اليمنيات يخسرن مكاسب نصف قرن على يد الحوثيين

مناقشات في مناطق الشرعية لمنحهن ثلث مقاعد البرلمان والحكومة

الحوثيون يستخدمون قواتهم النسائية (الزينبيات) لقمع اليمنيات وتعذيبهن (رويترز)
الحوثيون يستخدمون قواتهم النسائية (الزينبيات) لقمع اليمنيات وتعذيبهن (رويترز)
TT

اليمنيات يخسرن مكاسب نصف قرن على يد الحوثيين

الحوثيون يستخدمون قواتهم النسائية (الزينبيات) لقمع اليمنيات وتعذيبهن (رويترز)
الحوثيون يستخدمون قواتهم النسائية (الزينبيات) لقمع اليمنيات وتعذيبهن (رويترز)

«بعد أن كنا نطالب المنظومة السياسية بمنح النساء ثلث مقاعد البرلمان والحكومة وغيرها من هيئات الدولة، أصبح طموحنا اليوم في مناطق سيطرة الحوثيين هو أن نتمكن من السفر بين المحافظات أو إلى الخارج حيث يلزمنا الحوثيون باصطحاب أحد الأقارب وإلا منعنا من المغادرة».
بهذا القول تلخص الناشطة النسوية البارزة المقيمة في صنعاء والتي اختارت لها اسما مستعارا (إيمان) الأزمة، لتجنب بطش الميليشيات. وتذكر إيمان في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أنه «منذ الانقلاب والمرأة اليمنية مستهدفة من قبل جماعة الحوثي حيث أصبحت وجبة دسمة في منابرهم التي تحرض ضدها وكأنها سبب مآسي البلاد في كل مكان».
وتتحدث إيمان عن «مكاسب كثيرة خسرتها المرأة ولا تزال، كان آخرها حقها في التنقل إلى أي مكان وهو الحق الذي كفله الدستور والقانون».
وتضيف «اليوم لا أستطيع الخروج من صنعاء إلا بوجود محرم، ولك أن تتخيل أن امرأة تتحمل مسؤولية أسرتها، ومتطلبات عملها تفرض عليها النزول الميداني للاطلاع على أوضاع الأسر، والتأكد من البيانات، لكنها اليوم ممنوعة من التحرك من قبل الحوثيين، إلا باصطحاب محرم، وأصبح المبلغ الذي كانت تحصل عليه لتوفر احتياجات أسرتها تصرفه على نفقات اصطحاب المحرم الذي أجبرت على أخذه معها». وتؤكد الناشطة اليمنية أن السفر عبر مطار صنعاء أصبح ممنوعا أيضا على النساء إلا بوجود محرم يرافقها، وهذا الحق ليس المكسب الوحيد الذي خسرته النساء بل إنها أيضا تحارب في مشاريعها، كما فقدت المشاركة السياسية تماما.
- عداء صريح للنساء
تقول أروى وهو اسم مستعار أيضا لناشطة بارزة كانت تدير وعلى مدى عقد من الزمن منظمة معنية بدعم مشاركة النساء في صناعة القرار، والدفاع عن قضاياها، إنه ومنذ ما بعد اقتحام ميليشيات الحوثي صنعاء أصبحت بلا عمل، فقد أقدموا على إغلاق كل المنظمات والمؤسسات التي تنشط في الجوانب الحقوقية وغيرها، واستحدثوا منظمات تتولى العمل مع المنظمات الدولية ووفقا لأجندة الميليشيات، وهو ما مكنها من التحكم في كل أنشطة الإغاثة وتوجيهها لخدمة مقاتليها.
وتؤكد أروى لـ«الشرق الأوسط» أن المرأة في مناطق سيطرة الحوثيين خسرت تقريبا كل مكاسبها التي تحققت منذ مطلع السبعينيات وحتى عام 2014 فقد أغلقت المنظمات ومعاهد تعليم اللغات وأقيمت حواجز بين الذكور والإناث في قاعات المحاضرات داخل الجامعات، وأغلقت المقاهي، وغاب أي تمثيل سياسي لها في أي مستوى من المستويات وتوجت بمنع التنقل والسفر. وتوقعت أن تمتد هذه الممارسات الرجعية ـ بحسب تعبيرها - إلى المنع من الخروج من المنازل. وتضيف «ما يحدث شيء فوق التوقع فهذه الجماعة – وفق قولها - تريد أن تعيدنا إلى ما قبل الثورة وهي تكن عداء شديدا وصريحا للنساء بناء على تحريض من زعيمها الذي تحدث في أكثر من خطاب عن النساء باعتبارهن أدوات ما يسميها الحرب الناعمة».
- تمكين سياسي
وعلى خلاف ما تمارسه الميليشيات وبالتزامن مع إجراءاتها ضد النساء كانت مدينة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد تستضيف ورشة عمل حول التمكين السياسي للمرأة نظمتها اللجنة الوطنية للمرأة - حكومية - بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة قدمت خلالها خمس أوراق حول التمكين السياسي للنساء الحزبيات، ضمن مهام اللجنة في تعزيز التمييز الإيجابي ودور منظمات المجتمع المدني للنهوض بمشاركة المرأة السياسية.
نحو 70 مشاركة من مختلف الأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية ومن منظمات المجتمع المدني والتيارات والمبادرات شاركن في هذه النقاشات التي استمرت يومين، حيث انتقدت الباحثة فالنتينا عبد الكريم ضعف المشاركة السياسية للمرأة.
وقالت إنها ضئيلة جدا بل تكاد تكون معدومة، بخاصة في المواقع القيادية في الأحزاب.
- تفعيل المساواة
من جهتها، ذكرت روزا الخامري، مدير عام الشئون القانونية في لجنة المرأة (حكومية) أن الهدف من ورش العمل هو تفعيل دور المرأة الحزبية وتعزيز دورها الإيجابي، والدفع بعملية حصول المرأة، على نسبة لا تقل عن 30 في المائة، في مؤسسات الدولة العليا، كما أنها تركز على «تفعيل مبادئ الدستور والمساواة وتكافؤ الفرص وتعديل قانون الأحزاب السياسية والتشريعات الوطنية لتنص على الكوتا النسائية كنوع من التدابير الإيجابية».
ويرى الباحث عبد الله الجعفري، أن «غياب الإرادة السياسية والنظرة القاصرة تجاه المرأة وزيادة نسبة الفقر بين النساء وانتشار الأمية في صفوف النساء، إضافة إلى العادات والتقاليد، كل هذا شكل عائقا دون وصول المرأة لمراكز صنع القرار». ورأى أن الحرب، من العوامل التي عرقلت عمل النساء الحزبيات، إلى جانب عوامل أخرى، منها العنف الموجه ضد المرأة، وفقدان الثقة في الأحزاب.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.