، لكنه من الضروري في هذه الأثناء تعزيز موقفها لمواجهة أي خيارات أخرى، بالنظر إلى تصعيد الميليشيات الحوثية المتواصل على الصعيدين المحلي والإقليمي، وتهديد الملاحة الدولية، ولمنع تواصل توسع واستدامة هذا التصعيد».

ولفت إلى أن «هجمات الحوثيين المستمرة على حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة تظهر أنها تُشكل تهديداً متزايداً ليس فقط للداخل اليمني، ولكن أيضاً لاستقرار المنطقة بأكملها».

وعن الوضع في بقية الشرق الأوسط، قال العليمي: «إن الحرب الإسرائيلية الوحشية على الشعب الفلسطيني يجب أن تتوقف على الفور، لأن ذلك هو مفتاح السلام المنشود، ومدخل لرفع الغطاء عن ذرائع إيران ووكلائها لتأزيم الأوضاع في المنطقة».

وتطرق إلى الوضع في لبنان، قائلاً: «إن السبيل الوحيدة لردع العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان ستكون بموقف حازم من المجتمع الدولي، ووحدة اللبنانيين أنفسهم واستقلال قرارهم وعدم التدخل في شؤون بلدهم الداخلية، واستعادة الدولة اللبنانية لقرار السلم والحرب».

ليبيا نحو الانتخابات

وسبقه إلى المنبر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الذي قال إن الليبيين هم الأقدر على تقرير مصيرهم من خلال «الاستفتاءات النزيهة وعقد انتخابات شاملة (...) لإنهاء أي انسداد سياسي»، مؤكداً أن «الحل السياسي الشامل في مساراته المالية والاقتصادية والأمنية، إضافة لمسار المصالحة الوطنية، هو السبيل الوحيدة لتوحيد المؤسسات وضمان الاستقرار وصولاً إلى الانتخابات، وتجديد الشرعية لجميع المؤسسات وتقرير الشعب الليبي لمصيره».

وشدد المنفي على أن ما يرتكبه «الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة وتطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني واللبناني يُمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية».

وشدد على أن إبعاد «شبح نشوب حرب إقليمية» في المنطقة يكون من خلال معالجة الوضع في غزة، وإيقاف «الانتهاكات والاعتداءات الجسيمة» في فلسطين.