السوداني يتحدى سطوة الأحزاب ويتولى «الأمن الوطني» والمخابرات

محللون لـ : رئيس الوزراء استبق «الإقبال الشديد» على الأجهزة الحساسة

رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني (أ.ف.ب)
TT

السوداني يتحدى سطوة الأحزاب ويتولى «الأمن الوطني» والمخابرات

رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني (أ.ف.ب)

في خطوة ترقبها الشارع العراقي بحذر واهتمام، قرر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الإشراف المباشر على أهم جهازين أمنيين؛ وهما جهاز المخابرات الوطني وجهاز الأمن الوطني.
وتذهب قراءات محللين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» إلى قناعة بأهمية شغل السوداني الجهازين الأمنيين في الوقت الحالي، نظراً للصراع الشديد الذي قد يتفجر لاحقاً بين مختلف القوى والأحزاب السياسية حول أحقيتها في أن تكون مثل هذه الأجهزة من حصتها، أو أن تكون لها حصص في مختلف المديريات والأجهزة التابعة لهذه الأجهزة.
وفيما لا تزال الخلافات الكردية ـ الكردية تحول دون حسم حقيبتي الإعمار والإسكان والبيئة، فإن السوداني تمكن قبل انتصاف الفترة الممنوحة له دستورياً من إكمال حكومته التي ضمن حتى الآن 21 حقيبة وزارية منها.
وبينما توزعت الوزارات على المكونات والأحزاب السياسية طبقاً للتوازن المكوناتي (الشيعة، العرب السنة، الكرد) أو طبقاً للوزن الانتخابي، فإن السوداني تمكن من انتزاع 4 وزارات مهمة من أنياب القوى السياسية الكبيرة وهيمنتها عليها طوال فترة الحكومات السابقة.
واختار رئيس الوزراء العراقي الفريق عبد الأمير الشمري، وهو أحد الضباط الكبار في الجيش العراقي وزيراً للداخلية، كما اختار طيف سامي وزيرة للمالية، وهي شخصية من صلب الوزارة وشغلت منصب وكيلة منذ سنوات سابقة، كما اختار صالح الحسناوي وزيراً للصحة، وزياد عدنان وزيرا للكهرباء من خارج حصة القوى والأحزاب السياسية.
وفي الوقت الذي انفتحت فيه شهية كثير من القوى والأحزاب والشخصيات لشغل الأمن الوطني والمخابرات، زار السوداني الجهازين خلال اليومين الماضيين، وأكد لدى اجتماعه بكوادر الجهاز المتقدمة، أهمية المحافظة على مسار عمله وفق الاختصاص المرسوم له طبقاً للدستور وميثاق العمل الداخلي للجهاز والقوانين المرعية المنظمة في هذا المجال، وأن يكون تنفيذ المهام وتوزيعها موافقاً لمعايير المواطنة الحقّة، والكفاءة وأركان النزاهة في العمل، والمصالح الوطنية والأمنية العليا. ووجّه بأن تكون إدارة الجهاز في المرحلة الحالية، ضمن إشرافه الشخصي المباشر.
يقول المستشار السابق في وزارة الدفاع معن الجبوري لـ«الشرق الأوسط»، إن «رئيس الوزراء شخصية مدنية وكل الأماكن التي شغلها طوال السنوات الماضية كانت مناصب مدنية ولم يشغل أي موقع أمني، ولذلك فإنه أراد بعد توليه منصب رئيس الوزراء الاطلاع عن كثب لمعرفة حيثيات هذه الدوائر أولاً، وثانياً لكي يتحمل مسؤولية قراراته في حال أراد اتخاذ قرارات هنا أو هناك، وبالتأكيد سوف تكون هناك تغييرات»، مبيناً أن «هذه الخطوة في الواقع جيدة لكن على المدى القريب، لأنه لا يمكنه أن يملأ كل هذه المواقع على المدى البعيد»، لافتاً إلى أنه «لا يلام في عملية التغيير المرتقبة» لضمان أن تكون قراراته التي يتحمل هو المسؤولية عنها حتماً من مبدأ الصواب والتصويب».
ويرى الخبير الأمني فاضل أبو رغيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن خطوة السوداني «تهدف إلى تجاوز مسألة الإقبال الشديد على رئاسة جهاز المخابرات، لذلك تجاوز بعض المشاكل والعراقيل التي كان يمكن أن تعتري عملية اختيار رئيس للجهاز، وعدّ أن «وضع رئيس الوزراء هذا الجهاز تحت مسؤوليته، إنما هي عملية حقن استباقية لكل المحاولات التي تهدف إلى الحصول عليه، وهي خطوة بالاتجاه الصحيح.
ويقرأ نجم القصاب رئيس مجموعة المورد للدراسات السياسية تحرك السوداني بأنه أراد ألا يحرج القوى المتصارعة كونهما جهازين حساسين. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الأميركيين الذين أسسوا الجهاز لا يمكن أن يقبلوا منحه لطرف يمكن أن يحسب على أنه طائفي أو يمتلك السلاح أو لديه غايات أو عداء مع طرف آخر».
وبشأن ما إذا كان السوداني قادراً على تخطي المحاصصة، يعود المستشار الجبوري بالقول إن «من الصعب القضاء على المحاصصة بين ليلة وضحاها، لكنه بالتأكيد سوف يقدم على بعض المعالجات بما يخدم تطوير هذه الأجهزة.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

TT

ليلة الرعب البيروتية... الغارات الإسرائيلية تزنّر العاصمة اللبنانية

عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)
عناصر الدفاع المدني يبحثون عن الضحايا تحت أنقاض المبنى المدمر في بيروت (أ.ب)

تحوّلت العاصمة بيروت إلى هدف أساسي للجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، بعد تحذيرات أطلقها المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي، إلى مناطق وأحياء بيروتية للمرة الأولى، ما أثار حالة من الرعب والخوف في أوساط المواطنين الذي خرجوا من منازلهم قبل تنفيذ التهديدات، لا سيما أن المناطق المُحددة مكتظة بالسكان، ومعظمها لا يُعدّ محسوباً على «حزب الله».

وفيما أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأن تل أبيب جهّزت خطة عسكرية كاملة للساعات الأربع والعشرين الأخيرة من الحرب مع لبنان، بدأ استهداف بيروت ظهر الثلاثاء بغارة على منطقة النويري، القريبة من وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة آخرين.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية بأن غارة «نفذها الطيران الحربي المعادي» استهدفت مبنى «في المنطقة الواقعة بين النويري والبسطة في بيروت». ودمّرت الغارة «مبنى مؤلفاً من 4 طوابق يؤوي نازحين»، وفق الوكالة.

ومن موقع الغارة في النويري، وقفت رولا إلى جانب زوجها وسام جعفر باكية تحتضن ابنها الذي فقد لوقت قصير: «كنا في البيت، وفجأة وقعت الضربة، طرنا، والجدران كلها تناثرت علينا (...) الصدمة كانت صعبة جداً».

وبعد النويري التي استُهدفت دون إنذار، توالت التحذيرات الإسرائيلية لمناطق في العاصمة بيروت، بحيث قال أدرعي إنها تستهدف فروعاً لـ«القرض الحسن». وقال في منشور له على منصة «إكس»: «يواصل الجيش الإسرائيلي العمل بقوة لتفكيك بنى (حزب الله). على المدى الزمني القريب سنقوم بمهاجمة فروع عدة لجميعة (القرض الحسن)؛ حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لـ(حزب الله) التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح الحزب»، مضيفاً: «هذه الغارات ستُشكل ضربة إضافية لسلسلة التمويل الإيرانية لـ(حزب الله) الذي يستخدم هذه الجمعية لأغراضه العسكرية».

وفي منشورات متلاحقة، حذّر أدرعي السكان الموجودين في مبانٍ محددة على الخرائط في مناطق رأس بيروت والمزرعة والمصيطبة وزقاق البلاط لإخلائها، إضافة إلى مبانٍ في مدينتي صيدا وصور، علماً بأنها المرة الأولى أيضاً التي يستهدف فيها وسط مدينة صيدا.

وخلال أقل من ساعة على التحذيرات التي جعلت العائلات تخرج من منازلها على وجه السرعة من دون أن تعرف الوجهة التي ستذهب إليها، بدأت الغارات الإسرائيلية باستهداف منطقة النويري مرة ثانية، ومن ثم مارالياس (كانت قد استُهدفت قبل نحو أسبوع)، وبربور والمزرعة وشارع الحمرا، ومناطق أخرى للمرة الأولى.

وفيما أدى هذا الخوف إلى زحمة سير خانقة في كل أحياء وشوارع العاصمة، اضطرت عائلات من بعض المناطق، ولا سيما الفقيرة منها، على غرار منطقة الجناح، للخروج سيراً على الأقدام.

عمليات بحث عن ضحايا تحت أنقاض أحد المباني الذي استهدف في غارة إسرائيلية (أ.ب)

وفي تعليق منه على التصعيد، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب أمين شري، بينما كان يتفقد موقع الغارة في بيروت، إن «العدو الإسرائيلي» قبل «التسوية يريد أن ينتقم من كل جمهور المقاومة ومن كل اللبنانيين» مشيراً إلى «عشرات الإنذارات» التي وجهها الجيش الإسرائيلي قبل استهداف ضاحية بيروت الجنوبية، معقل الحزب.