سوريا: القوات الكردية تطرد «داعش» من تل أبيض

استعادت «وحدات حماية الشعب» الكردية وقوات الأمن الداخلي الكردية «الأسايش» السيطرة على حي مشهور فوقاني الواقع في الامتداد الشرقي لمدينة تل أبيض السورية على الحدود مع تركيا.
جاء هذا التطور الميداني في المدينة الواقعة في ريف محافظة الرقّة الشمالي، بعد ساعات من تسلل مقاتلين من تنظيم داعش إلى هذا الحي والسيطرة عليه. ووفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين أسفرت عن مقتل 4 عناصر من التنظيم المتطرف أحدهم فجّر نفسه ما أدى إلى مقتل 3 من عناصر الميليشيات الكردية.
ونقل «المرصد» عن مصادر أهلية من المنطقة، أن «الذي سهّل للعناصر السيطرة على الحي، هو احتجاج السكان على ممارسات قوات (الأسايش) بحق أبناء الحي». وأوضح أنه «لم يُعرف مصير عناصر التنظيم الآخرين الذين كانوا سيطروا على الحي، وما إذا كانوا متوارين بين الأهالي أم أنهم تمكنوا من الفرار». وتابع «المرصد» أن «مقاتلي (داعش) ما زالوا منتشرين في عشرات القرى الواقعة في المنطقة الممتدة بين طريق حلب - الحسكة والحدود السورية - التركية».
هذه المعلومات لم تختلف كثيرًا عن الرواية التي قدّمها إدريس نعسان، القيادي في ميليشيا «وحدات حماية الشعب»، الذي قال إن الاشتباكات نجمت عن تسلل مجموعة من مسلّحي تنظيم داعش إلى الحي الشرقي في المدينة وسيطرت عليه، وسرعان ما تدخلت «وحدات حماية الشعب» واشتبكت مع مسلحي التنظيم وحاصرتهم داخل مدرسة وتمكنت من قتل عدد كبير منهم، فيما فرّ الباقون. وأكد نعسان لـ«الشرق الأوسط» أن «كل مدينة تل أبيض هي الآن محرّرة وتنعم بالأمن، وبدأت عملية توفير الاحتياجات الحياتية للسكان، الذين بدأوا بالعودة إلى منازلهم وأرزاقهم».
غير أن وصف نعسان لكيفية تمكّن مقاتلي «داعش» من احتلال الحي الشرقي بعد تحرير كامل المدينة منهم جاء مختلفًا، فقد عزا القيادي الكردي ذلك إلى «وجود ثغرات أمنية في بعض النقاط أو بعض المتواطئين مع الإرهابيين، ما سهّل دخولهم إلى الحي». وأشار إلى أن «قوات الحماية مستمرة في عملية التمشيط في الحي الذي كان مسرحًا للقتال بحثًا عن إرهابيين محتملين، لكن لا معلومات عن وجود لهم بين المدنيين».
أما عن المعلومات التي تتحدث عن احتجاجات يبديها الأهالي في تل أبيض تجاه ممارسات الميليشيات الكردية، واعتبار هذه الممارسات سببًا لدخول «داعش» مجددًا إلى المدينة، فاعتبرها نعسان «مجرّد شائعات يروّج لها من يعتبرون أنفسهم ناشطين، يحاولون عبرها تشويه سمعة وحدات حماية الشعب، بذريعة وجود تجاوزات». ووصف القيادي الكردي مَن يروّج لهذه الروايات بأنهم «الوجه الآخر لتنظيم داعش ولجرائمه وفظاعاته». وادعى أن «كل المكوّنات (في المنطقة) من كرد وعرب وآشوريين ومسيحيين يتساوون في المعاملة»، مضيفًا: «هؤلاء الذين يحملون الشعارات الثورية لم نرهم يحركون ساكنًا تجاه جرائم وفظاعات (داعش) في تل أبيض وكوباني (عين العرب) والحسكة وفي كل سوريا».
وليس بعيدًا عن تل أبيض، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «ما لا يقل عن 30 قتيلاً وجريحًا من عناصر (داعش) وصلوا إلى مستشفيات مدينة الرقّة، ممّن قتلوا وجرحوا في قصف لطائرات التحالف الدولي على مناطق سيطرة التنظيم في ريف محافظتي الرقّة وحلب».
أما في جديد «داعش» فقد عمد التنظيم إلى تثبيت كاميرات مراقبة في عدة شوارع ومناطق استراتيجية في مدينة الرقّة. وأكد ناشطون للمرصد: «الكاميرات جرى تثبيتها في عدة مناطق: دوار النعيم وحديقة الرشيد، وشارع الأماسي وشارع النور عند مسجد النور وشارع تل أبيض ومناطق أخرى داخل مدينة الرقّة». وأوضح الناشطون أن «نصب التنظيم لهذه الكاميرات يأتي بعد الانخفاض الكبير في دوريات (الحسبة) داخل المدينة، والغياب الشبه كامل لدوريات (الحسبة النسائية)، من أجل تغطية النقص الموجود في دوريات ما يسمّى عناصر (الشرطة الإسلامية) الذين تم زج الكثير منهم في جبهات القتال في عدة مناطق سورية، إضافة إلى حماية قيادات التنظيم وعناصره».
ويلجأ تنظيم داعش بحسب الناشطين إلى تغذية مناطق وجود قياداته في المدينة بالكهرباء بشكل مستمر، بينما تكون مقطوعة عن الكثير من أحياء المدينة، تخوّفًا من اختراقات وهجمات مسلحة قد يتعرّضون لها، على غرار ما حدث في مدينتي البوكمال والميادين بريف محافظة دير الزور الشرقي، حيث تعرّض عناصر وقياديون من التنظيم لهجمات متكررة من مسلحين مجهولين، خسر فيها التنظيم العشرات من عناصره، وأيضا تحسبًا لتكرار عملية مشابهة لعملية الإنزال التي نفذتها القوات الأميركية في حقل العمر النفطي بريف دير الزور الشرقي، خلال شهر مايو (أيار) الماضي التي استهدفت التنظيم.